مطلوب من حماس التنسيق الإستراتيجي
وليس توريط الشركاء بطلب من قطر و إسرائيل
أخشي أن تكون بطولات المقاومين في غزة وصبر وصمود شعبها أن تأخذنا تلك المعجزات بعيداً عن إدراك خطورة الوضع العام في القطاع الذي يشبه سفينة كبيرة تحمل أثنين ونصف مليون إنسان في عرض البحر الهائج وهي تحت هجوم القراصنة من كل اتجاه .
وقد أصابتها الثقوب وبدأ الماء يتسرب بداخلها (تلك الثقوب في غزة هي الجوع والمرض والأوبئة والقصف الجوي ومحاولات الاجتياح البري ) السفينة التي في عرض البحر قد تغرق بفعل الثقوب وتسرب الماء، يقاتل جنودها علي السطح بكل بسالة وجرأة، والركاب فيها متماسكون بقوة .
فإذا قلت للقبطان أن السفينة تغرق يقول نحن صامدون ورجالنا أبطال .. متغافلا عن الخطر الأكبر وهو تسرب الماء إلي السفينة وهو أخطر من هجوم القراصنة عليها .
– إن ما يهدد غزة هو المجاعة والمرض والأوبئة. فقد عجز قراصنة الجيش الإسرائيلي والأمريكي عن اجتياح غزة بقوة السلاح والطائرات والصواريخ، براً وبحراً وجواً، وهم الآن يراهنون علي (الجنرال وقت) حتي يدمر غزة بالجوع والمرض.
كما كان الروس قديماً يراهنون علي (الجنرال ثلج) لمقاومة الغزوات الأوروبية علي بلادهم. فيستدرجون الجيوش الأوروبية الغازية إلي عمق الريف المحترق المغطى بالثلوج وهكذا هلك جيش نابليون ثم جيش هتلر.
إنا لتلويح بفك الحصار عن غزة يستخدمه العدو مثل جزرة لإغراء المجاهدين، ليكسب منهم الوقت إلي أن يفعل الجوع والمرض تأثيرهما .
ويتمسك المقاومون بأنهم لن يخرجوا الأسري إلي أن تتوقفت الحرب ويُرفع الحصار عن غزة وهو أمر لن يحدث .
والسبب في ذلك هو أن إسرائيل لا تريد أسراها لأنهم يشكلون خطرا سياسياً إذا عادوا. كما أن إسرائيل لا تعاني أي مشكلة من الحرب سواء في الاقتصاد أو التسليح .
لقد ارتفعت الأسعار داخل إسرائيل وهرب بعض المستثمرين ولكن البنوك اليهودية تحمي إسرائيل وفي يدها ثروات العالم والي جانبهم مجموعة بنوك (روتشيلد) الصهيونية تمسك بخناق جزيرة العرب بثرواتها وحكامها، وتجذب الهند إلي معارك اليهود في فلسطين والشرق الأوسط .
تكتفي القيادة السياسية المتهافتة لحركة حماس أن توجه مناشدات إلي الجهات الدولية والعربية والإسلامية كي يرسلوا معونات إلى غزة وهي تعلم أن لا أحد سيتحرك مهما كان. وأن الحل يكمن فقط في سلاح المقاومة علي شرط واحد هو أن ينتزعوا القرار السياسي من يد قطر ويضعونة في يد المقاتلين في غزة ليفعلوا ما تمليه عليهم بصيرتهم السياسية وقدرتهم العسكرية، تلك الإمكانيات العسكرية المتبقية إذا لم تستخدم في فك الحصار عن غزة فإننا مهددون بخسارة تلك المعركة بما يعنيه ذلك من كارثة كبري لم يصب المسلمون بمثلها منذ ظهور الإسلام.
– إن القرار القطري الذي هو انعكاس للقرار الإسرائيلي والأمريكي هو الذي منع صواريخ المقاومة من ضرب مفاعل (ديمونا) ومنعهم أيضا من استهداف ميناء (إيلات) استهدافا جدياً، والابتعاد عن ميناء حيفا. تاركين تلك المهام الخطرة ليقوم بها حلفاء حماس في محور المقاومة وهم غالباً من الشيعة فتتاح الفرصة لأمريكا والناتو لتوجيه ضربات حاسمة إلي تلك الأطراف عقاباً لهم علي ضرب أهداف إسرائيلية حساسة .
لقد طالت عدد محدود جداً من صواريخ غزة (ميناء إيلات) و(ميناء حيفا) الأكثر أهمية في البلاد. ولولا صواريخ اليمن التي أغلقت البحر الأحمر وميناء إيلات وصواريخ الحشد الشعبي في العراق التي طالت ميناء حيفا، وإن بشكل محدود جداً حتي الآن .
رغم أن حل حصار غزة في الظروف الراهنة موجود في نقطتين يمكن استهدافهما من غزة :
1 : مفاعل ديمونا .
2: ميناء حيفا ، الذي بإغلاقة تقع إسرائيل في حصار يشبه حصار غزة وهذا الإغلاق ممكن بإمكانيات حزب الله والحشد الشعبي واليمن أو حتي طرف واحد منهم .
ولكن القيادة السياسة لحماس ممنوعة من تطوير عملها مع تلك الجبهة بأوامر من قطر أي من إسرائيل .
لأن إسرائيل تريد توريط تلك الجبهات في أعمال تستوجب عقوبة أمريكية بريطانية بل وعقوبات ملزمة من مجلس الأمن الدولي .
أي تكرار تجربة قصف اليمن مع لبنان وإيران فتتمكن أمريكا من تحطيم القدرات الإيرانية العلمية والعسكرية والإقتصادية فوق الأراضى الإيرانية.
وتتمكن أيضا من طرد حزب الله خارج لبنان. وقبل ذلك كله وضع القائدة العسكريين في غزة داخل أقفاص المحاكمة في تل أبيب ليتَشَفَّي منهم المتطرفون الصهاينة .
أن محور المقاومة لن يغامر بأن توقعة قطر في فخ إتخاذ قرارات عسكرية كبيرة لا تشاركه فيها حماس خاصة الجناح العسكري في غزة. فلا يستنكر ما تقوم به جبهة المقاومة فيتهمها بأنها جبهة شيعىة لا تخدم مصالح فلسطين، كما فعل ذلك البيان الغامض من كتائب القسام مع بدايات عملية طوفان الأقصى الذي صدر يدين إيران ويهاجم الفريق سليماني كأنه عدو لفلسطين.
المطلوب من قادة حماس ليس توجيه الشكر لمحور المقاومة فالمسألة ليست مسألة شكر فنحن لسنا في حفل شاي، بل في حرب تستدعي التنسيق الفعلي الجاد، العسكري والسياسي ، وليس تبادل التحيا والمجاملات الباردة التي لا تقدم ولا تؤخر .
المطلوب هو سياسة توحيد العمل الإستراتيجي بين الشركاء في حرب ضد إسرائيل. وليس سياسة التوريط التي تتبعها حماس بضغط من قطر ومحورها الإسرائيلي الأمريكي .
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )