التاريخ لايفيد (3)
(صفحات من كتاب مصطفى حامد “التاريخ لايفيد” – قيد الإعداد)
ثورة العرب في مصر
مشانق للعرب من بلبيس إلى القاهرة
“في عام 617 هــ”
سنة ستمائة وواحد وخمسين للهجرةً [ص(479). كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي] وفيها تقرر الصلح بين الملك المعز أيبك وبين الملك الناصر صاحب دمشق .
وفيها ثارت العربان ببلاد الصعيد وأرض بحري، وقطعوا الطريق براً وبحراً، فإمتنع التجار وغيرهم من السفر .
فقام الشريف حصن الدين ثعلب بن الأمير الكبير نجم الدين علي بن الأمير الشريف فخر الدين إسماعيل بن حصن الدولة مجد العرب ثعلب بن يعقوب أبن مسلم ابن ابي جميل الجمدي .
وقال : نحن أصحاب البلاد .
ومنع الأجناد من تناول الخراج، وصرح هم وأصحابه (بأنا أحق بالملك من المماليك وقد كفي ان خدمنا بني أيوب وهم خوارج خرجوا علي البلاد) وانفوا من خدمة الترك (المماليك الشركس) وقالوا أنما هم عبيد للخوارج (الأيوبيين) وكتبوا إلي الملك الناصر صاحب دمشق تصالح كما ذكرنا مع حاكم القاهرة ايبك.
وأجتمع العرب وهم يومئذ في كثرة من المال والخيل والرجال، إلي الأمير حصن الدين ثعلب، وهو بناحية دهروط صربان (في اسيوط) وأتوه من أقصي الصعيد، وأطراف بلاد البحيرة والجيزة والفيوم، وحلفوا له كلهم. فبلغ عدد الفرسان أثني عشر الف فارس وتجاوزت عدة الرَجَالة الأحصاء لكثرتهم. فجهز اليهم الملك “المعز أيْبَك” الأمير فارس الدين أقطاي الجمدار (أمير المماليك البحرية)، والأمير فارس الدين أقطاي المستعرب، في خمسة آلاف فارس فساروا إلي ناحية ذروة (قرية في المنوفية أو الدقهلية).
وبرز اليهم الأمير حصن الدين ثعلب، فإقتتل الفريقان من بكرة النهار إلي الظهيرة .
فقدر الله أن الأمير حصن الدين تقنطر (سقط) عن فرسه ، فأحاط به أصحابه وأتت الأتراك (المماليك) إليه، فقتل حوله من العرب والعبيد أربعمائة رجل ، حتي أركبوه (فرسه) فوجد العرب قد تفرقوا عنه، فولى منهزما وركب الترك (المماليك) أدبارهم، يقتلون ويأسرون حتي حال بينهم الليل فحووا من الأسلاب والنسوان والأولاد والخيول والجمال والمواشي ما عجزوا عن ضبطه، وعادوا إلي المخيم فى بلببيس.
ثم عادوا إلي عرب الغربية والمنوفية من قبيلتي سنبس (وكان مقرها مدينة سخا في الغربية) ولواته (في المنوفية) وقد تجمعوا بناحية سخا ودمنهور، فأوقعوا بهم وسبوا حريمهم وقتلوا الرجال، وتبدد شمل العرب فى مصر وخمدت جمرتهم من حينئذ .
ولحق الشريف حصن الدين بمن بقي من أصحابه، وبعث يطلب من الملك المعز(ايبك) الأمان، فأمنه ووعده بأقطاعات له ولأصحابه ليصيروا من جملة العسكر وعونا له علي أعدائه .
فانخدع الشريف حصن الدين، وظن أن الأتراك (المماليك) لا تستغني عنه في محاربة الملك الناصر(ملك دمشق)، وقَدَم في أصحابة وهو مطمئن إلي بلبيس فلما قرب من الدهليز نزل عن فرسه ليحضر مجلس السلطان “ايبك”، فقبض عليه وعلي سائر من حضر معه، وكانت عدتهم نحو ألفي فارس وستمائة راجل.
أمر الملك المعز (ايبك) فنصبت الأخشاب من بلبيس إلي القاهرة وشنق الجميع وبعث بالشريف حصن إلي ثغر الأسكندرية فحبس بها وسلم لواليها الأمير شمس الدين محمد بن باخل وامر المعز بزيادة القطعية (الجزية أو الضريبة السنوية) علي العرب وبزيادة .
سنة أثنين وخمسين وستمائة ( 652 هـ)
فيها أستحفل أمر الفارس أقطاي الجمدار (من قادة الحرب على العرب) وإنحازت اليه البحرية وكانت أصحابه تأخذ أموال الناس ونسائهم وأولادهم بأيديهم، فلا يقدر أحد علي منعهم وكانوا يدخلون الحمامات ويأخذون النساء غصبا، وكثر ضررهم .
في صفحات قادمة من كتاب” التاريخ لايفيد” نتابع جذور اضطهاد العرب والمصريين في مصر.
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )