وسقط المسجد الأقصى من حسابات (طوفان الأقصى)
وسقط المسجد الأقصى
من حسابات (طوفان الأقصى)
الدوافع الإنسانية والإقتصادية بديلاً عن الدين في قضايا فلسطين والأقصي
– وكأنهم يشكلون غرفة قيادة مشتركة ترعاها حكومة قطر وتقوم فيها بدور الوسيط وسمسار الصفقات لتمرير متطلبات إسرائيل وهي نفس متطلبات باقي أنظمة مجلس التعاون الخليجي ومعظم الأنظمة العربية .
فالجميع لا يريد فلسطين ولا أقصى ولا غزة ولا يقبلون بوجود حتي طفل واحد فلسطيني علي قيد الحياة ، فهو يحمل خطر مستقبلي يهدد أنظمتهم .
– من أخطر ما يجري الآن من تحركات حول القضية الفلسطينية هي أن تتحول إلي قضية إنسانية واقتصادية بعيدة عن أي محتوي ديني أو سياسي . و تلك رؤيه إسرائيلية طبقا لما أسموه (صفقة القرن) ولهذا يستبعدون تماما المسجد الأقصى كما يستبعدون أن فلسطين نفسها قضية إسلامية.
– ليس المقصود هنا أن نعيد ونزيد من ذكر إسم المسجد الأقصى، بل أن ترتبط جميع العمليات العسكرية والعمل السياسي والدعائي بتحقيق هدف تحرير وحماية الأقصى من التهويد أوالهدم.
– ملاحظة هامة للحركة الجهادية السنية المعتدلة : يجب ملاحظة أن قضية المقدسات الإسلامية أبعد من أن تكون قضية مذهبية يمكن أن يسيطر عليها السنة أو الشيعة .
– لفتت اليمن إنتباه المسلمين إلي حقيقة ان البحر الأحمر هو بحيرة إسلامية تمر بين أراضي المسلمين علي الجانبين.
– الأمن الإسلامي يستدعي العودة إلي نظام شبيه بذلك خاصة بعد تورط أوروبا في أعمال عدائية خطيرة ضد الدول الإسلامية وإرسال أساطيلها حتي قبل حرب غزة بسنوات طويلة من أجل حصار جزيرة العرب من البحر بداية من ميناء إيلات وصولا إلي ميناء البصرة في العراق.
فالسفن المعادية عند مرورها مقابل ميناء ينبع السعودي تكون علي مسافة حوالي 160 كيلومتر من المدينة المنورة .
أي أن المسجد النبوي يكون في مرمي مدفعيتها. وعند مرورها عند ميناء جدة السعودي تكون علي مسافة حوالي ثمانين كيلومتر عن مكة ،أي أن بيت الله الحرام يكون في مرمى مدفعية تلك السفن وذلك أمر غير مقبول عمليا ودينياً ويتنافى مع عزة المسلمين وكرامتهم.
– للنظام السوري فضيلة واحدة في القتال ضد إسرائيل وهي إبقاء خطوط الإمداد مفتوحة أمام حزب الله لتموينه بمستلزمات الحرب سواء كان مصدرها سوريا نفسها أو إيران.
بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
كثيرا ما نقع في خطأ الخلط بين العمل ونتيجة العمل نفسه. فأذا كان العمل كبيرا مثل الحرب مثلاً فإن نتائجه تكون كثيرة ومتشعبة ويكون احتمال الخطأ كبيرا.
و من المهم في هذه الحالة أن نحافظ علي الهدف الأصلي ولا نحيد عنه والا خسرنا كل شيء فلا تتحول أحد نتائج الحرب الفرعية إلي هدف أساسي من الحرب فتنحرف المسيرة .
ونخسر الغاية التي تحركنا من أجلها منذ البداية ونفشل في إنجازها لهذا فإن الحكم علي أي نتيجة أي حرب بالمكسب أو الخسارة هو بالحكم علي النتيجة ونقارنها بالهدف الذى كنا نسعي اليه وحددناه للحرب.
إذا كنا تحركنا لتحرير أرض لنا من الاستعمار فإذا فشلنا في تحرير تلك الأرض فنكون قد فشلنا في تلك الحرب ولم نحقق النصر ولا جدوي من القول بإننا إنتصرنا معنوياً أو نفسياً أو دعائياً ولا جدوي حتي من القول بإننا أوقعنا بالعدو خسائر كبيرة .
فالغاية هي التحرير فإذا لم يتحقق فقد فشلنا في الحرب . لهذا فمن القواعد الأساسية في الحروب المحافظة علي الهدف الإستراتيجي من الحرب وحتي الحفاظ علي الهدف الإستراتيجي للحملات العسكرية الكبيرة أثناء تلك الحرب .
فإذا تحركنا للاستيلاء علي جبل استراتيجي مثلا ،فلا معني للقول أننا استولينا علي عدد من القري أثناء تحركنا نحو الجبل أو أننا دمرنا للعدو عدد من المعدات وقتلنا عدد من الجنود لأن الهدف من الأساس كان الاستيلاء علي الجبل وليس تحقيق خسائر في العدو أو تحرير أشياء آخري مثل القري والمزارع مثلاً . كل ذلك لا يجعلنا نقول أننا حققنا الهدف من العملية مالم نحقق الهدف الذي أعلناه منذ البداية .
وكثيرا ما يتحول المسلمون من الهدف الرئيسي إلي أهداف اخرى لمدة طويلة بإنجرارهم إلي أهداف فرعية أخري قابلتهم أثناء الحرب حتي لو بدت تلك الأهداف مهمة وكبيرة .
وعلي سبيل المثال حدث في أفغانستان أن وقع المجاهدون في أزمة كبيرة في الطعام والأموال في أحدي المواقع فحضرت كمية من الإمدادات والأطعمة والأموال إلي المنطقة وكان السؤال بين المجاهدين هو: من الأولي بتلك الإمدادات هل هم المجاهدون أم السكان الذين عادوا من بلاد الهجرة ويعانون أيضا من شح الطعام وفي حاجة شديدة إلي الأموال. وكان القرار لصالح المجاهدين حتي يستمر القتال الذي بدونه سوف يعود العدو للسيطرة علي البلاد مرة أخري ويطرد السكان أو يقتلهم ويستولي علي كل شيء . وبالفعل توجهت قوة الإمدادات إلي المجاهدين والجبهات وتحقق النصر وتحررت المنطقة .
في الأحداث الحالية في فلسطين نشب القتال في السابع من ديسمبر وشن المجاهدون عملياتهم العظيمة تحت عنوان طوفان الأقصى وجاء ذلك الإعلان علي لسان المجاهدين أنفسهم رداً علي محاولات اليهود للاستيلاء علي المسجد الأقصى وهدمه وبناء هيكلهم بدلاً عنه .
وبالفعل توقفت محاولات الهدم مع بدايات طوفان الاقصي ثم إستمرت بعد ذلك بأيام قليلة علي نفس وتيرتها السابقة ولم يعلن اليهود تخليهم عن برنامج هدم الأقصى بينما نحن أوقفنا نحن الحديث عن المسجد الأقصى وتحولنا للحديث عن غزة وظروفها الصعبة وحرب الإبادة التي يشنها اليهود علي سكانها.
لكن غزة لم تكن هي الموضوع الأساسي للحرب ولا الدفاع عنها ولكن الهدف كان حماية المسجد الأقصى من الهدم وكان ينبغي علينا عند التفكير في مشكلة غزة أن نفكر فيها بدون الابتعاد عن قضية المسجد الأقصى كقضية دينية لها أهمية عظمي لا يمكن التنازل عنها لأنها جزء من أحكام الدين الذي نؤمن به . فالأقصي هو القبلة الأولي للمسلمين وثالث المساجد المقدسة بعد مسجِدَي مكة والمدينة .
ولأجل المسجد الأقصى خاض شعب غزة المسلم حوالي أربع حروب مع إسرائيل جميعها كان لأجل الدفاع عن المسجد الأقصى الذي يتعرض للعدوان اليهودي . وخلال تلك الحروب ظهرت مشكلة الدفاع عن غزة والأهالي المدنيين فيها .
فقد توجهت إسرائيل بقوتها العسكرية لعقابهم وتدمير بيوتهم وقتلهم بلا حساب عقاباً لهم علي تصديهم لإسرائيل ومحاولاتهم وقف عدوانها علي المسجد الأقصى .
المجاهدون ظلوا ثابتين علي الهدف الأساسي وهو حماية المسجد الأقصى ولولا أنهم نذروا أنفسهم وحياتهم وأهاليهم لهذا الجهاد المبارك لتمت إزالة المسجد الأقصى منذ سنوات.
وأعطوا مجهوداً ضخما لتعزيز قدراتهم العسكرية دفاعاً عن غزة وشعبها ولكنهم لم يحولوا ذلك إلي هدفا أساسياً لحربهم مع إسرائيل .
لقد ظل هدفهم الأساسي هو الدفاع عن المسجد الأقصى وبهذا بدأت عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي ولكن إسرائيل وبدعم من القوة الصليبية من الولايات المتحدة و أوروبا تحركوا في حملة صليبية من أجل تهديم المسجد الأقصى .
ولم تكن حرب الإبادة علي غزة سوي الوسيلة لذلك لأجل هذا حشدوا كل قواهم العسكرية والمالية والسياسية خلف إسرائيل في حربها مع مجاهدي غزة .
وكل ذلك الحشد الخرافي يتخطي كثيرا متطالبات الحرب ضد مجاهدي غزة بعددهم المحدود وتسليحهم غير المتطور وحالة الحصار و الضنك المعيشي الذي يعاني منه السكان والذين هم بعد قوة الإيمان كانوا الداعم الرئيسي للمجاهدين في الصمود وتحقيق الانتصارات والبطولات .
كانت إبادة شعب غزة وتدمير القطاع خطوة لابد منها للحملة الصليبية الجديدة التي قادتها الولايات المتحدة وتصدرتها إسرائيل بحكم الأمر الواقع .
ولكن باستمرار مسيرة الحرب خاصة بعد بدء عملية تبادل الأسري بين حركة حماس وإسرائيل بوساطة أمريكية قطرية مصرية .
تعمدت أمريكا سياسيا عرض قضية الأسري على أنها القضية الأولي بإعتبار أن الأسري فيهم نساء وأطفال وأنهم محتجزون من منظمة إرهابية هي حركة حماس .
وليسوا أسري حرب بين حماس وإسرائيل وقد انساق الجانب الفلسطيني خاصة قيادة الجناح السياسي من حركة حماس وراء تلك الرواية الأمريكية الجديدة .
وركزوا اهتمامهم السياسي على قضية إنسانية حاولوا الاستفادة منها لرسم صورة مقبولة عالميا لدي الغرب لتنظيم حماس . ولم يوظفوا قضية الأسري لصالح الحرب نفسها أو لحماية المسجد الأقصى وقد كان ذلك ممكنا .
ولكنهم أهتموا باللقطات الدعائية للملثمين الذين حملوا اليهوديات العجائز لسيارات الإسعاف لترحيلهم إلي إسرائيل ليعودوا مرة أخري إلي المستوطنات التي أسرن فيها أي عادوا مرة أخري إلي آلة الحرب اليهودية علي غزة وفلسطين. تلك اللقطات أفادت كثيرا المجهود الدعائي لحركة حماس والهبت مشاعر الأوروبيين المرفهين، خاصة وهم يرون تلك اليهودية الحسناء التي تحمل كلبها المدلل تحت حماية مسلحين ملثمين .
وقارنوا ذلك مع لقطات آخري تصور الدمار الهائل الذي أوقعته آلة الحرب اليهودية بسكان غزة من الأطفال والنساء وتدمير المستشفيات والبيوت .
وفازت حماس في حرب الصور بينها وبين إسرائيل وكسبت مشاعر الجمهور الأوروبي الذي يعاني من الفراغ الروحي والأخلاقي وتزايد أعداد المتظاهرين في المدن الأوروبية والأمريكية .
ولكن تلك المظاهرات علي أعدادها الضخمة التي تقدر بالملايين لم تؤدي إلي إدخال علبة حليب واحدة لطفل في غزة أو عقار مخدر لمن تبتر أعضائهم في المستشفيات بدون تخدير ويشمل ذلك النساء والأطفال .
أوروبا التي أرسلت المليارات من الأموال وعشرات من سفن الأساطيل ومئات أطنان من القنابل والذخائر لإسرائيل لتضرب بها شعب وأطفال غزة .
عجزت شعوب الغرب المتحضرة والديمقراطية التي تظاهرت لصالح فلسطين وإنسانية حماس عن إدخال ولو كيس طحين واحد إلي غزة .
ولا يمكن مقارنة ذلك بما فعلته تلك الشعوب نفسها مع شعب أوكرانيا عندما هاجر اليهم عند بداية الحرب مع روسيا، أو ذلك الضجيج الذي أصدره في كل مرة التي يحتج فيها المسلمون علي تدنيس مقدساتهم وأهانة نبيهم التي أعتبرها الأوروبيون حرية رأي ينبغي احترامها .
تماما كما أن حكوماتهم تعتبر حرب الإبادة علي غزة هي حق دفاع شرعي لإسرائيل عن النفس رغم أن إسرائيل هي الدولة المحتلة لفلسطينيين وليست غزة هي الدولة المحتلة لإسرائيل .
أن عملية صفقة تبادل الأسري كانت أشبه بعملية تبادل للذهب في مقابل عملة ورقية مزيفة . فجميع الأسري الذين أفرجت عنهم إسرائيل تستطيع تجميعهم وأعادة اعتقالهم مرة أخري في نفس اليوم . بينما الإسرائيليون والإسرائيليات عادوا إلي مستعمراتهم مرة آخري ليكونوا جزء من (جيش الدفاع ) .
هذا بإستثناء عدد قليل من النساء الطاعنات في السن. بينما لا تستطيع حماس ربما لعدة عقود قادمة إعادة إعتقال أي واحد منهم .
ولم يستفد الأقصى بشئ من تبادل الأسري ولم يستفد منها أيضا شعب غزة ولا مجاهديها بغير كميات ضئيلة من الطعام الفاسد والأدوية التي لا ضرورة لها.
من أخطر ما يجري الآن من تحركات حول القضية الفلسطنية هي أن تتحول إلي قضية إنسانية وإقتصادية بعيدة عن أي محتوي ديني أو سياسي .
وتلك رؤيه إسرائيلية طبقا لما أسموه (صفقة القرن) ولهذا يستبعدون تماما المسجد الأقصى كما يستبعدون أن فلسطين نفسها قضية إسلامية. وليست حتى قضية قومية تخص جميع العرب ، بل هى قضية الفلسطينيين فقط.
ملاحظة هامة للحركة الجهادية السنية المعتدلة
يجب ملاحظة أن قضية المقدسات الإسلامية أبعد من أن تكون قضية مذهبية يمكن أن يسيطر عليها السنة أو الشيعة وحدهم. فالجميع متفق على أن الدفاع عن أراضى المسلمين هو أهم فروض الأعيان على كل مسلم.
(وقاتِلُوا المُشْرِكِينَ كافَّةً كَما يُقاتِلُونَكم كافَّةً واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ مَعَ المُتَّقِينَ) 36 ـ التوبة.
ولكن إسرائيل تضغط وتعمل منذ عقود حتي قبل الحرب الحالية علي أنه صراع قومي بين القومية اليهودية والقومية العربية وقد تبرع أحد القوميين العرب بالقول أن “القومية العربية” لا تتعارض مع القومية اليهودية ولكنها تصطدم مع ”القومية الفارسية”.
وذلك ما تسعي إليه إسرائيل وتريده بالضبط ، كما أنها تسعي منذ عقود أن يتحول صراعها مع الفلسطنيين إلي صراع طائفي مع طائفة محددة من المسلمين هم (السنة المعتدلين) مع إستبعاد الشيعة الذين تصفهم دائماً بالتطرف والميل إلي إشعال الحروب بتحريض من إيران التي جعلوا منها (قطب محور الشر) في العالم كله خاصة العالمين العربي والإسلامي .
حتي المظاهرات في أوروبا ضد حرب غزة إتهموا إيران بأنها مولتها واتهموا كل من ينادي بتحرير فلسطين بأي منطلق ديني أو قومي أو وطني بأنه عميل لإيران وهي التي تموله وتسلحه .
فإسرائيل تريد تحويل طبيعة صراعها في فلسطين إلي صراع اقتصادي وإنساني ومشكلات حياتية تمس الفلسطنيين ويمكن حلها بالأموال والمشاريع .
وعلي أسوأ الظروف قد تقبل إسرائيل بأن يكون هذا الصراع بين القومية اليهودية والقومية العربية المعتدلة أو حتي بين إسرائيل وبين الإتجاه السني المعتدل الذي يقبل بالتعايش مع إسرائيل ولا يصر علي تحرير فلسطين أو استعادة المسجد الأقصى. بل لايري عدوا له سوي أعداء إسرائيل أينما كانوا ويري أن السلام هو السبيل الأوحد للتعايش مع إسرائيل والاحتلال اليهودي للأقصي وباقي المقدسات الإسلامية في جزيرة العرب. وهو الموضوع الذي لا يتكلم عنه المسلمون المعتدلون أو الإتجاه السني المعتدل (الشهير بالإتجاه الماسوني الجديد ).
أصبحت الدوحة هي المركز الرئيسي للتآمر علي القضية الفلسطينية بالتواجد شبه دائم للموساد الإسرائيلي والمخابرات الأمريكية هناك إلي جانب القيادة السياسية العليا لحركة حماس .
وكأنهم يشكلون غرفة قيادة مشتركة ترعاها حكومة قطر وتقوم فيها بدور الوسيط وسمسار الصفقات لتمرير متطلبات إسرائيل ورؤيتها لفلسطين والشرق الأوسط وهي نفس متطلبات باقي أنظمة مجلس التعاون الخليجي ومعظم الأنظمة العربية .
فالجميع لا يريد فلسطين ولا أقصى ولا غزة ولا يقبلون بوجود حتي طفل فلسطيني واحد علي قيد الحياة ، فهو قد يحمل خطر الجهاد الذى يهدد أنظمتهم .
مطلبهم الوحيد هو البقاء علي كراسي الحكم والتمتع بإمتيازات السلطة والثروة تحت الحماية الإسرائيلية والغربية .
لم يكن خطأ استبدال الهدف الرئيسي من الحرب بهدف آخر ثانوي هو خطأ الجانب الفلسطيني فقط . بل وقع فيه حتي أنصاره الحقيقيون الذين حملوا السلاح في تلك الحرب وهم في أغلبهم محسوبون علي (التيار الشرير) التابع لإيران حسب التوصيف الأمريكي الإسرائيلي.
كون أن ذلك المحور هو محور شيعي حسب التوصيف المذهبي الذي رسمته إسرائيل للمسلمين فأن ذلك يشكل مصدر إرتياح لإسرائيل كون أن المعتدلين تخلوا عملياعن فلسطين والمسجد الأقصى فلم يحملوا السلاح ولم يشاركوا في الحرب سوى بإنتفاد “المحور الشيعي” متهمين إياه بالتقصير في دعم فلسطين.
والقيادة السياسية لحماس هى أقرب لذلك المحور والدليل هو تواجدها في قطر التي هي ركيزة أساسية للنفوذ الإسرائيلي في العالمين العربي والإسلامي . ومركزا لتآمر أجهزة المخابرات العالمية ضد المسلمين في تحالف تترأسه المخابرات الأمريكية والإسرائيلية كما هو واضح الآن من المبادرات التي تخرج من وقت إلي آخر بخصوص قضية الأسري والمآساة الإنسانية في قطاع غزة كل ذلك من وجه نظر إسرائيلية بالطبع وليس وجه نظر إسلامية أو فلسطينية .
خاصة المقترحات التي تتعلق بمصير قطاع غزة بعد الحرب وإستبعاد المقاومة نهائياً تحت أسم القضاء علي تنظيم حماس .
وحماية إسرائيل مستقبلا من وقوع حروب علي شاكلة طوفان الأقصى وتستعد جيوش مصر وتركيا والسعودية والإمارات لتطبيق ذلك السلام وحمايته وفرضه علي الفلسطينيين أي خوض الحرب ضد المجاهدين الفلسطينيين بالنيابة عن إسرائيل . وفرض التهجير القصري علي سكان غزة والضفة الغربية حتي تصبح إسرائيل دولة ذات عقيدة تلمودية مطلقة .
أخطاء محور المقاومة بالإنجرار إلي مسار فرعي بعيداً عن الهدف الرئيسي من الحرب وهو حماية المسجد الأقصى وتحرير فلسطين هذا الخطأ وقع فيه كل من حزب الله لبنان ، وسوريا، وحكومة اليمن (حكومة أنصار الله الحوثيين ) وكلهم يأتي تباعاً لخطأ القيادة السياسية لحركة حماس التي بدأت بعد ساعات من عملية طوفان الأقصى بالاصطدام مع محور(المقاومة الشرير) وهاجمت حزب الله وإيران من منطلق مذهبي وحصرت مجهودها السياسي الدولي في العالم الغربي فقط سواء في الرأي العام الشعبي او المواقف الرسمية.
ولم تهتم كثيراً بالقوة الدولية الصاعدة نحو نظام دولي ثنائي القطبية وخاصة الصين وروسيا وحلفائهما حول العالم .
فقيادة حماس لا تري غير قطر ودول مجلس التعاون ومصر الشقيقة والأردن وتركيا . ولا تري بئساً في ان تكون في اجتماع دائم في الدوحة مع المخابرات الإسرائيلية والأمريكية . وأن تري في أمريكا رغم كل ما قامت به مع إسرائيل ضد الفلسطنيين في غزة وسيطاً مقبولأ بينها وبين إسرائيل .
خطأ حزب الله/ لبنان ـ وحكومة اليمن
بالنسبة لحزب الله الخطأ الجوهري عنده هو ربط العمليات العسكرية بالموقف في غزة صعودا وهبوطاً . فكانت سياسته العسكرية هي التصعيد المتماثل أو المحسوب بدقة طبقا لمتطلبات الموقف في حرب غزة .
فضاعت القدس والأقصي من حسابات حزب الله بضياعها من حسابات حركة حماس. وكذلك وقع في نفس الخطأ حكومة صنعاء التي ربطت حربها ضد إسرائيل بإستخدام الصواريخ والمسيرات بوتيرة المعارك في غزة وعندما توقفت المعارك في هدنة مؤقتة توقفت اليمن عن عمليات القصف وكذلك فعل حزب الله لبنان .
أي أننا جميعا متفقون أن الأقصى ليس في قائمة الاهتمام وأنها حرب إنسانية لأجل غزة فقط. حتي أن الجمهورية الإسلامية في إيران ربطت تدخلها المباشر فى الحرب ضد إسرائيل بالأوضاع في غزة .
وأنها قد تدخل الحرب بشكل مباشر إذا دخلت القوات الإسرائيلية في غزة ، رغم أن القوات الإسرائيلية ومعها قطعان من المستوطنين الإسرائيليين متواجدون علي الدوام في المسجد الأقصى ويعتدون علي المصلين. وما زالت البقرات الخمس السمان التي إشتراها كهنة إسرائيل التلمودية من ولاية تكساس الأمريكية ليذبحوها إحتفالا بهدهم المسجد الأقصى وبناء هيكل سليمان موجودة.
لا أحد يتكلم عن ذلك الا بشكل عابر أو بدون اهتمام. إن عملية طوفان الاقصي كان أول ضحاياها هو الأقصى نفسه فهو أول ما تخطته عملية الطوفان من ناحية عملية .
ليس المقصود هنا أن نعيد ونزيد من ذكر إسم المسجد الأقصى بل أن ترتبط جميع العمليات العسكرية والعمل السياسى بتحقيق هدف تحرير وحماية الأقصى من التهويد أوالهدم.
حكومة صنعاء كانت أشد صرامة من جميع شركائها في محور المقاومة فقد لجأت إلى ضرب السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر .
وفتحت بذلك واحدة من أخطر الملفات العمل العسكري ضد إسرائيل وفتحته بعد أن كان مهملاً عن عمد ويخشي الجميع الاقتراب منه وهو موضوع الملاحة في البحر الأحمر وخطورتها علي الوضع الإسلامي بشكل عام وخاصة المقدسات من المسجد الأقصى إلي المسجد النبوي إلي مكة المكرمة .
كان اليمن سباقاً و حاسماً وفدائياً إلي أقصي درجة باتخاذه تلك الخطوة الجريئة بإغلاق باب المندب بوجه الملاحة الإسرائيلية وتهديده لسفن إسرائيل في البحر الأحمر . كان اليمن سباقاً لجميع أخوانه في الجبهة المحاربة لإسرائيل والتابعين لمحور المقاومة .
أما المحور السني المعتدل صاحب الإسلام الحقيقي حسب قول (الشاويش أدرعي) الناطق الرسمي للجيش الإسرائيلي .
أو الإسلام المعتدل حسب قول أحد حاخامات الإسلام الصهيوني المقيمين في إيران .
هذا المحور كان يقف ضد حركة أنصار الله في اليمن وقاتل بعضهم باليد واللسان ضدهم لسبب واحد هو أنهم شيعة بتصنيف الصهيونية الإسلامية الجديدة .
هؤلاء لم يتحركوا لدعم اليمن لا في ضربه إسرائيل بالصواريخ أو إغلاق باب المندب بوجههما أو تهديد سفنها في البحر الأحمر .
بل أن البعض شككك فى نوايا حكومة صنعاء وإتهمها بالعمالة لإيران. ويريد اليهود بذلك القول أنه ليس هناك مسلم يمكن ان يتحرك بدافع من دينه فقط. لذا لابد أن تحركه جهة ما بإغراء الدولار. فأى مسلم يتحرك ضدهم لابد أنه يتلقى المال من إيران.
لفتت اليمن إنتباه المسلمين إلي حقيقة ان البحر الأحمر هو بحيرة إسلامية تمر بين أراضي المسلمين علي الجانبين .
وأنه في عصور ماضيه كان يمنع عبور أي سفينة غير إسلامية في البحر الأحمر وكان عليها تفريغ بضائعها في أحد موانئ اليمن ليتم نقلها إلي ميناء السويس ومنها براً إلي أحد موانئ البحر الأبيض المصرية لتنقلها السفن إلي اوروبا .
والآن فأن الأمن الإسلامي يستدعي العودة إلي نظام شبيه بذلك خاصة بعد تورط أوروبا في أعمال عدائية خطيرة ضد الدول الإسلامية وإرسال أساطيلها حتي قبل حرب غزة بسنوات طويلة من أجل حصار جزيرة العرب من البحر بداية من ميناء إيلات وصولا إلي ميناء البصرة في العراق.
وذلك يشكل خطرا أمنيا علي المقدسات الإسلامية الموجودة في مكة والمدينة فالسفن المعادية عند مرورها مقابل ميناء ينبع السعودي تكون علي مسافة حوالي 160 كيلومتر من المدينة المنورة .
أي أن المسجد النبوي يكون في مرمي مدفعيتها. وعند مرورها عند ميناء جدة السعودي تكون علي مسافة حوالي ثمانين كيلومتر عن مكة ،أي أن بيت الله الحرام يكون في مرمى مدفعية تلك السفن وذلك أمر غير مقبول عمليا ودينياً ويتنافى مع عزة المسلمين وكرامتهم .
1- كخطوة أولي يجب وضع الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر تحت أشد الضغوط بإغراق السفن الإسرائيلية . وكذلك السفن التي تنقل النفط والغاز إلي ميناء إيلات ومنه إلي ميناء عسقلان علي البحر الأبيض بالقرب من غزة .
2- كخطوة ثانية يطلب من الحكومة السعودية العميلة لأمريكا وإسرائيل ان تعيد (جزيرتي تيران وصنافير) إلي مصر .
لان سيطرة السعودية علي الجزيرتين قد غير الوضع القانوني لخليج العقبة حيث أصبح هناك أكثر من دولتين تتشارك فيه .لهذا دفعت إسرائيل السعودية ومصر لنقل السيادة علي الجزر إلي السعودية لتكون هي الطرف الثالث المطل علي مشارف خليج العقبة ويصبح لإسرائيل الحق طبقا للقانون الدولي أن تعبره بحرية وقد كان خليج العقبة خليجا مصريا خالصا قبل تغير السيادة علي الجزر.
ليس من المتوقع أن تستجيب الحكومة السعودية لذلك المطلب لهذا يجب علي الحركة الجهادية السنية المعتدلة منع إسرائيل من عبور خليج العقبة إلي ميناء إيلات وذلك بوسيلتين :
1- أما بضرب السفن التي تأتي من إيلات إلي دول الخليج بالبضائع من أوروبا . ويمكن إستهداف الميناء السعودي الذي تصب منه أنابيب النفط القادم من دول الخليج إلي ناقلات النفط ليتم نقله إلي اوروبا عبر إسرائيل .
2- يمكن استهداف ذلك الميناء نفسه وتعطيله وفي المستقبل عندما يشتد ساعد الحركة الجهادية السنية المعتدلة أن تتدخل ضد الموانئ والسفن التي تعبر الخليج العربي وموانئ دول الخليج في تعامل تجاري بحري مع أوروبا عبر إسرائيل .
ملاحظة هامة للحركة الجهادية السنية المعتدلة .
يجب ملاحظة أن قضية المقدسات الإسلامية أبعد ما يمكن أن تكون قضية مذهبية يمكن أن يسيطر عليها السنة أو الشيعة .
وليس عند الفرقتين أي فرق في ضرورة الدفاع والحفاظ علي تلك المقدسات والحفاظ على إسلاميتها بل وإسلامية الدول التي حولها .
فكان أهم فروض الأعيان عند جميع المسلمين هو الدفاع عن أراضي المسلمين ضد إحتلال الكافرين .
وذلك يشمل بالتأكيد أراضي فلسطين التي لها خصوصية مقدسة في الإسلام إلي جانب وجود المسجد الأقصى فيها .
ولأجل الحفاظ علي مكة والمدينة جاءت وصية الرسول الأكرم عند وفاته التي قال فيها (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) .
ولكن تلك الوصية لم يتبعها المسلمين وتجاهلوا كما تجاهلوا باقي وصايا النبي وأوامر القرآن الكريم .
فكان أن أستولي اليهود علي المسجد الأقصى وأستولي كبيرهم (روتشيلد) علي مكة والمدينة وسائر جزيرة العرب ونشاهد مظاهر الردة المتبججة ليس فقط في أوساط المترفهين الكبار بل حتي في أوساط الذين هم دون ذلك فلم يتركوا شيئا مخالفا للإسلام والا فعلوه حتي يمكن إعتبارهم من المشركين الذين يجب إخراجهم من جزيرة العرب .
وقد تبجح بعضهم قائلا : لسنا عربا ولسنا مسلمين بل الإسلام هو الذى جاء إلينا. وآخرون تفاخروا بإحتضان الكهنة اليهود وتقبيل رؤوسهم و وزعوا تلك المشاهد المخزية علي وسائل التواصل الاجتماعي.
يقول شهود أن النساء في مملكة الأمير منشار الدين قد أخذن نفس حقوق الرجال بأن يلبسن نفس ملابس الأحرام أثناء طوافهن حول الكعبة وهن عرايا الأكتاف والظهر.
أما الصفا والمروة فقد غيرت حكومة السعودية مسارهما الشرعي إلي مسارات قررها الأمير منشار طبقا لمتطلبات توسعه السوق والفنادق الكبرى .
أن الحركة الجهادية السنية المعتدلة كان أولى بها أن تشارك في تحرير الأقصى وجزيرة العرب وفلسطين بدلا من الاكتفاء بإنتقاد الشيعة وإيران لعدم اقتحام الحرب بشكل كامل دفاعا عن غزة.
ناسين أن غزة جاره لمصر السنية التي تصف حماس نظامها بأنه شقيق وكذلك الأردن المجاور للضفة الغربية وهو أيضا نظام شقيق سني معتدل يؤمن بنفس ما تؤمن به الحركة السنية المعتدلة لهذا هو أقرب إلي الحركة الجهادية السنية.
إذا فعلت الحركة السنية المعتدلة ذلك فإنها تكون في وضع أفضل لمنافسة المحور الشيعي الشرير الذي يحارب منفرداً ضد إسرائيل . نتيجة تقصيرة في دخول الحرب كونه في اقصى الشمال الفلسطينى بينما تقع غزة في أقصى الجنوب.
و المحور الشيعي كله موجود في شمال فلسطين وفي أبعد نقطة عن غزة أما المحور الجهادي المعتدل فلم يتدخل في القتال ميدانياً إلي جانب المسلمين في غزة وضد إسرائيل في البحرالأحمر وخليج العقبة إذ لم تتوفر لديه الإرادة أوالقناعة لفعل ذلك؟ وتلك هي المشكلة .
فإخواننا المجاهدون السنة المعتدلين لا تتوفر لديهم القناعة ولا الإرادة في القتال ضد إسرائيل أو أمريكا في الأساس.
فقط الإراده والعزيمة متوافران فقط للعمل ضد الشيعة وايران (محور الشر المعادي لإسرائيل) .
الخطأ السوري
للنظام السوري فضيلة واحدة في القتال ضد إسرائيل وهي إبقاء خطوط الإمداد مفتوحة أمام حزب الله لتموينه بمستلزمات الحرب سواء كان مصدرها سوريا نفسها أو إيران التي تعتبر مصدراً لتمويل وتسليح جميع أعمال المنظمات المعادية لإسرائيل والمحاربة لها بما فيها حركة حماس المعتدلة .
أما باقي أعمال سوريا فإن النظام وقع في حالة من الجمود غير المبرر ولا المنطقي، ويحاول تعليق قصوره وعجزة علي شماعة الحرب العالمية التي شنتها إسرائيل وأمريكا وحلف الناتو ضده بإستخدام حركة مجاهدي (زعران الشام) التي تعاني هي الأخرى من نفس مشاكل النظام السوري من الجمود والأفق المحدود والمجال العملي المغلق . فقد تركت مجال العمل السياسي بالكامل بيد تركيا ومن خلفها إسرائيل والولايات المتحدة والناتو .
أما النظام فلا يكاد يفعل اى شيء سوي البكاء علي البلد المحطم التي أحرقته حرب استمرت 12 عاما ونسي أن في سوريا إمكانات مادية وبشرية تكفي لإعادة أعمار العالم العربي .
ولكن يبدو أن نظام دمشق لا يريد أعماراً ولا إعادة بناء مكتفياً بالبكاء والشكوي وأصبحت سورية العظيمة في حجم ضئيل جداً في حجم النظام الحاكم (وحجم زعران الشام) ويتصرف النظام وكأنه ضيف في بيت ليس له مالك، طال مكوثه فيه ويخشي أن يغادره فيستولي عليه اللصوص لهذا فان الضيف مدين لهؤلاء اللصوص بإطالة مدة بقائه
فمن سوف يمتلك سوريا ؟؟.علما بأن سوريا هي مفتاح أي حل في الشرق الأوسط خاصة في بلاد الشام بما فيها فلسطين . ونخشى أن تكون إسرائيل هي الأسبق إلى احتلال سوريا بالتعاون مع مجاهدى الزعران.
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )