ذات يوم (26) .. إنهم يقتلون أسامة بن لادن!!
ذات يوم .. (26)
إنهم يقتلون أسامة بن لادن!!
مقدمة:
الفقرة التالية من ذات يوم مقتبسة من كتاب (صباح الجيل التالي) وهو الكتاب الذي مازال قيد الإعداد ومستقبلة لا يعلمه إلا الله.
يمثل أبناء أسامة بن لادن جزءا هاما من الجيل الثاني / أبناء مجاهدي أفغانستان/ في العصر السوفيتي، ورمزهم الأكبر هو أسامة بن لادن صاحب أكبر تنظيم جهادي عربي ظهر في تلك المرحلة . وليس المقصود حصر جميع أفراد الجيل الثاني أو متابعة مسيرتهم الحياتية ، بل المقصود هو ذكر نماذج توضح معاني محددة.
فوجئت بحلول ذكري استشهاد أسامة بن لادن في آبوت آباد. وهذه المرة نتناول الحدث بشكل غير مباشر. إن بن لادن تحول إلي ذكري، ولكن أبناؤه وأحفاده ما زالوا يُقْتَلون معنوياً علي يد الأنظمة العربية والنظام الدولي، الذي إن تغيَّرت جميع سياساته فلن يتغير استهدافه للإسلام ومطاردته للمجاهدين .
إنهم يقتلون أسامة بن لادن !!
يقول عبدالله حامد عن زيارته يوما لأبناء بن لادن في قطر:
أبناء بن لادن في قطر أياديهم مُكَبَّلَة، فيما عدا عمر الذي حاول الانطلاق بالتعاون مع القطريين، بإنشاء شركة تحت اسم (شركة بن لادن القطرية)، لينافسوا بها شركة بن لادن السعودية. لكن المشروع فشل لأسباب إدارية وسياسية . والجانب المأساوي في القصة هو أن عمر بن لادن خسر ملايين الدولارات في تلك المغامرة .
رأيت أن الطريق أمامي في قطر ليس مفتوحا في مجال الأعمال. فرجعت إلي مصر مرة أخري وأنا أفكر في أن أوضاع أبناء بن لادن في قطر لم تتحسن سوي قليلاً عن أوضاعهم أثناء أقامتهم في إيران. فالحرية التي يتمتعون بها في قطر ليست كاملة بل مشروطة ومحدودة. ولاحظت أن القطريين يتعمدون تخريب أعمال أبناء بن لادن حتي لا يتمكنوا من الاستقلال الاقتصادي. ولاحظت أثناء تعاملي مع هؤلاء الشباب، سواء عندما كنت في مصر أو عندما رجعت إلي إيران، أنه كلما وصلتهم بضائع جديدة إلي الدوحة يجدون أن نفس البضاعة يعرضها تاجر آخر بنصف السعر، فتبور تجارتهم .
ورغم أن أبناء بن لادن لديهم جوازات سفر قطرية فإن مجال الأعمال الحرة مغلق في وجوهم. فلا يمكنهم العمل سوي كموظفين في الحكومة أو الشركات. وهم يخافون من ذلك و يرفضونه.
وطالما أنهم لا يمتلكون أعمالهم الخاصة فلا يمكنهم بالتالي الحصول علي سكن مستقل . فظلوا معتمدين علي معونات شهرية لا تكفيهم لأكثر من نصف شهر . لهذا يعيشون علي الدوام في مشاكل اقتصادية واجتماعية رغم أنهم يحملون جوازات سفر قطرية.
أنه نفس القانون الذي كان يطبق علينا في مصر كأبناء مجاهدي أفغانستان. ذلك القانون الذي يقول: إما أن تعمل عندنا وفق مشيئتنا، أو أنه لا مكان لك في الحياة.
أكثر من يريدون المقاومة والعيش وفق قناعتهم الدينية والأخلاقية يواجهون مشكلة مع الاقتصاد. ليس الاستقلال الاقتصادي، بل مجرد الحصول علي ضروريات الحياة.
المشكلة الأكبر هي صعوبة التأقلم مع المناخ الاجتماعي وما يحتوي من سلوكيات وأفكار وثقافة ومعاملات . فهم لا يستطيعون مجاراة المجتمع والتأقلم معه. كما أن العزلة عن المجتمع هي أيضا محنة كبري لمن يُبْتَلى بها .
أنهم لا يقبلون المجتمع بأحواله الراهنة . كما أن المجتمع لا يقبلهم أو يقبل ماضيهم الذي “تَلَوَّث بالإرهاب” أي الجهاد . وأجهزة الأمن تترصد من يحاول اجتياز الحاجز المرسوم بين المجتمع العادي والمجتمع الجهادي الوافد .
– قال لي أحد أبناء بن لادن في قطر: إن ما تربينا عليه من مبادئ وقيَّم يختلف عما هو شائع في السعودية وقطر . فنحن غير قادرين علي الاندماج معهم، لهذا منعوا عنا حقنا في وراثة أموال أبي. فكل مِنَّا له حق في ميراث يساوي 400 مليون دولار ،منعوها عنا حتي يتأكدوا من اندماجنا في مجتمعهم الفاسد. ولكننا هربنا من السعودية وعدنا إلي قطر.
وأكثر الضغوط التي تمارس علي أبناء بن لادن ومحاولات إفسادهم ، حتي يحصلوا علي الميراث، يمارسها ضدهم بالتعاون مع النظام السعودي أخوهم الأكبر عبد الله بن لادن .
وما زلوا في قطر يعيشون علي المعونات التي لا تكفيهم سوي أيام معدودة من الشهر. ويُدْخِلون أبنائهم مدارس حكومية غيَّرَت أسماءهم لاستبعاد إسم الجد (أسامة) .
لا يستطيع هؤلاء الشباب من الجيل الثاني من أبناء بن لادن أن يلجؤوا إلي الإعلام للتعبير عن آرائهم أو احتياجات أبنائهم من الجيل الثالث.
يقول أبناء بن لادن: لا يمكننا أن نسيطر علي الإعلام، فهو ضدنا من ناحية المبدأ، واللجوء إليه قضية خاسرة ، إلا إذا قلنا له ما يريد سماعة مالكي وسائل الإعلام الكبرى في العالم .
يقول أحد أبناء بن لادن : عندما استشهد أبي (في الثاني من شهرمايو 2011) لم نكن قادرين علي أن نقول شيئا .
علي عكس باقي إخوانه فإن عمر بن لادن لديه الشجاعة لأن يتكلم بما يخطر في باله من أفكار معقولة أو غير معقولة. وينفرد بتلك الميزة عن باقي إخوانه. لذا في أعقاب اغتيال والده في (آبوت آباد) جلس معهم وكتبوا بيانا عن الحادث. وكان عمر هو الوحيد الذي امتلك شجاعة التوقيع عليه. ولم يكن لديهم منبراً إعلاميا يتعاطف معهم في نشر هذا البيان الخاص بإغتيال والدهم الذي كان يوماً ما ملء سَمْع العالم وبصره. ولم يجدوا أمامهم في ذلك الوقت غير موقع(مافا) الذي نشر البيان ليتداوله الإعلام الدولي بعد ذلك .
أبناء بن لادن محرومون من ميراثه المالي والأدبي . ويُحَارَبون للتبرؤ منه علنا. وأحفاد بن لادن يدخلون المدارس بدون أن يحملوا إسم جدهم الذي شغل العالم لسنوات، وسيظل كذلك طالما ذُكِرَ المجاهدون العرب وجهاد أفغانستان.
في اعتقادي أن الأمريكيون نقلوا بن لادن من آبوت آباد حياً . ولكنهم يحاولون قتلة في كل دقيقة تَمُر. وحكام العرب يواصلون اغتياله أدبياً ومطاردة ذريته أينما كانوا وأينما حَلُّوا .
لم تكن حياة بن لادن مثل حياة باقي الناس ، ولكنه يموت مثلهم تماماً.
(وكما يموت الناس مات ) .
رابط البيان الصادر عن أبناء الشيخ أسامه بن لادن ( 2011/5/8 م ) :
صورة من البيان الصادر عن أبناء الشيخ أسامه بن لادن ( 2011/5/8 م ) :
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )