مجدل شمس عنوان الحرب القادمة
– سلاح الفتنة هو الضامن لأنتصار إسرائيل في حروبها في المنطقة العربية
– سلفية جهادية من طراز صواريخ ستنجر التي أدخلها الأمريكان إلى أفغانستان وكانت مزودة بشيفرة تتعرف على الطائرات بحيث لا تنطلق نحو الطائرات الأمريكية.
– الخيار شمشون قد يكون العرب والمسلمون مشاركون فيه . وتشارك باقي الأمم علي قدر الأضرار التي وقعت عليها.
– ستكون حرب الإنسانية ضد الصهيونية. ولن ينتصر عشرون مليون صهيوني علي ثمانية مليار إنسان علي ظهر هذا الكوكب .
– أفتقدت إسرائيل في غزة إلى تنظيم فتح وتنظيمات السلفية الجهادية. فتمكنت غزة من الصمود بل أوشكت علي الإنتصار.
– فقدت أمريكا في غزوها لأفغانستان سلاح الفتنة فأدي ذلك إلي هزيمتها المذلة. كما فقدت سلاح الفتنة في غزة فاستطاعت مجموعة صغيرة من المجاهدين إذلال الجيش الإسرائيلي بين أطلال غزة وتحطيم غروره.
– لم تتمكن جبهة المقاومة من مجاراة إسرائيل في (حرب النيران العالية) التي بدأتها إسرائيل في الحديدة. فأضاعت الفرصة مؤقتا.
بقلم : مصطفي حامد (ابوالوليد المصري)
أعطت عملية مجدل شمس وما تبعها من عمليات إشارات قوية لما ستكون عليه الحرب القادمة في المنطقة .
وهي حرب متعسرة كما كانت الحرب الأمريكية في أفغانستان التي تغيرت الإستراتيجية الأمريكية خلالها عدة مرات قد تصل إلي ثلاث تغييرات جوهرية وفي النهاية انتهت الحرب بهزيمتها وانسحابها الذليل من أفغانستان .
في السابع من أكتوبر 2023 إنطلق مجاهدو غزة إلي المستعمرات اليهودية القريبة ثم إندفعوا إلي داخل أراضي فلسطين بشكل أسقط فعلياً إسرائيل كدولة خلال دقائق فاحتاجت إلي الولايات المتحدة لكي تحضر وتدير إسرائيل عسكريا وأمنيا، وتحارب في غزة نيابة عنها. حتي أمريكا كانت خائفة من تلك الخطوة فاستدعت أساطيل حلف الناتو فأرسلوا الأساطيل والطائرات والأسلحة وأعلنوا كما فعلت أمريكا تأيدهم المطلق لإسرائيل وحقها في أن تفعل أي شيء بالعرب والفلسطينيين وتعاون الجميع في حرب أبادة علي قطاع غزة المحاصر فشددوا الحصار وزادوا من وتيرة القتل والإبادة مستخدمين جميع الأسلحة المتاحة حتي التجويع ونشر الأمراض وعدم إعطاء السكان أي فرصة للحياة .
قررت الصهيونية العالمية بقيادة البنوك اليهودية العظمي أن الحل هو أبادة شعب فلسطين وان البداية تكون من غزة حيث الجميع متواجدون بقواتهم المسلحة وأساطيلهم وتأييدهم السياسي والإعلامي المطلق.
ولكن ظهر قصور وسائل الحرب الحديثة التي وصلت لدرجة من التطور فاقت التخيلات خلال العقود الأخيرة منذ احتلال أفغانستان وإلي الآن.
واتضح أن وسائل الحرب التقليدية لا تكفي لهزيمة مجاهدي غزة ولا كسر أرادة شعبها الجائع المحاصر.
وزاد الصهاينة من استخدام السلاح الأمريكي الحديث حتي أن صواريخ الطائرات من زنة ألفي رطل استخدمت لتدمير الخيام البلاستكية التي يأوي اليها المشردون بعد أن دمرت بيوت قطاع غزة.
عندما اصطدمت التكنولجيا بالجدار الفلسطيني الصلب أنتبه اليهود إلي أوجه القصور التي وقعوا فيها وأهمها أن سلاح الفتنة هو الضامن لانتصار إسرائيل في حروبها في المنطقة العربية.
والمقصود هو الفتن الدينية أو العرقية أو السياسية. فالمنطقة لأكثر من ثمانية عقود وهي مهترئة وفاقدة للقدرة على المقاومة أو الرغبة في الإنتصار مع جاذبية شديدة نحو الفتن خاصة إذا كانت فتن دينية أو مذهبية وإذا كان المجتمع يحظى بشئ من الحراك السياسي فيتوجه إلي الفتنة السياسية ويصادم بعضه البعض حسب الانتماء السياسي الذي يخفي غالبا نوعا من الإنتماء الديني أو القومي.
فقدت إسرائيل في حرب غزة عنصرا جوهريا كان يضمن لها علي الدوام الفوز في جميع مناطق فلسطين وهو عنصر الفتنة السياسية وعنصر الفتنة المذهبية.
سياسيا بعد اتفاقية أوسلوا أصبحت فتح أداة إسرائيلية وجزء من الجهاز الأمني للكيان الإسرائيلي. وأوشكت فتح السيطرة علي غزة وكاد العميل الإسرائيلي محمد دحلان أن يصبح حاكما للقطاع لولا التصدي العنيد للتيار الإسلامي الذي كان بدوره مخترقاً وتستطيع إسرائيل تحريكه كما هو معتاد فتصدي التيار السلفي الجهادي لحماس محاولا تحطيمها لفتح المجال أمام حكومة أبو مازن للسيطرة علي القطاع.
في هذه المرة ــ عند اندلاع طوفان الأقصى ــ لم تكن هناك فتح كتنظيم داخل القطاع ولم تكن هناك سلفية جهادية فقد أختفت فجأة من علي مسرح الأحداث عندما بدأت الحرب بين الفلسطينيين والصهاينة. لم يختفوا فقط من غزة بل من العالم العربي والإسلامي كلة.
سلفية جهادية من طراز ستنجر
يذكرنا ذلك بصواريخ ستنجر التي أدخلها الأمريكان إلى أفغانستان وكانت مزودة بشيفرة تتعرف على الطائرات بحيث لا تنطلق نحو الطائرات الأمريكية. وهكذا كانت التيارات السلفية فقد اختفت فجأة عندما ظهر اليهود والأمريكان في ميدان الحرب.
فهي مثل صواريخ ستنجر التي لا تتوجه إلي طائرات الدولة المُصنِّعه لها.
أفتقدت إسرائيل في غزة إلى تنظيم فتح وتنظيمات السلفية الجهادية. فتمكنت غزة من الصمود بل أوشكت علي الإنتصار رغم الفارق الذي لا يمكن مقارنتة بين القوة الأمريكية والفلسطينية.
ولم يكن ذلك الدرس جديداً علي أمريكا ولا علي إسرائيل ولعلهما اكتشفا في أفغانستان أن سبب هزيمتهم بعد عشرين سنة من القتال ضد الأفغان بأحداث أدوات الحرب. ولكن أنتهي الأمر بهزيمة واضحة لهم وإنتصار كامل ونجاح ساحق للتيار الإسلامي الذي تمثله حركة طالبان. لعل أمريكا انتبهت أن من الأسباب الكبرى لهزيمتها في أفغانستان كان غياب الأحزاب الفاسدة التي انضمت لحكومة الاحتلال في كابل وهي تناظر في ذلك حركة فتح التي إنضمت إلي حكومة أبو مازن الخاضعة لإسرائيل فأصبحت منبوذة شعبيا، ولا قيمة دولية لها. واستمات الإحتلال الأمريكي ليزرع الدواعش التكفيريين لإحداث الفتنة فى المجتمع الأفغاني وفي حركة طالبان. لكن تصدى لهم بقوة قائد الإمارة وقتها الملا منصور واستشهد في هذا السبيل ونجح في قمع الفتنة السلفية التكفيرية. كان ذلك أحد أوجه الشبه بين غزة وأفغانستان .
الثاني هو غياب السلفية الجهادية عن حرب أفغانستان الثانية:
لعدم حضور التنظيمات السلفية جهادية لحرب أفغانستان الثانية. كما حضروا في الحرب الأولي ضد السوفييت والسبب واضح وهو أنها حركة جهادية من طراز ستنجر لا تنطلق ضد الأهداف الأمريكية أو الإسرائيلية.
ولم يتوفر في أفغانستان عنصر الفتنة السياسية للإحزاب الفاسدة التي كانت تمولها أمريكا والسعودية وتحتضنها باكستان. فقد انضمت تك الأحزاب إلى الحكومة العميلة فى كابل.
وهذا نظير لمنظمة فتح التي كانت جهادية وتحولت إلي العمالة لإسرائيل كما حدث في أفغانستان للتنظيمات الجهادية.
فقدت أمريكا في غزوها لأفغانستان سلاح الفتنة فأدي ذلك إلي هزيمتها المذلة كما فقدت سلاح الفتنة في غزة فاستطاعت مجموعة صغيرة من المجاهدين إذلال الجيش الإسرائيلي بين أطلال غزة وتحطيم غرورهم العسكري فأعادوا المجد إلي المقاتل العقائدي المسلم الذي أفتقده العالم العربي طويلا.
ونتيجة فقدان سلاح الفتنة في غزة توشك إسرائيل علي الهزيمة رغم ما حشدته الصهيونية العالمية من أمكانيات فى تلك المعركة وهي إمكانيات هائلة.
وظهر أن الفارق رغم توفر كل وسائل التكنولجيا الحديثة المعلن عنها وغير المعلن أن سلاح الفتنة هو السلاح الرئيسي لتحقيق الإنتصار في أي معركة لإسرائيل، لهذا بدأت الحرب التي نطلق عليها هنا مصطلح (حرب مجدل شمس) وبدأت بثلاث عمليات رئيسية متتابعة اهتزت لها المنطقة والعالم.
1- عملية مجدل شمس الأولي وفيها هاجمت إسرائيل مدينتين دروز بصاروخ أدعت أن حزب الله هو الذي أطلقه حتي تحيي الفتنة في لبنان حيث لا إمكانية انتصار لها ضد حزب الله بدون استخدام سلاح الفتنة وهذا ما تفعله الآن في “سلسله حروب مجدل شمس” وسوف تستمر تلك الحروب إلي ان تظهر نتيجة حاسمة لها. والتحدي الحقيقي أمام العرب هو تخطي أضرار سلاح الفتنة كما استطاع مجاهدوي غزة تفادي أضرار سلاح الجو والقصف المدفعي والبحري علي المدنيين في القطاع.
2- مجدل شمس الثانية وهي الحملة الثانية من حروب مجدل شمس التي تتبني الفتنة في أطار جديد له ميزات هائلة هذه المرة لم تكن متوفرة له في السابق.
عملية مجدل شمس الثانية استهدفت أحد مقار حزب الله في الضاحية الجنوبية في بيروت مما أدي إلي استشهاد أحد كبار القادة العسكريين في الحزب وهو القائد (فؤاد شكر) ومعه أحد الضيوف الإيرانيين.
واستشهد في الغارة أيضا عدد من السكان المدنيين فيهم نساء وأطفال .
الهدف من تلك العملية كان تحريض سكان بيروت ضد المقاومة وأنها جلبت الحرب إلي العاصمة. والوقيعة بينها وبين الحكومة وأعضاء التنظيمات المسلحة التي تتجهز للصدام مع حزب الله منذ سنوات.
فتتوجه قوة حزب الله إلي داخل لبنان وتنصرف عن الحدود مع إسرائيل .
فتتمكن إسرائيل من توسيع سيطرتها علي أراضي الجنوب والاستيلاء علي موارد مائية تطمع فيها منذ سنوات طويلة. وحزب الله في هذه الحالة سيكون محاصراً بين المطرقة الإسرائيلية وسندان المنظمات الداخلية المسلحة الموالية لإسرائيل ودول خارجية مثل فرنسا والسعودية.
3- مجدل شمس الثالثة وهي عملية اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والذي كان علي رأس وفد فلسطيني لتهنئة الرئيس الإيراني الجديد بالوصول إلي سدة الحكم.
من تلك العملية تأمل أن تسفر عن فتنة داخل إيران بين فئات الشعب علي أسس سياسة ما بين إصلاح وأصولية وما بين القوميات وتحريك العداء السني الشيعي الذي كاد أن ينقرض في إيران بعد أن تبين أن قيادته هي أيضا من طراز ستنجر السلفي الجهادي.
هذا أضافة إلي أن إسرائيل والولايات المتحدة وحلفاؤهما في المنطقة قد حشدوا أعدادا كبيرة من مجموعات التخريب داخل إيران للتتحرك في الوقت المناسب لتأجيج الفتنة وتحويلها إلي حرب أهلية ولكن بما أن الفتنة لم تتحرك فإن المجموعات التخريبية وقد طال بها الزمن في إنتظار إشارة البدء فوقع معظمها في أيدي أجهزة الأمن وقد انتبه الشعب إلي كثافة التحركات المريبة لفترة طويلة ولم يحتضن ذلك التحرك أو يتعاطف معه بل قاومه بما استطاع .
وهذا يلقي ظلال الشك علي عملية “مجدل شمس 3” بإغتيال القائد هنية فهي لن تتحول إلي فتنة داخلية بسبب تمسك الشعب الإيراني بقيمه القومية والدينية التي لن تتسامح مع عملية الإغتيال لأنها شكلت إهانة علي المستويين الديني والقومي لشعب إيران الغيور دينياً ووطنياً .
بل أن الرأي العام الإيراني يشكل ضغطاً علي الحكومة الحالية لتوجيه رد إنتقامي ضد إسرائيل علي تلك الإهانة والعدوان. أي أن “مجدل شمس3” لم تحقق ما كان مطلوبا منها بأحداث فتنة تساعد علي تفتيت إيران والتخلص منها علي نمط ما هو مطلوب من عملية “مجدل شمس 2” فى لبنان.
ملامح جديدة لحروب الفتنة (سلسلة مجدل شمس)
هذه الحرب الجديدة وهي إستخدام الفتنة كأداة لحسم الحروب المتعسرة خاصة فى دول المشرق الإسلامي والعربي.
جميع الحروب السابقة وما تم فيها من إنجازات عسكرية وعلمية وتقنية لم يسبق لها مثيل في التاريخ الأنساني في فترة قصيرة كهذه.
كل تلك الأمكانيات التقنية مضافا اليها الخبرات المستحدثة في السيطرة علي العقول وتحريك المجموعات البشرية الكبيرة طبقاً لرغبة الصهيونية. مستخدمين نتائج الأبحاث المتقدمة في علوم النفس والإقتصاد والتاريخ.
الإنجازات التي حققتها الصهيونية العالمية ضخمة وكبيرة ولا يستهان بها ولكن تعرضت لإنتكاسات بأرتداد بعض تلك الأسلحة عليها فأضرت بمصالحها.
فمثلاً النجاح الساحق للصهيونية، والذى لا يريد أحد أن يتكلم عنه، ويتعلق بالطفرة التكنولوجية والعلمية. فقفزت بمسافه متقدمة جدا عن باقي الشعوب فأصبحوا يتوهمون أنهم قادرون علي إخافة المنافسين والأعداء بأن تلك الفجوة العلمية والتقنية كافية لهزيمتهم في أي معركة. لهذا يطالبونهم بالإستسلام بلا قيد أو شرط وذلك واضح من تبجحات ذلك التافه نتنياهو وتهديده الفلسطينين والعرب والمسلمين ويتحدي العالم كله بما فيهم القوي العظمي خاصة روسيا والصين وإيران.
وجميعهم بات يعلم بمدي الفجوة الحاصلة لصالح الصهيونية والتي تهدد أمنهم القومي بل تهدد البعض في بقائه. وعمليات الاغتيال الأخيرة في لبنان وايران تعكس جانبا مزعجا لذلك التطور إلي غالبية الأنظمة.
الأثر العكسي لذلك هو أن الصهاينة الذين يريدون السيطرة علي العالم بمفردهم وتحويل شعوب الارض إلي حمير تخدمهم فإن هناك ما يكفي من القوة لدي البشرية لكي تقول وتنفذ رفضا قاطعاً لذلك الأختيار.
والرفض القاطع لن يكون محاولة اللحاق بهم والتساوي معهم في التفوق العلمي والتقني الذي إستخدم فيه اليهود جميع مراكز البحث والجامعات في أمريكا ودول الغرب لعشرات السنين تكلفوا فيها مليارات بلا حصر. وليس هناك من أحد الان يمتلك المال أو الإمكلنات البشرية والعلمية الكافية. أي أن الوقت يضغط وكذلك الغرور والاستكبار الصهيوني وبرنامج نبوءاتهم المقدسة المنضبط مثل جدول مواعيد الرحلات الجوية.
وهذا خلق مشاكل في داخل المجتمعات الغربية تحت شعار مناصرة فلسطين وهم في الحقيقة يدافعون عن وجودهم الإنساني، كون اليهود يحولونهم إلي حمير لخدمة مصالحهم. الشعوب التي ترفض الخيار الشيطاني بالإستسلام لليهود في يدهم من القوة ما يكفي لتحقيق الخيار الشمشوني الذي كان يتباهي اليهود به والآن سينتقل إلي العالم الذي يمكنه تهديم الحضارة الحالية من جذورها وسيكون اليهود أول وأكبر الخاسرين نتيجة ضئالة عددهم.
فالخيار شمشون قد يكون العرب والمسلمون مشاركون فيه. وتشارك باقي الأمم علي قدر الأضرار التي وقعت عليها فهي ستكون حرب الإنسانية ضد الصهيونية ولن ينتصرعشرين مليون صهيوني علي ثمانمئة مليار إنسان علي ظهر هذا الكوكب.
فثروات الصهاينة ليست في بلادهم وقوات الصهاينة من سفلة الشعوب الأخري أي أنهم في الحقيقة لا شيء سوي الذكاء الشيطاني القادر علي الخداع والمكيدة .
الحرب القادمة ستكون تأكيدا لمسار مجدل شمس فقد نجحت إسرائيل في وضع أعدائها في موقف إجباري وهو ضرورة الرد على ما لحقهم من إهانات وأضرار خاصة في عمليات مجدل شمس الثانية والثالثة أي عملية بيروت وطهران.
إسرائيل تتوقع ردا شديد لهذا استنفرت قواتها وقوات الدعم الغربي للدفاع عن إسرائيل أو (حقها في الدفاع عن أمنها) أي حقها في قتل أطفال غزة وهدم المستشفيات وإعتقال المرضي وقصف الخيام بأحدث الصواريخ الأمريكية.
طبيعي أن ذلك الرد من إيران وحزب الله ومحور المقاومة سوف يستدعي ردا مبالغا فيه من إسرائيل.
كما حدث في الإنتقام الإسرائيلي من اليمن بعد إطلاقه مسيَّرة صغيرة ضربت هدفاً في تل أبيب. فردوا عليه بغارة استعراضية كبيرة ضربت ميناء الحديدة فأحرقت عدة أهداف مدنية تتعلق بالطاقة والكهرباء.
ثم تباهت إسرائيل بالنيران العالية التي ارتفعت لأمتار في سماء الحديدة. وقال أحد المغرورين في إسرائيل أن تلك النيران العالية قد شاهدها العرب في كل مكان وأنها يمكن أن تحدث لدي باقي العرب. الرد الإسرائيلي علي رد حزب الله المرتقب سيراعي تصعيد الفتنة في لبنان وتجميع القوى المسلحة في لبنان في جبهة واحدة لمقاتلة حزب الله لصالح إسرائيل.
هذا سيكون الأداة الرئيسية للعمليات الإسرائيلية المرتقبة بتسعير الفتنة في لبنان. وسوف يتلقون الدعم من حلفائهم العرب وحلفائهم الغربيين.
نفس الحال من المتوقع أن تكون الردود الإسرائيلية علي إيران بنفس النهج لإشعال الفتنة الداخلية باستخدام أقصي الإمكانيات لإرهاق المواطن الإيراني من كافة النواحي ليشكل أداه ضغط علي النظام لتغيير موقفه من القضية الفلسطينية أي تحويل التوجه الإسلامي للنظام إلي توجه علماني كوسيلة للخروج من الحصار الإقتصادي. إن مجدل شمس لن تنتهي عند رقم ثلاثة بل ستستمر مع إستمرار الحرب القادمة التي ستشهد بالتأكيد الكثير من المفاجآت والتحولات ولن تستطيع إسرائيل أن تضمن أي شيء من الآن وحتي نهاية المعركة حتي تكون حصيلة الميدان هى الشاهد علي النتيجة .
اعادة تنظيم القضية الفلسطنية
القضية الفلسطنية أصبحت هي محور إهتمام العالم الإسلامي والشعوب العربية المغلوب علي أمرها مكممة الأفواه ومقيدة الأيدي والأرجل والعقول.
ولكن بالتأكيد ستكون هناك مفاجآت كبري من العرب وعلي غير ما كانت تريده إسرائيل وحلفاؤها العرب والغربيين.
فالقضية الفلسطينية منذ عام 48 والذي يخطط لها هم اليهود أنفسهم والأنظمة الموالية للغرب في المنطقة.
وشتتوا الشعب الفلسطيني في كل الإتجاهات الحزبية والعقائدية، وحتي أصبح يلغي بعضه بعضا ومعظم منظماته متقاربة مع الأعداء الحقيقيين وبعيدة عن الحلفاء الطبيعيين حتي من أهل فلسطين. والتحرك الإسلامي نأي بنفسه عن قضية فلسطين تقرُّبا للدول الغربية وحفاظا علي دور سياسي له في المنطقة وقد حصل عليه طبقا لشروط إسرائيل التي أصبحت هي راعي المنطقة.
ميزة عملية طوفان الأقصى أنها كشفت ملامح التحرك الصحيح للقضية الفلسطينية ومواطن الضعف في الموقف الإسلامي والفلسطيني.
فقد حولوها من صراع إسلامي صهيوني إلي صراع فلسطيني صهيوني أي أنهم حرموا الشعب الفلسطيني من عمقه البشري والعقائدي والقومي وتركوه وحيدا في مواجهة اعتي قوة في التاريخ وهي الصهيونية المتحالفة مع الغرب.
علي ضوء نتيجة الشهور العشرة من الحرب علي غزة وما لاقاه شعبها من خسائر ضخمة وكذلك مناصروه في لبنان واليمن والعراق يمكن الآن التفكير في وضع تصور جديد نظري وعملي لقضية فلسطين واختيار قيادة كفؤة لتحرك عالمي يضم جميع الشعوب في تحالف إنساني ضد الصهيونية، العدو الأول للإنسانية.
بعض التنظيمات القديمة التي تعرض قضية فلسطين أبدت عدد من الإيجابيات والكثير من السلبيات وآن الآن أن تخرج قضية فلسطين من أطارها الوطني الفلسطيني إلي أطارها الإسلامي أو بالأحراي ان يدمج الإطار الفلسطيني المقاوم مع إطار إسلامى أشمل وإطار إنساني عالمى. ثم التعامل مع القوى الصهيونية المتغطرسة بما يتلاءم معها من أساليب عسكرية وإقتصادية وسياسية.
جميع المجاهدين والمهتمين بقضية فلسطين حضروا تشييع جنازة القائد أسماعيل هنية في طهران .
تلك القوى هي صاحبة الحق والقدرة، وهم أهل الحل والعقد الحقيقيون في قضية فلسطين ومن واجبهم التاريخي الآن أن يعيدوا تأطير قضية فلسطين واختيار قائد عام للجهاد في فلسطين. وإختيار أرض تكون قاعدة لتجهيز المجاهدين لتحرير فلسطين.
ولا يوجد غير اليمن ليكون حاضنة شعبية مؤمنة لتحمل تلك المسؤولية الحسيمة وتبعاتها الخطيرة.
جنازة هنية في طهران كان يمكن أن تكون أعظم مؤتمر لتصحيح مسار القضية الفلسطينية ووضع إطار جديد لها وتحديد المؤسسات والشخصيات الأساسية لكل مؤسسة بدون الإعلان عنها بالطبع. عشرة أشهر من القتال أوضحت من يمكن أن يكون قائداً عسكريا وحتي المناهج المطلوبة للتدريب العسكري والعمل السياسي والإعلامي. بهذا الشكل تكون عملية مجدل شمس ثلاثة قد إنقلبت تماماً علي إسرائيل وجنازة الشهداء تحولت إلي أنبعاث حقيقي لتحرير فلسطين والمسجد الأقصى.
إقدام يمني وعجز جهادي
إبطال اليمن من جماعة أنصار الله هم الذين خرجوا عن الطوق الحديدي الذي حوصرت فيه الحركة الجهادية في غزة بفعل الرؤية السياسية القاصرة والأرتماء في أحضان المحور الأمريكي والإنشغال بالمفاوضات ولا شيء غير المفاوضات والمساومات.
كانت أسوأ مثال لقيادة تقود حركة تحرير. أول إختراق استراتجي لتلك الحرب البائسة في غزة قام بها مجاهدو اليمن لنقل المواجهة مع إسرائيل لتشمل البحر الأحمر وبحر العرب حتي طالت البحر الأبيض أيضا.
فتمكنت من إعاقة ميناء أم الرشراش إلي درجة كبيرة مما تسبب في خسائر إقتصادية كبيرة للإقتصاد الإسرائيلي.
المواجهة البحرية علي ذلك النطاق الإستراتجي الواسع راكم خسائر علي إسرائيل ورفع من أسهم المقاومين في غزة ولكن نتيجة ضعف إمكانات تيار المقاومة، والتنسيق الموسمى الإختياري، لم تتم متابعة وتطوير ذلك الفتح الإستراتيجي.
والعذر هو أن جبهة المقاومة تقودها وتمولها إيران منفردة بينما الحرب علي غزة تقودها الصهيونية العالمية والولايات المتحدة ومن خلفهم العالم كله. ولكنه عذر غير كاف. لأن توسيع جبهة المقاومة الإسلامية والقيادة المركزية يمكنهما تغطية الكثير من أوجه القصور، فالتيارات الفلسطينية المحلية بمختلف اتجاهاتها فشلت في قيادة قضيتها التى هي قضية مليارى مسلم. ومع ذلك يرجع لحماس الفضل في ابقاء جذوة فلسطين متقدة بعدما أرتد العرب وفقدوا ملامحهم البشرية. وكاد الإرتماء تحت أحذية اليهود أن يصبح شعارا جديدا للقومية العربية. وحتى العمل الإسلامي” الشعبى” أستسلم لسيطرة الماسونية الأسلامية علية. حتى صار محسوبا ضمن حلفاء إسرائيل. وحماس من غزة ورغم حملات إسرائيلية متتابعة استطاعت أن تعرقل برنامج البنوك اليهودية بهدم الأقصى وبناء الهيكل.
ومع ذلك ومع اعترافنا بالفضل الكيير لحماس مع صمود مقاتليها وبطولاتهم الأسطورية ضد قوات أمريكا والناتو في غزة. لا ينبغى أن نغمض أعيننا عن هازال القيادة السياسية لحماس وسوء إدارتها للمعركة بل وعجزها حتى عن رسم خط فاصل يميز بين معسكر الأعداء ومعسكر الأصدقاء فزلزلت بذلك ثقة معسكر الأصدقاء ولم تتمكن من تحقيق ما يطمح فيه محتضنيها الأعداء في قطر.
وعلمت بنوايا إسرائيل المعلنة وعزمها على اغتيال القيادة السياسية لحماس التى أدركت متأخرا للغاية ضرورة تغيير مسارها المجدب. ولكن نتنياهو تعجل في تنفذ الضربة الثالثة من “حرب مجدل شمس”. والأرجح أنه لم يحتمل مجرد تخيل أن يشاركه أحد في جائزة نوبل للسلام كما جرى مع سلفه مناحيم بيجن الذى اختار أن يتقاسم معه السادات جائزة نوبل التي تعقب اتفاقية سلام ثم احتفال دولى صاخب بأبطال السلام. فى تقليد قد يجرى تأكيده بالنسبة لحروب أكتوبر المجيدة. ولكن نتنياهو يرفض مشاركة أي أحد. وعندها سيفوز منفردا بجائزة الأوسكار للس%