لبيك اللهم لبيك (1) .. بيعة يزيد
(لاإله إلا الله وحده ، نصر عبده ، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده ،
لاإله إلا الله، لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون).
لبيك اللهم لبيك
(1)
بيعة يزيد
جاء في موقع إسلام ويب (إن يزيد أكره الناس علي ان يبايعوه علي أنهم عبيد له ، إن شاء باع ، وإن شاء أعتق ، وذكر له بعضهم البيعة علي حكم القرآن وسنة رسول الله ﷺ فأمر بقتله، فضرب عنقه صبراً).
هذه ليست بيعة ولكنها اجبار علي الكفر حتي يقر الناس أنهم عبيد ليزيد ابن معاوية خاضعون لقضائه وقدرة، إن شاء باعهم وإن شاء أعتقهم. فإن باعهم صاروا عبيداً إلي الأبد لغيره من الناس وأن أعتقلهم صاروا عبيدا له إلي الأبد لأنه هو الذي منحهم الحرية.
أما يزيد نفسه وقد أصبح إلها بمثل هذه البيعة، رفض أن يبايع بشرط الحكم بالقرآن والسنة ومن طالبه بذلك يضرب عنقه ومع ذلك يقول العلماء السلف عنه أنه أمير المؤمنين وأنه خليفة الرسول ﷺ.
ثم يتورعون عن استنكار استباحته لأعراض المسلمات في المدينة المنورة حفظا علي مكانة ملوك المسلمين والخلفاء ومن يفعل ذلك فأنه حاقد ومن أهل البدع الذين يبغضون معاوية – رضي الله عنه – وأبنه يزيد.
وذلك قول حسب الموقع الأسلام ويب فان جمع من الأئمة المحقيقين كشيخ الأسلام ابن تيمية وابن كثير وابن حجر جميعهم يؤيد مثل وجهات النظر هذه. (انظر الجزء الخير من هذا البحث فى جولة تارخية من قبسات ابن كثير وشيخ الإسلام ابن تيمية).
والآن وصل الحال أن يصبح الأسلام مصدره شيوخ الأسلام وفتاويهم بصرف النظر عن ما جاء في القرآن والسنة النبوية فالأحكام تؤخذ من علماء السماط السلطاني وليس من الله ورسوله وهذا هو حال المسلمين وسبب نكبتهم الكبرى بأن مصدر إسلامهم أصبح علماء السوء وخدم السلاطين.
ووصل الأمر أن أصبح اليهود يصدرون لنا الفتاوي مباشرة علي وسائل التواصل الاجتماعي ويحددون الإسلام الصحيح وغير الصحيح ويحذرون المسلمين من البدع والتشيع.
يقول الموقع السلفي نفسه أن الحسين عليه السلام لم يرض بشرعية الملك الوراثي وكان من رأيه أن تختار الأمة زعمائها السياسين من الخلفاء إختيارا حراً قائما علي البيعة والشوري وإبداء الآراء وتقبيلها بين الناس.
وهذا ليس صحيح لأن الحسين -رضي الله عنه- كان يعتبر نفسه الخليفة الثالث من احد عشر خليفه من أبناء علي ابن ابي طالب – رضي الله عنه – وعليه بالتالي هو ليس من أنصار مدرسة الشوري الا إذا كان الأمام المنصوص عليه غير ظاهر للناس كما هي الحال الآن.
ويواصل الموقع (إسلام ويب) قائلا : ان رأي معاوية يتمثل في ان الثقل السياسي الحقيقي أضحي لبني أمية، وأضحت الشام كلها طوع أمرهم ولا ترضي بديلاً لهم كما يذكر ابن خلدون في مقدمته، وخشية من دخول الأمة لمرحلة جديدة من الصراع والأحتراب الداخلي كما حدث في زمني عثمان وعلي – رضي الله عنهما – ان يكون الأمر في بيته ، لملمه الشمل ، وطلب للهدوء السياسي ، وسر لباب الفتن .
أولا: هذا الكلام أن صح عن ابن خلدون الذي من الأندلس الأموية فمن الطبيعي ان يكون رأيه منحازاً لمعسكر بني أميه.
أما قول السلطان: (أن أنا ومن بعدي الطوفان وأن الدنيا سوف تحترق إذا غادرت مكاني في الحكم)، فهو نوع من الإبتزاز السياسي، وهو نفس قول الحكام الطواغيت في عصرنا الحالي يهددون به الشعوب إذا تجرأ أحد علي الخروج عليه ، فقد ثبت بطلان هذا الادعاء .
لأنه إذا التقتت رؤية الناس علي التغيير إلي الأفضل مع وجود قيادة صالحة تقودهم فإنهم ينتصرون لا محاله مهما حاول الحاكم وجنوده إثارة الشغب والفوضي .
وفي الحقيقة أن معاوية – رضي الله عنه – منذ ان تولي حكم الشام ووضع عينه علي مصر وإبقائها تحت حكم مساعده الأول عمرو بن العاص فأهتدي معاوية بذلك إلي ركيزة قوة لا يمكن لأي حاكم في جزيرة العرب ان تقاومه.
وبأموال الشام ومصر وفرسان القبائل العربية هناك كان يتجهز لحرب يري أنها لابد ستأتي حتي يفرض سيطرته علي الجميع وتعود السيادة على قريش والعرب. إلي بني أمية. وكان محقا أن يري فى نفسه الجدارة للقيام بذلك كما أنه في أمان كونه من العشرة المبشرين بالجنة. وعندما علم بخروج الحسين – رضي الله عنه – في اتجاه الكوفة حرك يزيد في مقابلته ثلاثيون ألفا من جنود الشام كانوا يعتبرون كطليعة ، حيث ان الحسين لم يكن معه سوي سبعين رجل معظمهم من أهل بيته .
أما أهل الكوفة فإن 18 ألف منهم بايعوا الحسين علي قتال يزيد، لكنهم عندما شاهدوا قافلة جنود الشام، أدركوا بخرهم السابقة فى الحرب مع الشوام أن دمشق قد أعدت العدة للحرب منذ وقت مبكر وليس مجرد مواجهة محدودة مع ثائر في عدد قليل من الرجال، حتي لو كانوا ثماني عشر ألفا.
فتخلوا عن الحسين إيثاراً للسلامة وجريا علي عادتهم في عدم طاعة الإمام كما فعلوا مع علي رضي الله عنه وخذلوه.
كان جيش الشام مجهزا لإجتياح الكوفة والبصره والزحف علي المدينة طلبا للثأر لدم عثمان بن عفان كما الأدعاء الاموي المعلن و اختطاف السلطة كما (تلقف الكرة) حسب وصية أبو سفيان بن حرب. بدون نص شرعي أو شوري بين المسلين (فالسف أصدق انباء من الكتب ــ حسب قول المتنبي) .
علي – رضي الله عنه – عندما تولى الخلافة أدرك نوايا معاويه – رضي الله عنه – بأنه يخطط للإنفصال أو الوثوب علي الخلافة، فأمر بعزله عن حكم الشأم في أول قرار له عندما تولي الحكم.
عندما علم معاوية بنيّة علي – رضي الله عنه – بادر بالتمرد وإعلان نفسة خليفة للمسلمين. مدعياً أنه يطالب بدم عثمان ويرفض مبايعة علي قبل الانتقام لعثمان وهكذا بدأت الفتنة.
أما الحسين – رضي الله عنه – فكان يعلم هو الآخر أن دمشق تريد بسط سيطرتها علي العراق والمدينة المنورة والحجاز كله لإقامة مُلْك وراثي مستبد بدون شوري مع المسلمين .
وكان يري أن إقرار هذا المبدأ، أي اغتصاب الملك بالقوة وتوليه الفاسقين إمارة المسلمين يقررون ما يشاؤون طبقا لمصالحهم فأن ذلك سيكون نهاية للإسلام وانتكاسا لمسيرته.
وأن موافقته علي ذلك ستعطي شرعية لهذه الرِدّة ، فقرر أن يخرج ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر في أمة جده محمد ﷺ كما صرح بذلك مراراً.
فرأي أن الدين في خطر وأن اللحظة فارقة والإنعطافة خطيرة في مسيرة الإسلام فلابد من تقديم التضحية بالروح وأنه لابد ان يقدم نفسه وأولاده وأهل بيته كتضحية في هذه المعركة حتي تشعر الأمة علي مر الزمان بخطورة التحول الذي فرض تلك التضحية الكبرى. فلا تنتقض عروة من عرى الإسلام وهي المُلك (جاء في الحديث الشريف ما معناه: تنتقض عرى الإسلام عروّة عروّة ، أولها الحكم وآخرها الصلاة).
لهذا رفض أن يتراجع رغم عدة نصائح قدمت اليه من بعض المقربين مثل أخيه محمد، وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر.
كانوا يخشون عليه لشدة تعلقهم به ويرون أن التضحية التي يقدمها بنفسه وبأولاده كبيرة جدا وأن المعركة غير متكافئة وهو يري أنه موقفه دعوي مبدأي ليس لتحقبق انتصار عسكري بل إنتصار لفكرة الدين على فكرة الملك الوراثي أو القهر العسكري. لهذا يقول أنصار الحسين ان دم الحسين أنتصر علي سيف يزيد. وقالوا أن معركة كربلاء هي المعركة التي انتصر فيها الدم علي السيف ذلك أن فكرة الإسلام بقيت سليمة حتي اليوم بينما عقيدة القهر تتراجع منذ موقعة كربلاء حتي موقعة غزة .
النص من موقع اسلام ويب:
بقلم : مصطفي حامد (ابوالوليد المصري)
المصدر : موقع مافا السياسي