حكومة المقاومة في غزة
أول خطوات تحرير فلسطين
إن فلسطين ليست قضية جميع العرب فحسب بل أيضا جميع المسلمين.
وبعد عملية طوفان الأقصى إكتشفنا نحن والعالم أن قضية فلسطين هي قضية العالم أجمع لأسباب إنسانية ودينية واستراتيجية .
فلسطين هي قلب العالم العربي الديني والوطني والإنساني والعالم العربي هو قلب العالم أجمع فهو مهد الأديان ومخزن الثروات النفطية والمعدنية والموقع الاستراتيجي الرابط بين القارات .
حرب غزة أيقظت العالم العربي الذي كان مستغرقاً في موت سريرى فبدأت روح الثورة تسري فيه من تحت السطع وأحيانا من فوق السطع لأجل هذا فقدت إسرائيل والناتو وأمريكا صوابهم، ويحاولون إبادة غزة وإنهاء القضية الفلسطينية من جذورها. ولكن عنفهم إزداد إلي حد إدي إلي نتائج عكسية. والقوى التي تتبني المقاومة ضد إسرائيل وتحرير فلسطين والقدس جميعها الآن في قمة التوتر وعلي وشك تصعيد لم يسبق له مثيل مع إسرائيل والولايات المتحدة التي تحاول إسقاط الأنظمة التى تحتضن المقاومة وكسر هيبتها في الداخل والخارج عبر عمليات الإغتيال بالطائرات بدون طيار أو بالمجموعات الإرهابية.
وأظهروا قوتهم التكنولوجية والعسكرية وأخذوا يرهبون دول وشعوب المنطقة مهددين الجميع بما تلاقيه غزة من أهوال الحرب والدمار والتجويع والحصار وبلغ الاستفزاز نقطة تهدد بانفجار عسكري، وتوسيع نطاق الحرب بين محور المقاومة وإسرائيل علي عكس ما كانت ترغب فيه الولايات المتحدة ولكنها داست علي جميع الخطوط الحمراء ولم تعبأ بمقدسات أو كرامة الشعوب. ومثلا يجد حزب الله نفسه مضطر إلي توسيع المواجهة بعد إغتيال الشيخ صالح العاروري في الضاحية الجنوبية من بيروت بواسطة طائرة مسيرة .
والعراق يطالب بكل جدية بسحب القوات الأمريكية من أراضيه بعد أن إغتالت قائد من الحشد الشعبي بطائرة مسيرة في العاصمة بغداد .
أما إيران فإن حساب إسرائيل معها قد تراكم فتوجب أن يكون الدفع فوري و سريع وقد يتزامن أو يتحد مع رد حزب الله في برنامج واحد موسع يقترب من الحرب الشاملة أو قد يتطور إلي حرب شاملة .
في العراق لن ينتظر الشعب حتي تنتهي المفاوضات بين الحكومة والأمريكان وغالبا فإن المقاومة الشعبية ستبدأ بنفسها في ملاحقة الأمريكيين في العراق وربما في سوريا أيضا .
ومن الأولي أن يتولى مجاهدو غزة الرد علي اغتيال الشيخ العاروري القائد الروحي لكتائب القسام وقد كان هو المرشح القادر علي قيادة العمل الفلسطيني الموحد من أجل تحقيق المطالب العادلة لهذا الشعب المظلوم بتحرير أراضيه وعودة مهاجرية .
وكان العاروري موضع إجماع الفصائل الفلسطينية إضافة إلى أنه كان مجاهدا أصيلا مثابراً. لأجل هذا قررت إسرائيل التعجيل بقتله حتي يتولى رجالها العمل الفلسطيني فيما بعد انتهاء حرب غزة بحيث توضع فلسطين في مسار دائم يناسب الرؤية التلمودية .
أي دولة خالصة لليهود يطرد منها جميع الفلسطينيين ويتولي بعض العملاء حكم من يتبقي من سكان في غزة والضفة إلي أن يتم طردهم لاحقاً .
الرد علي إغتيال الشهيد العاروري يجب أن يتولاه كتائب القسام وسرايا القدس .
وذلك يستلزم أن تتولى القيادة العسكريه لمجاهدى غزة قيادة الأمور العسكرية والسياسية معاً. وهذا ما كان يجب أن يحدث قبل شهرين علي الأقل فالعمل العسكري في غزة تنقصه القيادة السياسية التي تقود وتقدم الرؤية السياسية والإستراتيجية للعمل العسكري طيقا للوضع الفلسطيني والمنطقة العربية، والعالم بشكل عام.
ولكن للأسف فأن القيادة السياسية العليا لحماس في قطر، ضائعة في وادي آخر ومسار خطير بات معروفاً.
لذا فالقيادة العسكرية في غزة عليها القيام بعدة مهام جسيمة :
– الأولي هي قيادة العمل العسكري. وهذا ما تقوم به حاليا بكل نجاح وتحقق فيه الانتصارات .
– المسار الثاني هو: رعاية شعب غزة والحفاظ عليه وعدم تحميله فوق طاقته لأنه إذا سقط الشعب بفعل الدمار والجوع والمرض فإن المقاومة سوف تسقط .
فمهما كانت شجاعة أي جيش في العالم حتي لو كان منتصرا أن يواصل الحرب وتحقيق أهدافه النهائية إذا ضعفت جبهته الداخلية وسقطت من الإعياء أو الاضطراب .
وفى قصة ألمانيا في الحرب العالمية الأولي دلاله بالغة علي ذلك فقد كان الجيش منتصراً ولكن الجبهة الداخلية تصدعت بفعل توقف المصانع وإضراب العمال عن إنتاج الأسلحة والذخائر .
فتوقف الجيش الألماني الذي كان سليما وقوياً واستسلم بشروط مهينة في معاهدة إذلال فرضها عليه الحلفاء بما سمي (معاهدة فرساي) فكانت هي نفسها شرارة الحرب العالمية الثانية علي يد هتلر .
– القيادة العسكرية في غزة وهي قيادة ذات كفاءه وشجاعة في ميدان القتال يلزمها استخدام نفس القدرات عند التعامل مع المسائل الإستراتيجية عندما يتولون أمرها فلا يرهبون شيئا ولا يترددون. فإن الفاصل بين الهزيمة والانتصار حاليا هو شعرة واحدة.
– مثلا ينبغي تكسير حالة الجمود السياسي الذي دخلت فيه قضية فلسطين بسبب مؤامرات الدوحة والضغوط الأمريكية علي العرب ومحور المقاومة.
إضافة إلي سياسة الإغتيالات التي أدت إلي إغتيال العاروري الذى كان الأمل لمستقبل فلسطيني عادل وكريم .
فالعمل السياسي الفلسطيني منذ ثلاثة أشهر منحصر فيما يأتي من الدوحة من مبادرات إسرائيلية للإفراج أسراها لدي حماس .
أما ما يقوله ساسة إسرائيل في تل أبيب فهو تصورات تلمودية لفلسطين الخالية من الفلسطينيون .
ولم يقدم الفلسطينيون أي مبادرة تتعلق بفلسطين سوي ترديد الشعارات القديمة التي تحتاج إلي تطوير يناسب ظروف ما بعد طوفان الأقصى .
أما فيما يتعلق بالأسري الذين جعلتهم إسرائيل الموضوع الأساسي بينها وبين حماس فقد اكتفت حماس برفض المقترحات الإسرائيلية وأصرت علي ربط عملية الأفراج بعملية الانسحاب الإسرائيلي وفك الحصار عن غزة .
استغرق ذلك شهرين من الزمان تم فيها الأفراج عن نصف عدد الأسري بدون أي منطق، بما يشكل خسارة إستراتيجية للمقاومة والشعب، ولكنها ضغوط قطر ومصالحها .
– بالنسبة للوضع الفلسطيني فإنه يجب التفكير بجدية في الإستفادة من القمة العسكرية التي وصلت اليها حركة حماس والتي يجب أن تنعكس علي قوتها السياسية لهذا فإن مجاهدي غزة يجب أن يستثمروا إنتصارهم العسكري لتحقيق تقدم سياسي مواز يستحقه شعب فلسطين.
بخطوات منها:
1 ـ الإعلان عن قيام “دولة فلسطين الحرة” في قطاع غزة بعاصمة مؤقتة هي مدينة غزة .
وان تتشكل حكومة مؤقتة في غزة إلي حين فك الحصار عن القطاع وطرد القوات الإسرائيلية المحاصرة له من الخارج .
علي أن تتشكل لاحقا حكومة تضم عدد من كبار الأسري المحررين ضمن حكومة وطنية متحدة على (ميثاق وأهداف محددة علي رأسها تحرير كامل فلسطين والمسجد الأقصى واعتبار فلسطين قضية جميع العرب وجميع المسلمين وأن الأمة الإسلامية هي العمق الطبيعي لشعب فلسطين والداعمة له ولمصالحه الوطنية فوق أراضيه وتأمين سلامته والتعاون معه في جميع المجالات الاقتصادية والعسكرية في إطار أتفاقية استراتيجية للدفاع الإسلامي الشامل). ( واعتبار ذلك هو المعيار الوحيد الذي يقيسون به الإنتماء الديني والعربي والإسلامي لجميع الأمة من أفراد وحكومات وجماعات سياسية أو دينية) .
2 ـ حكومة المجاهدين في غزة تعلن أن غزة دخلت في مرحلة المجاعة لأجل ذلك فإن المجاهدين سيتولون الإدارة السياسية والعسكرية من أجل الخروج من تلك الكارثة. هم في البداية ينذرون القوات الإسرائيلية أن ترحل من أرض غزة فوراً حيث أصبح القطاع دولة فلسطينية حرة ومستقلة ذات حكومة شكلها المجاهدون الذين يحتضنهم الشعب بشكل لم يشهد له التاريخ مثيلا وإجماع شعبي مطلق .
– وذلك هو الإنتخاب الحقيقي وليست صناديق التصويت التي يصر الغرب على تعميمها فى بلادنا حتي يأتي عبرها بالعملاء والإنتخابات المزورة والتمويل والدعم الدولي السياسي والدعائي .
3 ـ الإعلان رسميا من حكومة القطاع بأن إسرائيل قد حولت قطاع غزة منذ أكثر من 15 عاما إلي (جيتو) محاصر شبيه بتجمعات اليهود في أوروبا قبل إنشاء إسرائيل .
ثم حولت إسرائيل ذلك الجيتو إلي هولوكوست (محرقة بشرية) لإحراق شعب غزة وإبادته وذلك بادعاء القضاء علي حماس عقاباً لها علي عملية طوفان الأقصى. لقد إحترق حتي الآن من سكان غزة أكثر من 21 الف شهيد وسبعين ألف جريح يموتون موتا بطيئا ومؤكداً نتيجة عدم وجود أدوية أو رعاية صحية .
أي أن غزة علي أعتاب رقم المائة ألف شهيد حتي الآن لهذا تعلن الحكومة الجهادية في غزة أنها قررت كسر ذلك الحصار ووقف تلك المجزرة بشكل نهائي.
أما عن كيفية فك ذلك الحصار فهي :
1 ـ تأمر الحكومة الجهادية فريق الهندسة التابع لها بتفجير جميع أجزاء السور المحيط بالقطاع والتي يمكن الوصول إليها خاصة مع مصر.
بداية من البوابة الحديدية المغلقة علي غزة بشكل كئيب وكأنها بوابة معتقل. تلك البوابة يجب أن تزال فوراً. أما عن للنقطة الحدودية في رفح التي يشغلها المصريون عند مدخل تلك البوابة فقد ثبت أنها تدار بواسطة الموساد فهو الذي يسمح أو يمنع حركة الأفراد والشاحنات من خلالها.
فيجب إعتقال جميع العاملين فيها باعتبارهم عملاء للمخابرات الإسرائيلية وضمهم إلى الأسري الإسرائيليين في غزة والمفاوضة عليهم مع السلطات الإسرائيلية مستقبلا .
وبالنسبة لبعثات للأمم المتحدة في غزة مثل الأونروا فيجب إستبعادهم فورا خارج غزة حفاظا علي حياتهم بإعتبارهم لا ينفذون خلال عملهم سياسة دولية بل سياسة إسرائيلية ولم يعد القطاع في حاجة إلي خدماتهم.
2 ـ بعد تحطيم الأسوار بين القطاع ومصر تطلب الحكومة الجهادية من الأهالي الخروج تحت حراسة كتيبة من المقاومين من أجل الإستيلاء علي جميع شاحنات الغذاء الموجودة خارج القطاع. وأن يجمعوا المواد الطبية في مكان منفرد حتي يتم نقلها إلي الجهاز الطبي داخل القطاع .
3 ـ بعد تفريغ الشاحنات بشكل كامل من كل ما يمكن أن يستفيد منه شعب القطاع يتم الإستيلاء علي الشاحنات وتحميلها بالفئات الأشد ضعفا مثل كبار السن والمرضى والمصابون بإصابات خطيرة و تحميلهم بالشاحنات الموجودة ورفع الإعلام الفلسطينية عليها وإشارات الهلال الأحمر الفلسطيني والتوجه بها صوب مدينة العريش .
وتعلن حكومة القطاع نداء دوليا بأن مواطني غزة الذين يعانون من الجوع الشديد والإصابات الخطيرة قد توجهوا إلي العريش لتلقي الرعايه الإنسانية المناسبة وأن العالم مسئول عن رعايتهم وحمايتهم.
وأن باقي المتضررين في الحرب سوف ينتقلون بنفس الطريقة إلي العريش مع توجيه نداء إلى سكان العريش لإخلاء بيوتهم لصالح القادمين من غزة بشكل مؤقت إلي حين شفائهم .
حيث أن سكان العريش كلهم لديهم عائلات في الجانب المصري ويمكنهم اللجوء إليهم بكل حرية .
وتناشد حكومة المجاهدين في غزة الجيش المصري بتركيب مدينة خيام عسكرية لاستيعاب من يزيدون عن طاقة بيوت العريش .
4 ـ تقوم حكومة القطاع الجديدة بإذاعة بيان موجه إلي قبائل سيناء بإنها سوف تستعير منهم مؤقتا مدينة رفح المصرية لتكون مأوي مؤقت للمهاجرين من قطاع غزة إلي حين انتهاء فصل الشتاء .
وأن حكومة غزة سوف تدفع لهم التكاليف اللازمة فيما بعد ولن تتعامل في ذلك مع الحكومة المصرية بل مع أصحاب البيوت أنفسهم .
5 ـ حكومة المجاهدين في غزة توجه نداء إلي إيران وحزب الله ومجاهدي اليمن والعراق بأنهم في إطار التصعيد العسكري الوشيك بينهم وبين إسرائيل .
فأن الواجب يحتم عليهم مساعدة المشروع الفلسطيني في غزة والحكومة الجديدة هناك، بتوجيه جزء مناسب من المجهود العسكري لمحور المقاومة للضغط علي الجيش الإسرائيلي لإرغامه على سحب قواته من دولة فلسطين الحرة وعاصمتها مدينة غزة التي أعلنها شعب قطاع
– وتلك هى أول مبادرة عملية لتحرير فلسطين وإقامة دولتها الحرة باستخدام الوسيلة الشرعية الوحدة الكفيلة بفعل ذلك ،وهى بنادق ودماء المجاهدين وحاضنتهم الشعبية. وليس الشرعة المنافقة المسماه القانون الدولي والمؤسسات الدولية أو الدول العربية التي هي أساس نكبة شعب فلسطين في الحاضر والماضي..
إقامة دولة فلسطين الحرة وعاصمتها المؤقته مدينة غزة هي أبسط رسالة شكر وتقدير يمكن تقديمها لمئة ألف شهيد قدمهم شعب غزة / نيابة عن مليارى مسلم ونصف مليار عربي / ثمنا للأرض والحرية والمقدسات.
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )