بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
نقلا عن مجلة الجار الشرقي (همسايه شرقی) | العدد 5 | ديسمبر 2023م .
شرارات حرب غزة تتطاير إلي أفغانستان
– مليون ونصف مليون أفغاني طردتهم باكستان عقاباً للإمارة الإسلامية علي موقفها المؤيد للمسلمين في غزة.
– إنها بشكل ما قصة فلسطين تتكرر مرة أخري في شبه القارة الهندية .على يد حكومة باكسان التي تحتفظ بقواعد عسكرية واستخبارية للأمريكان وإسرائيل في المناطق القبلية التي تطرد منها المهاجرين الأفغان .
– أصبحت تلك القواعد مراكز السلطة الحقيقية التي تملي السياسات إلي جانب أنها تنظم حرب غير معلنة ضد الإمارة الإسلامية و ضد دول فى آسيا الوسطي والصين وإيران.
– الأعمال العسكرية داخل باكستان ليست أعمالا إرهابية بل أرهاصات لحرب تحرير أفغانية جديدة لتوحيد الأراضي والشعب الأفغاني.
– إذا شعر الأفغان بأنهم في جهاد لتحرير أراضي بلادهم فلن يوقفهم شيء حتي يحرروها، فهكذا علمنا التاريخ .
بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
تعود إلي أفغانستان مئات الأسر الأفغانية من المهاجرين الذين طردتهم باكستان بشكل تعسفي وعنيف ومتعجل بدون أعطائهم فرصة كافية للمغادرة واعتقلت الحكومة الباكستانية الآلاف ودمرت بيوتهم في عموم الأراضي الباكستانية .
حتي أنهم اعتقلوا أطفالا أفغان من مدارسهم وقدموهم إلي المحكمة بدون ضمانات حقوقية وبدون حضور أولياء الأمور .
ثم حكموا عليهم بالسجن لمدة شهر في سجن الأحداث (بعد إعترافهم بما نسب اليهم من جرائم) حسب قول المحكمة .
أما دُوْر الأحداث في باكستان فحدث ولا حرج عن ما يحدث فيها من تجاوزات أخلاقية وقانونية .
باكستان إلي جانب تدمير البيوت ومصادرة الممتلكات توخت إحداث أشد الضرر بالمهاجرين الأفغان. بأن أبعدتهم إلي بلادهم مع دخول فصل الشتاء ،حيث لا يمتلكون نقودا أو أماكن للإيواء أو طعاما كافياً. وتعمدت السلطات الباكستانية الإضرار بالتجار الأفغان فعطلت شحنات التصدير والإستيراد إلي أن تلفت البضائع خاصة الخضروات والفاكهة ، وصادرت شاحنات التجار وبضائعهم في الميناء. خسائر المهاجرين والتجار وصلت إلي أربعة مليارات دولار حسب تقديرات أفغانية .
لم تكتف السلطات الباكستانية بكل تلك المظالم بل أن جنودها أطلقوا النار عبر سياج الحدود في منطقة (سبين بولدك) الحدودية علي المهاجرين العائدين فأصابوا بعضهم .
واعتبر سراج الدين حقاني، القائم بأعمال وزير الداخلية في حكومة طالبان، طرد المهاجرين وطالبي اللجوء من باكستان علامة على ضعف أخلاق الحكومة الباكستانية، وقال: ” أتمنى ألا يظهروا هذا المستوى من ضعف الأخلاق”.
وبحسب إعلان وزارة الداخلية في حكومة طالبان، توجه سراج الدين حقاني، إلى مناطق تورخم الحدودية للقاء المهاجرين واللاجئين المُرَحَّلين من باكستان.
أن هدف باكستان من خلق أزمة بطرد المهاجرين الأفغان الذين قضي بعضهم فيها حوالي ثلاث عقود متواصلة حتي صارت وطنا لهم .
– الهدف الأول كان: عقاب حكومة الإمارة الإسلامية علي موقفها الداعم لفلسطين والمناصر لشعب غزة الذي يتعرض لحرب إبادة إسرائيلية .
– الهدف الثاني: هو عرقلة النشاط الاقتصادي الذي يندفع بقوة في أفغانستان عبر مشاريع إقتصادية عملاقة خاصة مع الصين وجمهورية إيران الإسلامية .
– الهدف الثالث: منع اتجاه أفغانستان إلي تصحيح علاقاتها مع دول الجوار وأن تعود إلي خدمة الإستراتيجية الأمريكية تحت رعاية باكستان وأشرافها.
وإرغام الإمارة الإسلامية علي لعب دور الورقة الإسلامية ضد الصين وإيران لتقويض الأنظمة الحاكمة هناك كما فعلوا أثناء حرب السوفييت في ثمانينات القرن الماضي .
حيث تمكن الأفغان من هزيمة الجيش الأحمر السوفيتي وتقويض الإتحاد السوفيتي وتمكين أمريكا من حكم العالم بنظامها الدولي وحيد القطب.
ولكن الإمارة الإسلامية أصرت على أن تكون لها سياستها الخاصة النابعة من تعاليم الإسلام ومصالح شعبها التي أنهكتة أربعة عقود من الحروب الضارية المتواصلة ضد أقوي جيوش العالم .
مما أدي إلي دمار أفغانستان واقتصادها وبنيتها التحتية وإرهاق القبائل ولستنزافها وهي عماد الدولة الأفغانية في السلم والحرب .
– الهدف الرابع: إرغام الإمارة الإسلامية على الإعتراف بخط ديورند كخط دائم بين البلدين وعدم إعادة الأراضي التي اغتصبتها الحكومة البريطانية حسب عقد قانوني مدتة مائة عام وقد أنتهي ذلك العقد عام 1993 . ولكن باكستان لا تنوي إعادة أي شيء لهذا تطرد الأفغان رغم أنهم أصحاب الأراضي الحقيقيون .
إنها بشكل ما قصة فلسطين تتكرر مرة أخري في شبه القارة الهندية علي يد حكومة باكسان التي تحتفظ بقواعد عسكرية وإستخبارية للأمريكان في المناطق القبلية التي تطرد منها المهاجرين الأفغان وأصبحت تلك القواعد هي مراكز السلطة الحقيقية وهي التي تملي السياسات إلي جانب أنها تنظم حرب غير معلنة ضد الإمارة الإسلامية و دول فى آسيا الوسطي والصين وإيران باستخدام عصابات الدواعش علي الأرض والطائرات بدون طيار المتطورة ذات القدرات الإستراتيجية العالية .
ولأجل تأكيد إصرارها علي جعل “خط ديورند المؤقت” خط دائم. باكستان أثناء عدوانها علي المهاجرين الأفغان وطردهم فرضت تأشيرات رسمية لعبور الحدود لتأكيد أن (ديورند) هو خط فاصل بين دولتين .
متجاهلين أن القبائل علي الجانبين هم قبائل واحدة أفغانية والأراضي أراضي أفغانية أغتصبها الاحتلال البريطاني أثناء حروبه علي أفغانستان . وقد قام السكان علي جانبي الحدود بتظاهرات قابلتها السلطات الباكستانية بالقمع .
واستنكرت وزارة الخارجية الأفغانية فرض تأشيرات السفر عل جانبي خط (ديورند) الذي وصفته بأنه خط افتراضي بما يعني أن صراعا قد بدأ وموضوعه هو الطبيعة القانونية لذلك الخط الحدودي. فالمهاجرين الأفغان يعلمون أنهم يطردون من أراضي إغتصبتها باكستان من بلادهم وأنهم انتزعوا من بين قبائلهم علي الجانب الباكستاني وهذا يعني أن المنطقة قد تدخل الي منحني جديد وحاسم بأن تتحول عملية طرد مليون ونصف المليون أفغاني بتلك القسوة وفرض الحصول على تأشيرات عبور إلي بداية أعتبار أن ما يحدث هو شرارة اشتعال حرب تحرير فى تلك المناطق الأفغانية.
وإذا شعر الأفغان بأنهم في جهاد لتحرير أراضي بلادهم فلن يوقفهم شيء حتي يحرروها، فهكذا علمنا التاريخ. ولن تجرؤ أي حكومة أفغانية علي إيقافهم و إلا اعتبروها هي الأخرى معادية ومتواطئة مع المحتلين .
كما فعلوا مع الحكومة الشيوعية قبل الحرب السوفيتية ثم مع حكومة كرزاي التي عينها الاحتلال الأمريكي وقد اعتبروها جزءً من كيان العدو المحتل .
ولا يمكن أن تقف الإمارة الإسلامية من شعبها هذا الموقف المعارض لحق التحرير المشروع ، كما لا يمكن أن تتبني ذلك الموقف بشكل علني خشية التبعات الأقليمية والدولية .
وقد بدأت منذ فترة إرهاصات لحرب التحرير ادعت حكومة باكستان أنها أعمال إرهابية تقوم بها حركة طالبان باكستان التي هي نسخة عن حركة طالبان أفغانستان وأن كانت أقل منها إنضباطا وحكمة .
ولكن جزءً كبيرأ من دوافع حركة طالبان باكستان من حمل السلاح كان دفاعا لحماية قبائلهم من عدوان الجيش الباكستاني والتضييق علي القبائل والقتل العشوائي ومحاربة أرزاق الناس وقتل الضيوف الذين هاجروا من أفغانستان وعاشوا مع تلك القبائل من عرب وأوزبك وأيغور .
كان انتصار حركة طالبان علي الاحتلال الأمريكي وعودة الإمارة الإسلامية إلي الحكم مرة أخري. إنتصارا لقبائل الجانب الآخر من خط (ديورند) علي إعتبار أن بلادهم الأصلية ” أفغانستان” قد تحررت وأن حكومة الإمارة هي حكومتهم الشرعية التي تحكم بالإسلام.
حرب تحرير أفغانية جديدة
لأجل هذا نشط شباب القبائل في مقاومة الاحتلال الباكستاني وأدعت باكستان أن تلك الأعمال إرهابية تدعمها حكومة طالبان وبدأت حكومة باكستان تروِّج علي النطاق العالمي بأن حكومة أفغانستان تأوي إرهابيين وتشجع الإرهاب علي باكستان .
وقال رئيس الوزراء الباكستاني المؤقت (أنور الحق) : أن الهجمات في باكستان زادت بنسبة 60% بعد قيام الإمارة الإسلامية .
أنه لم يلاحظ أنها بوادر حرب تحرير تشنها القبائل لإستكمال وحدة أفغانستان و وحدة القبائل علي جانبي خط (ديورند) الذي رسمه الاحتلال البريطاني لتقسيم القبائل وخلق الفتن في المنطقة .
خط (ديورند) جدار فصل عنصري علي غرار الجدار العازل الذي بنتة إسرائيل لضم الأراضي الفلسطينية وتحويلها إلي مستعمرات يهودية وقد وصف العالم الجدار الإسرائيلي بأنه جدار فصل عنصري يضر السكان ويعقِّد واجباتهم الاجتماعية والإقتصادية ويسلب منهم الرزق خاصة المياه والأراضي الزراعية .
شئ قريب جداً من ذلك يحدث مع خط (ديورند) خاصة بعد فرض تأشيرات عبور علي السكان علي جانبي (سياج العزل) الاستيطاني الفاصل .
لقد أشار بيان وزارة الخارجية الأفغانية: أن كلا الجانبين علي طرفي السياج الفاصل تربطهما روابط دينية وعرقية وتاريخية لافتاً إلي أن فرض التأشيرة يعرقل حياتهم ويسبب لهم مشاكل عديدة .
وقال وزير الخارجية الأفغاني أن الحكومة الأفغانية تعهدت بعدم استخدام أراضيها ضد أي دولة ولازلنا علي تعهداتنا ، مضيفا أن ما يحدث داخل باكستان من حوادث أمنية لا تتعلق بنا وأنما هو شأن داخلي لباكستان وعلي الجيش الباكستاني و المخابرات أن تصد الهجمات موضحا أن الأفغان خلال 40 سنة من تواجدهم في باكستان لم يتورطوا في حوادث أمنية .
وأفاد الوزير أن خط ديورند قضية كبيرة هامة تحتاج إلي إستطلاع رأي الشعب الأفغاني برمته بشأنها ولا يمكن لأي حكومة أن تتخذ موقفاً حيال هذه القضية من جانبها دون الرجوع إلي الشعب .
وأشار السيد متقي إلي أن هذه القضية مرت عليها أكثر من مائة عام والحكومة الباكستانية تمارس الآن الضغوط في هذا الإطار لكننا نؤكد أن الحكومات لا تستطيع اتخاذ موقف في هذا الشأن دون إشراك الشعوب .
وربما أن (السيد متقي) يقصد أن الشعوب هي التي تقرر مصيرها وأن مصير خط (ديورند) تقرره القبائل علي جانبي الحدود بالطريقة التقليدية القبلية أي اجتماع القبائل في اجتماع موسع (لويا جركا) لإتخاذ قرار لتحديد مصير خط (ديورند) هل يبقي أم يزال .
مع إزالة القواعد الأمريكية والإسرائيلية من الأراضي الأفغانية المحتلة التي تسيطر عليها باكستان . ودفع تعويضات للمتضررين من القبائل من عدوان القوات الباكستانية والأمريكية خلال الحرب علي أفغانستان وما بعدها .
جدد وكيل وزارة الخارجية الأفغانية السيد عباس ستانكزي تأكيد الحكومة الأفغانية علي عدم استخدام الأراضي الأفغانية ضد الآخرين كما لفت إلي أن الأفغان لم يتدخلوا في شؤون الآخرين عبر التايخ .
ارهاصات حرب التحرير
حدثت أخبار الرابع من نوفمبر عن هجوم مسلح علي قاعدة للقوات الجوية الباكستانية في إقليم البنجاب أدي إلي تدمير 30 طائرة ومروحية عسكرية وجاء الهجوم في وقت مبكر من صباح السبت من قِبَل حركة الجهاد الباكستانية .
وقال المتحدث باسم الحركة الملا محمد قاسم لوسائل الإعلام أنهم دمروا جراء الهجوم 30 طائرة للقوات الباكستانية ودمروا نظام الرادار الخاص بالقاعدة بشكل كامل .
و أضاف المتحدث باسم الحركة أن المسلحين أشعلوا النار أيضاً في مستودع النفط التابع للقاعدة . ولم يتطرق المتحدث إلي عدد القتلى وجرحي القوات الباكستانية . ولكن يبدو من مقاطع فيديو انتشرت للهجوم أن بعض الجنود قتلوا أيضا .
ووقع الهجوم في مدينة (ميانوالي) بإقليم البنجاب الباكستاني ومن جانبه قال الجيش الباكستاني أن القوات الجوية أحبطت الهجوم علي القاعدة وقتلت ثلاث مسلحين .
وكان هجوم آخر أدي إلي مقتل 14 جندياً باكستانياً في منطقة جوادر جنوب غرب البلاد .
وأعلن الجيش الباكستاني تدمير سيارتين عسكريتين في هجوم شنة مسلحان أثنان دون الكشف عن هويتهما . و تعتبر جوادر من المناطق المضطربة حيث شهدت حوادث أمنية تستهدف قوات الشرطة والجيش من حين لآخر .
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )