مياه للحرب (1).. أزمة مياه نشبت بين الجارتين أفغانستان وإيران
مياه للحرب .. (1)
أزمة مياه نشبت بين الجارتين أفغانستان وإيران. والمشكلة ممتدة منذ علم 1973 حين عقد البلدان اتفاقاً لتقاسم مياه نهر (هلمند) المشترك بينهما .كان ذلك أثناء العهد الملكي في أفغانستان والإمبراطوري في إيران. فكانت اليد الأمريكية موجودة في الاتفاق. الذى جاء غارقا في الكيد للشعبين.
– قبل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان بخمسة أشهر فقط اكتمل بناء سد (كمال خان) الذي هو عبارة عن قنبلة دمار شامل للعلاقات بين البلدين، ومن المفترض أن يتم تطبيق اتفاق (1973) علي ذلك السد،. وهو قريب من الحدود المشتركة.
– السد مليء بالمكائد الأمريكية، سواء في الجوانب السياسية أو الجغرافية أو الهندسية. والآن المحافظات الأفغانية الأخيرة التي يمر بها النهر تعاني من أزمة جفاف شديد. وكذلك هو الحال علي الجانب الآخر من الحدود في إيران، حيث جفت البحيرات العذبة التي كان يصب فيها النهر. وملايين السكان في إقليم (سيستان بلوشستان) مهددون بكارثة بيئية ضخمة وعطش يدمر اقتصادهم ومجتمعاتهم. وطبيعي أن العالم لن يبالي، بل سيصفق طرباً. فإيران لها نظام حكم خارج عن المشيئة الأمريكية، وكذلك هي أفغانستان التي تعاني من أوضاع معيشية مشابهة في المحافظات المحازية لإيران .
– في المحافظات الأفغانية في نهاية مسار نهر هلمند، وهما محافظتي (نيمروز ـ وفراه) المياه لا تكفي احتياجات السكان ، ولا تكاد تعبر الحدود لضعفها أو بسبب تَدَخُّل إدارة سد ( كمال خان )، كون المياه شحيحة ومطلوبة بشدة.
– لأفغانستان اتفاقية تقاسم مياه واحدة تربطها مع إيران رغم أنها تشارك خمس دول في مياه الأنهار. وكأن اتفاق عام 1973 كان اتفاقا من أجل تأسيس الخلاف الدائم بين الجارين الهامين.
وحاليا تدفع أمريكا وإسرائيل بقوة من أجل إشعال حرب مياه في المنطقة بين الجارين ، رغم أن العلاقات بينهما شهدت طفرة نوعية غير مسبوقة بعد انسحاب الاحتلال الأمريكي من أفغانستان.
لم تعترف إيران رسميا بالحكومة الجديدة للإمارة الإسلامية، والتي لم تعلن عن نفسها بقوة حتي الآن، فما زالت تصف نفسها بالحكومة المؤقتة. (بمعنى أن حكومة الإمارة لا تكاد تعترف بنفسها).
ومع ذلك فإن أكبر قدر من الإسناد الاقتصادي الذي تلقته الإمارة بعد طرد قوات الاحتلال الأمريكي كان من الجارة إيران. وبتأثير من الموقف الإيراني فتحت عدة دول هامة أبوابا للتعاون الجَدِّي ، ولكن بدون اعتراف رسمي ، تفاديا لإعصار العقوبات والحروب الأمريكية التي تجتاح العالم .
– اعتصر العطش العروق الجافة، مع انفلات التصرفات والألسنة ، والتنافس علي كمية قليلة من المياه التي تبقت من نهر هلمند، بعد مسيرته الطويلة داخل أفغانستان. توقفت المياه عند مناطق قبائل البلوش في (فراه و نيمروز). بالكاد بعض المياه ، التي لا تكفي لشيء سوى لإثارة الحسرة، وصلت إلى إخوانهم البلوش السُنَّة علي الجانب الآخر من الحدود الإيرانية. وهم يعانون عطشا مماثلا علي أقل تقدير .
– مشكلة المياه حلها ممكن إذا تدخل أمير المؤمنين مولوي (هبة الله) وتدخل مرشد الثورة الإيرانية (السيد علي خامنئي) ــ سواء تقابلا بشكل مباشر أو تواصلا عبر مندوبين خاصين في البداية ــ فإن الحلول ممكنة رغم أنها ليست سهلة، لأن الأزمة قديمة ومزمنة والعدو ينفق ملايين الدولارات لرشوة قيادات مزيفة وإداريين فاسدين، لتوتير الأجواء والدفع إلي الحرب.
– فهناك عن جانبي الحدود سياسيون، وعشاق للشهرة أعمتهم أضواؤها وأسكرهم مديح الأعداء الماكرين، فتراهم يبحثون عن زعامة سياسية ومعنوية، حتي ولو علي إنقاض شعوبهم وخراب بيوت الإخوة والجيران.
– أول الخطوات الجدية هو الصمت عن التصريحات العنترية والحماس الزائف أو المدفوع بالجهل أو بالدولار النفطي . فالكلام الذي يرحب به الجميع هو الحديث عن حقوق الجار كما حددتها الشريعة الإسلامية. فَكِلا النظامين يرفعان راية الإسلام. ومن آكد الحقوق هو الالتزام بالمواثيق والعهود كما جاء في القرآن الكريم. وكلا الطرفين يربطهما ميثاق لتقاسم مياه نهر هلمند. فليكن ذلك الاتفاق هو البداية . ولكنه لن يكون النهاية لأن طريق الحل سيقود البلدين إلى آفاق هائلة من التقدم المشترك في مجالات حيوية كثيرة. (ورب ضارة نافعة ). أرادها العدو حربا ، وقد يجعلها الله سلاما وقوة للمسلمين جميعا.
– أهم ما يواجه النظامين الجارين الآن ليس العطش أو حتى حرب المياه، ولكن الأخطر هو إهدار حقوق الجار المسلم، وغمط حقة، وعدم الالتزام بالمواثيق التي عُقِدَت معه . فذلك سقوط أخلاقي ، وهو أهم سبب لسقوط شرعية أي نظام، خاصة إن كان إسلامياً .
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )