جهاد البحار .. وتطوير الحرب الجهادية
فى سبعينات القرن الماضى، ومع إحتدام معارك الجيش الأمريكى فى فيتنام، ذهب (موشى دايان) وزير دفاع إسرائيل فى حرب(67)، والذى ينسب إليه الإنتصار على الجيوش العربية وإحتلال سيناء والجولان والضفة الغربية من نهر الأردن.
– “دايان” ذهب إلى فيتنام فى صفوف الجيش الأمريكى ليتعلم أساليب مقاومة حروب العصابات. فقد توقع حرباً شبيهة بذلك ضد الفلسطينيين.
– كانت فيتنام مدرسة غنية بالدروس التى تعلمتها الجيوش و حركات التحرر فى العالم. وتعلمت بعض المنظمات الفلسطينية بعض الشكليات العسكرية والكثير من الشعارات السياسية الرنانة. فكان مصيرها ما نعلمه جميعا .
– إنتهت حرب أفغانستان بهزيمة السوفييت بعد عشر سنوات من الحرب. ثم من بعدها إنتصر المجاهدون الأفغان على جيوش أمريكا و حلف الناتو بعد عشرين سنة من الحرب. كِلا الحربين إنتصر فيهما الأفغان ونتج عنهما المئات من الدروس النادرة فى مجالات الحروب الجهادية والأساليب التى طورتها أمريكا و حليفتها إسرائيل ومعهما حلف الناتو لإخضاع شعوب الأرض، خاصة الأمة الإسلامية .
– لم يُدْرِك معظم المسلمون شيئا من تلك الدروس. وبعضهم أدرك القليل منها. بينما تمكن الأفغان خلال الحربين من بناء حركة إسلامية تمتلك خبرات نادرة، ليس لها نظير لدى أى شعب آخر. وميادين القتال ونتائج الحروب خير شاهد على ذلك .
– فى أوكرانيا الآن حرب تشنها إسرائيل وأمريكا وحلف الناتو، بهدف إسقاط روسيا ومحوها من الخريطة السياسية للعالم. وتدور الحرب فوق الأرض الأوكرانية التى تريدها إسرائيل كدولة ليهود الصفوة من “الإشكناز”، الحاكمين لإسرائيل والمتحكمين فى البنوك والثروات اليهودية .
– حرب أوكرانيا هى صورة مُعَدَّلة لحرب أفغانستان، التى إنتهت منذ عدة أشهر فقط ، مع تطويرات فى الأسلحة والإستراتيجيات والسياسات الدولية. ولهذا تستحق الإنتباه والدراسة، خاصة من المسلمين، هذا إذا كان لديهم الوقت وتوقفوا عن إصدار الفتاوى بغير علم، وتكرارهم التفاهات السياسية، وتكفير كل ما يمكن تكفيره .
– الجادون فى عالم الجهاد الإسلامي قليلون كما هو معلوم. وفى منطقة القلب العربى تأتى اليمن وحركة (أنصار الله) “الحوثيون”، على ناصية البحر الأحمر مع المحيط الهندى. ويأتى حزب الله فى لبنان على شاطئ البحر الأبيض. وفى الصومال على الجانب الأفريقى من ناصية المحيط الهندى مع البحر الأحمر، يأتى مجاهدو حركة الشباب فى الصومال.
أما فوق القمة فهناك أفغانستان وإمارتها الإسلامية ، وفيها حركة طالبان التى تمتلك أغلى كنوز الخبرة والتجربة والنجاح الجهادى.
– كل تلك القوى المخلصة (ويوجد عدد آخر غيرهم ليسو على نفس الدرجة من الشهرة والقوة ) عليهم الإهتمام أكثر بدراسة تطورات الحروب الحديثة التى أدخلتها أمريكا وإسرائيل، فى عدوانهما على المسلمين خاصة والعالم بشكل شامل.
وعليهم الذهاب إلى مواقع القتال لمتابعة تطورات وأساليب تلك الحرب والجديد من الأسلحة والتكتيكات والإستيراتيجيات. لأن ما يجرى فى أوكرانيا اليوم سينتقل إلى العالم العربى والإسلامى فى وقت قريب .
– وحتى أفغانستان، تشهد الآن حرباً أمريكية و إسرائيلية عليها، هى تطوير للحرب التى إستمرت عشرين عاماً .
فى الحرب الحالية تطويرات للأسلحة وطبيعة الحرب. و حركة طالبان منغمسة فى المواجهة والمتابعة والتطوير والإنتصار . ولكن عليها فى نفس الوقت أن تضع عينها على ما يجرى فى أوكرانيا، لأن التطويرات التى تجرى فى الحرب هناك سوف تنتقل حتماً إلى أفغانستان، خاصة الحرب على الأرض بالمرتزقة وفى الجو بطائرات الدرونز تحديداً.
– باقى القوى الجهادية العربية ستهتم أيضا بالجانبين البرى والجوى. والبرى هنا يعنى قتال (المرتزقة الدوليون / والمحترفون / والإقليميون / والمحليون ) . والجوى يعنى طائرات الدرونز بشكل خاص بما شاهدته من تطوير وحشى نوعاً وكماً وقوة نيران و إتساعا فى مجالات الإستخدام .
– القوة العربية الجهادية عليها الإعتناء أيضاً بالإشتباكات البحرية، خاصة إستخدامات صواريخ “بر/بحر” فقد إستُخدِمت ضد السفن الروسية وحققت فيها إصابات.
وهذا يفتح إحتمالاٍ لرفع روسيا الحظر عن صواريخها البحرية، لصالح القوى الإسلامية المشتبكة مع أمريكا وإسرائيل وأعوانهما. وذلك يهم مجاهدى الصومال و اليمن و لبنان .
حيث أن حزب الله هو الوحيد الذى إستخدم هذا النوع من الصواريخ فى حرب عام (2006) ضد الطراد الإسرائيلي المتطور (ساغر) وأعطبه أمام شاطئ بيروت .
وقد تمكن الحزب من توفير ما يلزمه من ذلك السلاح من مخازن الجيش الإيرانى، فتمكن من فرض حماية على حقول الغاز والنفط اللبنانية ضد السطو الإسرائيلى. ومنعها من التعدي على حقول الطاقة اللبنانية فى البحر .
ويمكن القول أن كل ذلك التأثير الضخم يرجع فى الأساس إلى الصاروخ الوحيد الذى أطلقوه من شاطئ بيروت على الطراد الإسرائيلي قبل أكثر من 20 عاماً.
– يحتاج مجاهدو اليمن إلى قدرة مماثلة تمكنهم من فك الحصار البحرى عن موانئ اليمن خاصة ميناء الحُدَيِّدة .
ومجاهدو الصومال أيضا فى حاجة لذلك السلاح لحماية شواطئ بلادهم من عربدة الأساطيل الأمريكية والإسرائيلية التى جاءت لإستغلال ثروات بحار الصومال، وهم يَدَّعون مكافحة القرصنة !! .
وجود مقاومة بحرية إسلامية جهادية مشتركة من اليمنيين والصوماليين، تعتبر مسألة هامة جدا لفك جزء من الحصار البحرى الصليبى اليهودى، المضروب حول جزيرة العرب. إضافة إلى حماية البحر الأحمر من السيطرة الإسرائيلية التى حوَّلته إلى بحيرة إسرائيلية بعد ان كان قديما بحيرة يحظر المرور فيها لغير سفن المسلمين .
سيحتاج الجهاد البحرى الصومالى/ اليمنى المشترك، إلى دخول مجال الغواصات الصغيرة، و الكوماندوز البحريين، وتطويرات أخرى تجعل حربهم أكثر فاعلية .
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )