أهلا وسهلاً بكم فى إتفاق الدوحة (2).. ملحمة الدكتور الظواهرى فى كابول
أهلا وسهلا بكم فى إتفاق الدوحة (2)
ملحمة الدكتور الظواهرى فى كابول: حلقة فى سلسلة مؤامرات أمريكية .
يتشعب التحقيق فى ملاحقة ما أثارته أمريكا عن الدكتور الظواهرى، الذى قالوا أنه قتل فى كابل بصاروخين أطلقتهما عليه أحد المسيرات الأمريكية وهو داخل شقته فى كابل .
تكلم الأمريكيون كثيراً عن الحادث خلال وقت قصير جدا، حتى ملأوا الجو الإعلامى بعشرات القصص ومئات التصريحات والأحاديث من (خبراء مادة الإستراتيجيا الموسميين) ، الجوالين على محطات التلفزة .
مصادر الإمارة قالت أن الدكتور الظواهرى الذى قال الأمريكيون أنهم قتلوه ، لم يعثروا له على جثة فى البيت الذى ضربته الصواريخ .
برواية الإمارة الإسلامية تظل القصة الأمريكية مليئة بالثغرات ومفتقرة إلى المعلومات المؤكدة، وبالتالى تفسح المجال واسعاً للتخمين والإشاعات.
سوف نتحدث هنا عن ثلاث محاور رئيسية:
– لماذا الآن ؟ . وما هو السبب فى إفتعال أمريكا لقضية الدكتور الظواهرى ؟؟ .
– قصة إغتيال الدكتور الظواهرى فى كابل، هى المؤامرة الأمريكية رقم ثلاثة على طالبان وأفغانستان بإستخدام، (أو توريط) ” تنظيم القاعدة” .
– ما هو المطلوب أمريكياً ـ الآن ـ من أفغانستان؟؟ .
أولاً : لماذا الآن ؟؟.
العملية المزعومة فى كابل هى من أعمال الدعاية الإنتخابية الأمريكية. لهذا فهى مجازفة كبرى على النطاق الإستراتيجى، قد تؤدى إلى خسارة كبرى داخل الولايات المتحدة والمنطقة .
لقد فشل الرئيس بايدن فى زيارته إلى الشرق الأوسط (التى كانت أيضا عملا إنتخابيا) . ولم يحصل على أى نصر. وخسر إماكنية تحقيق مكاسب تقليدية سهلة كانت مضمونة على الدوام لأمريكا فى منطقة الخليج.
بايدن أراد النفط وأراد عقد تحالف عسكرى (ناتو عربى إسرائيلى).
ولاول مرة يرجع رئيس أمريكى بمثل ذلك الفشل الضخم من منطقة ظلت بلاده تديرها منذ الحرب العالمية الثانية وحتى أشهر قليلة .
– لم يحصل بايدن على جائزة نفطية مقدارها مليون برميل يومياً ، لخفض أسعار النفط فى الولايات المتحدة .
– ولم يستطيع عقد تحالف الناتو بعد ان تراجعت إسرائيل عن إعلان التحالف، نتيجة حساباتها فى ما وراء الشرق الأوسط ، خاصة فى إيران وأفغانستان. وفشل برنامج إسرائيلى ضخم لتغير أساسيات الموقف الجيوسياسى فى تلك المنطقة.
تظن أمريكا أن إطلاق الصواريخ على البيوت السكنية فى كابل، بذريعة مكافحة الإرهاب . وإدعاء ينقصه الدليل على إغتيال أيمن الظواهرى، ستحقق للحزب الديموقراطى نصرا إنتخابياً سهلا، وربما تفيد سمعة أمريكا التى تدهورت فى العالم بعد هزيمتها فى أفغانستان. وفشلها المذرى فى أوكرانيا.
ثانيا : كابل تشهد الحلقة الثالثة من التآمر الأمريكى :
من نفس المطبخ الذى خرجت منه مؤامرة كابل، خرجت سابقاً مؤامرتان ، تحملان صفة ثابته هى إستخدام تنظيم القاعدة لتوريط حركة طالبان فى مواقف لا تستطيع أن تتراجع عنها. وبالتالى تتيح فرصة لعدوان أمريكى على أفغانستان لتغير الواقع السياسى فيها .
– المؤامرة الأولى كانت تحريك أمريكا لموضوع إخراج بن لادن من السودان ،بالإتفاق مع النظامين السودانى والسعودى. وبدون مشاورة مع بن لادن الذى وجد نفسه مجبراً على الرحيل إلى جلال أباد، حيث لا حكومة مركزية تسيطر هناك. بهذه المؤامرة دقت أمريكا المسمار الأول فى نعش حكم طالبان الذى لم يكن قد إستكمل إنشاء إمارته الإسلامية .
– يتذكر الجميع مطالبة أمريكا حركة طالبان بتسليم بن لادن لها (حتى قبل أن تقوم القاعدة بأى عمل عسكرى ضد أمريكا). وهو الطلب الذى من المستحيل أنه يقبله الملا محمد عمر(حتى قبل أن يفتح كابل). وأصر أمير حركة طالبان على (عدم تسليم مسلم لكافر) .
– حادث 11 سبتمبر هو الآخر كان إستدراجا للقاعدة لتحقيق إنتصار دعائى ليس له نظير على أمريكا. وتمت المؤامرة الأمريكية على خطوات :
1 ـ تسريب فكرة العملية إلى القاعدة من خلال مجموعات صديقة لها .
2 ـ إقتناع بن لادن بتنفيذ العملية .
3ـ رفع كافة العقبات الأمنية من أمام منفذى العملية، إلى أن يتم التنفيذ بنجاح، وسقوط البرجين.
4 ـ إعلان أمريكا حرباً صليبية على أفغانستان خاصة/والمسلمين بشكل عام/ بدعوى الإنتقام لضحايا البرجين. وهكذا بدأت الحرب على أفغانستان، وإستمرت عقدين من الزمان .
– كان هناك العديد من المؤامرات الأمريكية الفرعية على نفس المسار . مثل طلبها من الإمارة الإسلامية عدم السماح بخروج بن لادن من أفغانستان. وكان يتجهز لمغادرتها قبل حادث سبتمبر بأشهر ـ أو أسابيع ـ قليلة .
ثالثا : المطلوب أمريكيا فى أفغانستان :
أولا : وقف عملية بناء الإمارة الإسلامية إقتصادياً وتشريعياً وإدارياً .
ثانيا : إعادة الأحزاب العميلة التى أنشأها الإحتلال، والتى تقيم فى تركيا. وقد شكلت هناك ما يسمى جبهة مقاومة لحكم طالبان. وبعودة هؤلاء يتحقق ما تريده أمريكا من تشكيل “حكومة ذات تمثيل واسع” للشعب الأفغانى .
ثالثا : تطبيع علاقات الإمارة الإسلامية مع إسرائيل .على نمط ما هو شائع فى مشيخات الخليج وبلاد العرب .
رابعا : قطع علاقات أفغانستان مع إيران وتحويلها إلى العداء السافر، على أسس المذهب والعرق والخلافات الحدودية. وبالتالى فتح الطريق لأفغانستان للإنضمام إلى حلف “الناتو العربى الإسرائيلى”، ليصبح ذو صفة إسلامية وليس عربية فقط . خاصة وأن باكستان وتركيا على إستعداد كامل للإنضمام إلى مثل ذلك الحلف، إذا توفر مناخ سياسى ملائم .
خامساً : منع روسيا من إصلاح علاقتها مع أفغانستان، للحفاظ على حالة الحصار الذى تفرضه أمريكا وحلف الناتو على روسيا .
سادساً : رعاية تفاهم جيواستراتيجى بين باكستان والهند فى المنطقة. يقوم على أساس تخصيص أفغانستان للنفوذ الباكستانى، وإضعاف التواجد الهندى فيها إلى أقصى حد .
– وجدير بالذكر أنه من ضمن الجوائز التى ستحصل عليها باكستان هى التعديلات التى أدخلتها على الحدود مع أفغانستان وإبتلاع مساحات كبيرة الأراضى الأفغانية. وأحاطه خط الحدود بسياج مزدوج من الأسلاك الشائكة. والأخطر هو مناداة عناصر من الجيش الباكستانى بإحتلال (ممر واخان) الذى يربط الصين مع أفغانستان. بهدف حصر إمكانية وصول الصين إلى مياه المحيط الهندى بالأرض الباكستانية فقط .
– وفى المقابل تفوز الهند بهدية جيواستراتيجيه قيِّمَة فى منطقة مشيخات الخليج و جزيرة العرب ،على شكل مستعمرات للهندوس المتطرفين، وموانئ هامة يسيطرون عليها فى ظل النفوذ الإسرائيلي الكامل على الخليج والجزيرة العربية.
سابعاً : يرتبط البند السابق بهدف هام هو إخراج الصين من أفغانستان ومنع مرور طريق الحرير منها إلى إيران. وبالتالى حرمان الصين من إمكانية الوصول إلى تبادل تجارى وتكنولوجى ، مع الإمارة الإسلامية فى ما يتعلق بالمواد الإستراتيجية والعناصر النادرة مثل البلاديوم والليثيوم .
– منع مرور طريق الحرير من أفغانستان يمثل ضربة ساحقة لها ، كونه يسبب هبوطاً كبيراً فى قيمتها الجيوسياسية .
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )