بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
مجلة الصمود الإسلامية | السنة السابعة عشر – العدد 203 | جمادى الأولى 1444 ھ – ديسمبر 2022م.
26-12-2022
الإمارة وفقه الاقتصاد الإسلامي (الجزء الثاني)
الاقتصاد التطبيقي في الإمارة الإسلامية
الملا عبد الغني برادر : خنجر هلمند ، وسيف الاقتصاد
– { المجتمع الدولي لم يبن بلادنا، بل قام بتدميرها أكثر، ونحن الآن نقوم ببناء بلادنا بأنفسنا } ــ الملا برادر ــ
– يلزم إقامة كلية للتعليم الديني تشمل تخصصات متعمقة في الاقتصاد الإسلامي والعالمي . وليكن إسمها ( كلية الاقتصاد الإسلامي التطبيقي).
– تحتاج الإمارة إلى كلية شرعية للفقه الجهادى [ العسكري والسياسي والاقتصادي] ، لحفظ الحصيلة الفقهية الجهادية في أفغانستان والتي لا نظير لها في العالم الإسلامي. وليكن اسمها (كلية السياسة والجهاد).
الحاج الملا عبد الغني برادر، يشغل حالياً منصب نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية. وهو من أشهر القادة الميدانيين الذين تصدوا للحملة العسكرية الأمريكية في بداية حكم الرئيس الأمريكي بارك أوباما (2009). وقد استهدفت الحملة إقليم هلمند بقوة أمريكية تعدادها ثلاثون ألفاً. وأطلق الأمريكيون على حملتهم اسم “الخنجر”.
و لم ينجحوا سوى في إقامة سلسلة طويلة من المخافر في صحارى هلمند ومزارعها، مما أدى إلى خسائر كبيرة في أرواح الأمريكيين ومعداتهم نتيجة غارات المجاهدين وكمائنهم.
– ملا برادر حاليا يقوم بدور سيف الإمارة الإسلامية في محاربة الفقر والتخلف والتبعية، من خلال منصبة (نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية ).
ولكن الرجال هم من يعطون القوة لمناصبهم وليس العكس. ومن خلال منصبه يقود الملا برادر أهم معارك أفغانستان لإصلاح الحاضر وبناء المستقبل، وهى معركة بناء الاقتصاد. بينما تقوم مجموعة أخرى من الرجال العظماء، أصحاب الخبرة الهائلة في القتال ودحر الأمريكيين، بإدارة عمل جماعي في الدفاع عن أفغانستان ضد الحرب الأمريكية الجديدة التي عمادها طائرات الدرونز ومجموعات المخربين الدواعش والجيش السري الأمريكي. من هؤلاء الأبطال وزراء الدفاع والاستخبارات والداخلية، وقادة المجموعات الضاربة من الكوماندوز الشباب الذين أذاقوا أمريكا وحلف الناتو وإسرائيل مرارة الهزيمة والإذلال على أرض أفغانستان.
يمكن القول بأن هذا الفريق الدفاعي العسكري هو الأفضل من نوعه في المنطقة، والأكثر خبرة في العالم في مجال هذا النوع الحروب . وهدفهم الأول هو حماية الإمارة ومواطنيها في المدن والقرى، وحماية أعمال ملا برادر والفِرَقْ التي يقودها لبناء اقتصاد حديث لأفغانستان، طبقا لأساسيات الاقتصاد الإسلامي وأهدافه الإنسانية والاجتماعية.
استعادة حقوق أفغانستان المائية:
نعود إلى ملا عبد العني برادر. فنقول إنه بطل أفغانستان في الحصول على حقوق شعبها في مياه نهر جيحون. فهو الذى بدأ في شق فرع من ذلك النهر إلى داخل أراضي أفغانستان بواسطة “جاروف” يدوي كان في يده.
فكانت ضربات يده لشاطئ نهر جيحون بمثابة طلقات البدء لمشروع زراعي عملاق في شمال أفغانستان، الذى يعانى من الفقر والجفاف.
يُشْرِف ملا بردار حاليا على قناة ري جديد(مقتبسة) من مياه نهر جيحون، تبدأ من منطقة (قوش تيبة) في ولاية بلخ شمال أفغانستان، ثم تمضي بعيداً في عمق البلاد.
عندما افتتح ملا برادر مشروع تحويل جزء من مياه نهر جيحون إلى أفغانستان قال إن بلاده لم تحصل على شيء من نصيبها من مياه ذلك النهر طوال مئة عام.
وقد أعلنت مديرية العمل هناك إنه تم حفر 15 مليون متر مكعب، أي ما يعادل 11% من القناه المذكورة. وقالوا أيضا إن المشروع يعمل به 2200 شخص، تساندهم (1150) من المعدات الهندسية. وأن هناك آلاف العمال يعملون بشكل غير مباشر في المشروع .
– وهناك إشارات، ربما تدل إلى بداية تَحَوُّل أفغانستان بالتدريج إلى بلد جاذبة للعمالة وليست طاردة لها. وذلك نتيجة حركة المشروعات التي تنتشر مع نشاط حركة الترانزيت وتشييد البنية التحتية، من طرق وخطوط قطارات وقنوات ري وسدود، رغم أنها في بدايتها المبكرة. ولكن لوحظ خلال أسبوع واحد عودة 6000 من الأفغان الذين يعيشون في إيران. وتلك عودة مرشحة للتزايد للمهاجرين الذين غادروا البلاد بحثا عن فرص عمل.
وقد بلغت عائدات الجمارك من منافذ هيرات مع إيران ، مبلغ” 20 مليار أفغاني” خلال العام الأول لتولى الإمارة الإسلامية الحكم ، وقضائها على الفساد في المنافذ الحدودية.
– ومن الشعارات التي أطلقها ملا برادر وتصلح لأن تكون شعاراً لوزارة الشئون الاقتصادية قوله: (المجتمع الدولي لم يبن بلادنا، بل قام بتدميرها أكثر ونحن الآن نقوم ببناء بلادنا بأنفسنا ) .
خطوط لنقل الطاقة وخطوط للقطارات ورصف طرق للسيارات
من مشاريع ملا برادر في وزارة الاقتصاد تمرير خط أنابيب “تابي” لنقل الطاقة من حدود تركمانستان إلى داخل أفغانستان [ وذلك حسب رؤية الإمارة لاستراتيجية الطاقة لأفغانستان وقارة آسيا عموما ].
ولدى الوزارة قائمة طويلة بمشاريع بناء طرق جديدة، وإصلاح طرق قديمة، من أهمها طريق سالانج الاستراتيجي الذي يربط كابل مع ولايات الشمال . وإصلاح الطرق بين الولايات مثل طريق قندز / بغلان . وطريق قندهار / زابل.
– إصلاح طرق للسيارات وللقطارات، أدى إلى ارتفاع كبير في تجارة الترانزيت بشكل لم يكن معهودا من قبل في عصر الاحتلال الأمريكي أو قبله . فمن خلال المنافذ الحدودية مع دولتين فقط هما تركمانستان و أوزبكستان مرَّ حوالى 65000 طن من البضائع خلال أسبوع واحد.
ولأول مرة دخل إلى أفغانستان عبر معبر حيرتان قطار محمل بالبضائع قادماً من الصين. وقد مرَّ القطار بدولتين في آسيا الوسطى هما قرغيزستان وأوزبكستان (وذلك ضمن مشروع طريق الحرير). كما وصل إلى الأراضي الأفغانية قطار يحمل بضائع روسية تستهدف الوصول إلى الهند عبر ميناء تشابهار على بحر العرب فى إيران . وذلك ضمن مشروع (شمال جنوب) الاستراتيجي.
كلية (الاقتصاد الإسلامي التطبيقي):
بحكم منصبه فإن ملا برادر يتولى قيادة الجهاز الذي يبنى أساسيات دولة الإسلام في أفغانستان وهو الاقتصاد .
وبحكم قدراته الشخصية، فهو يقود المعركة بجدارة وروح اقتحام جسورة لا تقل عن روحه القتالية الجهادية في معارك “خنجر” هلمند عام (2009).
– وما يلزم بشكل عاجل هو إقامة تعليم ديني يشمل تخصصات متعمقة في الاقتصاد الإسلامي والعالمي . وأن يمارس الدارسين دورات تطبيقية في معاقل الاقتصاد الحديث، مثل البنوك والشركات الكبرى المحلية والعالمية .
وأن تشرف على المشروع وزارات التعليم ، والاقتصاد . وأن تنفق بلا حرج على تلك المعاهد والعلماء والمختصين والخبراء العاملين في التدريس . وأن تنفق أيضا على الطلاب الدارسين وتقدم كافة التسهيلات والتشجيع لهم. فمن المهم جدا أن لا يُتْرَك فقه الاقتصاد خارج إشراف وتوجيه الإمارة الإسلامية. ومعلوم أن بنوك دولية عديدة أقامت معاهد اقتصادية لتخريج (علماء) مسلمين تستفتيهم في أمور التعاملات الربوية، لإيهام الجمهور بأن الربا لا يعمل من باطن المعاملات البنكية التي يطلقون عليها صفة (إسلامية) .
وَفَرُوا بذلك غطاءً زائفاً من الفقه الإسلامي، للتستر على التعاملات الربوية لتلك البنوك، بهدف جذب أموال المسلمين، والتعامل اقتصاديا معهم . لهذا اخترعت البنوك الربوية فقه إسلامي مزيف قائم على طبقة من أشباه العلماء المدلسين من فقهاء البنوك اليهودية .
– بالقطع لن تسير الإمارة على ذلك المنوال، فيجب أن تؤسس لعلم اقتصاد إسلامي حقيقي يوافق الشرع، وليس خاضعاً لشياطين البنوك الدولية .
علوم الفقه الجهادى في ( كلية السياسة والجهاد) :
إن الفقه الحقيقي يجاري حركة المسلمين على الأرض في كافة المجالات.
– وكما في الاقتصاد تحتاج الإمارة إلى كلية شرعية للفقه الجهادى، [العسكري والسياسي والاقتصادي] . ليحفظ الحصيلة الفقهية الجهادية في أفغانستان والتي لا نظير لها في العالم الإسلامي بأجمعه.
– نتيجة لجهاد شعب أفغانستان لمدة أربعين عاماً ضد الاحتلال السوفيتي، ثم الاحتلال الأمريكي الإسرائيلي، فقد تَكَوَّن لدى العلماء الأفغان رصيد هائل من الفقه الجهادي العملي الذى يتعامل مع المشاكل الواقعية للجهاد المعاصر بتعقيداته التي لم تكن موجودة في العصور الخالية. فقه جهادي مؤصل، يواجه التحديات الجديدة في عالم الجهاد في كافة المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويجيب على أسئلة أجيال المجاهدين سواء للرجال أو للنساء. ومن المعتقد أن ذلك الفقه الجهادى غير مدون في كتب علمية يسهل الاطلاع عليها وإعدادها للتدريس كمادة أساسية في كلية جديدة تحت اسم (كلية السياسة والجهاد)، وذلك ضمن جامعة كبرى نأمل أن تكون ضمن المشاريع الأساسية لخدمة الإسلام والتي تقوم بها الإمارة في أفغانستان، وتقدم خدماتها لجميع المسلمين في العالم.
– الإمارة الإسلامية لأول مرة في تاريخ المسلمين الحديث/ ومنذ قرون طويلة/ تخوض معركة لبناء اقتصاد إسلامي حقيقي في عالم مليء بالتحديات، وفى ظل تدخلات خارجية لا حصر لها ومشاكل داخلية تراكمت لمدة عقود كثيرة.
هذا التحدي الفقهي في الاقتصاد سيشمل بالضرورة قضايا محورية في المجتمع الإسلامي مثل الشورى والعدل والقيم الاجتماعية والأخلاق الإسلامية، في مجتمع يشهد تدخلات واختراقات من جميع الإتجاهات، خاصة مع التطور التكنولوجي الخطير في مجال الاتصالات والإعلام .
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )