وا إسلاماه (3)
[ الجزء الأول]
جزيرة العرب : حصاة فى بحر إسرائيلى
السيطرة على الإسلام أهم لدي إسرائيل من أى مكاسب أخرى.
– إسرائيل وجزيرة العرب : حصار بحرى وابتلاع دينى.
– المسجد النبوى مهدد ، مثل المسجد الأقصى ، فكلاهما فى إنتظار الهدم والإزالة .
– يتحول المسجد الحرام ، باليد اليهودية، إلى موضوع للسياحة الدولية أكثر منه للدين . وإلى توتير أعصاب الحجاج بهستيريا “الأمن” و”الإرهاب” لحرمانهم من السكينة ، وإبعادهم عن أداء فريضة الحج.
– إذا أغلقت إسرائيل ـ بمعاونة أوروبا وأمريكا والسعودية ـ البحر الأحمر على نفسها كقوة مسيطرة، فإن جزيرة العرب ستصيح مثل حصاة فى قاع بحر يهودى.
– لا تريد إسرائيل نفطاً أومكاسب إقتصادية واستراتيجية من جزبرة العرب، بقدر حاجتها إلى السيطرة على الدين الإسلامى، وإعادة صياغة أحكامه ومفاهيمه، وعباداته وأركانه الخمس. وبالتالى السيطرة الروحية والنفسية والعقائدية على خُمْس سكان العالم ، وهم المسلمين.
1 ــ [البحر الأبيض المتوسط] مجال بحرى تحكمه إسرائيل :
– إسرائيل لا تتوقف عن حشد قواتها البحرية وقوات الحلفاء فى البحار التى تحيط بإمبراطوريتها الشرق أوسطية (العربية)، وهى البحر الأبيض المتوسط ، و البحر الأحمر، ثم بحار عدن وعمان وبحر العرب ، والخليج الفارسي.
فى طوق بحرى عملاق ذو أهداف دينية وإستراتيجية هامة. فالتواجد الإسرائيلي فى البحر الأبيض من أهدافه :
أولا : طرد روسيا من ذلك البحر الحيوى ، والعمل على حصرها فوق اليابسة الروسية. وطردها من سوريا، لأهداف منها تأمين إمدادات النفط المتدفق من موانئ الإمبراطورية الإسرائيلية صوب أروبا ، التى تخنقها إسرائيل بمنع إمدادات الطاقة الروسية عنها. وحصر إمدادات الطاقة فى اليد الإسرائيلة أولا، ثم اليد الأمريكية.
ثانياً : رفع الراية الإسرائيلية على كامل شواطئ شمال أفريقيا العربية، وشواطئ العرب فى آسيا ، إمتداداً من سيناء وحتى آخر الحدود البحرية السورية .
ثالثا : حصر الإتصال بين الشرق الأوسط وأوربا فى اليد الإسرائيلية بحراً وبراً وجواً. خاصة عندما تتحقق لإسرائيل أمنية إستبدال النظام السورى بنظام أخر موالٍ لها. وله خريطة تحالفات إقليمية ودولية مخالفة للخريطة التى يتبناها النظام الحالى.
2 ــ إسرائيل .. فى [البحر الأحمر]:
– يقاس نجاح إسرائيل فى البحر الأحمر، وتحويله إلى بحيرة عسكرية داخل بيت يهودى، بنجاح السعودية فى تحويل شواطئها على ذلك البحر إلى شواطئ للعراة، ومنطلقا لمجالات الحيوانية الشبقة، فى تحدٍ كافر للطبيعة الدينية لجزيرة العرب ، ومحاولة محوها لصالح هجمة تهويد جزيرة العرب، وإهدار قيمة المقدسات.
– جدة مفتاح اليهود لحكم مَكَّة ، وعاصمة قوتهم فى البحر الأحمر.
– جدة عاصمة إسرائيل على البحر الأحمر على طول شاطئه الشرقى، كما أنها تسيطر على الطرق إلى مكة (80 كيلومتر) والمدينتان تقتربان من بعضهما بالتوسع العمرانى. لهذا تنشط إسرائيل فى إعادة هبكلة جدة لتكون قاعدتها لحكم مكة نفسها وليس الضفة الشرقية للبحر الأحمر فقط . ويتم الآن طرد مئات الألوف من سكان جدة لإقامة مشاريع تريدها إسرائيل فى إطار نظرتها الإستراتيجية لإحتلال السعودية وجزيرة العرب كاملة برا وبحرا . عمليات طرد السكان وإعادة بناء جدة وفق رؤية الإحتلال الأسرائيلى هى أجواء “نكبة” من الطراز الذى عاشه الفلسطينيون.
– طبقا للرؤية الإسرائيلية الجديدة فإنهم يعتبرون جدة عاصمة قوتهم البحرية على البحر الأحمر ، وقاعدة لإدارة مكة، والسيطرة على النشاط الدينى فى الكعبة المشرفة.
– العديد من مناطق المملكة تعيش أجواء نكبات مماثلة ، والمدينة المنورة وما جاورها من مناطق تدور فيها إجراءت نكبة ، تصل إلى درجة التهويد الكامل . حتى المسجد النبوى مهدد للغاية ، وهو فى إنتظار ما ينتظره المسجد الأقصى فى القدس ، فكلاهما فى إنتظار الهدم والإزالة ،أو على الأقل تحويله إلى مجرد مبنى قديم بلا قداسة دينية . وله إستخدام سباحى، وقيمة إقتصادية كمصدر للعملة الصعبة.
– أما الكعبة فيحولها اليهود ــ تدريجياً ــ إلى مجرد بناء قديم معتقل ومحاصر بالحواجز الإسمنتية والفولاذية، والقيود الأمنية ، والتواجد الإستخبارى الذى لا نظير له فى أى تجمع بشرى آخر مهما كان نوعه. ويتحول المسجد الحرام إلى موضوع للسياحة أكثر منه للدين . وإلى مفهوم “الأمن” و”الإرهاب” أكثر منه إلى السكينة الروحية للمسلمين. وهدف اليهود هو توتير أعصاب الحجاج بهستيريا “الأمن” و”الإرهاب” لحرمانهم من السكينة الروحية، وإبعادهم عن أداء فريضة الحج، الذى سيتحول بهذا المخطط إلى موسم سياحى دولى ، وليس فريضة دينية تؤديها الأمة المسلمة.
3 – [ اليمن] ــ اليهود وصهاينة العرب يَذبَحون فى اليمن
الأمل فى تحرير مقدسات مكة والمدينة.
– القبضة الإسرائيلية مستحكمة على الحزام المائى المحيط باليمن : من باب المندب إلى بحار عدن وعمان وبحر العرب . والهدف هو إحكام الحصار على شعب اليمن، لتجويعه ومنع إيصال أى أسلحة إليه، وحرمانه من حق الدفاع عن نفسه ضد الحرب التى تشنها عليه السعودية والإمارات بالوكالة عن إسرائيل.
– الخليج “الفارسي” تعمل فيه إسرائيل بمؤازرة من أساطيل أمريكا وعدد من دول حلف الناتو إضافة إلى أساطيل الصهاينة العرب فى المنطقة. بهدف منع إيران من إستخدام ذلك الخليج ، أو على الأقل تقليص تواجدها العسكرى فيه . وبالتالى إمكانية الإستيلاء بالقوة على حقولها من الغاز، وهو ثانى أضخم مخزون فى العالم . ومصادرة مواردها النفطية فى مياه الخليج . ثم الإنتقال بعد ذلك إلى العدوان على السواحل الإيرانية نفسها .
إسرائيل و جزيرة العرب : حصار بحرى وابتلاع دينى
تشديد إسرائيل لقوة حزامها البحرى حول إمبراطوريتها (العربية) ــ الشرق الأوسط ـ يعنى إحكام الحصار البحرى حول جزيرة العرب بمفهومها الأوسع الذى يشمل اليمن وعمان. ويشمل المدى الأكثر إتساعا بحصارشواطئ الشام أيضا . وبذلك يكاد أن يصبح إبتلاع إسرائيل لجزيرة العرب إبتلاعاً نهائيا لا أمل تقريبا فى الفكاك منه ، خاصة إذا أضيفت السيطرة البرية على جزيرة العرب إلى تشديد القبضة على سواحل الخليج (لحسن الحظ أن إسمه تاريخياً وقانونيا هو “الخليج الفارسي” ، وإلا لأصبح خليجاً “عبرياً” منذ زمن) . فإذا أغلقت إسرائيل ـ بمعاونة أوروبا وأمريكا والسعودية ـ البحر الأحمر على نفسها كقوة مسيطرة ، فإن جزيرة العرب ستصيح مثل حصاة فى قاع بحر يهودى.
– لا تريد إسرائيل نفطاً أو مكاسب إقتصادية واستراتيجية من جزبرة العرب بقدر حاجتها إلى السيطرة على الدين الإسلامى، وإعادة صياغة أحكامه ومفاهيمه، وعباداته وأركانه الخمس. وبالتالى السيطرة الروحية والنفسية والعقائدية على خُمْس سكان العالم ، وهم المسلمين.
4- من الخليح “العبرى” :
إسرائيل تحاول محاصرة النظام الأسيوى القادم :
من إجمالى ما تريده إسرائيل من الخليج “الفارسي” هو تحويل ايران إلى دولة برية محرومة من إستخدام سواحلها البحرية على الخليج. تماما كما تريد أن تفعل مع روسيا بحرمانها من إستخدام البحر الأبيض المتوسط .
والجدير بالذكر أن نجاح المخطط الإسرائيلى بالهيمنة على الخليج الفارسى يعنى حرامان الصين من إمكانية الإطلال على ذلك الخليج بعد إنجاز طريق الحرير الذى يعبر أفغانستان . وبالتالى يظل بحر الصين الجنوبى هو المنفذ الأوحد للصين على العالم. ومهمة إغلاقه موكولة بالأسطول الأمريكى واساطيل الدول “الصديقة والحليفة” التى تسير فى ركاب أمريكا ضد الصين ، وأهمها اليابان وإستراليا والهند وكوريا الجنوبية والفلبين .
– إن الإستراتيجية البحرية لإسرائيل المتحالفة مع أمريكا وحلف الناتو ترمى إلى حصار الدول الثلاث التى تستهدفها الإمبراطوربة الإسرائيلية بالتفكيك والإزالة. تلك الدول هى روسيا والصين وإيران .
وكلها تدرك مخاطر أن تتحول الى قوى برية ذات تواجد بحرى محدود ، تاركة البحار الهامة والمحيطات فى قبضة الإمبراطورية اليهوية الجديدة وأعوانها الغربيين ، ليعود الحال لما كان عليه فى عهود الإمبراطوريات الإستعمارية البائدة ، مثل فرنسا وبريطانيا والبرتغال وأسبانيا وهولندا.
[ الجزء الثانى ]
الإستراتيجية الإسلامية
لطرد اليهود من جزيرة العرب
{ السكان والتنظيمات الجهادية]
مقدمة:
البحار للمستعمرين الأقوياء ، واليابسة للمستضعفين :
أروبا ، منذ بدايتها الإستعمارية وحتى نهاية الحرب الباردة ، حوَّلت أعدائها إلى قوى برية ذات تواجد بحرى من الدرجة الثانية فما دون.
– فى البداية نجحت فى وقف زحف الإمبراطورية التركية فوق أراضى أروبا، ثم إقناع السلطان سليم ــ (بوسائل ناعمة) ــ بتجميد نشاطه العسكرى فى أروبا وتحويله نحو المشرق الإسلامى . فإقتنع سليم الأول ومضى شرقاٍ إلى إحتلال مصر وأجزاء من غرب إيران .
– وبوسائل أروبا (العنيفة) ، إقتنع قياصرة روسيا بتحويل إندفاعهم الإستعمارى من الإتجاه غربا صوب أروبا ، إلى جهة المشرق الإسلامى الضعيف والمفكك ، بدلا من مواجهة أروبا الصناعية القوية. فتقدم القياصرة فى أراضى آسيا الوسطى والقوقاز حتى كادوا أن يلامسوا حدود الإمبارطورية البريطانية فى الهند، فتحدث حرب عظمى بين القوتين الكبيرتين بريطانيا وروسيا. فأوجدوا دولة أفغانستان لتكون عازلاً. ولكن على مر الزمان تحول ذلك العازل إلى كارثة على كليهما. فحطم شعب أفغانستان فى القرن التاسع عشر الحملات البريطانية التى حاولت السيطرة عليه. ثم حطم الجيش الروسى فى القرن العشرين ، فكانت نهاية الإمبراطورية السوفيتية. فأصيب النظام الدولي بخلل مستدام ، ثم تحول إلى فوضى شاملة نعيش فيها الآن خاصة بعد الهزيمةالأمريكية الكبري فى أفغانستان. وأعقبها مغامرتها الخرقاء فى أوكرانيا .
1- تركيز الواقع السكانى لعرب الخليج الفارسى
وإعادة تشكيلة بعيداً عن التقسيمات السياسية التى كبله بها الإستعمار (البريطانى) القديم ، وأكدها الإستعمار (الإسرائيلى) الحديث . بمعنى أن يعاد إرتباط سكان هذا الشاطئ مع أهم الكيانات المرتبطة به تاريخيا وقبلياً ، وهُم العراق وعُمَان واليمن .
فتسعى الحركة الجهادية إلى لمْ الشتات السكانى وأعادته إلى جذوره العرقية والقبلية لمواجهة ما هو قادم من طرد سكان شاطئ الخليج العربى إلى خارج المنطقة، لإقامة مستعمرات صهيونية وهندوسية (وربما فلبينية أيضا)على أطلال التواجد العربى والإسلامى فيها. فبدلا من طردهم إلى صحراء الربع الخالى أو إغراقهم فى مياه الخليج (العربى) ، يسعى السكان من الآن إلى إعادة لُحْمَتَهم العرقية مع أصول قبائلهم فى العراق (بالنسبة لسكان الكويت)، أو قبائلهم فى عُمان واليمن بالنسبة لباقى سكان الخليج والجزيرة .
2 – سكان الشاطئ العربي من الخليج يتحملون دينياً وتاريخياً مسئولية الجهاد فى مناطقهم(برا وبحرا وجوا) ضد التواجد الإستيطانى القادم مع اليهود والهندوس. سيكونون جزءاً من الحركة الجهادية الكبرى، لإعادة الإسلام إلى جزيرة العرب فى مجهود يكون متواضعاً فى البداية ثم يتسع ويتكامل ليُطهِّر جزيرة العرب من شواطئ اليمن إلى شواطئ الشام. ومن شواطئ البحر الأحمر إلى شواطئ الخليج الفارسي .
3 – الشواطئ الإسلامية الأفريقية هى قطاع إستراتيجى واحد ، يمتد من السويس إلى شواطئ تزانيا. وهو الظهير الأفريقي للإسلام فى جزيرة العرب، لتحريرها من اليهود والتواجد العسكرى الأمريكى /الأروبي وحلف الناتو .
4 – الفاصل المائى بين الشواطئ الإسلامية الإفريقية والشواطئ الإسلامية فى جزيرة العرب، بما فيها شواطئ اليمن وعُمَان هى مجرد “قنوات إتصال بحرية” وليست حواجز أو عقبات تعرقل الجهاد فى تلك المناطق. وأى تواجد معادي فى المساحة بين الشاطئين العربى والأفريقي سيكون معرضاً للإستهداف طبقاً للموقف السياسي لأصحاب تلك السفن والأساطيل. فتلك المياه هي مياه إسلامية ، والخليج الفارسي والبحر الأحمر هما مجرد شقوق مائية داخل اليابسة الإسلامية.
5 – يبدو الواقع السياسي فى تلك المنطقة معقداً وشائكاً. ولكن تفكيكه وتغييره ممكن بنفس الأسلحة التى إستخدمها الأفغان فى إنتصارهم على أمريكا بعد جهاد دام عشرين عاماً، ضد غزو شاركت فيه إسرائيل ومشيخات الخليج وتركيا وباكستان. وفى الإجمال حوالى خمسين دولة شاركت بشكل مباشر فى الغزو والقتال.
ثانيا : الأمراض التظيمية فى الحركة الإسلامية والجهادية ، واستحالة الإصلاح من الداخل.
المشكلة الأخطر التى واجهت حركة طالبان وإمارتها الإسلامية كانت متمثلة فى الأمراض التنظيمية بإسم الإسلام والجهاد والتى حقنها المستعمر الأمريكى فى عروق المجتمع الأفغانى أثناء الجهاد ضد الشيوعية التى دعمها الجيش الأحمر لمدة 14 عاماً .
– كانت فتنة كبرى أن وقف قادة المنظمات الجهادية (7 منظمات من السنة، 8 منظمات من الشيعة. غير عدد من المنظمات الصغيرة من الطرفين). وقفوا جميعاً برصيدهم الدعائي والدعم الخارجى الذى حصلوا عليه ليواجهوا حركة طالبان بالسلاح والدعاية والحرب النفسية داخل أفغانستان وخارجها. ومازال العديد منهم يفعل ذلك منطلقاً من تركيا، دعماً لحرب أمريكية من الجو يساندها من الأرض الأفغانية داعش والجيش السرى الأمريكى، ومليشيات خدمت السوفيت ثم الأمريكيين.
– هذا الإنحراف الإسلامى الداخلى كان أشد وطأه وأخطر على الجهاد من التدخل العسكرى الخارجى. ولكن حركة طالبان إنتصرت على ذلك الإنخراف المتستر بإسم الجهاد، والذى سيواجه المسلمين مثله عند قيامهم بفريضة تحرير المقدسات الإسلامية (بما فيها المسجد الأقصى) وطرد جيوش الكافرين من جزيرة العرب وفلسطين .
– الجهاد فى أفغانستان لطرد الجيوش الكافرة، واجه صعوبات من داخل الصف الإسلامى . وهذا ما يحدث الآن حرفياً فى المنطقة العربية، حيث التستر بالإسلام والجهاد وسيلة تستخدمها إسرائيل وأمريكا كما فعلوا مع المجموعات المماثلة فى أفغانستان ، والتى كانت تتألف من جميع الأقسام ومختلف التنوعات. من السلفيين والإخوان المسلمين، و الصوفيين السُنَّة ، والشيعة بأقسامهم .
– ملاحظة هامة أخرى : محاولة هداية هؤلاء المارقين وإصلاح مسيرتهم باءت بالفشل إلا على نطاق فردي، وإنغمس الباقون فى المكاسب المالية والمناصب السياسية داخل النظام الإستعمارى الحاكم، بما فيها الإستخبارات والتعذيب وقتل المدنيين العُزَّل فى القرى وعلى الطرقات.
– إعتمدت حركة طالبان على الله أولاً، ثم على أفراد الشعب بفطرتهم النقية وعاداتهم الإسلامية العريقة، ومعرفتهم المباشرة بالمجاهدين من حركة طالبان، وتجرتهم مع الإمارة الإسلامية التى حكمت البلد لمدة خمس سنوات قبل الإحتلال الأمريكى .
لم تنتظر حركة طالبان أحد من قادة الأحزاب الإسلامية. كما لم تنتظر أن تفيق أى جماعة وتعود عن ضلالها وغَيِّها، بل حاربت الإحتلال ومن رفعوا السلاح إلى جانبه. وحاربت قادة ومشَغِّلي الحرب النفسية والدعائية لصالح الإحتلال والمحتلين. فقتلت عدداً من زعماء الضلال، وشردت أكثر الباقين الذين إختبأوا خوفا ًمن العقاب .
– مبكراً حسمت حركة طالبان أمرها بنتيجة مفادها أن الإصلاح من داخل الحركات الإسلامية لا يجدى إلا على مستوى أفراد قلائل، وأن أصحاب الرؤية الجهادية الصحيحة عليهم تنظيم أنفسهم ووضع خططهم بعيداً عن “البضاعة التنظيمية” القديمة التى تَعَفَّنَت. وبعد الإنتصار وفرار الإحتلال الأمريكى لم تفكر حركة طالبان فى القصاص من الأتباع الصغار بل أطلقتهم مع الطلقاء .
أما القادة من كبار المفسدين( ورمزهم الأكبر “سياف” رئيس إتحاد أحزاب المجاهدين وقت السوفييت، وأمير الإخوان المسلمين فى أفغانستان)، فقد هربوا إلى أشقائهم الهندوس فى الهند ، ثم شكلوا ضد طالبان تنظيمات “مقاومة” تديرها إسرائيل من أسطنبول وتنفق عليها مشيخات النفط .
– أثناء جهاد العشرين عاماً، القادة الكبار الذين صنعتهم آلة الدعائية النفطية والأروبية أصدروا العديد من الفتاوي ضد مجاهدى طالبان. ونادوا بإعدامهم وتعليق جثثهم على بوابات كابل.
“سياف”، صاحب أشهر فتوى ضد طالبان، هرب إلى الهند ثم تركيا. ولكنه سيحاكم إذا إمتلك الشجاعة على مواجهة محكمة شرعية إسلامية.
– تأكد لحركة طالبان ومؤسسها أمير المؤمنين الملا محمد عمر ، أن الأحزاب التى تُفسِد فى الأرض بإسم الإسلام، لا جدوى من إضاعة الوقت فى وهْمِ إصلاحها من الداخل، بل يجب تخطيها وفق رؤية إسلامية صحيحة ومؤصلة، تتجنب الألغام الفقهية والسياسية التى بثتها تلك المجموعات لتفجير أقدام المجاهدين وتفريق الأمة وتحويل الجهاد من الحرب ضد الكافر الصائل الى حرب ضد الإخوة فى الدين. وتحويل الخلافات الفقهية إلى حروب إستئصال ذات شعارات مذهبية.
والآن تتصدر تلك الجماعات المُزيَّفة تحالفاً مع إسرائيل بهدف التصدى لأى محاولة من شعوب المنطقة للتحرر من الإستعماراليهودى الجديد، أو تحرير جزيرة العرب من الجيوش الكافرة الإسرائيلية والأمريكية والأروبية، التى ملأت القواعد العسكرية ونشرت الأساطيل التى تحاصر جزيرة العرب وتخنقها، وتساهم فعليا فى إبادة شعب اليمن وتحويل شواطئ البحر الأحمر إلى مشاريع سياحية غير أخلاقية، يشرف عليها نظام يقوده ملك المرتدين، والأمير منشار الدين.
الحركة الإسلامية المتصهينة، والمجاهدون فى سبيل رفعة الصهيونية وتمكينها من أراضى ورقاب المسلمين ومقدساتهم، يدَّعون أنهم يفعلون ذلك غِيْرَه على الإسلام وكراهية للشيعة. وذلك كذب وتمويه على حقيقة إنهم تحولوا إلى حِذاء تستخدمه إسرائيل للتدخل فى أمور المسلمين من أقصى المغرب العربى إلى وسط آسيا وجنوبها . وفى المكان الذى لا يجدون فيه شيعة، أو كان الشيعة أقلية لا حول لهم ولا قوة، فإنهم يتحولون إلى محاربة التصوف أو أى تحرك إسلامى معادى لإسرائيل أو تتوقع منه خطراً عليها.
كيف حكم الإسلاميون مصر ؟:
– توصَّل الإسلاميون عام 2012 إلى حكم مصر لمدة عام، بالتوافق مع الجيش، الذى كان يتجهز لينفرد بحكم البلاد حكماً صهيونياً مباشراً لا مواربه فيه ، ولا مصر بعده.
لم يهتم الإسلاميون ــ حكام مصر وقتها ــ بإعتزام الحبشة الإستيلاء على ماء النيل. فصمتوا عندما زمجر الجيش قائلا بأن ذلك الملف هو ملكية خاصة به . ولم يتكلم الإسلاميون عن سيطرة اليهود على مصر إقتصادياً وسياسياً . ولم يساعدوا غزة بشئ غير وساطات مع إسرائيل كأى وسيط “محايد”، رغم هتافهم الفارغ (لن نترك غزة وحدها).
ولكنهم كانوا سباعاً ضارية فى سوريا ،لأن تدميرها كان مشروعاً إسرائيلياً. تماما مثل مشروع “سد النهضة” لتدمير مصر .
وصاح رئيسهم “الإسلامي” فى بداية أيام حكمه (لبيك يا سوريا ــ لن نترك سوريا وحدها). ولكنه ترك مصر وحدها، وترك غزة وحدها ، وترك مصر بلا ماء النيل. و كان يمكنه تحويل سد النهضة إلى أداة لإستنهاض شعب مصر وحشده خلف قيادة إسلامية مجاهدة تستعيد كافة حقوقة وتحررة من طغيان العسكر، وسيطرة إسرائيل على مصر بدعم أمريكى وأروبى.
– رئيس مصر، ونظامه “الإسلامى”!!،وبتمويل سعودى وخليجى، إستأجر طائرات لنقل شباب مصر المجاهد، وأرسلهم إلى تركيا ليتسلحوا ويخوضوا دماراً طائفياً فى سوريا . رغم أنهم لم يرفعوا سلاحاً دفاعاً عن أنفسهم فى مجزرة ميدان رابعة { بل قالوا فى ضعف مستخزى : [سلميتنا أقوى من سلاحهم]. يقصدون الجيش وأجهزة القمع العسكرية. فكانوا أسوداً إستئصاليون فى سوريا ، وخرافاً بلهاء تموج فى سلخانة العسكر فى ميدان رابعة} .
فلا دافعواعن أنفسهم فى مصر ، ولا دافعوا عن مياه النيل . ولا دافعوا عن سيناء التى يسيطر علها اليهود مستخدمين الجيش المصرى ضد أهالى سيناء وكأنه فرقة من الجيش الإسرائيلى .
– كان الإخوان يخوضون فى سوريا مجازر طائفية مدعومين من مشيخات الخليج، ليس لبناء دولة لأهل السنة والجماعة كما يدَّعون ، ولكن لتمرير المشاريع الإسرائيلية التى تربط الشرق الأوسط الإسرائيلى بأروبا عبر تركيا، بالقطارات والسيارات وخطوط النفط والغاز.
كان قتالاً لأهداف إسرائيلية بحتة ولكن بشعارات كاذبة ومفتعلة يرددونها بجنون الهَوَس المذهبى. والحقيقة أنه هَوَس الدفاع عن اليهود ، وحلف الناتو اليهودى/ العربى ، ضد كل من يخالف المشروع الإسرائيلى فى العالم العربى، من أهل السنة المغلوبين على أمرهم، الصامتين عجزاً وحيرة إزاء هذا الإنحراف الذى لم يسبق له مثيل بين المسلمين، إلا من هؤلاء الذين إغتصبوا النطق بإسم الإسلام والمسلمين، بينما هم فى الحقيقة فى مقدمة الذين يدافعون عن الصهيونية الغازية للمقدسات الإسلامية ، والمغتصبة لثروات وبلاد المسلمين.
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )