الطوفان شمشون
الطوفان شمشون
– إن سيناء لن تكون وطناً بديلاً لأهالي غزة ولكنها ستكون عمقاً إستراتيجيا لمجاهديها ودعماً أساسياً لاستمرارية غزة وعملية طوفان الأقصى (2) القادمة لا محالة فى قفزة نهائية لتحرير فلسطين.
– إذا لم تعد فلسطين إلي أهلها فإنها لن تذهب إلي اليهود.
بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
قررت إسرائيل رسميا وضع قطاع غزة في حالة إنسانية لم يسبق لها مثيل بحيث يستحيل الحياة فيه ويضطر أهله إلي المغادرة نحو مصر واشرطت علي مصر أن تقبل هجرة الفلسطينين إليها ولكن بلا عودة .
ومن المؤكد أنه مع خروج آخر فلسطيني من غزة فإن الإسرائيليون سيفجرون المسجد الأقصى فورا فقد ظل قائماً طوال العشر سنوات الماضية بفضل صواريخ غزة .
كما ستحين ساعة تهجير الفلسطينيين من الضفة والقدس لتصبح فلسطين دولة توراتية خالصة لليهود فقط وتنتهي قضية فلسطين إلي الأبد مع إختفاء ظاهرة المجاهدين الفلسطينيين الذين كانوا هم القلب النابض للأمة العربية التي فقدت هويتها ودينها .
خاصة جزيرة العرب التي سيطرت عليها مجموعة بنوك (روتشيلد) حاكم جزيرة العرب من أقصاها إلى أقصاها .
ومنذ أنشاء إسرائيل عام 1948 والشعب الفلسطيني يتعرض لعملية إبادة في فصول متتابعة ولم تكتف إسرائيل بشعار أن أراضيها تمتد من الفرات إلي النيل فخرجت علينا بمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يحول المنطقة إلي إمبراطورية إسرائيلية مصغرة و تم ضم معظم الأنظمة العربية تحت الهيمنة الإسرائيلية حتي تحول النفوذ اليهودي كبديل عن النفوذ الأمريكي في بلاد العرب وأصبحت المنطقة العربية بالفعل ضمن مقتنيات الخزائن اليهودية.
وحتي لو تمكنت إسرائيل من تهجير الفلسطينيين إلي سيناء والأردن فأنها لن تتوقف عن مواصلة إبادتهم بشتي الوسائل كما تفعل مع شعب مصر الذي عقدت السلام مع حكومته. ولكنها واصلت إبادة المصريين بأوبئة مثل السرطانات وأمراض الكبد الوبائي وغيرها . ودمرت الصناعة والزراعة وتآمرت مع الحبشة لقطع ماء النيل عن مصر .
وأطلقت برنامجا لتخريب السودان وتدميره بحروب العسكر. لقد بدأ المجاهدون الفلسطينيون أسطورتهم الرائعة بهجوم طوفان الأقصى رداً علي الاعتداءات الصهيونية علي المسجد المقدس
فأطلقت خمس آلاف صاروخ و مئات المجاهدين الذين تقدموا في عمق الأراضي الفلسطينية إلي مسافة خمسين كيلو مترا وتمكنوا من أسر مئات من الجنود والمستوطنين وتصدعت الدولة اليهودية كما لم يسبق لها من قبل وفقد جيشها تماسكه فهبت أمريكا وحلف الناتو لحمايتها بالسلاح والمال والذخائر.
وأوضحوا مرة آخري كما فعلوا كثيراً من قبل بأن مصيرهم مرتبط بإسرائيل وجوداً أو عدماً.
لهذا ليس أمام المقاومة الا الخيار النهائي بأن فلسطين إذا لم ترجع لأهلها فإنها لن تكون لليهود أيضا . وذلك برشقة صاروخية نهائية تشبه رشقة البداية التي وجهتها.
ولكن هذه المرة توجه الخمس الآف صاروخ لمفاعل (ديمونة) النووي وهي كمية كافية لتهديمة لأنه قديم ويحتاج إلي صيانة .
في حالة انهيار أو تصدع مفاعل (ديمونة) فأن ذلك كفيل بإجلاء جميع اليهود لخشيتهم من خطر الإشاع النووي وإصابتهم بالأمراض المميتة .
وعلي أي حال تلك الأزمة ستطال أيضا الفلسطينيين ولكنها لن تضيف شيئا جديدا فما وصلوا اليه الآن من تردي الأوضاع هو أكثر من ذلك بكثير .
ولكنهم سيكسبون وطناً خالياً من اليهود بعد أصابة مفاعل ديمونه وعلي الأقل إذا لم تعد فلسطين إلي أهلها فإنها لن تذهب إلي اليهود و كان من المنطقي أكثر لو أن الرشقة الأولي أصابت مفاعل ديمونة.
ولقد تأخرت كثيرا عملية ضرب الغاز المصري الذاهب إلي إسرائيل .
ففي كل يوم تفتقر فيه غزة إلي الغاز والطعام والماء تتمتع إسرائيل بالغاز المصري المجانى ومليارات الدولارات ثمن بيعه في السوق الدولي .
ليس معقولا أن يمر غاز مصر إلي إسرائيل و الأردن بينما الفلسطينيون في غزة يفتقرون إلي الوقود والكهرباء فيموت الجرحى في المستشفيات.
كان يجب أن يكون لغزة نصيبها من ذلك الغاز العربي وأن يكون لها أنبوب خاص .
كما أنه ليس من المعقول أن تمر قناة السلام التي تحمل مياه النيل من تحت قناة السويس وتشق طريقها عبر سيناء صوب صحراء النقب في فلسطين المحتلة .
بينما أراضي مصر عطشى ولا تجد ماء للزراعة وأيضا اطفال غزة لا يجدون ماء للشرب .
أن للشعب الفلسطيني أيضا حق طبيعي بأن يشرب الماء وأن لا يموت أطفاله عطشاً هناك .
أن مياه النيل يجب أن تصل إلي غزة إن لم يكن في قناة مثل قناة السلام فلتنتقل في أنابيب وإلا فإذا لم يشرب سكان غزة الماء فإن صحراء النقب لن تشربه أيضا .
وإذا تحقق شعار وحدة الساحات ودخل حزب الله في المعركة فإن أهم الأهداف يجب أن تكون تدمير مشاريع الري الإسرائيلية الموجودة علي الأراضي اللبنانية أو بالقرب منها وعلي نهر الأردن .
فكما تعطش غزة يمكن أن تعطش إسرائيل، وكما يتعرض الفلسطينيين للإبادة والأوبئة فإن اليهود يمكن أن يتعرضوا لنفس الأشياء أيضا .
فك الحصار عن غزة أو فتح ثغرات في الطوق المضروب حولها هو الهدف المنطقي الأول الذي كان ينبغي أعتباره لعمليات طوفان الأقصى حيث أنه كفالة لضمان استمرارية القطاع في الوجود وبالتالي استمرارية العمليات والتنظيمات الجهادية.
فك الحصار هو مقدمة للتحرير وليس العكس أي ان فك الحصار عن غزة أو فتح الثغرات خاصة من جهة الغرب في سيناء كان ينبغي أن تسبق عملية تحرير الأراضي المحتلة رغم أهميتها وتأثيرها المعنوي غير المحدود .
– أن توحيد مدينة رفح وضم الجزء المصري إلي الجزء الفلسطيني لا يقل أهمية عن الإستلاء علي المستوطنات الإسرائيلية في شرق غزة .
لأنه يحدث ثغرة في جدار الحصار ومتنفساً للإمدادات القادمة من مصر بشكل رسمي وغير رسمي إلي قطاع غزة.
وإذا كانت إسرائيل تنظر إلي سيناء كمنفي للفلسطينيين ووطن بديل لأهالي غزة ، كان ينبغي للمقاومة أن تنظر إلي سيناء كعمق إستراتيجي ومجال حيوي لها .
فمصر بنظامها العميل وأجهزتها الفاسدة هي الخزان الأساسي لإحتياجات المقاومة أو هكذا كان ينبغي أن تكون .
كما فعل المجاهدون في أفغانستان مع باكستان ونظامها الفاسد الشبيه بالنظام المصري .
فلقد حولوا باكستان إلي عمق إستراتيجي لهم ومصدر للحصول علي الإحتياجات الأساسية في الغذاء والتسليح والدواء .
مستفدين من عيوب النظامين الفاسدين في باكستان وأفغانستان معاً حتي أن إنتقال المقاتلين من وإلي أفغانستان كان دائما موجودا وفاعلاً والنشاط الإستخباري للمجاهدين موجود في كلاهما وبفاعلية .
وفي العادة فإن أول المناطق التي تحرر تكون هي المناطق القريبة إلى مصادر المعونات أو مصادر التهريب .
وتحرير مناطق الحدود له أولوية عند حركات المقاومة لتسهيل عمليات الإمداد والإقتراب من منابع الإمداد سواء كان رسمي أو غير رسمي .
الحركة المشهورة بالمسيرة الكبرى أو رحلة الآلف ميل التي قام بها الزعيم الصينى (ماوتسي تونج) مع ثواره ليكون قريباً من مصادر أمداده في الإتحاد السوفيتي .
لا نقول أن مصر ستكون الإتحاد السوفيتي بالنسبة للصين أو حتي باكستان بالنسبة لمجاهدي أفغانستان ولكن علي الأقل لو أن إهتماماً جدياً واعياً بذل لتحويل سيناء إلي متنفس إستراتيجي للمجاهدين في غزة لما كان القطاع في وضعه البائس الحالى فليس هناك شيء لا يمكن الحصول عليه في مصر من الإبرة إلي الصاروخ .
ويمكن شراء أي شيء حتي الرئيس نفسه الذي قال بلسانة أنه (لو وجد طريقة لبيع نفسه لباعها ).
أن الذين باعوا النيل للحبشة قادرين علي إيصال المياه والنفط والغاز والطعام والسلاح إلي غزة مقابل ثمن معقول يرتضونه ويسعد قلوبهم .
مصر كلها معروضة للبيع منذ 25 يناير 2011 فلماذا لم تحصل المقاومة في غزة علي سيناء وليس مصر كلها .
ورغم المنافسة القاتلة لليهود معهم في سيناء فكان يمكنهم الحصول علي مكاسب تغير أوضاعهم الإستراتيجية من الأساس ولم نكن لنشاهد ما يحدث من مأساه رهيبة في غزة حيث يخوض الشعب الفلسطيني معركة إستشهادية .
فليس هناك قيادة سياسية تخوض معركة إستشهادية بشعبها بل يمكنها أن تخوض معركة إستشهادية بجزء من قوتها العسكرية وليس قوات الجيش كلها وبالتأكيد ليس بالشعب. أن يطوله الشعب تحسب بالتأكيد لصالح هذا الشعب ويمكن القول أن هذا شعب عظيم يستحق الحياة والإنتصار .
ولكن نفس التقدير لا ينطبق علي القيادة السياسية خاصة إنها أهدرت فرصاً لإيجاد خيارات أفضل من ذلك أو أنها تتردد في إقتحام خيارات صعبة للخروج من الورطة الحالية ودفع العدو إلى نفس مواقفنا الصعبة أو حتي إلى اليأس .
– أن الجنرال الألماني (رومل) في حرب صحراء شمال أفريقيا اثناء الحرب العالمية الثانية قطعت عنه الإمدادات بواسطة الأساطيل الغربية وكان عليه إما أن يتوقف ويستسلم او يندفع إلي خيارات صعبة ، فإختارا الأصعب وهاجم مدينة (طبرق) المنيعة فى شرق ليبيا علي الحدود مع مصر واستولي علي مخازن بريطانية ضحمة هناك وتمكن من مواصلة معاركة حتى أوشك علي دخول الاسكندرية. إن الخيارات التي تبدو مستحيلة هي في الحقيقة مفتاح النجاح .
– إن سيناء لن تكون وطناً بديلاً لأهالي غزة ولكنها ستكون عمقاً إستراتيجيا لمجاهديهم ودعماً أساسياً لاستمرارية غزة وعملية طوفان الأقصى (2) القادم لا محالة فى قفزة نهائية لتحرير فلسطين.
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )