جيش باكستان لمن ؟
لم يتغير شئ بذهاب عمران خان ، كما لم يستجد شئ عندما جلس على كرسي الحكم فى باكستان .
مجرد كرة كريكت تتلقي الركلات من هنا وهناك. وعندما إنتهت فترة صلاحيته فى الحكم تقمص دور البطل وتصور أنه يكشف أسراراً عندما يقول أن بلاده خاضعة لتحكم أجنبى. وتلك نكثه لأن باكستان أسسها التدخل الأجنبي ، وتحديداً الإحتلال البريطاني . وحين رحيله قسم الهند إلى ثلاث أقسام لإضعاف الجميع. وكان المسلمون الأسوأ حظاً، نتيجة ضعف قيادتهم وتلهفها على الحكم ومغانمه. وسبيلهم إلى ذلك كان خدمة المستعمر البريطاني وأى مستعمر لاحق .
أقام البريطانيون دولة باكستان عام(1947) وأقاموا دول إسرائيل عام (1948) على أنقاض أرض فلسطين المقدسة. ثم أقاموا مشيخات الخليج (العربى) على أنقاض ساحل عمان الممزق بين القراصنة البدو، فأقام الإنجليز لكل خيمة منهم دولة نفطية. وبقيت الدولة الأم عمان فقيرة وضعيفة. كما هى مراحل خطة بريطانيا الثلاثية: تقسيم ــ إضعاف ــ سيطرة .
– باكستان فى عدوانها على أفغانستان ومناصرة جيوش الغزو الأمريكى ظل قائماً قبل عمران وبعده. ومازال قائماً رغم الضوضاء التى يثيرها عمران فى الشوارع ، والعجز الذى تمثله الحكومة وباقى الأجهزة “الديمقراطية” فى العاصمة إسلام آباد .
السياسيون منخرطون فى لعبتهم المفضلة فى التكالب على جيفة السلطة والعمولات الخارجية من الشركات والدول. الشعب مشغول بين هذا وذاك من اللغو السياسي .
بينما الجيش ينتظر الأوامر الأمريكية للقفز عن السلطة وإعادة الهدوء والسكينة إلى الشوارع وأروقة السياسة.
ولكن أمريكا ليست متعجلة ، لأنها دولة ديمقراطية للغاية، فلا تدعم الإنقلابات إلا حين تنضج الظروف وتشتد الحاجة إليها .
– على الحدود مع أفغانستان مازالت الأمور تجرى فى مسارها التى أخذته بعد الفرار الأمريكى من أفغانستان وتشن حرباً جديدة صممتها خصيصاً لأجل أفغانستان ، وتطبق منها نسخة معدلة فى أوكرانيا .
– مازال جنرالات باكستان يتسابقون فى خدمة التواجد الإستخبارى العسكرى المشترك بين أمريكا و إسرائيل، والمرتكز خلف السياج الحديدى الفاصل بين الدولتين ،والذى يبدو إنه فكرة إسرائيلية. ومن خلف السياج تدير إسرائيل العمليات الأرضية وعمليات طائرات الدرونز ضد الإمارة الإسلامية وشعبها.
– وتوجد مقرات آمنة لطائرات الدرونز داخل قواعد أمريكية فى باكستان. وهى طائرات متعددة المهام من التجسس إلى الإغتيال إلى القصف الجوى. لكن أمريكا لا تجد فى باكستان أرضاً آمنة كى تحتفظ فيها بطائرات درونز بالغة التطور. لذا تحتفظ بها فى قطر و الإمارات ، وترسلها إلى أفغانستان عبر بحر العرب و المجال الجوى الباكستانى. فأمريكا منذ الحرب السوفيتية فى أفغانستان وهى تدرك إن الجنرالات العظام فى باكستان يظهرون الإخلاص والطاعة فى الوقت الذى يبيعون فيه كل شئ. حتى أنهم مستعدون لبيع القوات الأمريكية نفسها لمن يدفع فيها سعراً مناسباً .
يتعاطى الجنرالات كذلك عمليات التهريب والإتاوات وتجارة الأسلحة .
– منذ نوبة الشرف المفاجئة والتى صدمت “عمران خان” فجأة، عندما إنتهت فترة صلاحيته للحكم، لم يتغير شئ من سلوك الجيش الباكستانى تجاه أفغانستان. فمازال يرسل الدواعش، ويخترق الحدود، ويحاول شراء القبائل، و إحتلال مواقع إستراتيجية من مثلث من الإراضى الأفغانية يشرف على ايران و باكستان، فى مناطق القبائل البلوشية. وقد شاركت فى العمليات مروحيات وقوات خاصة وطائرات درونز . ونفذت قوات باكستان عمليات إغتيال تشبه من حيث الأسلوب والتنفيذ .
تلك التى كانت ترتكبها القوات الأمريكية وحلف الناتو فى أفغانستان .
ومازال الجيش الباكستانى يرسل الدواعش مع عائلاتهم إلى أفغانستان. كما يسعى بكافة الأساليب العسكرية والإستخبارية، بما فيها الرشاوى والعمليات الخاصة، فرض سيطرة باكستانية على مناطق داخل أفغانستان وإقامة سلطة موازية لسلطة الإمارة فى تلك المناطق ولو بشكل سري وعنيف، وعلى الأخص فى محافظات مثل كونر“شمالا” و ننجرهار و قندهار و هلمند و نيمروز “جنوباً” على حدود إيران.
– إسرائيل تفضل أن تكون الجيوش فى بلاد المسلمين تلخيصاً للدول. أى دولة مركزة وليس فقط دولة عميقة . فيكون الجيش هو الدولة الحقيقية التى تحكم وتمتلك كل شئ ، لصالح جنرال يهودى، أشد صهيونية من الإسرائيليين الذين يعتبرونه (منحة من الرب)، و(كنزاً إستراتيجياً) لإسرائيل. .
إسرائيل ومعها أمريكا تبحثان عن ذلك (الجنرال الكنز) فى باكستان. ليست المشكلة أنه غير موجود بل لأنه موجود بكثرة والإختيار متسلسل: (واحد ، إثنين ـ ثلاث ـ …) باكستان فى إنتظار جنرالها الموعود .
ليتحقق لهم السعد الذى تحقق لإخوانهم فى مصر و السودان .
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )