التاريخ لايفيد (1) .. وا إسلاماه !.. يا الله أنصر عبدك قطز على التتار

0

التاريخ لايفيد (1)

(صفحات من كتاب مصطفى حامد “التاريخ لايفيد” – قيد الإعداد)

 

(وا إسلاماه !)

يا الله أنصر عبدك قطز على التتار

 

” الجمعة 25 رمضان 675 هـ”

وتقدم الملك المظفر قطز لسائر الولاة بإزعاج الأجناد في الخروج للسفر ، ومن وجد منهم قد إختفي يضرب بالمقارع.

وسار حتي نزل بالصالحية وتكامل عنده العسكر ، فطلب الأمراء وتكلم معهم في الرحيل فأبوا كلهم عليه وامتنعوا من الرحيل .

فقال لهم: (يا أمراء المسلمين ! لكم زمان تأكلون أموال بيت المال، وأنتم للغزاة كارهون وأنا متوجه، فمن أختار الجهاد يصحبني ومن لم يختر ذلك يرجع إلي بيته. فإن الله مطلع عليه ، وخطيئة حريم المسلمين في قارب المتأخرين) .

وذكَّرَهم بما وقع بأهل الأقاليم من القتل والسبي والحريق ، وخوفهم وقوع مثل ذلك ، وحثهم علي استنقاذ الشام من التتر ونصرة الإسلام والمسلمين ، وحذرهم عقوبة الله .

فضجوا بالبكاء ، وتحالفوا علي الاجتهاد في قتال التتر ودفعهم عن البلا. فتكلم الأمراء الذين تخيرهم وحَلَّفَهم في موافقته على المسير ، فلم يسمع البقية إلا الموافقة وانفض الجمع .

فلما كان ركب السلطان ، وقال: (انا ألقي التتار بنفسي)

فلما رأي الأمراء مسير السلطان ساروا علي كُرْة ، وأمر الملك قطز الأمير “ركن الدين بيبرس البندقداري” أن يتقدم في المعسكر ليعرف أخبار التتار، فسار بيبرس إلي غزة وبها جموع التتار ، فرحلوا عند نزوله ، ومَلَكَ غزة، ثم نزل السلطان بالعساكر إلي غزة وأقام بها يوما، ثم رحل من طريق الساحل علي مدينة عكا. وبها يومئذ الفرِنج ، فخرجوا إليه بتقادم ، وأرادوا أن يسيروا معه نجدة ، فشكرهم وأخلع عليهم ، واستحلفهم أن يكونوا لا لَهُ ولا عليه ، وأقسم لهم أنه متي تبعه منهم فارس أو راجل يريد أذي عسكر المسلمين رجع وقاتلهم قبل أن يلقي التتار .

فأمر السلطان حينئذ أن يسير الأمير ركن الدين بيبرس البند قداري بقطعة من العسكر ، فسار حتي لقي طليعة التتر.

فكتب إلي السلطان بعلمه بذلك وأخذ في مناوشتهم ، فتارة يقدم وتارة يحجم ، إلي أن وافاه السلطان على (عين جالوت ).

وكان كتبغا وبيدار نائبا هولاكو ، لما بلغهما مسير العساكر المصرية جمعا من تفرق من التتر في بلاد الشام ، وسارا يريدان محاربة المسلمين ، فالتقت طليعة عسكر المسلمين بطليعة التتر وكسرتها.

فلما كان يوم الجمعة خامس عشرين شهر رمضان : التقي الجمعان ، وفي قلوب المسلمين وَهْمٌ عظيم من التتر ، وذلك بعد طلوع الشمس. وقد امتلأ الوادي وكثر صياح أهل القري من الفلاحين ، وتتابع ضرب السلطان والأمراء فحيز التتر إلي الجبل فعندما اصطدم العسكران اضطرب جناح عسكر السلطان وانتفض طرف منه .

فألقي الملك المظفر عند ذلك خوذته علي رأسه إلي الأرض وصرخ بأعلى صوته: (وإسلاماه !) وحمل بنفسه وبمن معه حملة صادقة ، فأيده الله بنصره وقتل كتبغا مقدم التتر ، وقتل بعده الملك السعيد حسن بن العزيز ـ وكان مع التتر .

وانهزم باقيهم ومنح الله ظهورهم المسلمين يقتلون ويأسرون وأبلي الأمير بيبرس أيضا بلاء حسناً بين يدي السلطان.

مما اتفق في هذه الواقعة ، أن الصبي الذي أبقاه السلطان من رسل التتر وأضافه الي مماليكه ، كان راكبا وراءه حال اللقاء . فلما التحم القتال فوَّق سهمه نحو السلطان ، فبَصُر به بعض من كان حوله فأمسك به وقتل مكانه، وقيل بل رمي الصبي السلطان بسهمه فلم يخطئ فرسه وصرعه إلي الأرض، وصار السلطان علي قدميه ، فنزل اليه “فخر الدين ماما” وأركبه فرسه حتي حضرت الجنائب فركب فخر الدين منها .

ومرَّ العسكر في أثر التتر إلي قرب بيسان ، فرجع التتر وصافوا مصافا ثانيا أعظم من الأول ، فهزمهم الله وقتل أكابرهم وعدد منهم . وكان قد تزلزل المسلمون زلزلا شديداً فصرخ السلطان صرخة عظيمة :(ياالله أنصر عبدك قطز على التتار).

فلما انكسر التتار الكسرة الثانية ، نزل السلطان عن فرسه ومرغ وجهه علي الأرض وقبَّلها ، وصلي ركعتين شكراً لله تعالي ثم ركب ، فأقبل العسكر وقد امتلأت أيديهم بالغنائم

فَوَرَد الخبر بانهزام التتر إلي دمشق ليلة الأحد سابع عشرية ، وحملت رأس كتبغا مقدم التتار إلي القاهرة ، ففر “الزين الحافظي” ونواب التتار من دمشق، وتبعهم أصحابهم فامتدت أيدي أهل الضياع إليهم ونهبوهم  فكانت مدة استلاء التتر علي دمشق سبعة وعشر أيام .

(عن كتاب السلوك في سيرالملوك ــ للمقريزي)

 

بقلم  :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )

www.mafa.world

 

ذات يوم (31) .. وا إسلاماه !.. يا الله أنصر عبدك قطز على التتار


Slide إسلام صهيوني جديد Slide Slide Slide

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا