ذات يوم (30) .. عندما يموت المجاهدون عشقا
ذات يوم (30)
عندما يموت المجاهدون عشقا
أنهينا القصة السابقة بتلك العبارة .
أن الارتباط العاطفي والمحبة بين المجاهد وسلاحة هو حقيقة واقعية ذات تأثير عملي يعرفه المجاهدون. في الحقيقة فإن الحياة العاطفية لشباب المجاهدين غنية وثرية للغاية كما هي حياتهم ومماتهم . حب المجاهد لسلاحه الذي يرافقه في يومه وليله قاعداً أو جالساً، هو حقيقة واقعة في حياة معظم المجاهدين .
وأحيانا ينعكس بشكل ملفت للغاية إما علي شكل عناية ملفتة بالسلاح ،أو بإتقان استخدامة الي درجة غير عادية حتي في الأسلحة المعقدة صعبة الإستخدام، أو في محاولة تطوير السلاح كما فعل البعض بدرجات صغيرة أو كبيرة .آخرون ابتكروا طرقا في استخدام السلاح بما لم يخطر على بال من اخترعوه.
السيد يتبنى مدفع هاون
أول من رأيته يهيم بعشق سلاحة كان (السيد أحمد) وهو سيد حقيقى من الأشراف، رأيته في جبال (ستي كاندو) في مركز للمجاهدين بالقرب من مدينة جرديز في صيف عام 79.
كان شغوفاً بمدفع الهاون 82 الذي كان يعمل عليه أثناء خدمته في صفوف الجيش، قبل أن ينضم إلي أقرب مجموعة مجاهدين حوله والغريب أنه أصطحب معه مدفعه الحبيب إلي قلبه، وساعده في ذلك بعض أصدقائه المقربين وحملوا معهم عدد من القذائف.
كانت المنطقة كثيرة الأمطار عندما وصل السيد أحمد إلي المركز فكان أول ما فعله هو أن حفر مغارة صغيرة ليحفظ فيها مدفعه والذخيرة بعيداً عن مياه المطر. ليس هذا فقط بل غطى مدفعة بالبطانية الخاصة به مفضلا أن ينام هو في العراء ليكون مدفعه الفولاذي في أمان من الليل.
في الصباح عندما يستيقظ كان أول ما يفعله هو تنظيف سلاحه من أي رذاذ للمطر. ثم يلفه بالبطانية ويعيده إلي مكانه وكأنه أم تضع أبنها الوليد في المهد، يفعل ذلك برقة وعناية شديدة .
كانت دقتة في التصويب أيضا غير عادية فكان قبل أن يخرج يسأل قائد العملية عن الأهداف المطلوب أصابتها ويحرص على ألا يكون بينها خيام الجنود لأنه كما يقول عنهم (مساكين ومغلوبين علي أمرهم)، وكان لا يخطئ أي هدف مهما كان صغيراً .
في أحد الأيام المشرقة والهادئة استشهد السيد أحمد بواسطة قذيفة مدفع ميدان أطلقها العدو لسبب مجهول ولم تصب شيء سوي أنها قتلت السيد أحمد فقط .
ومن بعدها تحول مدفع الهاون إلي منظر كئيب للغاية وكأنه طفل يتيم فقد والده ، وبعد الرغد والدلال يتعرض للإهمال.
والمغارة التي كان فيها أصبحت مثل المقبرة المهجورة. وفَقَد البطانية التي كان يدثره بها والده السيد أحمد. واستولي عليها أحد المتطوعين الجدد الذين التحقوا بالمجموعة .
الهاون سلاح شخصي
ثاني الرجال الذين رأيتهم يعشقون مدفع الهاون كان الكومندان (خان والي) وهو من أقارب مولوي جلال الدين حقاني .
ونتيجة عشقه الشديد لسلاحه أتقن استخدامه بدقة عالية. حتي أن مولوي جلال الدين حدثني عنه بأعجاب قائلا (إن خان والي يستطيع أن يصيب الهدف بدقة أكثر مما يستطيع أي مجاهد إصابه الهدف ببندقيتة الخاصة).
في أيام العملية الكبرى لفتح خوست قابلت خان والي بعد فترة غياب طويلة، وكان يستخدم هاون ثقيل هذه المرة عيار 120 مليمتر وليس الهاون عيار85 مليمتر الذي كان يستخدمه في بداية الجهاد.
خان والي كان يعمل في موقعه وهو يدرب الشباب الصغار علي استخدام الهاون. وكان عمله تطور ويستخدم الخنادق بشكل جيد لستر المدفع والذخائر عن الطائرات التى تبحث عنه. وكالعادة كان يحقق نتائج مبهرة ضد مواقع العدو. غادر خان والي ذلك المكان وجاءت مجموعتنا لتشغله بأسلحة أخري وأهداف جديدة .
يحي عظيم الخطر
كان من بيننا ذلك الشاب المصري (يحي) وقد وصفته في أحد المرات بأنه شاب صغير الحجم عظيم الخطر. كان يتقن إستخدام عدة أسلحة منها الهاون والمدفع عديم الإرتداد المضاد للدبابات .
وكان يعشق أسلحتة كأي مجاهد محترف. وكان لا يطيق الإبتعاد عن تلك الأسلحة ولا عن أرض المعركة حتي لو كان وحيدا فيها .
وأحيانا كان يدبر الموقع بمفرده مستخدماً عدة أسلحة من نفس الموقع وقد أستفدنا من موهبته تلك، عندما وقعنا في مأزق وخشينا أن يقتحم العدو موقعنا نتيجة قلة عددنا وضعف رمايتنا وقلة عدد المجاهدين في المنطقة إذ انسحب معظمهم فجأة .
ولكن يحي قام بالواجب واستخدم عدة أسلحة من أماكن متفرقة موهماً العدو أننا أكثر عددا مما يظن فتراجع العدو عن فكرة الهجوم علينا.
فُتِحَت خوست ثم دخل المجاهدون إلي كابول وتوقفت الحرب وإختفي يحي نهائيا. وظللت أبحث عنه وأسأل عنه بلا جدوي. وفي الأخير اكتفيت بمتابعة الأخبار عسي أن أسمع عن أحداث في مكان ما يقوم بها مدفع هاون مجهول لعل أن يكون يحي هناك .
وقد ظننت مؤخراً أنه قد يكون في غزة، الا أن يكون قد أستشهد في مكان آخر. وكلما رأيت أفلام تسجيلية لمجاهدي غزة في رماياتهم بالهاون وأري رماية دقيقة كنت أقول إنه صديقي يحي فهل أخذ مدفعه القديم إلى غزة؟
أحبها حتى مات فيها
لم يعشق شباب المجاهدين أسلحتهم فقط، بل عشقوا الأماكن التي قاتلوا فيها، أو فقدوا فيها شهداء أعزاء .
أبو الحارث الأردني قائد أشهر مجموعات العرب في خوست، بعد أن شاركت مجموعته في فتح جبل (تورغار) الإستراتيجي. كان يعشق ذلك الجبل بشكل جنوني . حتي أنه كلما رأه عن بعد كان يصيح بصوته الجوهري (حياك الله ياتورغار ياحبيبي) .
كنت أتعجب من ذلك لأنني لم أكن أحب ذلك الجبل منذ أول أيام عملنا في خوست. لقد كان كابوساً علي المجاهدين ويطولنا أذاه فجأة في أي مكان. كان قادة العدو فوق ذلك الجبل يتميزون بالكفاءة، بعكس قادة جميع المواقع الأخري. كانوا عدوانيون ويتفنون في إيذاء المجاهدين ليس فقط عند الدفاع عن الجبل بل والنزول منه، وبث الألغام في المدقات التي يستخدمها المجاهدون. ميزتهم الأكبر كانت انعدام الأخلاق وفى ذلك وثائق عسكرية رسمية.
كانوا كتلة من الأذى، ولكنني كنت معجبا بروحهم القتالية علي الرغم أنني كنت أكره ذلك الجبل وكل ما يمت له بصلة .
بعد أن استولي المجاهدون علي تورغار استولوا أيضا علي الجبل الملتصق به وكأنه توأمه الملتصق و إسمه (ورا تورغار). وفيه كانت تختزن الإمدادات وقوات الاحتياط والحراسات الخلفية. وقد حفر فيه العدو عدد من المغارات للوقاية من رمايات المجاهدين.
مولوي جلال الدين حقاني قائد الجبهة كلف جماعة أبو الحارث بالدفاع عن ذلك الجبل التوأم. فشغلوا المغارات وكانوا يعشقون ذلك الجبل كثيراً وكذلك توأمه (ورا تورغار) .
صداقة الأفاعي:
أحدد أصدقائى ذهب لزيارة صديقا له من العرب فوق ذلك الجبل. فشاهده مستلقياً علي ظهره يقرأ كتاباً داخل أحد مغارات في يوم حار.
وفجأة خرجت أفعي ضخمة من أحد ثقوب في جانب المغارة ذاهبة إلي ثقب مقابل في الجانب الآخر .
وعبرت في طريقها فوق صاحبنا المستغرق في قراءة الكتاب، وكان طولها حوالي ثلاثة أمتار ولونها مرقط ووزنها ثقيل ، أي أن صاحبنا الممدد لابد أنه يشعر بذلك القطار الذي يعبر من فوقه ولكنه لم يعر الأمر أي اهتمام .
الأفعي لم تعره هي الأخري أي اهتمام ومرت إلي الثقب المقابل وكأنها سيدة جادة عائدة من السوق لتجهز الطعام للأطفال ولا تبالي بشئ من حولها .
فهم صديقي أن الأخ المجاهد المستغرق في القراءة وتلك الأفعي الضخمة كلاهما قد اعتادا علي وجود الآخر ، ولا يشعر بأي ضيق أو حرج منه فاستدار راجعاً أدراجه. ولم يلق التحية علي صديقة المستلقي في المغارة. وقد كان أحد المشهورين بعشق (جبل تورغار) ويبدو أنه من المتيمين بالجبل بكل ما تحتويه من أفاعي .
الاسكنراني من صداقة الدلافين إلى صداقة الذئاب
صديقي عبد الرحمن المصري وهو أقرب الشخصيات وأحبها إلي نفسي في تلك المرحلة من الزمان.
كان هو الآخر عاشقا لجبل تورغار وكلما رآه ونحن نسير في منطقة (باري). كان يلتفت إليه قائلا بإعجاب وبصوت عال بطريقته الإسكندرانية : (ياتورغار ، يامعلم). فأقول له مستنكرا ماذا يعجبك فى هذا الجبل الكئيب أنه مثل الكابوس أشعر دائما أنه لا يجلس علي الأرض بل يجلس فوق صدري. فيبتسم قائلا : أعرف أننا سنستولي عليه يوماً ما ثم سنأخذ مدينة خوست نفسها .
كنت في ذلك الوقت أري أن تلك أمنية بعيدة المنال دونها المستحيلات السبع وأنواع لا تحصي من المهالك .
وقد استشهد عبد الحمن نفسه في أحد محاولاته للوصول إلي قمة جبل (تورغار) عبر حقل ألغام. والقصة رويتها في أحد الكتب عن تلك المرحلة، فكانت منطقة باري هي آخر منطقة غادرها عبد الرحمن محمولا فوق أعناق المجاهدين وهو شهيد .
باري كانت أحب الأماكن إلينا أنا وعبد الرحمن، وقضينا معظم وقتنا هناك فكنا نقضيه سويا منفردين نجول في الجبال نستطلع مواقع العدو لنضع الخطط لإيذائهم .
وكنا كثيرا ما ننجح في ذلك فتسبب نشاطنا هذا أن تعرضت المنطقة للكثير من ضربات الطيران وتعرضت مواقع المجاهدين للخسائر بسببنا حتي صار بعضهم يتجنبنا ولا يستبشر بوجودنا في المنطقة .
كنا نشعر بأننا ذئبين منفردين في تلك المساحات الواسعة من الجبال والأشجار. وكثيراً ما عبرنا عن مشاعرنا تلك، لأنه كان يضايقنا أن نكون منفردين بهذا الشكل. وكنا نتمني أن يكون معنا عدد كبير من العرب لنقوم ببرامج طموحة وأكثر قوة .
كنا نحلم بامتلاك مجموعة من الدبابات والمدافع وقوة من الكوماندوز واعتقدنا أن ذلك كاف لنستولي علي جبل تورغار وبالتالي مدينة خوست إذا تعاونت معنا مجموعة صديقنا البدوى منان.
لم يتحقق لنا شيء من ذلك، وتحققت فقط شهادة عبدالرحمن فأبتعدت لفترة عن المغامرات العسكرية، مكتفياً بالمتابعة الميدانية الدقيقة لكل ما يحدث في شتي المجالات. فكانت مرحلة لا تخلو من الإيجابيات فيما أعتقد .
عبد الرحمن الشاب الإسكندراني (إبن البلد) كان في صباه يعمل صيفا مع الصيادين. فكان يساعدهم في نشر وتجميع شباك الصيد في عرض البحر. وأحيانا من تخليص الدلافين إذا وقعت في تلك الشباك .
فكانت الدلافين تراه صغيراً وقد أحرقت الشمس جلده فظنوه واحدا منهم فأخذوا يتقاذفونه مع بعضهم كأنه كرة .
وفي الأخير يقذفونه إلي خارج الشبكة صوب القارب الذي جاء منه فيتضاحك الصيادون علي ما يشاهدونه من ألعاب مائية بين ذلك الصبي الأسمر الشقي والدلافين اللعوبة الرشيقة .
كنا نستأجر سيارة من مدينة ميرانشاة الحدودية لتأخذنا إلي منطقة باري في خوست. كنت أري عبد الرحمن عند ما ينزل من السيارة وقد ترقرقت عيناه بالدموع ويقول لي: (كم أحب هذا المكان) . وكنت أشعر بنفس الشعور حتي ظننت أن كلانا سوف نستشهد في نفس المنطقة .
ولكن ذلك الشعور تحقق بالنسبة له فقط. وفي ذلك الوقت من عام 1985 كتب غزلا بالعامية المصرية في منطقة باري، جاء فيه:
القلب يعشق جمالها – أم العيون باري
المولى أبدع مثالها – سبحانه مِنْ باري
هوا وخُضْرَة وميَّه – سلسبيل جاري
رجالها زاينه جبالها – في العز تتبارى
والندل يخشي جبالها – في الذل يتدارى
ياخوست نصرك قريب – والفجر تورغاري
ملاحظة:
1- ميَّه: مياه ــــ يتدارى: يتوارى
2- تورغاري : نسبة إلي جبل تورغار فى إشارة إلي أن فتح خوست متوقف علي فتح تورغار وهي حقيقة كان يعلمها العدو والصديق.
6 مجاهدين وسابعهم ذئب
وكما وقع عبدالرحمن في حب الدلافين في مدينة اللإسكندرية تكونت بينه وبين أحد ذئاب المنطقة صداقة، لم أكتشف أمرها الا متأخرا لقد كان في تلك المنطقة ذئب قوي نشهد أثاره ولم نره .
وكنا ننام ليلا فوق هضبة مكسوة بالأعشاب الطويلة فكان يقترب منا في هدوء. و أظنه كان ينام بالقرب منا بين الأعشاب.
كنت في الحراسة وشعرت به عدة مرات وكنت أضع البندقية في وضع الإستعداد للإطلاق السريع.
ولكنه لم يفكر في مهاجمتنا قط ويحضر عدة حراسات للشباب الذين يتناوبون، ويوصي بعضهم بعضا أن الذئب قريب بين الأعشاب .
ولم نطلق عليه النار وهو أيضا لم يهاجمنا أو يزعجنا بشئ، وكان تصرف كواحد من المجموعة ،غير أنه خجول ولايختلط بنا. كنا إثنين من العرب وأربعة من الأفغان أما سابعنا فكان الذئب صديق المجموعة الخجول.
و كان يهبط إلي الوادي عند الفجر حيث يوجد هيكل عظمي لجمل ضخم ميت ويأخذ في تحطيمه بأسنانه فيصدر فرقعة عالية تظهر مدي جبروته. وعند الضحى كنا نتوجه إلي المغارة الأساسية.
ولفت عبد الرحمن نظري في أحد المرات أن الذئب كان يتتبعه وأن أثاره واضحة فوق آثار أقدام عبد الرحمن .
ولكنه لم يظهر أي نوايا عدوانيه سوي في فصل آخر من قصته . عندما حاول افتراس حمارنا الذي كان هو سلاح النقليات لدينا وكان حمارا غبيا اكثر من أي حمار آخر. ولم نستفد منه بشئ سوي أنه كان يأكل طول النهار وهو بجوار المغارة الأساسية في المركز الكبير. وعند الليل يسير عدة خطوات في اتجاه التلال ليواصل الأكل طوال الليل. كان لا يتوقف عن الأكل أبدا.
فهم الحمار أن الظهر هو وقت إعداد الطعام في المركز. وطباخ المركز كان شيخا طاعناً في السن يسمي الحاج يوسف. يبدأ في تحضير الغداء الذي هو عادة بطاطس وأرز وطماطم وخبز. فيدخل الحمار إلي المطبخ ويبدأ في التهام المواد الخام. وعندما يضبطه الحاج يوسف متلبسا يخرج من المطبخ مولولا صارخا (ياعبد الرحمن إن حمارك مثلك (بد ماتشى) ــ يعنى بلطجي ــ تعال أسحبه من هنا فقد أكل طعام المعسكر.
فيذهب اليه عبد الرحمن صائحا بحماره: ( شي.. ديب يأكلك ) متمنيا أن يأكله الذئب. ثم ينهال عليه ضربا بالعصى بينما الحمار ينهق باكيا ، ويرفس بقدميه عاليا بغضب وسرعة. وكأنه كان يقوم واجبه عندما ضبطوه يسرق طعام المجاهدين من المطبخ.
وكأن الذئب كان يراقب ويسمع ويفهم ما يقوله عبد الرحمن وفهم كل ما يجرى، وأن الحمار الغبى يسرق ويحاول إيذاء الصديق عبد الرحمن.
فجاء في نفس الليلة والحمار يأكل العشب سعيدا فهجم عليه منتزعا قطعة من اللحم فيما بين البطن المنتفخ بالعشب والفخذ .
لم يشعر أحد بما حدث والحمار نفسه لم يستنجد بأحد. ولكن في الصباح اكتشف الحاج يوسف أن الحمار ينزف وقطعة من جلده مدلاة. ففهم ما حدث وذهب إلي عبد الرحمن مسرعاً في المغارة وصاح به: (إن حمارك “الباد ماتشى” أكله الذئب).
فجري مسرعا صوب الحمار فوجده ينزف بشدة. وبصفته مسئولا عنه ذهب إلي مراكز المجاهدين واستعار منهم سيارة بيك اب وضع فيها الحمار وأخذه إلي مدينة ميرانشاة الحدودية حيث عالجة في أحد مراكز علاج الحيوانات. وعاد بعد يومين وهو غاضب من الحمار الذي أضاع منه يومين من مدة حياة الجبهة .
ظل عبد الرحمن الذي لا يكف عن المزاح صامتاً لمدة يومين آخرين. كان الحمار بخير لكن الذئب اختفي تماماً من المنطقة وكأنه شعر بالذنب وهول ما فعله بحمار صديقة عبد الرحمن .
فكانت دلافين الإسكندرية أول أصدقاء بحرية لعبدالرحمن في صباه وكان ذلك الذئب في منطقة باري آخر أصدقائه. وظل يسأل عنه مجاهدى المنطقة. متتبعا أثره. وشعر جميع أفراد المجموعة أنهم فقدوا صديقا نبيلا وشهما وخجولا رغم شدة بأسه.
منطقة باري نفسها كانت آخر ما مر به عبدالرحمن من أرض أفغانستان حتي يدفن في ميرانشاه وهو علي أكتاف أصدقائه المجاهدين.
كم هي غريبة قصص العشق الذي عاشه المجاهدون في أفغانستان.
( مضت تلك السنون وأهالها – وكأنها وكأنهم أحلام )
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )