التكنولوجيا : للضرورة وليست للترفيه
بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
مجلة الصمود الإسلامية | السنة السابعة عشر – العدد 203 | جمادى الأولى 1444 ھ – ديسمبر 2022م.
26-12-2022
التكنولوجيا : للضرورة وليست للترفيه
– التكنولوجيا سلاح حرب وليست أداة عَبَث، لأنها تقتل من يجهل قُدُراتها.
– القنوات التلفزيونية، وأجهزة الإنترنت، والهواتف المحمولة، أصبحت أخطر أدوات السيطرة على عقول الشعوب وتحقيق أهداف الحروب الساخنة بدون مجهود يذكر.
– لا يجب ترك العدو حراً في إيصال رسائل الحرب النفسية إلى شعوبنا في أي وقت يشاء .
– في أحداث أفغانستان وإيران الكثير من الدروس التي توضح الاستخدام المزدوج للقنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي. ودور الحصار الاقتصادي في الحروب الأمريكية / الإسرائيلية على الشعوب.
– إذا نظر الشباب إلى التكنولوجيا على أنها مصدر للترفيه واللهو وإهدار الوقت، ولم تتدخل الإمارة بواسطة برنامج متعدد الأفرع لوقف ذلك الاستخدام التخريبي للتكنولوجيا، فإننا نكون قد استسلمنا للعدو وننتظر الوقت الذى يأتي لا محالة ليستسلم له شباب هذه الأمة.
– الحل أن يصبح امتلاك واستخدام أدوات مثل أجهزة التلفزيون و الهواتف المحمولة، مرتبطاً باحتياجات الناس والمجتمع والضرورات المعيشية ومتطلبات التنمية والدفاع والأمن. وأن لا يترك استخدامها مشاعا، لإشباع رغبات الترفيه.
– تلك الأدوات تجعل من سقوط البلاد في يد اليهود مسألة وقت . في هزيمة بلا حرب عنيفة ، بل هزيمة بوسائل الحرب الناعمة فقط .
بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
تطورت العلوم الحديثة وطرق التصنيع ، بأسرع مما حدث في أي مرحلة من تاريخ الإنسان . فالمنتجات والمخترعات غَيَّرَت شكل حياة الإنسان وغَيَّرت كوكب الأرض نفسه. وبقدر ما سهلت حياة الناس في بعض النواحي فإنها عرَّضَت كوكب الأرض لأشد الأخطار نتيجة تلوث البيئة واستنزاف المواد الخام على سطح الأرض وإنتاج مصنوعات أضرت البيئة وصحة الإنسان .
– رأينا في أفغانستان استخدام التكنولوجيا في الحروب خلال عشرين عاما من القتال. وكان تقدير المحتل الأمريكي أن شعب أفغانستان سوف يعجز عن المواجهة ويصيبه اليأس ويستسلم . ولكنه نسي أن الأفغان مازالوا هم الأفغان. فقد حطموا الغزو وطردوا الجيوش المحتلة التي ناهزت الخمسين دولة. ولم تخوف التكنولوجيا وتطبيقاتها العسكرية الشعب الأفغاني، ولم تنل من عزيمته، وقد واجهها على ثلاث خطوط :
1 : استيلاء طالبان على الأسلحة التكنولوجية واستخدامها ضد العدو .
2 : ابتكار طالبان لأسلحة جديدة من أجل تطبيقات قتالية محددة، طبقا للقدرات المتاحة لدى مجاهدي طالبان، وهى إمكانيات بسيطة للغاية. ولكن بالإيمان والعزيمة حققوا بها أهدافاً ونجاحات يصعب تصورها (خاصة في الصواريخ والطائرات بدون طيار والألغام ).
3 : ابتكار أساليب قتالية جديدة تلتف على موضوع التكنولوجيا كله، وتتوجه مباشرة إلى العنصر البشرى المعادي، والذي هو نقطة الضعف الكبرى لدى المعتدين . ومقاتلتهم في ساحات غير تقليدية مثل معسكرات التدريب ، والمُجَمَّعات السكنية، وأثناء تنقلاتهم في المدن ، إلى غير ذلك.
– والجدير بالذكر أن وراء الاندفاع الكبير لأمريكا وإسرائيل وحلف الناتو على تطوير التكنولوجيا العسكرية، هو يقينهم بأن العنصر البشري المقاتل لديهم لم يعد راغبا أو قادراً على مواجهة الموت في ميادين القتال، وأن أقصى ما يخشاه هو مواجهة المجاهدين الاستشهاديين .
– ما زالت الإمارة الإسلامية تسعى إلى تطوير الكوادر العلمية، وامتلاك القدرة على التصنيع، وامتلاك التكنولوجيا العسكرية جاهزة التصنيع.
– على قمة التطور التكنولوجي للعدو، تقف الأقمار الصناعية وباقي المعدات التي يرسلها إلى الفضاء، والتي تغطي نشاطات كثيرة جدا ،عسكرية وإعلامية.
– تعتبر السيطرة على الفضاء الخارجي هي مفتاح الحروب الحديثة. و لا يمكن بدونها الانتصار في الحروب بين الدول الكبرى.
– الفضاء الخارجي هو ساحة معدات الحروب النفسية والدعائية. وهي حروب تعتمد على الأقمار الصناعية في تشغيل القنوات التلفزيونية الفضائية، وأجهزة الإنترنت، والهواتف المحمولة التي أصبحت أخطر أدوات السيطرة على عقول الشعوب وتحقيق أهداف الحروب الساخنة.
– وتلك معدات تكنولوجية نجحت منفردة في تحقيق أهداف الغرب في بعض المجتمعات الإسلامية . ولكنها لم تكن كافية بمفردها في مجتمعات إسلامية أخرى أكثر صلابة. فاضطر العدو إلى إشعال الفتن الداخلية ، وإلى فرض حصار اقتصادي خانق يدفع الشعوب إلى الثورة ليس فقط على أنظمتها الحاكمة بل أيضا على عقائدها الدينية المتوارثة.
– النظام البنكي والمصرفي الحديث يعتمد على الإنترنت. وتم ربط بنوك العالم ودمجها في الشبكة المالية اليهودية. فكان من السهل مراقبة الجميع، وفرض العقوبات الاقتصادية على أي دولة لا تخضع لرغبات اليهود.
– الحرب النفسية تبدأ بالهجوم الثقافي والدعاية السياسية، تنطلق عبر الإنترنت وما يطلقون عليه “مواقع التواصل الاجتماعي”. كما أن القنوات التلفزيونية تعمل بمثابة جيوش للحرب النفسية.
– للقنوات الفضائية استخدام مزدوج في حالات الثورات الملونة. فهي ركيزة الحرب الدعائية والنفسية. وفي نفس الوقت تعمل في إدارة وتوجيه حروب الشوارع ، كقيادة تصدر التوجيهات والأوامر.
– كان في أحداث أفغانستان وإيران الكثير من الدروس التي توضح الاستخدام المزدوج للقنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي. ودور الحصار الاقتصادي في الحروب الأمريكية / الإسرائيلية على الشعوب.
– من الإهمال الجسيم ترك العدو حراً في مجال الحرب الدعائية باستخدام وسائل الإنترنت والقنوات الفضائية. لأن تلك الوسائل يمكنها الاستمرار في عملها التخريبي. وبمرور الوقت يحدث تغيير تدريجي في أفكار الشعب ومعتقداته، حتى يتحول جزء منه إلى قوة خاضعة ومطيعة لتوجيهات الاستعمار الخارجي.
– لابد أن نقوم مباشرة بما هو مطلوب. وكلما نفذناه عاجلا كان ذلك أسهل. لأن المستقبل يضاعف المشكلة ولا يحلها . فتظل كامنة إلى حين ظرف مناسب، فينقلب المجتمع على نفسه ومعتقداته ونظامه الإسلامي.
– لا يجب ترك العدو حراً في إيصال رسائل الحرب النفسية إلى شعوبنا في أي وقت يشاء ، فهو يمتلك جميع الطرق المعروفة ويطور الجديد منها.
– الحل هو أن يصبح امتلاك واستخدام أدوات مثل أجهزة التلفزيون و الهواتف المحمولة، مرتبطاً باحتياجات الناس والمجتمع والضرورات المعيشية ومتطلبات التنمية والدفاع والأمن . وأن لا يترك استخدامها على النطاق الدولي مشاعا، لإشباع رغبات الترفيه . وأن تعمل ضمن دوائر وطنية مغلقة وليست دولية.
– أمامنا عدة طرق يمكن السير فيها جميعاً في نفس الوقت :
الأول: هو منع اقتناء أجهزة التلفزيون والهواتف المحمولة/ المرتبطة بشبكة الإنترنت الدولي/ إلا للذين تتوفر لديهم أسباباً عملية مرتبطة بخدماتهم التي يقدمونها للمجتمع والإمارة بما يبرر حيازة تلك الأجهزة .
ثانيا: أن تمتلك الإمارة نظامها الداخلي الخاص للاتصال بالإنترنت. ويمكن أن تتعاون في ذلك مع دول الإقليم التي تضررت بالفعل من هجمات العدو وحضارة الغرب الوحشية على الطابع الديني والأخلاقي لدول المشرق . فيمكن الدخول في برنامج للإنترنت (الإقليمي) بين تلك الدول، ويكون منفصلاً علن النظام (الدولي) الذى يديره اليهود من الولايات المتحدة و أوروبا.
ثالثا: منع حيازة أجهزة التلفزيون (بشكل شخصي) إلا ضمن دوائر داخلية للمؤسسات والوزارات والجامعات والمدارس، التي تستلزم وظائفها التعليمية والإدارية وجود بَثْ خاص بها ضمن دوائر داخلية مغلقة .
هزيمة بلا حرب :
– هناك عدة وسائل يمكن للعدو أن يسيطر بها على بلادنا وبدون حرب. ذلك باستخدام التكنولوجيا في (حروب ناعمة) أصبحت خطيرة للغاية، وتعتمد على السيطرة الثقافية والاعتقادية على الشعوب . تلك الحروب الحديثة ذكرنها سابقاً .. وهي :
أولا: الحرب الثقافية والنفسية باستخدام التلفزيون والإنترنت . وحرية العدو في الوصول إلى جماهير الشعب بواسطة مخترعاته التكنلوجية في مجال الإعلام والحرب النفسية، بحيث يتلاعب بهم ذهنياً وعقائديا وثقافيا طوال الوقت.
ثانيا: الحرب الاقتصادية بالحصار والتجويع وسرقة الثروات والإغراق بالقروض الربوية وتسلل الشركات الكبرى العابرة للقارات إلى الاقتصاد المحلي ، يعاونها في ذلك شريحة من كبار الأغنياء المحليين المرتبطين مصلحياً وثقافياً مع المحتل، ويشكلون طبقة اقتصادية متوحشة.
ثالثا : النظام الحاكم الذى يتنازل عن دوره في رعاية الشعب ويكتفي بحماية مصالح الشركات الكبرى الأجنبية والمحلية متعددة الجنسيات ، ذلك النظام هو أحد أعمدة الضياع التي تدعم العدو في السيطرة على البلد.
رابعاً : برنامج تعليمي مُشَوَّه وقاصر، مقتبس من برامج الغرب. مهمته تهميش الثقافة المحلية، وطمس معالم الدين لدى الشباب، وترويج الثقافات اليهودية في الشذوذ والعنف والمخدرات والقتل. مثل ذلك البرنامج التعليمي ينتج للمجتمع طبقة متعلمة على النمط الأوروبي، كانت من أهم أسباب انتكاس الإسلام في بلاد المسلمين، وخرابها على مختلف الأصعدة المادية والمعنوية.
– تلك الأدوات تجعل من سقوط البلاد في يد اليهود مسألة وقت . وهو ما يمكن تسميته (هزيمة بلا حرب). أي بلا حرب تقليدية عنيفة، بل هزيمة بوسائل الحرب الناعمة فقط .
– التكنولوجيا أداة خطيرة يستخدمها اليهود لتدمير الشعوب بنمط من الحروب متعددة الأوجه وعظيمة الفتك بالعقول والضمائر والثروات . فإذا نظر الشعب إلى التكنولوجيا على أنها مصدر للترفيه واللهو وإهدار الوقت، ولم تتدخل الإمارة بواسطة برنامج متعدد الأفرع لوقف ذلك الاستخدام التخريبي للتكنولوجيا، وإيجاد مسارات جديدة تحولها إلى خدمة الشعب والدين، فإننا نكون قد استسلمنا للعدو، وننتظر الوقت الذى يأتي لا محالة ليستسلم له شباب هذه الأمة، ويقدمون له دينهم وأعراضهم وثرواتهم هدية بلا مقابل، ليصبحوا مجرد عبيد في إمبراطورية اليهود العالمية .
أما إذا وقفنا بقوة وأخذنا زمام المبادرة وعملنا بأقصى طاقة، مهما بدت جهودنا صغيرة، فإن الاعتماد على الله والإيمان به سوف يحقق لنا النصر الذي حققه لنا في جميع حروبنا مع الكافرين، حتى أقمنا إمارتنا الإسلامية في أفغانستان. إنها حرب من أجل استخدام التكنولوجيا سلاحا إسلامياً في الجهاد لبناء دولة الإسلام القوية الحديثة. فلا نجعل التكنولوجيا سلاحا في يد العدوّ ليدمر به شبابنا وديننا .
فالتكنولوجيا سلاح حرب وليست أداة عبث، لأنها تقتل من يجهل قدراتها.
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )