التاريخ لايفيد (6) .. فلاحو مصر أنقذوا القدس ودمياط وملوك آل أيوب
التاريخ لايفيد (6)
(صفحات من كتاب مصطفى حامد “التاريخ لايفيد” – قيد الإعداد)
دمياط
بطولات العرب والفلاجين في هزيمة الألمان والفرنسيين
فلاحو مصر أنقذوا القدس ودمياط وملوك آل أيوب
[ المصدر /كتاب السلوك المقريزي ــ الجزء الثاني ]
مقدمة:
أنقذ فلاحو مصر القدس الشريف ومدينتهم دمياط، عندما أغرقوا الفرنسيين وحصروهم وسط طين أرض مصر وهزموا الحملة الصليبية بعد أن كاد الملوك الأيوبيين لمصر والشام أن يتنازلوا عنها للصليبيين في مقابل انسحابهم من دمياط ، ولكن الفلاحين بادروا بفتح مياه النيل علي منطقة الفرنسيين فحاصروهم وأوقعوا بهم خسائر كبيرة اضطرتهم علي الانسحاب المذل من دمياط بدون قيد أو شرط ولا أراضي يأخذونا بالشام ولا قدس يستولون عليها .
وهذا كان انتصارا الفلاحين المصريين أدى إلى إنقاذ الملوك الأيوبيين من سيوف للصليبيين إن هم تمكنوا من دخول المنصورة و القاهرة وسيطروا علي الشام. بالتالي حولوا مصر والشام إلي أراضي فرنسية إلي الأبد .
بمعني أن هذا الكتاب كان سيصدر باللغة الفرنسية و ان السيوف الأيوبية والمملوكية المسلطة فوق رقاب المصريين ستصبح سيوفا فرنسية هذه المرة.
ليبقي الدم المصري يجري مع مياه النيل ليروي أرض مصر الحبيبة .
فيذهب هرقل الأيوبي والتركي ليبقي علي صدر مصر الإمبراطور الملك فردريك الألماني أو الملك الفرنسي لويس التاسع. ولكانت مصر عضوا في الإتحاد الأوروبي و حلف الناتو.
ولكن تدبير الفلاحين وعشقهم للنيل الذى يتابعون أدق نبضاته طول العام مع ضربات أيديهم القوية بالفؤوس لأراضيهم وفوق رؤوس الفرنجة. اجبر جيوش الغزو على الإنسحاب وترك 20 ملكا كرهائن في أيدي المصريين كضمان لتنفيذ الاتفاق.
عن كتاب السلوك للمقريزي ــ الجزء الأول:
(ص 327 ج 1) 618هـ: فيما اشتدت قوة الفرنج بكثرة من قدم اليهم في النهر فتابع الملك الكامل الرسل وطلب النجدات هذا والرسل تتردد من عند الفرنج في طلب الصلح بشروط منها أخذ القدس وعسقلان وطبرية، وجبله واللاذقية ، وسائر ما فتحه السلطان صلاح الدين من بلاد الساحل، فأجابهم الملوك إلي ذلك ما خلا الكرك واشوبك، فأبي الفرنج وقالوا :لابد أن تعطونا خمسمائة ألف دينار ، لنعمر بها ما خربتم من أسوار القدس، مع أخذ ماذكر من البلاد، وأخذ الكرك والشوبك أيضا، فأضطر المسلمون إلي قتالهم ومصابرتهم، وعبروا النيل وكان الوقت في قوة الزيادة فإنه كان أول ليلة من شهر توت” القبطي”، والفرنج لا معرفة لهم بحالة أرض مصر، ولا بأمر النيل (فهذأ شغل الفلاحين ليس شغل الفرنحة أو السلاطين)، فلم يشعر الفرنج الا والماء قد غرق أكثر الأرض التي هم عليها .
وصار حائلا بينهم وبين دمياط، وأصبحوا ليس لهم جهة يسلكونها سوي جهة واحدة ضيقة، فأمر السلطان في الحال بنصب الجسور عند بحر أشموم طناح فتهيأ الفراغ منها، وعبرت العساكر الإسلامية عليها، وملكت الطريق التي تسلكها الفرنج إلي دمياط ، فانحصروا من سائر الجبهات، وقدر الله سبحانه بوصول مَرْقَة عظيمة في البحر للفرنج، وحولها عدة حراقات تحميها، وسائر مشحونة بالميرة والسلاح، وسائر ما يحتاج إليه، فأوقع بها شواني الاسلام، وكانت بينهما حرب، أنزل الله فيها نصره علي المسلمين فظفروا بها وبما معها من الحراقات، ففت ذلك في أعضاد الفرنج وألقي في قلوبهم الرعب والزلة، بعد ما كانوا في غاية الإستظهار والعنت علي المسلمين، وعملوا أنهم مأخذون لا محالة، وعظمت نكاية المسلمين بهم . (328ص ج 1)
وعزم الفرنجة علي أن يحطموا ” الحصار” حطمة واحدة. فلم يجدوا إلي ذلك سبيلا، لكثرة الوحل والمياه التي قد ركبت الأرض من حولهم، فعجزوا عن الإقامة لقلة الأزواد عندهم.
ولاذوا إلي طلب الصلح، وبعثوا يسألون الملك الكامل وأخواته الأشرف والمعظم الأمان لأنفسهم، وأنهم يسلمون دمياط بغير عوض فاقتضي رأي الملك الكامل إجابتهم، واقتضي رأي إخوته مناهضتهم واجتثاث أصلهم البَتَّه، فخاف الملك الكامل إن فعل ذلك أمتنع من بقي منهم بدمياط أن يسلمها، ويحتاج الحال إلي منازلتها مدة، فإنها كانت ذات أسوار منيعة، وزاد الفرنج عندما استولوا عليها في تحصينها، ولا يؤمن في طول محاصرتها أن يفد ملوك الفرنج نجدة لمن فيها، وطلبا لثأر من قتل من أكابرهم، هذا وقد ضجرت عساكر المسلمين، وملت من طول الحرب، فإنها مقيمة في محاربة الفرنج ثلاث سنين وأشهرا ومازال الكامل قائما في تأمين الفرنج إلي أوقفه بقية الملوك علي أن يبعث الفرنج برهائن من ملوكهم لا من أمرائهم إلي أن يسلموا دمياط ، فطلب الفرنج أن يكون أبن الملك الكامل عندهم رهينة، إلي أن تعود اليهم رهائنهم ، فتقرر الأمر علي ذلك، وحلف كل من ملوك المسلمين والفرنج، في سابع عشر شهر رجب، وبعث الفرنج بعشرين ملكا من ملوكهم رهنا، منهم يوحنا صاحب عكا ونائب البابا وبعث الملك الكامل اليهم بإبنه الملك الصالح نجم الدين أيوب وله من العمر يومئذ خمس عشرة سنة، ومعه جماعة من خواصه، وعندما قدم الملك الفرنج جلس لهم الملك الكامل مجلسا عظيما، ووقف الملوك من إخوته وأهل بيته بين يديه بظاهر البرامون، في يوم ذلك الناموس، وقدمت قسوس الفرنج ورهبانهم إلي دمياط ليسلموها إلي المسلمين، فتسلمها المسلمون في يوم الأربعاء التاسع عشر من شهر رجب.
فلما تسلمها المسلمون قدم في ذلك اليوم من الفرنج نجدة عظيمة، يقال إنها ألف مركب، فعُدَّ تأخرهم إلي ما بعد تسليمها من الفرنج صنعا جميلا من الله سبحانه، وشاهد المسلمون عندما تسلموا دمياط من تحصين الفرنج لها ما لايمكن أخذها بقوة البَتَّة .
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )