الاغتيال وسيلة مفضلة للحرب في جميع العصور
ما زالت الوسائل البدائية في الحرب تحتفظ بقيمة عالية رغم التطور المدهش في تكنولوجيا الأسلحة، من الفضاء الخارجي إلي الغلاف الجوي ، إلي سطح وأعماق البحار . أصبحنا نعيش في عالم مزدحم بأدوات القتل والتحريض عليه. بما يشمل الإعلام والدعاية، و تكنولوجيا الاتصالات، وصولاً إلي الكلام المباشر بين الناس ، كما كان الأمر منذ بدء الخليقة .
– الاغتيال هو أحد وسائل الحروب. وكان أول طريقة للقتل علي سطح الأرض، عندما اغتال قابيل أخاه هابيل، وصولا إلي الاغتيال الذي حدث منذ أيام قليلة في أفغانستان، حيث اغتال الدواعش أحد أهم شخصيات حركة طالبان في المجال العسكري ، وهو الملا مُزَّمِل في ولاية بلخ الشمالية. (أثناء الكتابة وقع تفجير أخر في بلخ أغتيل فيه عدد من الاشخاص، من بينهم صحفيين، كضرورة لتسعير عداوة وشكوك بين الإعلام وسلطات طلبان).
– قد يقولون تبريراً لذلك بأن ملا مُزَّمِل قد كسر ظهر الدواعش في مواجهات عسكرية مباشرة، حتي صاروا عاجزين عن المواجهات العسكرية الكبيرة فلجأوا إلي الاغتيال. فكان اغتيالا مؤلماً لحركة طالبان.
– ومن معالم الحرب الجهادية ضد الغزو الأمريكي، كانت حملات الاغتيال التي قام بها الأمريكيون بعناصر أرضية من المرتزقة والخونة والدواعش. ولكن الأكثر خطورة كانت الاغتيالات باستخدام الطائرات المُسَيَّرة التي أثبتت أنها أهم أسلحة الاغتيال وأكثرها فاعلية .
– ونذكر أنه عندما بدأت أبوظبي في توريد المرتزقة من شركاتها الدولية نصح (أمير المرتزقة) قادة الاحتلال الأمريكي في أفغانستان بأن يركزوا علي عمليات الاغتيال حتي يرضخ طالبان في مفاوضات الدوحة .
تلك أمثله من أفغانستان ، عن حرب جهادية في ميادين واسعة استخدم فيها العدو جميع أنواع الأسلحة بشكل مكشوف، بما في ذلك حرب الاغتيالات.
– هناك مثال آخر يُظْهِر إبداعاً في استخدام سلاح الاغتيال في مجال الثورات الملونة. ومن أبرز أمثلتها ثورة إيران الأخيرة ، التي قامت فيها فرق اغتيالات في الشوارع بتنفيذ برامج مدروسة بموازين حساسة، لإحداث أكبر قدر من الاضطراب الداخلي وصولا إلي ثورة شعبية كاملة، مثل تلك التي أطاحت بحكم شاه إيران.
– الاغتيالات كانت بهدف إثارة النعرات الطائفية والمذهبية، والنسائية، وتصعيدها إلي درجة الثورة الشاملة. ولما فشلت في الوصول إلي تلك الدرجة، وهبطت حِدَّتِها بالتدريج، كان لابد من إعادة إحياء الاضطرابات بتغيير تكتيكات الاغتيال. لأن كل ما سبق تم كشفه والتعامل معه بنسبة عالية من النجاح ، بحيث لم يعد يؤدي وظيفته . فاستهدفت الاغتيالات الأخيرة تسميم تلميذات المدارس بعبوات من الغاز السام أو المواد البيولوجية . وهو أسلوب استخدمه الأمريكيون في أفغانستان عدة مرات لتشويه سمعة طالبان، بأنهم يقتلون الفتيات لمنع تعليم المرأة. ولكن محاولاتهم فشلت نتيجة قوة الارتباط بين حركة طالبان وشعبها .
في إيران فشلت محاولات تسميم تلميذات المدارس الصغيرات وإلصاق التهمة بالنظام الحاكم، بدعوى أنه نظام متشدد يفرض الحجاب على المرأة، ويمنعها من ممارسة الحريات الغربية.
– في الثورة الملونة كان تسميم التلميذات رغم بشاعته ، مجرد محاولة لإعادة شحن آلة الإشاعات ضد النظام الحاكم، وتنشيط الجهاز الداخلي للحرب الإعلامية، والذي خارت قواه ، وتراخت مجهوداته، وأصبحت مملة وخالية من الإثارة. فتحولت معظم مهام الحرب النفسية والتحريضية إلى الإعلام الدولي الموجه ضد إيران . ولكن هل تتوقف الثورة المضادة في إيران عن تسميم تلميذات المدارس كوسيلة لقلب نظام الحكم ؟. وهل تتوقف حملات الاغتيال والتخريب في أفغانستان؟. قد تتغير الأساليب ، ولكن حقيقة الاغتيال ستبقي ثابتة.
فحرب الاغتيالات هي حرب يهودية، وسوف تستمر وتتزايد خلال الفترة المقبلة، طالما أن يهود إسرائيل يطالبون بهدم المسجد الأقصى لبناء هيكل سليمان. وبعضهم يطالب بإتمام تلك المهمة خلال شهر رمضان . ولديهم برنامج عظيم الخطر لموسم الحج القادم بعد عدة أشهر.
من هنا يجب أن نتوقع زيادة كمية ونوعية الاغتيالات، سواء ضد قادة المجاهدين، أو ضد أطفال المدارس. فالمهم هو إحباط التجارب الناجحة للشعوب الإسلامية في مجال تطبيق الشريعة وبناء الأوطان القوية .
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )