نقلا عن مجلة الصمود الاسلامية / السنة الثانية عشر – العدد 135 | رمضان 1438 هـ / يونيو 2017 م
عــودة الأمــريكى الـمـجـنـون !!
# سياسة الرجل المجنون يلجأ إليها رؤساء أمريكا لتغطية أزماتهم الشخصية أو مشكلات خارجية تواجه بلادهم .
# إسلام شعب أفغانستان وحرية بلاده ، قضايا حياه أو موت . ومن يناور خارج إطارالحرية والسيادة على أساس الإسلام فهو خائن لوطنه ودينه .
# يمشى المحتل منتفشا، لابقوته، بل بضعف من إستسلم وانبطح وهو يبدى هياج المنهزم، وغباء الخائن، وخيلاء النذل .
# شعب أفغانستان يعتبر”طالبان” حركة جهادية باسلة ، تحمل كل سمات المسلمين الأفغان ومثاليتهم فى الدفاع عن الدين والأرض والقيم الأفغانية الأصيلة .
# لا سلام مع وجود الإحتلال ، ولا سلام وأحذية جيوش الإحتلال تدنس أراضى المسلمين .
# فلتخرج جيوش الإحتلال، وليرفع جميع الجيران أيديهم عن أفغانستان حتى لا تكون حربا أهلية سوف تنتشر فى المنطقة.
# “المنظمات الإرهابية” تمثل الرأسمالية الدولية المتوحشة، وهى أحد منتجاتها، ولا تمثل الإسلام فى شئ .
# اللقاء الأخير بين حكمتيار وأسامة بن لادن ، بعد الإحتلال الأمريكى لأفغانستان ، جمع بين التحدى الوقح من جانب حكمتيار، والشك الحذر من جانب بن لادن .
تحميل مجلة الصمود عدد 135 : اضغط هنا
{إن هذه الحرب التى تتصف بمزيج من الجبن والتهور ، بدأت لنيل أهداف غير معقولة ، ولم تحقق لنا سوى المعاناة والكوارث ولم تأت بفائدة تذكر ، لا للحكومة التى خططت لها ، ولا للجيش الذى خاض غمارها . إن إنسحابنا من تلك البلاد لم يكن إلا هزيمة عسكرية } .
– لم تكن تلك الكلمات لمسئول أمريكى إستيقظ ضميرة فجأة ، أو إستجمع بقايا شجاعته ليصرح بحقيقة يعلمها جميع أبناء شعبه ، ونادرا ما ينطق بها أحد ، بدافع الخوف أو الحرج .حقيقة تقول إن أمريكا قد خسرت بالفعل حرب أفغانستان منذ عدة سنوات ، وتحديدا منذ أواخر عهد بوشوبداية عهد أوباما .
بل كانت تلك الكلمات درسا مكررا من دروس التاريخ :إمبراطوريةباغية ، طغت على خلق الله ، فأعمى الله بصيرتها فاعتدت على شعب أفغانستان ، الذى حطم كبرياءها وأذل جبروتها فخرجت من بلاده وهى حطام دولة وبقايا إمبراطورية .
فالإقتباس السابق هو لأحد قساوسة الجيش الإنجليزى فى حملته على أفغانستان عام 1842 . وكأنها تصف تماما حال الولايات المتحدة الآن فى هزيمتها المذلة فى أفغانستان ، فلا تجد طريقا للخروج ، وتستغيث بمن يساعدها على التخلص من ورطتها ، ومستنقع الرمال المتحركة التى وقعت فيه .
تحاول دول الإقليم مساعدة الأمريكى فى ورطته ، بطلب منه غالبا ، أو بدون طلب . وتتحرك موسكو لتلتقط زمام المبادرة ، وتلم شمل الجميع فى مؤتمر عقد هناك ، كى يمهد السبيل لإنسحاب أمريكى غير مهين ، فيطالب المجتمعون فى بيانهم الختامى ( بمكافحة الإرهاب والتطرف ، وتهريب المخدرات ، وأكدوا إستعدادهم لتعزيز التعاون مع حكومة كابول ) .
ــ بالطبع لم يجرؤ المؤتمرون ، فرادى أو مجتمعون ، على الإقتراب من جوهر المشكلة وهو الإحتلال الذى هو أساس جميع مشكلات أفغانستان.لأن موسكو الداعية والمنظمة للمؤتمر تشتبك مع واشنطن فى أكثر من صراع متعدد المستويات وعلى إتساع جغرافى يتخطى أفغانستان. فهى ومعظم المؤتمرين ينظرون إلى أفغانستان كجزء من صفقة أو جزء منعلاقة متشعبةمع الولايات المتحدة.
ــ ولكن شعب أفغانستان فقط يرى فى إسلامهوبلاده وحريته قضايا حياة أو موت ، غير قابلة للمساومة أو المناورة . فإما شعب مسلم حر فى بلد مستقل، وإلا فهى حياة العبيد فى بلاد ينهبها الغرباء.
ومن يناور خارج مجال الحرية والسيادة على أساس الإسلام ، فهو خائن لوطنه ولدينه . حيث لا يجدى اللعب بالألفاظ أو سباكة المصطلحات ، واستخدامها كتعويذات سحرية تحول الخيانةإلى واقعية ومرونة ، وتحول المروق من الدين إلى وسطية وإنفتاح .
تحميل مجلة الصمود عدد 135 : اضغط هنا
الكهل المعجزة :
بعض المعلقين وصفوا الرئيس الأمريكى ترامب بأنه “الكهل المعجزة” . ذلك لأنه يحمل الكثير من الموبقات ، مع مقدار ضخم من التناقضات ، أما الأخلاق فهى خارج الإعتبار . فهو بطل فضائحى لا يشق له غبار ، ذو مجال يمتد من النساء وصولا إلى الخيانة العظمى والتآمر مع روسيا أعدى أعداء وطنه.
ـ وحتى يتخلص من الإتهامات ويثبت هيبته فى الداخل والخارج ، ترك ما كان يدعو إليه من سياسات العزلة والإهتمام بالداخل الأمريكى أولا ، متحولا إلى ضبع مسعور يهاجم فى كل مكان ، ويهدد كل إنسان . أو بالأحرى عاد مجددا متقمصا شخصية رجل مجنون يبتز الدنيا بتهوره وعدم معقوليته ، فيضطر الجميع للتراجع أمامه ، خشية منه ومن حماقاته العسكرية وربما النووية . وتلك هى السياسة التى يميل إليها رؤساء أمريكا عندما يشعرون بضعف موقفهم الشخصى أو ضعف موقف بلادهم فى المجال الخارجى .
ولكن سريعا ما تظهرحقيقته الخاوية ، فهو لا يتقدم إلا حيث فراغ الإرادة وسقوط المبادئ. فهناك يتمدد ويرسى دعائم إمبراطورية ماتت منذ زمن ، وبقيت واقفة وهى متكئة على ترسانة من الصواريخ النووية .ولكن الأنذال يقدمون يد العون للإمبراطوريات المحتضرة ، ويفرشون لها البساط الأحمر المخضببدم الشعوب ومستقبل أجيالها وحرمة عقائدها ودينها .
فيضعون خدودهم فوق التراب ليجعلها المستعمر موطئا لأقدامه ، ويمشى منتفخا منتفشا ، لا بقوته ـ بل بضعف من إنبطح واستسلم مبديا هياج المنهزم ، وغباء الخائن ، وخيلاء النذل .
ــ قد يتبادر إلى الذهن هنا صور (لقيادات) كثيرة لها مثل تلك المزايا الخسيسة . لأنهم منتشرون ـ وللأسف ـ فى أرجاء أوطان المسلمين وبين صفوفهم .
وصل إلى كابل مؤخرا ـ من تلك العينة المذكورة ـ كهل معجزة كان مدخرا لما ظنوا أنه طعنة قاتلة لجهاد الأفغان وصمودهم الأسطورى . إنه حكمتيار “الزعيم الأصولى المتطرف !! ” حسب أوصاف الثمانينات ـ جاء داعيا للسلام ، متمنيا من حركة طالبان وضع السلاح والمشاركة فى السلطة التى أنشأها الإحتلال الأمريكى فى ظل دستور وضعه الأمريكيون ، كما وضعوا للعراق المحتل دستورا مماثلا .
رجل السلام هذا ، إشتهر فى الثمانينات بأنه (طفل باكستان المدلل) ينطق بلسانها ويتحرك وفق أوامرها ، ولا يحيد قيد أنمله عن مشيئتها ـ ومازال ـ لذا إستحق اللقب المذكور الذى على ضوئه يمكن تفسير كل سيرته وكافة تصرفاته من وقتها وحتى الآن ، مرورا بالمجازر التى إرتكبها فى كابول ضد كافة فرقاء الحكومة بعرقياتهم ومذاهبهم . وهم نفس الأفراد والتيارات الحاكمة الآن (تحت ظلال الإحتلال) .
عاد حكمتيار مرة أخرى إلى كابول التى تعرفه منذ أن كان طالبا فى كلية الهندسه،ثم قائدا “لحزب إسلامى”.ويطول الحديث عنه وعن نشاطاته فى فترة القتال ضد السوفييت . ثم مجهوده فى تدمير كابل بعد التحرير ، وزرع شوارعها بالجثث ، ومشروعه لتحويل أحياء الشيعةإلى مزارع للقمح حسب تعبيره الشهير . فهو الزعيم الأخضر (رمز حزبه هو اللون الأخضر) الذى إستخدم الصواريخ لحرث الأحياء السكنية تمهيدا لمشروعه العظيم ، وكان السماد هو جماجم الأطفالوأجساد الأبرياء .
ــ ذلك هو زعيم السلام ،المعادل للزعيم الشيوعى (دوستم) ، منافسه أحيانا وحليفه أحيانا ، فى الخراب وسفك الدماء . وكلاهما الآندعاة للسلام فى ظلال الإحتلال ، حيث الفتك بالشعب ومصير أجياله ومحو ديانته وإذلاله بالفقر وأجهزة القهر المسلح بأنواعها المتعددة .
ــ الطفل المدلل ، والذى أصبح وبفعل الزمن كهلا مدللا ، أو كهلا معجزة ،أعادته باكستان إلى كابول ليكون ممثلا لها فى الوضع القادم ، الذى تسعى إليه أمريكا لستر كارثة الإنسحاب الذليل. إنه وضع يراد أن تشارك فيه ، وربما تشرف عليه ، دول الإقليم التى إجتمعت مؤخرا فى موسكو، أو على الأقل الدول الأساسية منها . وبمعنى أوضح أنتوزعالسلطة الجديدة فى كابل بين دول الإقليم ،ويكون لكل منها زعيم حزب، أو سياسى مشهور، يمثلها فى قمة السلطة التنفيذية أوالتشريعية، ولكل زعيم من هؤلاء ميليشيا خاصة به أو بالحزب الذى يمثله . فى مثل ذلك الوضع تكون الحرب الأهلية هى النتيجة الحتمية وسوف تنتشر فى أنحاء المنطقة هذه المرة.فمن أخطر المغامرات محاولة العودة إلى فوضى حكومة المنظمات الجهادية (من 1992 الى 1996 ) وهى مرحلة ما قبل ظهور حركة طالبان .
تحميل مجلة الصمود عدد 135 : اضغط هنا
فجر أفغانستان ونهوض آسيا :
لقد تغيرت أفغانستان كثيرا بعد الإحتلال . ودرجة الوعى السياسى للشعب لم تعد كما هى ، وفهمه لدول الجوار وتأثيرها الداخلى سلبا أو إيجاباً ، ونظرته للإحتلال والحكم ” الديموقراطى” ونظرته للقوى والزعامات التى دخلت إلى العاصمة فوق دبابات الإحتلال ( بإستثناء الرئيس السابق كرزاى الذى دخل على متن مروحية أمريكية وتحت حراسة عناصر من المخابرات الأمريكية ) ، وفهمه لتلك الزعامات الإسلامية والوطنية التى باعت أفغانستان بثمن بخس ، دولارات معدودات ، قبضوها نقدا وعدا أمام عدسات من أحضروهاووزعوها.
وفى مقدمة كل ذلك ، ينظر الشعبإلى حركة طالبان ، بإعتبارها حركة جهادية باسلة تحمل كل سمات المسلمين الأفغان ومثاليتهم فى الدفاع المتفانى عن الدين والأرض والقيمالأفغانية الأصيلة.
ليس ذلك من قبيل الشعارات ، بل أنه ترجم عمليا بقتال الشعبتحت راية الحركة ، وإمدادها بالرجال والمال والعتاد والمعلومات ، وكل ما تحتاجه حركة جهادية ، باسلة وجذرية .
ــ لم تغير حركة طالبان أهدافها منذ لحظة إنخراطها فى الجهاد ضد الإحتلال الأمريكى وحتى اللحظة . فمازالت ترى ـ عن حق ـ أن لاسلام فى وجود الإحتلال ، ولا سلام وأحذية جيوش الاحتلال تدنس أراضى المسلمين .
فالمطلوب من المحتل الأمريكى شئ واحد فقط ،وهو الإنسحاب الكامل من أفغانستان واصطحاب عملائهمعه ، أو تركهم ليواجهوا القضاء العادل والعقوبات المناسبة لأفعال الخيانة .
أما دول الجوار ، فدورها الإيجابى مطلوب فى إطار أمن وحرية وسلامة أفغانستانوالإقليم المحيط بها وتنميتة إقتصاديا . أما التدخل السلبى وخلقزعامات عميلة ،وقادة ميليشيات إجرامية ، وإمدادهم بالمال والسلاح والدعم الدعائى والسياسى ، فليس من معنى لذلك سوى دمار الجميع.فلن تكون الآثار السلبية هذه المرة محصورة فى حدود أفغانستان . لأن مخطط الحروب الأهلية والفتن الدينية والعرقية هو برنامج اليهوديه الدولية ، ومن معهم من ضباع السلاح والنفط والمخدرات والمياه ، وجميعها كنوز لا حدود لها فى أفغانستان وما حولها من الدول. وما يحدث فى المنطقة العربية عظة وعبرة لمن يعتبر .
ــ إختصارا .. على جميع الطامعين والواهمينأن ينسحبوا من أفغانستان ، فلا مكان بعد الآن للإحتلال أو مناطق النفوذ أو الميلشيات المدارة من الخارج . أو أن تعيد دول الجوار إستخدام أوراقها المحروقة من زعامات فارغة عفى عليها الزمن وانتهت صلاحياتهاوأنقضى وقتها . على أمريكا ودول الناتو أن تنسحب ، وعلى دول الجوار جميعا أن ترفع يدها عن أفغانستان ، وأن تفتح معها صفحة جديدة من التعامل العادل والمتكافئ . والتعاون مع حركة طالبانفى طرد المحتل الأجنبى ، وتحديدا التواجد العسكرى لأمريكا وحلف “الناتو” وطردهم خارج كل المنطقة.وذلك حل ضرورى لأفغانستان وإقليمها الأسيوى ، ولكل أقليم آخر يمر بظروف مشابهة خاصة فى بلاد العرب .
ــ فلا مجال لجيوش أجنبية تزرع نفسها فىالمنطقة لإخضاعهاوالسطو المسلح على ثرواتها ، وتدمير حياة الشعوب وتقسيم الدول وإشعال نيران الفتن فيما بينها .
فذلك الإقليم من آسيا يحتوى على عدد من أهم شعوب ودول القارة . وهم قادرون على إعادة تنظيم أمورهم بما يجعلهم كتلة عظمى تقود العالم نحو الخير والسلام .
وقادرون على إستحداث مؤسسات إقليمية كفؤة فى مجالات الإقتصاد والسياسة والأمن .مثل سوق مشترك وبنك أسيوى يعتمد أسس جديدة فى التبادلات الإقتصادية والتنمية ، ومجلس أمن يشرف على الأمن الإقليمى وحل النزاعات سلميا ، والحفاظ الجماعى على سلامة الإقليم من التهديداتوالغزوات الخارجية، وكبح لعبة “الإرهاب” الذى هو الوجه الآخر للرأسمالية المتوحشة ، التى تستثمر فيه وبسببه مئات المليارات من الدولارات فى صناعات أمنية ، ونشاطاتإبتزاز وترويع حول العالم.
تلك المنظمات “الإرهابية” تمثل الرأسمالية الدولية المتوحشةوهى أحد منتجاتها ولا تمثل الإسلام بأى شكل ، بل هى تعمل على تحطيمه ، لتمكين الإستعمار الجديد من إذلال المسلمين وتقسيم أوطانهم وإشعال الحروب فيما بينهم ،واحتلال بلاد المسلمين مرة أخرى بالجيوش والبنوك والشركات. فتلك التنظيمات تمثل الإسلام بنفس الدرجة التى تمثل بها دول الغرب والرأسمال اليهودى المتوحش قيم العدالة وحقوق الإنسان والديمقراطية “!!” .فكلاهما يسير على عكس الإسم الذى يحمله ، ويناقض المبادئالتى يدعى تمثيلها .
تحميل مجلة الصمود عدد 135 : اضغط هنا
متحف الشمع فى كابل :
بوصول حكمتيار إلى كابول ، إكتملت مجموعة التماثيل فى متحف الشمع الذى هو حكومة كابول.فالرجال الذين يشغلون المناصب العليا فى الحكومة وهيئات التشريع لا وظيفة لهم فى حقيقة الأمر ، لأن صلاحيات الحل والعقد تقع فى يد الإحتلال الأمريكى حصريا . أما أصحاب المناصب العليا بألقابهم المتورمة فلا مجال لهم فى عمليةإتخاذ القرار ، ناهيك عن التخطيط للمستقبل .فالحكومة الأكثر فسادا فى العالم لا وظيفة لأفرادها سوى ممارسة الفساد ، بحيث لم يعد فى البلاد أى نشاط لا يصاحبه فساد مالى واستغلال نفوذ وكسب غير مشروع .فالإحتلال هو أكبر أعمال الفساد ، لذا لا يمكن تنتج عنه حكومة على غير تلك الشاكلة . حتى أن جنرالات جيش الإحتلال ورجال السياسة هناك وكبار الموظفين جميعهم غارقون فى الفساد .
ومن المشهور أن 80% من أموال المعونات التى تدعى أمريكا وباقى دول الإحتلال ، أو المباركين له ، أنها تصب لتنمية أفغانستان وخدمة شعبها فإن الحقائق المشهورة دوليا تشير إلى أن 80% من تلك المعونات تعود إلى الجيوب الأمريكية بشتى الطرق والحيل .
ــ يعلم الإحتلال أن رحيله حتمى ، ومنذ سنوات وهو يبحث عن مخرج وطريقة مناسبة لا تؤدى إلى إنهيار الإمبراطورية الأمريكية كما حدث للسوفييت بعد هزيمتهم وانسحابهم منأفغانستان. والجزء العربى من الإمبراطورية يشكل الهم الأكبر والقيمة الأعظمللأمريكيين ، بنفس قيمة أوروبا الشرقية للسوفييت سابقا. ومازالت عملية إعادة صياغة بلاد العرب مستمرة حتى اليوم ، وفقا لمتطلبات سلامة إسرائيل وإنطلاق مشروعها إلى ما وراء بلاد العرب ، وصوب وسط آسيا تحديدا . وعلى أفغانستان أن تنتظر إتمام تعقيدات تلكالمهمة الخطيرة التى قد يدمرها تماما إنسحاب أمريكى من أفغانستان قبل الوقت المناسب .
فإذا وقع ذلك المحظور/ الإنسحاب قبل إنجاز المهمة العربية/فماذا سيقول العالم؟؟ ، وما هى ردات فعل الشعوب المغلوبة على أمرها؟؟.قد يتكرر الإنهيار على نطاق أوسع وأعمق . فأمريكا مخلخلة داخليا .. ومكانتها مهددة خارجيا من منافسين أقوياء فى آسيا.إذن وضع الإحتلال كله مؤقت ، سواء إنتهى بإنهيار صريح أو بإنسحاب “محترم” ذو غطاء إقليمى. أمريكا يهمها إستمرار مصالحها ، سواء بقت أو إنسحبت،مع تأمين تلك المصالح بواسطة عملاء جدد أو عملاء قدماء.
اللجوء إلى العملاء القدامى خاصة من مخضرمى الحقبة السوفيتية منأمثال حكمتيار وصديقه اللدود سياف ، لا يعنى سوى الإفلاس وعدم العثور على عملاء جدد مقنعين ليتبعهم الشعب .
فالحديث عن السلام لا معنى له إلا إذا إشتركت فيه أطراف القتال الدائر على الأرض . فالحرب فى أفغانستان دائرة بين المعتدىالأمريكى ،وبين شعب أفغانستان ممثلا فى حركة طالبان . فهم الذين يملكون قرار الحرب ، لذا يمكنهم الحديث عن السلام وتقرير شأنه. وهم قرروا منذ البداية أن السلام يعنى الإسلام مع الحرية والإستقلال . بينما وجود المحتل لا يعنى سوى شئ واحد وهو الحرب. والأفغان لها ..جهادا فى سبيل الله .
تحميل مجلة الصمود عدد 135 : اضغط هنا
صراع فوق رمال متحركة :
وضع نظام كابول غير مستقر ، تبعا لوضعية دولة الإحتلال التى تبحث عن مخرج للهروب الآمن مع ضمان مصالحها فى نفس الوقت “!!”. بينما يوجدعلى قمة النظام فى كابل رئيسان، فى واحدة من الإبداعات الأمريكية فى عالم سياسة المستعمرات . فهناك الرئيس “أشرف غنى” رجل البنك الدولى ، وإلى جانبه الرئيس التنفيذى (!!) عبدالله عبدالله،طفل الإستعمار المدلل . والصراع بين الرئيسين ظاهر أحيانا ومختفى أحيانا ومستمر دائما. وذلك يضيف المزيد من التعقيد على نظام ملئ بالثقوب .
الأخطر من كل ذلك سيكون الصراع بين حكمتيار من جانب وجميع أعمدة النظام من جانب آخر ، خاصة مع سياف رفيقه اللدود فى رحلة “الكفاح”. ومعروف أن حكمتيار كان طرفا أساسيا فى الحرب الأهلية بين المنظمات فى كابل (1992 ــ 1996) ، وأنه إنضم إلى حكومة ربانى فى كابل خوفا من حركة طالبان التى إقتحمت العاصمة ، وعندها فر جميع القادة إلى نهر جيحون لعبوره إلى طاجيكستان،كان حكمتيار متشككا فى نواياهم تجاهه وأدعى أنهم كانوا يخططون لقتله ، فغادر إلى إيران .
حكمتيار/ وإن متأخرا جدا/ عاد الآن إلى وكر هؤلاء القادة فى كابل ، فبأى ضمانات سيبقى بينهم بدون أن يخشى على حياته ؟؟، بل وبدون أن يخشى الآخرون على حياتهم من مؤامراته التى أدمن عليها طوال حياته السياسية ، فقتل المئات من خصومه / بل وأصدقائه / غيلة ؟؟ .
(قد ننشر فى وقت لاحق صدام حكمتيار مع أسامة بن لادن فى آخر لقاء بينهما بعد أحداث 11 سبتمبر والإجتياح الأمريكى لأفغانستان ، وكيف كان مليئا بالتحدى والتهديد الوقح من جانب حكمتيار ، والشك الحريصوالمهذب من جانب بن لادن) .
ــ صبغة الله مجددى ـ زعيم تنظيم جهادى سابق وأحد أعمدة نظام كابول حاليا ـإتهم حكمتيار بإغتيال نجله فى بيشاور عقابا للأب على مواقفه السياسية !! .
ــ “برهان الدين ربانى” الذى أغتاله المجاهدون عقابا على مساندته للإحتلال الأمريكى، كان هو وتنظيمه المسمى (الجمعية الإسلامية )هم العدو الأساسى لحكمتيار وتنظيمه المسمى (الحزب الاسلامى) طوال الحرب ضد السوفييت.فالإشتباكات الدامية بين الطرفين كادت أن تغطى خلال فترات معينة على الحرب ضد السوفييت أو الشيوعيين .
ــ أما الصراع بين حكمتيار وسياف فكانت أشد مرارة ، وكانت لدوافع شخصية وسياسية فى آن واحد . فالكراهية والشكوك تغطى تلك العلاقة العدائية على الدوام .
فمنذ هروب سياف من كابول بعد خروجه من السجن فى الأيام الأولى للإحتلال السوفيتى ، وحكمتيار يشكك فى قصته كلها ، متهما إياه بعلاقة مع الشيوعيين عن طريق إبن خالته “حفيظ الله أمين” ثانى رئيس جمهورية شيوعى فى تاريخ أفغانستان ، رغم أن دخول سياف إلى السجن فى عهد “محمد داود” كان بسبب إتهامه بعلاقة مع الأمريكيين . وقد قبض عليه وهو على وشك السفر جوا إلى الولايات المتحدة فى بعثة دراسية ضمن برنامج (للتدريب القضائى !!) .
ــ لم يكتف حكمتيار بذلك التشكيك ، بل إدعى سرا لبعض العرب المقربين منه أن سياف له جذور يهودية من سلالة هؤلاء اليهود الذين فروا من إيران إلى أفغانستان هربا من إضطهاد الدولة الصفوية لهم .والطريف أن شائعات أخرى إتهمت حكمتيار بنفس الإتهام ، وكان مصدرها زملاء له من القيادات الأصوليه العليا .
ــ القتال بين أتباع الزعيمين سياف وحكمتيارإندلعت فى عدة مناسبات داخل أفغانستان ، خاصة فى ولاية ميدان وردك .و كلاهما كانيستخدم ضباطا شيوعيين فروا من الجيش وانضموا إلى صفوف (المجاهدين) ، فكان لهؤلاء الضباط دخل كبير فى تصعيد الإشتباكات واستمرارها لفترات طويلة ، وسقوط أعداد كبيرة من المجاهدين ما بين قتيل وجريح .
# والسؤال الآن هو : على أى صورة سوف يستأنف الزعيمان علاقاتهما التاريخية فى سفك الدماء؟؟ . وما تأثير ذلك على نظام كابول المتهاوى ؟؟ .
قد لا يطول إنتظار الإجابة عن هذا السؤال .
تحميل مجلة الصمود عدد 135 : اضغط هنا
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي (ادب المطاريد)
www.mafa.world