أفغانستان تنهض والنّسر الأفغاني يحلق عاليًا..الإمارة عنصر فعال في بناء نظام عالمي جديد
بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
مجلة الصمود الإسلامية | السنة السابعة عشر – العدد (197) | ذو القعدة 1443 هـ – يونيو 2022 م .
06-07-2022
أفغانستان تنهض والنّسر الأفغاني يحلق عاليًا
الإمارة عنصر فعال في بناء نظام عالمي جديد
– للمرة الأولى يجلس الأفغان على طاولة التأسيس لنظام عالمي جديد يشرق من آسيا، وبؤرة ذلك النظام مركزها كابل.
– الكتلة الآسيوية الجديدة: عملة مشتركة، وسوق تجاري، وبنك مركزي، واعتماد المقايضة في التبادل التجاري.
– بوسائل اقتصادية: إحباط مؤامرة إسرائيل وتركيا لفصل شمال أفغانستان.
– النظام الآسيوي الجديد والدفاع ضد تغول حلف الناتو كرأس حربة للعدوان الإسرائيلي/الأمريكي/الأروبي، على المنطقة والعالم.
– التعليم الديني هو “القوة الناعمة” الأساسية لدى الإمارة في ارتباطها مع مسلمي آسيا.
– مجلس الأمن القومي للإمارة الإسلامية ودوره الإقليمي والعالمي.
– تحديات أساسية تعترض الأمن القومي لأفغانستان.
بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
تحميل مجلة الصمود عدد 197: اضغط هنا
تشهد كابل من وقت إلى آخر اجتماعات هامة بين أقطاب ما يمكن تسميته “النظام الآسيوي الجديد”، الذي يرمي إلى حماية شعوب آسيا من التهديد الاقتصادي الذي تحركه البنوك اليهودية وترفع رايته الولايات المتحدة، وترغم كافة دول العالم على المشاركة في معاقبة أي جهة تعصي أوامرها. فتسبب ذلك في أزمة اقتصادية عالمية وهدد عشرات الدول بالإفلاس والمجاعات والاضطرابات الاجتماعية.
لهذا يعتبر الدفاع الاقتصادي المشترك وإنشاء سوق آسيوية وعملة مشتركة وبنك مركزي آسيوي، واعتماد مبدأ المقايضة في التبادل التجاري، كلها عناوين للدفاع الاقتصادي وحماية شعوب آسيا التي هي أغلبية سكان الكرة الأرضية.
– ولا يغفل النظام الآسيوي الجديد عن الدفاع المشترك ضد خطر تغَوّل حلف الناتو كرأس حربة للعدوان الإسرائيلي/الأمريكي/ الأوربي، على العالم. فالحلف ينتقل في موكب عدواني من منطقة إلى أخرى. فمن أفغانستان انتقل إلى أوكرانيا. وقد هدد بإزالة الإسلام في أعقاب انتصار الأفغان على السوفييت، وسقوط الكتلة الشيوعية. وشارك الناتو في حرب لمدة عشرين عامًا ضد شعب أفغانستان، وحروب ضد شعوب العراق وسوريا واليمن وليبيا. وهو الآن فوق أرض أوكرانيا يحارب روسياـ عسكريًا واقتصاديًا بهدف تقسيمها والانتقال بعد ذلك إلى تفتيت الصين.
– أفغانستان في حالة اشتباك مع القوى التي احتلتها لمدة عشرين عامًا، ومازالت تواصل عدوانها عبر حدود باكستان، وحدود عدة دول في شمال أفغانستان بتنسيق مع تركيا وإسرائيل بشكل مباشر.
– الاجتماعات في كابل بين أهم أقطاب النظام الآسيوي القادم يشير إلى الحيوية السياسة للإمارة الإسلامية، وثقلها في شئون قارة آسيا وتشكيل مستقبل تلك القارة. ولأول مرة يشارك شعب أفغانستان في تأسيس نظام دولي بديل لذلك النظام الذي اعتدى على أفغانستان فتحطم فوق أراضيها وبسواعد مجاهديها, حطم الأفغان النظام الدولي ثنائي القطبية بعد هزيمة السوفييت. ثم حطموا النظام أحادي القطبية بهزيمتهم أمريكا في حرب العشرين عامًا. وهذه هي المرة الأولى التي يجلس فيها الأفغان على طاولة التأسيس لنظام عالمي جديد يشرق من آسيا، وبؤرة ذلك النظام مركزها كابل.
– اجتمع مؤخرًا في كابل ممثلون هامون عن الصين وروسيا وإيران والهند، لبحث التحديات المشتركة التي تواجه بلدانهم وقارتهم بل والعالم كله.
وهذه المرة فإن حضور الهند يحمل دلالات هامة على تحولات جذرية في علاقات الدول المجتمعة في كابل. وبالتالي سيكون لاجتماعهم أثر كبير على باقي دول القارة.
فالوفد الهندي موجود بدعوة من الإمارة الإسلامية، في تحرّك سياسي له مغزاه العميق، خاصة إذا كانت الصين، التي تعتبر في عداوة طويلة الأمد مع الهند، هي شريك على نفس طاولة المباحثات، التي ضمّت روسيا الحليف المشترك للهند والصين.
– روسيا لها تاريخ مرير مع الشعب الأفغاني نتيجة الحرب السوفيتية في القرن الماضي، وتجري الآن عملية طويلة لتسوية أثار تلك الحرب وبدء صفحة جديدة لصالح شعوب المنطقة.
– مشاريع إعادة إعمار أفغانستان وبناء هيكلها الاقتصادي الحديث، والتي تشارك فيها تلك الدول، قد تنضم إليهم الهند في وقت ليس ببعيد. ومن أهم المساهمات الهندية المتوقعة في اقتصاد أفغانستان واقتصاديات تلك المجموعة بشكل عام هو ميناء “تشابهار” في إيران المطل على بحر العرب. ستصبح لذلك الميناء أهمية مركزية في اقتصاديات المنطقة عمومًا. والهند تعتبر أهم شريك لإيران في بنائه. ويمكن أن تقام فيه عدة أرصفة مخصصة لأفغانستان، وترتبط تلك الأرصفة مباشرة بالعاصمة كابل بواسطة خط سكة حديدية تقيمه الهند أيضًا، بما لديها من خبرة كبيرة في مجال تصنيع وإنشاء خطوط السكة الحديدية.
ويمكن أيضًا أن تساهم الهند في إقامة شبكة قطارات داخلية تربط كل أفغانستان، وتستخدم الفحم الحجري كمصدر للطاقة المحرّكة. وذلك للاستفادة من الإنتاج الهائل من الفحم الحجري في أفغانستان، وحتى تتجنب الإمارة التكاليف العالية لاسترداد النفط لأجل القطارات، خاصة وأن أسعار النّفط مرشحة في المستقبل لزيادات كبيرة جدًا.
– من مصلحة الإمارة أن ترتبط موسكو مع نيودلهي بقطارات سكة حديدية حتى لو لم تتجه إلى الهند مباشرة تفاديًا للمرور في باكستان (إلى أن تعتدل التركيبة السياسية في تلك الدولة).
ميناء “تشابهار” يمكن أن يكون الرابط بين موسكو ونيودلهي عبر مسافة بحرية تربط تشابهار بأحد موانئ الهند(بومباي مثلا)، ومنه تُنقَل البضائع والركاب القادمين من روسيا بالقطارات الهندية.
– خط سكّة الحديد بين موسكو ونيودلهي سيعزز وضع أفغانستان كحلقة اتصال حيوية لأهم دول آسيا. خاصة عندما يتقاطع ذلك الخط مع الخط الذي يربط بكين مع طهران. فتكون شبكة القطارات (والطرق البرية للسيارات) التي تعبر أفغانستان، تقدم خدماتها لنصف سكان الكرة الأرضية تقريبًا. وفي ذلك مزايا اقتصادية وجيوسياسية هائلة لأفغانستان، ونهوض اقتصادي ضخم للدول المشاركة والمستفيدة من خدمات تلك الطرق.
– في مرحلة لاحقة عندما يتبلور التكتل الآسيوي الجديد، يمكن توسيع رقعته ليشمل دولًا ذات أهمية مثل ماليزيا وأندونيسيا وبنجلاديش وربما اليابان إذا تحررت من الاحتلال الأمريكي.
– مشروع الارتباط بين موسكو ونيودلهي بريًا وبحريًا عبر أفغانستان وإيران، من مزاياه فك العزلة الجغرافية والسكانية والتخلف الاقتصادي عن شمال أفغانستان الذي مازالت تسعى لفصله عن الإمارة الإسلامية كل من إسرائيل وتركيا ودول من حلف الناتو مثل فرنسا وألمانيا.
– المناخ الاستراتيجي الجديد، الذي من مظاهره المشاركة الإيجابية للهند في شؤون آسيا، بالتعاون مع الصين وروسيا، مع التواجد الفعال للإمارة الإسلامية، يجعل مسار السياسة الهندية أكثر إيجابية بالنسبة لقضايا المسلمين في الهند وشبه القارة الهندية. إضافة إلى أن الهند باندماجها في المشروع الآسيوي الكبير سيضعها في موقف متناقض مع مؤامرات إسرائيل وتركيا لفصل الشمال الأفغاني بعد أن كانت داعمًا أساسيًا لتحالف الشمال.
– اندماج الهند في مشاريع البنية التحتية لأفغانستان، إلى جانب الصين وروسيا الاتحادية، يساعد في إيجاد مناخ مناسب لعودة الهند إلى بيئتها الآسيوية كعنصر حضاري وقوة اقتصادية، وسلاح نووي كانت تجهزه بمساعدة من أمريكا وإسرائيل لتهديد الصين عند الضرورة، وبذلك يتحسن كثيرًا المناخ الأمني للعالم ويكون التجمع الآسيوي الجديد عنصرًاهامًا في حفظ السلام العالمي.
الإيجور والروهينجا ومسلمي الهند
بعد أن تترسخ ملامح المشاركة الهندية في مشروع النظام الآسيوى، والعمل الجماعي في أفغانستان، يمكن أن تبدأ الإمارة مباحثات مع الهند من أجل فتح صفحة جديدة بين تلك الدولة الكبيرة التي يسكنها حوالي مئتي مليون مسلم، لحل أزمات مستحكمة في علاقتها معهم، من بينها قضية كشمير والمساجد التاريخية للمسلمين في الهند.
– الوضع الحالي يسمح بإجراء مباحثات مشابهة مع الصين لبحث قضايا تَدَخَل فيها الغرب وجعل منها أزمات كبرى أثرت كثيرًا في علاقة الصين مع العالم الإسلامي.
– من أهمّ تلك المشكلات هي مشكلة الإيجور المسلمين في مناطقهم المجاورة لأفغانستان. وقد بدأت بالفعل عملية وضع أسس لإشراك الإيجور في نهضة المنطقة، في ظل العلاقات المتنامية في آسيا، ودور الصين في النظام الجديد، خاصة طريق الحرير الذي يصلها مع إيران عبر أفغانستان، وما يرتبط بذلك الطريق من مشاريع اقتصادية كبرى للصناعة والزراعة والبنية التحتية.
وتدرك كل من الإمارة الإسلامية والصين أهمية الدور الفعّال الذي يمكن أن تقوم به أقلية الإيجور في تلك النهضة الحضارية الضخمة. ضمن علاقات ثقافية واقتصادية وطيدة مع الصين.
– كما يمكن للصين أن تساهم في إيجاد حل جذري ودائم لمشكلة أقلية الروهينجا في بورما(ميانمار). وأن تسعى لدى حكومة تلك الدولة لإقرار حل عادل يضمن للروهينجا العودة إلى ديارهم والتعويض عن أسواقهم وبيوتهم التي أحرقها المتطرفون. وأن تكون الصين شاهدًا وضامنًا لذلك الاتّفاق. ومن أجل إضفاء مزيدٍ من الالتزام الصيني تقوم السفن الصينية باستعادة الروهينجا من منافهيم الإجباري في جزر المحيط الهندي، حيث قذفتهم حكومة بنجلادش، بلا رعاية أو غطاء دولي، إذ نسيهم (المجتمع الدولي!!) بعد أن استغلّ قضيتهم في تصفية حساباته مع الصين وبورما.
ويمكن أن تقدم الدول الأساسية في الاتفاق الآسيوي الشامل وهي(الصين ـ روسيا ـ إيران وأفغانستان ـ الهند) معونات اقتصادية للروهينجا للبدء في حياة جديدة مستقرة في موطنهم بورما.
التعليم الديني في أفغانستان:
– التعليم الديني في أفغانستان هو “القوة الناعمة” الأساسية لدى الإمارة في ارتباطها مع مسلمي آسيا عمومًا والأقليات المسلمة في دول الاتفاق الآسيوي الشامل على وجه الخصوص.
وهناك اقتراح بإقامة جامعة إسلامية كبرى تُرصَد لها موارد من بيت مال الإمارة الإسلامية، وتوَظِّف أهم علماء أفغانستان ودول الاتفاق الآسيوي للتدريس فيها. والمقترح أن تقام الجامعة في مدينة “مزار شريف” على شاطئ نهر جيحون في مقابل مسجد ومقام الإمام الترمذي، الموجود على الجانب الآخر من النهر على مسافة قريبة داخل أوزبكستان.
– سيكون لتلك الجامعة قيمة عظيمة لمسلمي دول الاتفاق الآسيوي، بما فيها أفغانستان، فهي أول المستفيدين لترسيخ التعليم الديني الذي حاربه الاحتلال الأمريكي لمدة عشرين عامًا. وهو التعليم الذي أنتج كبار العلماء والمجاهدين الذين حافظوا على الإسلام في أفغانستان وعلى بقاء تلك الدولة على الخريطة السياسية للعالم.
– وجود جامعة الإمام الترمذي في ذلك المكان من مزار شريف، التي تعتبر عاصمة الشمال الأفغاني ومطمعًا للانفصاليين الذين تدعمهم أوزبكستان مع تركيا وإسرائيل، فإن تلك الجامعة ستقوي ارتباط الشمال الأفغاني مع باقي أجزاء الإمارة. بل ستربط سكان الجانب الآخر من الحدود وتدعم إرتباطهم الديني مع أفغانستان.
– مستقبلا سوف تقام فروع لجامعة الإمام الترمذي في دول الاتفاق الآسيوي. ويقوي ذلك ارتباط المسلمين فيما بينهم ويُوَحِّد عقائدهم الدينية ومصالحهم الاقتصادية والسياسية بعيدًا عن الاتجاه اليهودي لخلق محور(صهيوني/إسلامي) يقتلع الإسلام الحقيقي لصالح اليهودية وهيمنتها على العالم وسيطرتها على مقدسات المسلمين.
تحميل مجلة الصمود عدد 197: اضغط هنا
مجلس الأمن القومي ودوره الإقليمي والعالمي
الإمارة الإسلامية، ومن أجل العمل الجدي وتحقيق السرعة والحسم في تطبيق القرارات والاتفاقيات مع دول الأقليم خاصة ما يتعلق بالتجمع الخماسي الذي يؤسس لوضع آسيا الجديد، والمؤلف من المجموعة التى نرجو أن تكون ثابتة، والمكونة من (أفغانستان ـ إيران ـ روسيا ـ الصين ـ الهند ).
فإن تلك الاجتماعات لابدّ أن يحضرها مدير “مجلس الأمن القومي” في الإمارة، أو من ينوب عنه، هذا إلى جانب مندوبي الوزارات ذات الاختصاص بموضوعات البحث.
– من مهام مجلس الأمن القومي متابعة تنفيذ القرارات مع الوزارات المختصة، والقيام بالاتصالات الخارجية مع الدول المعنية بالاتفاقات والمشاريع.
– من مهام مجلس الأمن القومى تذليل الصعوبات الداخلية التى تعترض تنفيذ تلك الإتفاقات، أو تهدد سلامتها او سلامة القائمين عليها.
– من مهام مجلس الأمن القومي إعداد الدراسات والأبحاث حول المشروعات المطروحة والأفكار التي تتقدم بها الوفود، وإبداء الرأي حولها، وطلب المعونة من جهات متخصصة لإتمام البحوث وإعداد دراسات جدوى للمشروعات الهامة، مع توصيات المجلس بخصوصها.
– من الهام أن يبدي المجلس رأيه حول الجوانب السياسية للمشروعات العسكرية والاقتصادية والثقافية التي يجري بحثها مع الجيران ودول الإقليم والعالم الخارجي.
– في قضايا الأمن وسلامة المشروعات الاستراتيجية التي تشترك فيها دول خارجية، تكون التوصيات الأمنية لمجلس الأمن القومي إلزامية وواجبة التنفيذ الفوري من جانب وزارات الدفاع والداخلية والاستخبارات.
ومن الأفضل أن تكون هناك كتيبة من الكوماندوز المحمولة جوًّا جاهزة على مرار الساعة لتنفيذ توجيهات رئيس مجلس الأمن القومي. وأن يتم تزويد إدارة الأمن القومي بما يلزمها من معدات اتصال حديثة وطائرات درونز للاستطلاع والمراقبة والاشتباك.
– مدير “مجلس الأمن القومي” شخصية هامة جدًا في الجهاز التنفيذي للإمارة الإسلامية. ويلزم أن تتوافر فيه شروط الثقة والتديّن والثقافة والخبرة السياسية والعسكرية والدراية بتاريخ أفغانستان وجغرافيتها والإلمام بالخطوط العامة لسياسة وتاريخ دول التجمع الخماسي سابق الذكر.
– “أمير المؤمنين” شخصيًا هو الذي يختار مدير مجلس الأمن القومي. واتّصاله معه دائم ولا يخضع لأي روتين رسمي، خاصة وأن تخصصات مجلس الأمن القومي تشمل أهم موضوعات الحكم وإدارة شؤون الدولة. ويتمتع المجلس بصلاحيات أقوى من صلاحيات أي وزارة في الدولة.
وفي أوقات الطوارئ قد يعتمد أمير المؤمنين على مجلس الأمن القومي/ إضافة إلى وزارات حساسة يحددها الأمير/ فيجعل منهم حكومة خاصة تعالج الأزمات المفاجئة.
مخاطر الاستخدام العشوائي للتلفزيون والإنترنت والكهرباء
من الآثار المدمرة للمجتمعات تلك النتائج السيئة للتوسع المفرط في استخدام إنجازات الحضارة لوسائل الإعلام، خاصة الفضائيات والإنترنت وما يسمى بوسائل التواصل الاجتماعي. إضافة إلى الكهرباء واستخدامها الذي تعدى الضروريات ودخل بالإنسان إلى ما يفوق احتياجاته الكمالية.
– خلاصة القول أن الفضائيات أصبحت تسيطر على الحياة الاجتماعية والفكرية والثقافية لعموم البشر، حتى جعلت منهم قطيعًا تقوده اليهودية الدولية التي تسيطر على معظم وسائل الإعلام مباشرة. ويتبعها بالتقليد باقي الإعلام “المستقل” خوفًا من أن يتهم بالتخلف عن الركب الإعلامي المتطوّر.
– الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي كان لها التأثير الأكبر في الهيمنة على عقول البشر وإنماط حياتهم وتفكيرهم السياسي والديني.
ويمكن القول أن التلفزيون والإنترنت يقفان كأسباب أساسية لتراجع مكانة الدين على مستوى العالم. والأخطر علينا هو تراجع الإسلام في عموم العالم الإسلامي وفي بلاد العرب (مهد الإسلام) بشكل خاص. فبعض المجتمعات ارتدّت من الفقه المتطرّف إلى مسارات التحلل الأخلاقي والمناهج الفكرية الكافرة، بشكل علني متبجح. وصل الأمر في بعض أحياء العواصم الإسلامية الشهيرة أن المساجد لم تعد تجد من يصلي فيها. ومن المشهور هناك أن بعض أئمة المساجد كانوا يذهبون إلى المقاهي القريبة ويطالبون بمن يصلي خلفهم، حيث أن مساجدهم صارت مهجورة منذ أيام.
أحد المفكرين الأمريكين قال منذ نصف قرن تقريبًا إن التلفزيون قد هزم الكنيسة في الولايات المتحدة الأمريكية. فماذا يمكنه أن يقول/ أو نقول نحن/ بعد كل هذا التطور التكنولوجي فى عصر الفضائيات وشبكات الإنترنت والتواصل الاجتماعي؟.
أخشى ما نخشاه أن يأتى يوم، وبينما الإمارة مشغولة فى بناء أفغانستان من جديد، أن نجد المجتمع الأفغاني نفسه قد سرقه التلفزيون والإنترنت وأخذه بعيدًا جدًّا عن الإسلام، بحيث يتلاشى دور العلماء والمساجد والمدارس الدينية، وينتهي تأثيرهم، في مقابل تعاظم التأثير السلبي للتلفزيون والإنترنت على الدين والأخلاق والعقائد. فيصبحا هما القيادة الحقيقية لشعب أفغانستان، وليس العلماء وطلاب الشريعة الذين حاربوا دفاعًا عن الإسلام لأكثر من مئة وخمسين عامًا.
– تلك مشكلة أمن قومي من الطراز الأوّل. بل وتعتبر أهم التحديات التي تقابل مجلس الأمن القومي حتى قبل تشكيله.
– ملخص الحلّ هو أن يكون التلفزيون والإنترنت أدوات تستخدم في حدود المنفعة العامة، وأن تتوفر للمختصين الذين يستدعى عملهم استخدامها عبر دوائر بث مغلقة، أو لمتابعي الشبكات الدولية من جهات ثقافية وأمنية متخصصة. وأي استخدام غير ذلك يعتبر تجاوزًا وخطرًا على الأمن الاجتماعي.
– للكهرباء قصة مشابهة، ولكن لا يلتفت إليها الكثيرون لأن الانحراف في استخدم الكهربا أصبح عقيدة اجتماعية ثابتة، يصعب حتى مناقشتها شأن الكثير من الانحرافات التي أصابت السلوك الاجتماعي وبعض الجوانب المتصلة بالدين رغم مخالفتها إياه. فالانحراف في استخدام الكهرباء أدّى إلى انحرافات اجتماعية وتأثيرات اقتصادية سيئة للغاية.
– على سبيل المثال إدخال الكهرباء إلى الريف، الشيء الذى لم يكن ضروريًا بأي حال، حيث أن برنامج حياة المزارع مرتبط بضوء الشمس، خاصة صلاة الفجر حيث يبدأ المزارع برنامجه اليومي، الممتدّ حتى صلاة العشاء. فينتهى البرنامج ويخلد الجميع إلى النوم. أما باقي النّهار فهو لأعمال الحقل ورعاية الماشية والبيت، أو تعليم الأبناء في مسجد القرية أومدرستها. ولكن دخول الكهرباء أدخل التلفزيون والإنترنت وصار برنامج المزارعين/ كما نشاهد فى الدول العربية/ برنامجًا لا تحدده مواعيد الصلاة، بل تقرره مواعيد الأفلام والمسلسلات. فالمزارع قد يسهر أمام التلفزيون إلى منتصف الليل، ثم يستيقظ قرب الظهيرة. فتأخرت الزراعة وقلت المحاصيل وظهر الاحتياج إلى الاستيراد من الدول الخارجية وسقطت البلاد تحت مقصلة القروض، وضغوط البنوك والدول التي تُصَدِّر الغذاء لضحايا التلفزيون.
– والريف المحافظ أصبح يتغيّر أخلاقيًا في اتجاه التحلل الذي يأتيه عبر التلفزيون والإنترنت ومن المدن القريبة، والتي تأثرت أسرع منه بالثقافات التلفزيونية.
– في المدن كان الخلل في استخدام الكهربا أشدّ سلبية على الاقتصاد والحياة الثقافية والدينية. فأهل المدن أكثر قدرة على الوصول إلى الفضائيات الغربية وشبكات التواصل الاجتماعي التي تحتاج إلى خبرة ودرجة من التعليم.
لهذا أصبح سكان المدن أكثر قابلية للتأثيرات المعادية للإسلام، وأكثر قبولًا للتحريض السياسي، والإنخراط في أنشطة تمهد للثورات الملونة التي يفتعلها اليهود، استغلالًا منهم لأزمات داخلية تأخّر أو تعذّر حلها، لقلة الإمكانات، أو الحاجة إلى المزيد من الوقت. فتندفع الجماهير إلى الشوارع وتخلق فوضى تؤدي إلى مزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية وسيطرة اليهود والشركات متعددة الجنسيات على البلاد التي وقعت ضحية الثورات الملونة، التي يساهم في التمهيد والترويج لها وسائل الإعلام، خاصة الفضائيات والإنترنت. وهي ثورات معادية للدين وللوطن، وتنادي بمبادئ برّاقة ثبت فشلها حتى في الغرب نفسه، ولكنها تخدم الشركات متعددة الجنسيات.
الحكومات تجد نفسها تحت ضغط دولي، وضغط آخر من سكان المدن، من أجل توفير الكهرباء بشكل مبالغ فيه. وإطلاق الحرية للقنوات الفضائية وشبكات التواصل الدولية والإنترنت. وفي ذلك ضعف سياسي ورضوخ من جانب الحكومات المحلية. كما يشكل ضغطًا اقتصاديًا كبيرًا لتوفير الكهرباء والقبول بمجتمع داخل المدن تديره برامج الفضائيات ومقتضيات السهر والاستيقاظ المتأخر والنوم لساعات قليلة والذهاب إلى الأعمال بنفسيات وعقليات منهكة. ومن ضمن الإسراف يأتى استهلاك الكهرباء الجُزافي من أجل إضاءة ليالي المدن، واقتناء الأجهزة الكهربائية التي أكثرها لا ضرورة له. وإن كان بعضها مفيدًا، ولكنه يستخدم بسفه ورعونه.
– وفي بلد مثل أفغانستان يعاني من فقر في المياه، ومع ذلك تستخدم تلك المياه لإرضاء نوازع قطاع مُرَفَّه من السكان، على حساب المياه المختزنة خلف السدود، والتي تستخدم في توليد الكهرباء، على حساب ري المحاصيل الغذائية وشرب الإنسان والماشية. فيصبح المجتمع عاجزًا عن إنتاج غذائه لصالح رفاهية مسرفة، وإضاءة المدن ليلا، ومعارض المتاجر الراقية، إرضاءً لنوازع الإسراف والبَطَرْ لدى أغنياء المدن غير المنتجين ولا الملتزمين بغير مصالحهم، على حساب الأغلبية الفقيرة التي حاربت لأجل هذا البلد ومعتقداته، ضد الاحتلال الذي عاش الكثير من سكان المدن بين أحضانه وعلى وسائده المحشوة بالدولارات.
– ذلك وضع جائر ينبغي تغييره: الإسراف في المياه الشحيحة، من أجل كهرباء تدير أدوات الرفاهية وحياة البذخ الاستهلاكي لقطاع من سكان المدن، ومنحهم المياه على حساب الإنسان والأرض، من أجل مساعدة المترفين على مشاهدة التلفزيون والإنترنت، فتتكون منهم قاعدة اجتماعية جاهزة للثورات الملونة التي يديرها أعداء الإسلام في الخارج.
– تلك مشاكل عاجلة وخطيرة تنتظر مجلس الأمن القومي إلى حين تشكيله ومعالجته لقضايا داخلية سيتصدى لمقاومته فيها أعداء الإسلام في الخارج. والرجال والنساء من جنود الجيش السري والجواسيس في المدن الكبرى.
تحميل مجلة الصمود عدد 197: اضغط هنا
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )