حرب الثأر : المرحلة القادمة لحرب “مجدل شمس”
– في الحرب: الإيمان ينتصر على التكنولوجيا.
– عرفات أمسك البندقية بيد وغصن الزيتون بيد. ثم سلَّم بندقيته لإسرائيل واحتفظ بغصن الزيتون ليجلس عليه في رام الله راعيا للسلام وأمن إسرائيل.
– الحرب أخطر من أن تكون موضوعا للمجاملات او تسجيل مواقف عنترية. خاصة اذا كان الشركاء الرئيسيون أقرب إلى معسكر الأعداء وبكل الصفاقة الجاهلة يعلنون ذلك. فالمسؤولية تتحملها قيادات سياسية تتورط في حرب غير مفهوم أهدفها. ولم تستشر فيها ولو بوجه العموم.
– المدنيون العرب في مصيدة حروب إسرائيل القادمة؟
– الطاقة الإسرائيلية ظلت بعيدة عن اهتمام مجاهدي غزة رغم توفر الوسائل بين أيديهم لضربها و هذا قرار سياسي وليس قصور عسكري. وتلك أحد الأخطاء السياسية التي ينبغي محاسبة قادة حماس عليها لأنها أخطاء أدت إلي إهدار آلاف الأرواح في غزة.
– هدهد/ حيفا . الجارح ينقض على إسرائيل.
بقلم: مصطفي حامد (ابوالوليد المصري)
مازال العرب والمسلمون يتعاملون مع قضية فلسطين وحرب غزة بناء علي تداعيات ومواقف عاجزة مبنية علي تعصبات عرقية ومذهبية أو إنعكاس لحروب إعلامية تشنها القوة اليهودية. بينما القوى الإسلامية والجماهير تعاني من نقص المعلومات ونقص في الدين وهبوط في المعنويات.
الحقيقة هي أن حرب طوفان الأقصى لم يكن له أي هدف واضح منذ بدايتها حتي لدى الذين أشعلوها. وفي الأيام الأولي عندما حققوا إنتصارات كان سقف أمنياتهم وليس استراتيجيتهم هو تحرير فلسطين من البحر إلي البحر ثم تحول بعد ذلك إلي مناشادات لوقف الحرب لإنقاذ غزة من الدمار وشعبها من الإبادة ثم اشتد الحصار وتعاظم الموت فأصبح الهدف هو إطعام أهل غزة ووقف تساقط القنابل عليم.
وتطوعت قوى في المنطقة لدخول الحرب كعامل إسناد إلي جانب مجاهدي غزة إلى أن يرفع الحصار عن غزة وجعلوا ذلك شرطاً لتوقفهم عن القتال. ولم يعد الأقصى موجودا على خريطة حرب طوفان الأقصى.
إسرائيل من جهتها ليس لديها مشكلة سوي الإفراج عن أسراها وإبادة حماس وإستمرار برنامجها في المسجد الأقصى وصولا إلي تدميره وبناء المعبد.
ولا يبدو هناك في العالم الإسلامي من يهتم الآن في بموضوع الأقصى ولا كان يهتم حتي عندما بدأ طوفان الأقصى فصبح طوفان الأقصى بدون أقصي بل حجب الطوفان قضية الأقصى والقدس معاً.
وفي هذه اللحظة بعد سلسلة الإغتيالات (عمليات حرب مجدل شمس) والتي مضي منها حتي الآن ثلاث جولات وصلت فيها حتىٍ طهران، فتغيرت أولويات محور المقاومة بما فيه حركة حماس التي هي مجرد عضو شرف مهتمة إضعاف أي تحرك جاد نحو صلب القضية الفلسطينية. فقيادة حماس السياسية لديها رؤية أقرب إلي العلاقات العامة تعيد فيه ترميم صورتها كما فعل عرفات عندما أمسك البندقية بيد وغصن الزيتون بيد. ثم سلَّم بندقيته لإسرائيل وإحتفظ بغصن الزيتون ليجلس عليه في رام الله راعيا للسلام ولأمن إسرائيل.
الآن طويت صفحة حماس بإستشهاد الرئيس هنية فهو كان الراعي الأول والضامن لتدفق عملية السلام وكان وسيطا بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة والمقاومة في غزة من جهة أخري محاولا “التوفيق بين رأسين في الحلال” ولم ينجح في ذلك لأن الأجيال تغيرت وظهر جيل لم يعد يؤمن بمسيرة عرفات المزدوجة.
الآن بعد استشهاد هنية واستشهاد فؤاد شكر القائد العسكري في حزب الله أصبحت جميع الأطراف منشغلة بموضوع الثأر وهو موضوع خطير له مواصفات من الشدة لا يمكن التهاون بها، وتعني في الحقيقة تصعيد كبير ومخاطر لأول مرة توضع علي الطاولة بشكل جدِّي.
فقضية غزة وحرب غزة قد طويت تقريبا ولن تكون مطروحة في مرحلة الثأر الا مصادفة. ولكن لن يكون فك الحصار عن غزة أو إطعام أهلها هو الهدف الرئيسي في مرحلة الثأر.
علي الجانب الإسرائيلي مرحلة الثأر من محور المقاومة هي مرحلة إشعال الفتنة باستخدام العمليات العسكرية. وهندسة تلك العمليات بطريقة تؤدي إلي التصدع المذهبي والقومي في المجتمعات العربية المستهدفة خاصة لبنان واليمن وإيران. أما الأقصى فهو علي أبعد مكان عن الاهتمام العربي والإسلامي والجهادي.
وفي الحقيقة فأن إنقاذ غزة وسكانها من خطر المجاعة وفتك الأمراض المعدية بالأطفال والكبار من غير ممكن الا عبر مسارات / مخالفة تماما لما يجرى فى غزة أو فيما يسمى جبهة الإسناد/ وهو ما تجاهلته حركة حماس والشهيد هنية فالحصار المفروض علي غزة والإبادة التي يتعرض له سكانها هي أعمال عسكرية لا يمكن إيقافها بالمفاوضات السياسية فهي عمل عسكري لا ينقضه الا عمل عسكري مضاد.
ولكن حماس تدري ومحور المقاومة تدري أن لا أحد يملك العزيمة ولا الإرادة لكي يتخذ قرارا مثل ذلك لفك الحصار بالقوة وهو لا يعني بالضرورة اجتياح إسرائيل وتحرير فلسطين ولكنه ممكن بطرق عسكرية أخري.
ليس السبب هو ضعف محور المقاومة أو عدم إدراكه لتلك النقطة بل من الآن وصاعدا فإن تصعيد أي شيء جدي في ميدان المعركة سيكون عنوانها معارك الثأر. وليس فك الحصار عن غزة كما كانت سابقا. أو الطوفان الاقصي كما كانت في البداية التي لا يريد أن يتذكرها أحد. ولكن ما يخشاه محور المقاومة هو أن الشعوب العربية والإسلامية ليست جاهزة لتدفع الثمن المطلوب لتحقيق أي هدف مرفوع للمراحل الثلاثة التي مضت.
المدنيون العرب في مصيدة حروب إسرائيل القادمة؟
فإذا أردنا أن نحقق شيء فإن الرد الإسرائيلي سوف يطال القواعد المدنية العربية والإسلامية والتي باتت ترفل في نعيم اللامبالاة والغيبوبة وغايتها تحسين مستوي المعيشة من طعام وسكن وترفيه. ولم تعد تعنيها كثيرا الجنة ولا النار علي إعتبار ان الله غفور رحيم. ولن يعاقبهم بما كسبت أيديهم فيكفي أنهم مسلمون.
من دخلوا هذه الحرب دخلوها بلا خارطة طريق أو حتي رؤية لغايتها ولو بالتقريب. فصعدوا الجبل إلي قرب القمة (الحرب الشاملة) وهم الآن أمام خيارين إما أن يكملوا بنفس الطريقة ويصلوا إلي المجهول أوأن يهبطوا بلا خارطة طريق أيضا واحتمال أن يسقطوا في القاع هو الإحتمال الأكبر لأن هبوط الجبال بدون معرفة الطرق بشكل صحيح هو أخطر بكثير من صعودها.
لايخفى أن الحرب أخطر من أن تكون موضوعا للمجاملات او الإستعراض وتسجيل مواقف عنترية. خاصة اذا كان الشركاء الرئيسيون اقرب إلى معسكر الأعداء وبكل الصفاقة الجاهلة يعلنون ذلك. فالمسؤولية تتحملها قيادات سياسية تتورط في حرب غير مفهوم أهدفها. ولم تستشر فيها ولو بوجه العموم.
فتحت إسرائيل علينا سلسلة عمليات مجدل شمس الهادفة إلي تسعير الفتنة لتحقق إنتصارا عبرها علي العرب والمسلمين بأقل قدر من المجهود والخسائر.
وفعلت ذلك في الوقت الذي أوشك فيه محور المقاومة أن يضع يده علي مفاتيح رئيسية ومسالك إستراتيجية عجيبة في ذلك الصراع المسلح وكالعادة فإن أبطال اليمن كانوا هم السابقون وذلك في عمليتهم في قصف تل أبيب بمسيَّرة(حيفا) اليمنية وإدَّعت إسرائيل أن الخسائر كانت قليلة وهي استشهاد رجل واحد يعمل جنديا في الجيش الإسرائيلي. (وتلك سياسة ثابتة للجيش الإسرائيلي بالتهوين من عمليات المجاهدين الفلسطينيين ومحور الإسناد).
وهي سياسة المرجفين في المدينة من عرب وحركات عقائدية من طراز ستنجر الذي لا ينطلق على أي هدف من صناعة أمريكية.
وفي الحقيقة أن رد فعل الإسرائيلي يثبت مدي فاعلية العملية التي تبدو صغيرة ولكنها ضربت عصباً حساساً في البنيان الإسرائيلي وهو الروح المعنوية للسكان.
وليس من السهل على السكان الإسرائيليين أن يستوعبوا أو يقبلوا أن تتعرض عاصمتهم لقصف من الجو بطائرة يمنية مسيَّرة فى أول هجوم جوي منذ أنشاء إسرائيل عام 48.
ورأينا أنهم أرسلوا طائرات وقصفوا الحديدة وأشعلوا بها النيران وتباهوا بالسنة النيران العالية التي اشتعلت في المنشآت النفطية وهددوا بمثلها في الدول العربية الأخري.
هدهد/ حيفا . الجارح ينقض على إسرائيل
اليمنيون أطلقوا علي طائرتهم اسم حيفا. التي سبقتها الطائرة هدهد التي أطلقها حزب الله وصورت ميناء حيفا بالتفصيل والمنشآت العسكرية الهامة في مناطق أخري.
وحتي هذه النقطة أظهر ثلاث مفاتيح استراتيجية لإيقاع الألم بإسرائيل بما يكفي لإجبارها علي رفع قبضتها عن رقاب شعب غزة.
وكالعادة أدركت إسرائيل بسرعة تلك المخاطر الثلاث التي تفتحت أمام جبهة المقاومة واتضحت أبعادها أمام المقاومين لذلك ردت عليهم بحرب مجدل شمس التي قطعت ثلاث مراحل حتي الآن من مجدل شمس إلي طهران مرورا ببيروت.
ونمر بشئ من الايجاز علي تلك المنافذ الإستراتيجية التي تفتحت وقد تفرض نفسها جميعا أو بعضها علي مرحلة الثأر لدي المقاومة الفلسطينية ومحور الداعم لها.
1- الهدهد المقاتل: بإستخدام المعلومات التي حصلها الهدهد واستخدامها استخداما قتاليا بالمسيرات التي يمكنها أن تخترق الدفاعات الجوية والقباب الحديدية الإسرائيلية.
وتقصف الأهداف الحيوية التي تتعلق بالطاقة والاقتصاد بالطبع يمكن دعم الهدهد بصواريخ مناسبة لتلك المهام.
2- طائرات حيفا الموسعة: في هذه المرة لن تكون حيفا طائرة واحدة بل ستكون أسرابا مدعومة بصواريخ مناسبة وتركز علي الوتر الحساس والذي ضربته أول مرة وهو الأهداف المدنية الإسرائيلية.
وعموما فإن الهدهد وحيفا سواء بسلاح المسيرات منفردا أو بسلاح الصواريخ يجب أن يكون واضوحا أنها قصاص عادل ليس لأفراد بل قصاص لأهل غزة الذي قتل منه حتي الآن مائة ألف شهيد.
الإسرائيليون حتي الآن لم يعانوا ولا جزء يسير من الألم الذي عاناه الفلسطنيون في غزة وآن الوقت لأن يكون (العين بالعين والسن بالسن والجروحات قصاص).
والثأر هذه المرة لن يكون لهنية وفؤاد شكر بل سيكون لمائة ألف شهيد هم الآن تحت تراب غزة. وإسرائيل تسعي لأن تضع أثنين ونصف مليون إنسان تحت التراب في غزة. ولتحقيق جزء يسير من العدل يجب وضع مليون إسرائيلي علي الأقل تحت التراب في مقابل ذلك.
وعندها لا بأس أن تتوقف المظاهرات المؤيدة لفلسطين والتي ضحت قيادات حماس من أجلها بأرواح شهداء غزة حتي تكتسب صورة مناسبة تقبل بها شعوب أوربا التي لم تحب فلسطين ولا أهلها في يوم ما منذ أن هبطوا علي شواطئ الشام في الحروب الصليبية.
3- النيران العالية : وهي الفكرة التي ظهرت بعد الغارة الإسرائيلية علي ميناء الحديدة وهي ضرب مصادر الطاقة والمنشآت النفطية والكهرباء. ومن الغريب أن أهداف الطاقة الإسرائيلية ظلت بعيدة عن اهتمام مجاهدي غزة رغم توفر الوسائل بين أيديهم لضربها براً وبحراً سواء كانت نفطا أو غاز أو طاقة نووية.
واتضح أن هذا قرار سياسي وليس ناتج عن قصور عسكري وتلك أحد الأخطاء السياسية التي ينبغي محاسبة قادة حماس عليها لأنها أخطاء أدت إلي إهدار آلاف الأرواح في غزة بسبب عدم ردع إسرائيل بطريقة مناسبة وعدم معاملة إبادة المدنيين في غزة على أنه عدوان عسكري بل اعتبرته حماس عدوان سياسي إسرائيلي علي القانون الدولي واتفاقات أوسلو. وفعل متعمد لعرقلة التوصل إلي إتفاق سياسي لتبادل الأسري أى أنهم تعاملوا مع حرب إبادة علي أنها إنتهاك حقوقي وسياسي وليس أنها إجراء عسكري ينبغي ردعه بمستوى مناسب من القوة.
وتعاملوا علي أن قدرة أهل غزة علي إحتمال الجوع والعطش والمرض علي أنها قدرة لا نهائية وفي ذلك قسوة لا تقل عن قسوة الإسرائيلي مع سكان غزة .
كان يجب ردع هذا التوحش الإسرائيلي منذ البداية بضربة تسكتة. وكان ذلك متاحا ولكن تلك القيادة الضعيفة فضَّلت أن تكون في مظهر المتسول للسلام والراغب في رضا شعوب أوربا التي ضجت من الوحشية الإسرائيلية التي لا ترغب حماس في ردعها. بل اعتبرتها دعما من السماء جاءها ببركة دماء الشعب الفلسطيني .
مصادر الطاقة التي تعتمد عليها إسرائيل يجب أن توضع تحترالضغط العسكرى داخل النطاق الجغرافي العربي الشامل ليس فقط في النطاق الجغرافي الفلسطيني. وذلك يشمل أيضا الدعم العربي بالطاقة لإسرائيل والدول التي تحارب العرب والشعب الفلسطيني.
أي حرب النيران العالية يجب أن تشمل أوسع نطاق ممكن وهذا ماستفعلة إسرائيل حتي إذا لم يفعلة العرب والمسلمون. فإسرائيل لم تقف عند حد طالما تعرضت قاعدتها السكانية وإقحمت بنيران الحرب بشكل مباشر.
وما قلناه عن توسيع نطاق حرب الطاقة أو النيران العالية يقال أيضا عن نيران القبة الحديدية التي تحمي إسرائيل. ومعلوم أنها قبة غير منحصرة في النطاق الجغرافي الفلسطيني لأنها ممتدة إلي نطاقات أوسع بكثير. يبدأ من الأردن وتمتد إلي أبعد من الرياض وأبوظبي مرورا بقطر.
في أثناء الإشتباك الصاروخي لإيران مع إسرائيل عندما ردت إيران علي قصف قنصليتها في بيروت بدأ اعتراض الصواريخ المتوجهة من إيران واليمن في إتجاه إسرائيل من داخل دول الجزيرة العربية والأردن.
وتحركت الطائرات وحتي صواريخ القبة الحديدية المتواجدة في تلك البلدان لاعتراض تلك الصواريخ. وأن القبة الحديدية التي تحمي إسرائيل تبدأ من مسافات بعيدة جدا عن حدود فلسطين.
لذلك فعند أي حرب موسعة مع إسرائيل سيكون التصدي لها من جذورها في جزيرة العرب وليس من فروعها وأغصانها في فلسطين.
وبالمثل إذا استخدمت قطع بحرية أمريكية أو أوربية لحماية سماء إسرائيل فأنها ستعامل كما ستعامل القبة الحديدية في إسرائيل والسعودية والأردن والأمارات .
كما أن النيران العالية وحرب النيران العالية قد تضرب في الصميم إمدادات النفط التي تذهب من المنطقة العربية الي إسرائيل. ولن تتمتع أيضا شركات نقل الطاقة وإستخراجها بما كانت تنعم بها من رغد الربح والأمن التي كانت تنعم به في السابق.
إذا تحملت القاعدة الشعبية في الأماكن الثلاثة المستهدفة وهي إيران واليمن وجنوب لبنان تلك الضغوط المكثفة التي تستهدف تلك البلدان فإن إسرائيل ستلجأ إلي ممارسة ضغط علي القاعدة المدنية وإستهداف الدول المحيطة بإيران وذلك يتماشي مع هدف حرب مجدل شمس والتي تضع هدف إشعال الفتنة الطائفية في المنطقة كغاية لتلك الحرب وهو ما فعلته في عملية مجدل شمس الثانية. بأن ضربت بيروت حتي يتحرك الشعب اللبناني طائفيا ضد حزب الله لأنه يجلب الحرب للبنان.
وستفعل ذلك بالنسبة لإيران وهو الهدف الذي كان ضمن أهداف اغتيال هنية في إيران وهو تحويله إلي عملية طائفية لإشعال المنطقة علي أسس عرقية ومذهبية.
وإذا توسعت الحرب إلى الجيران وتحمل الشعب الإيراني البطل أعباء إضافية ناتجة عن حرب فلسطين لأكثر مما يتحمله منذ ثلاث عقود.
فان تحريك جيران إيران خاصة من جزيرة العرب والعراق ضد إيران والإدعاء بأنها جلبت الحرب إلي المنطقة سيكون هدفا سهل نسبياً متماشيا مع حروب مجدل شمس.
خاصة وأن تلك الشعوب لن تهتم الا إذا وصلت الحرب الي ديارها وطالما أن الحرب في ديار الآخرين ولم تمس حياتهم المباشرة لن تتحرك.
فقد تحملوا ضياع الأقصى ومكة والمدينة وفقدان كرامتهم ودينهم بكل صدر رحب ولكن إذا أمطرت السماء صواريخ علي مراكز مدنهم علي أنها صواريخ شيعية تستهدف العرب السنُّة فأنهم سيتحركون بطبيعتهم المنحرفة في ذلك الإتجاه الذي ألفوه وتربوا عليه منذ أحقاب طويلة.
السلاح النووي.. والتطورات الجديدة
تتحرق إسرائيل لإستخدام سلاحها النووي ضد العرب خاصة وأنه أصبح مكدسا بأعداد رهيبة وأنواع متطورة جعلت استخدامه أسهل فتحول إلي سلاح تكتيكي أكثر منه سلاح إستراتجي للإبادة الشاملة.
ومازلنا نذكر أن مسؤولين إسرائيليين هددوا باستخدام السلاح النووي التكتيكي ضد غزة لمسحها من الوجود بعد أيام قليلة من حرب طوفان الأقصى وكرروا التهديد عدة مرات حتي استبدلوه بسياسة تصفية غزة نقطة نقطة علي مدي طويل لتدمير المسلمين نفسيا وعقائدياً.
وأيضا مازال البعض يذكر أنه في حرب السادس من أكتوبر1973 لوَّحت إسرائيل باستخدام سلاحها النووي عندما عبر الجيش المصري قناة السويس وخط بارليف إلي عمق عشرة كيلو مترات. فاضطرت أمريكا إلي التدخل عسكريا لإنقاذ إسرائيل وفرض الهزيمة علي الجيش المصري بالتفوق التسليحي الأمريكي مع تعاون الرئيس السادات الذي تواطأ معهم علي برنامج الحرب قبل بدئها.
إن إسرائيل لم تصنع السلاح النووي وتخزن مئات الرؤوس لمجرد الإستمتاع برؤيتها بل للإستفادة منها لتحقيق مكاسب جيوسياسية علي المنطقة وتأكيد وجودها في العالم كقطب نووي متحكم في أهم منطقة في العالم وهي المنطقة العربية.
ومن الرسائل التي تضمنتها العمليات التي قامت بها إسرائيل ضد إيران وآخرها إغتيال إسماعيل هنية. ومن قبله إغتيال الرئيس الإيراني “رئيسي” ومن قبلهما مهاجمة إحتفالا في أصفهان بذكري إستشهاد الفريق قاسم سليماني.
عنصر مشترك هو أن تكنولجيا فائقة أصبحت في متناول إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة. وإستخدامه الأساسي والأهم هو عمليات الإغتيال والتي من المستحيل تتبعها ومعرفة طريقة تنفيذها أو حتي الأدوات المستخدمة فيها كما هو واضح من التخرصات الكثيرة التي تنطلق حول الحادث وجميعها تستهدف التضليل وإطلاق سحب الدخان علي الحادث والرسالة التي يحملها. ومن أهم دلائل تلك السلسلة من العمليات في إيران أنها رمز القيادة الإسلامية لمحور المعارض لإسرائيل والولايات المتحدة وأنها الأقوي عسكريا وتقنيا وسياسياً. لهذا هي تتصدر قائمة الاستهداف الأمريكي /الإسرائيلي .
الرسائل الأساسية للعمليات ضد إيران هي أنه بات من الممكن تقنيا تنفيذ أي عملية إغتيال لأي شخصية في العالم مهما كانت قوة الدولة التي ينتمي اليها.
وان العائق الوحيد هو الحسابات السياسية للتبعات المحتملة حسب قدرات الخصم. خاص أن كان من الدول الكبرى النووية . والتي لم تتحدث بوضوح وعلانية حتي الآن عن الطفرة التقنية والعلمية لإسرائيل والولايات المتحدة حفاظا علي معنويات شعوبة.
لأجل هذا فإن إسرائيل بدات مجدل شمس وهي حرب إشعال الفتنة عن طريق الإغتيال، وعن قريب ستكون مدعومة بالعمليات التقليدية أيضا.
فقد بدأت بأقوي أسلحتها وهو القدرة علي الإغتيال لأي شخص في أي مكان وفي أي ظروف وبدون ترك بصمات مفهومة بما يجعل الأمور ضبابية ومشكوك فيها.
كل من يهتم بشأن المستقبل القريب لابد أن يفتح ملفاتة النووية ليعيد دراستها وترتيب أوراقه لمجابهة الإحتمالات النووية التي سوف تفرضها إسرائيل علي المنطقة بهدف إنهاء أي فكرة لمقاومتها.
في الحرب الإيمان ينتصر على التكنولوجيا
ولا يبدو المستقبل مفروشا بالزهور أمام إسرائيل لمجرد أنها الأقوي نوويا. وإلا فهي الأقوي بالأسلحة التقليدية من جميع العرب والمسلمين ولم تستطع مع ذلك أن تنهي الصراع لمصلحتها حتي في قطاع غزة الصغير. وخبرة التاريخ القديم والحديث تقول أن الإنسان هو سيد الحرب وليس التكنولجيا مهما تطورت والسلاح مهما كانت قدرته التدميرية. فالإنسان سيد المخلوقات وسيد الحرب خاصة إذا كان سلاحه فطرة الإيمان قبل قدرة التكنولوجيا .
بقلم : مصطفي حامد (ابوالوليد المصري)
المصدر : موقع مافا السياسي