ذات يوم (19)
من ليالى العرب فى قندهار (1من3)
مهرجان أمريكى لقتل العرب بالطائرات
“أسد الله” إبن الشيخ عمر عبدالرحمن، ترك فى كابل شقيقه “سيف” الذى أصبح أشهر أسير فى العاصمة لفترة من الزمن، بعد أن أسره “تحالف الشمال” فى صباح سقوط كابل فى 13 نوفمبر 2001 . ولكن بعد يومين فقط كاد “أسد الله” أن يكون ضمن أشهر قافلة من شهداء العرب حتى ذلك الوقت , وهى قافلة على رأسها “أبوحفص المصرى” المسئول العسكرى والرجل التنفيذى الأول فى تنظيم القاعدة والثانى من حيث الترتيب القيادى الرسمى .
– المسؤول العسكرى للقاعدة قضى الأشهر التى عاشها من عام 2001م في حالة صحية سيئة.. فقد عانى من مرض “التيفوئيد” و نكسات متكررة له.. وفي نفس الوقت عانى من آلام مبرحة فى فقرات عمودة الفقرى, من آثار معارك الحقبة السوفيتية و شظايا صغيرة متعايشة مع العمود الفقرى، بدأت مؤخرا تتململ فى مواضعها القديمة . ثم آلام مرض البواسير وعملية جراحية أجراها قبل إستشهادة بعدة أشهر.
فى الشهر الأخير من حياته كان يقضى أكثر وقته مستلقيا على ظهرة يدير إتصلاته بواسطة أحد الشباب الجدد الذى إتخذه سكرتيرا له.
وفى الأسبوع الأخير لم يكد يغير مكان إقامته، كما كان يفعل منذ بدء العدوان الأمريكى على أفغانستان. حيث كان يقضى الليل والنهار فى عدة أماكن متفرقة رغم المعاناة الجسمانية التى يتكبدها. فقد أقعدته تماماً آلام الظهر.. وأصبح فى حاجة لبعض المساعدة فى تنقلاته الصغيرة داخل المبنى الذى أستشهد تحت أنقاضه. كان عدد المقيمين معه فى مقرة السرى الأخير عدداً كبيراً نسبياً قد يصل إلى العشرين فى بعض الليالى.
وإذا إعترض أحد القدماء بأن ذلك قد يكشف المكان للطائرات الأمريكية والجواسيس.. فكان يجيب بجملته الشهيرة و هو يبتسم “الموت مع الجماعة رحمة”.
ولأنه كان محباً للجميع.. ومحبوباً منهم أيضاً.. فإن من حوله لم يكونوا كلهم من “القاعدة” بل كانوا من جماعات وجنسيات مختلفة.
إستشهد منهم 16 شخصاً دفعة واحدة عند آذان فجر الخميس 15 نوفمبر – 29 شعبان .
– ونجا شخصان بمعجزة حقيقية.. أحدهما كان “أسد الله” إبن الشيخ عمر عبد الرحمن.
وكالعادة : أغارت مجموعة أولى من الطائرات على المبنى الواقع على الطرف الغربى للمدينة.. فدمرته بمجموعه من الصواريخ الموجهة . وبعد عشر دقائق آغارت مجموعة أخرى بنفس الطريقة..لتحقيق أكبر قدر من الخسائر فى الأهالى الذين يهرعون لنجدة الضحايا من تحت الأنقاض.
“أسد الله” أخرج نفسه من تحت الأنقاض بأظافرة.. وشابا آخر أخرجوه من تحت الأنقاض حياً بعد ساعات.. وهو مجاهد من سوريا يدعى “أبو حمزة”، كان على موعد مع الشهادة مع قافلة أخرى من الشهداء العرب / الذين قتلتهم المروحيات الأمريكية / وكانوا مجموعة من النساء والأطفال الذين يبحثون عن ملاذ آمن فى القرى الأفغانية ، يحميهم من مطاردة الطائرات الأمريكية لهم منذ عدة أيام ، إلى أن تمكنت منهم فى تلك الليلة حالكة الظلمة . فأبيدوا تماما على يد الجيش الأمريكى ، أبشع المخلوقات همجية وأحقرها نفاقا.
ولذلك قصة أخرى نذكرها فيما بعد . حيث أنها حدثت .. ذات يوم .
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )