بعد هزيمتها فى أفغانستان : أمريكا تقود العالم إلى الفوضى الشاملة
بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
مجلة الصمود الإسلامية | السنة السابعة عشرة – العدد 195 | رمضان 1443 ھ – أبريل 2022 م . .
18-04-2022
بعد هزيمتها فى أفغانستان :
أمريكا تقود العالم إلى الفوضى الشاملة
مرة أخرى فعلتها أفغانستان وأسقطت بجهادها نظاماً دولياً طاغوتياً .فعندما هُزم الجيش الأحمر السوفيتى في أفغانستان سقط الإتحاد السوفيتى وسقط النظام الدولى القائم على قطبين دوليين.
كان من المفروض أن تسقط الكتلة الإستعمارية الرأسمالية التى تقودها الولايات المتحدة ، فهيَ جزء من النظام الدولى الذى سقط بإنتصار الأفغان وإنهيار الكتلة الشيوعية وذراعها العسكرى المسمى حلف وارسو. ولكن الولايات المتحدة إستكبرت وتصرفت خلاف الحقائق، وادعت أنها أقامت نظاماً عالمياً جديداً احادي القطبية، ذراعه العسكري هو حلف الناتو الذي يضم معها دول أروبا الغربيه.
– حلف الناتو /معبراً عن قيادته الإستعمارية الأمريكية/ قال فور رحيل السوفيت من أفغانستان: (لقد أنتصرنا في هذا القرن على عدوين خطيرين ،هما النازية والشيوعية، وتبقّى أمامنا عدواً واحداً هو الإسلام). صرح بذلك سكرتير الحلف. وقد كان صادقاً بدرجة كبيرة وكاذباً بنفس الدرجة.
– كان صادقاً بقوله أن الإسلام هو عدو حلف الناتو والنظام الدولي الجديد. وكان كاذباً بقوله أن الغرب قد هزم النازية والشيوعية. فتلك إحدى أكاذيبهم الكبرى. فالذى هزم النازية عسكرياً كان الاتحاد السوفيتى، الذي تحمل معظم أعباء الحرب العالمية الثانية وخسائرها، وحقق أنتصاراتها الرئيسية التى لولاها لكان هتلر يحكم العالم الآن.
– أما الذي هزم الإتحاد السوفيتى فهم المجاهدون الافغان الذين حققوا إعجازاً كبيراً بدحر الجيش الأحمر في حرب إستمرت حوالى عقد من الزمان، دفع فيها الأفغان أرواح حوالى مليونين من مواطنيهم. ولم تكلف هذه الحرب أمريكا إلا حوالى ثلاثة مليارات دولار دفعتها السعودية.
والأموال الفاعلة التي أفادت الجهاد كان معظمها من أموال المتبرعين المسلمين. أما حلف الناتو الذي تأسس عام (1949) فإنه أنفق عشرات المليارات خلال السنوات الاربعين التي انقضت قبل سقوط الإتحاد السوفيتي ، بدون أن يطلق طلقة واحدة على الجيش الأحمر أو حلف وارسو.
– الحضارة الأوربية حكمت العالم أكثر من أربعة قرون، معتمدين على الخداع والوحشية ونهب شعوب العالم (غير المتحضر)، والسيطرة عليهم.
– ما يحدث الآن من أزمة عالمية في أوكرانيا، فضح حقيقة أن العالم لا يحكمه أي نظام، وأن ما يسمونه نظاماً دولياً فما هو إلا أسلوب لإدارة الفوضى وإشاعتها في العالم. والتأسيس لحروب لا تنتهي ولا يمكن وقفها بين عناصر الجنس البشري، وليس فقط الأنظمة السياسيه .
– إنه نظام هدم المعبد على رؤوس البشرية جميعا ، بحيث لا ينجو إلا المُرابي اليهودى الجالس خلف صندوق العملة على باب المعبد . وهو في حالنا الراهن المُرابي اليهودي ونظامه المالي الدولي ، الساعى نحو الفوضى العالمية، كما هو واضح فى الأزمة الأوكرانية، وما تحمله من نُذُرْ تهدد البشرية .
– دخلت أمريكا حرب أفغانستان فى بداية عصر الفوضى وهي تَدَّعي أنها تقيم نظاماً دولياً جديداً أحادي القطبية.
ولكن المجاهدون الأفغان كشفوا الأكذوبة، وتبين مدى ضعف البنيان الأمريكي وتهافته، ليس فقط أخلاقيا ولكن أيضا إداريا وساسيا وعسكريا.
تحميل مجلة الصمود عدد 195 : اضغط هنا
تجليات الفشل الامريكي في حرب أفغانستان
أولاً _ تكنولوجيا السلاح وتأثيراته النفسية :
فشلت أمريكا في هزيمة الشعب الأفغاني بإستخدام عنصر الرعب والتهويل العسكري.
فقد استخدمت أفضل ما لديها من أسلحة مدمرة، لم تستخدم في أي حرب مضت. منها قنابل يورانيم منضب أوغير منضب. وصواريخ يزن الواحد منها حوالى عشرة أطنان. وقنابل إرتجاجية تسببت في حدوث زلازل في أفغانستان و دول محيطة بها. إضافة إلى إستخدام أشعة الليزر في التوجيه الدقيق للمقذوفات. والتوسع الكبير فى إستخدام الطائرات بدون طيار في إغتيال عدد لا يحصى من المجاهدين ورحال القبائل على حانبي الحدود، والمهاجرين من بلاد العرب و آسيا الوسطى.
ثانياً _ سياسة الإبادة والإفساد:
لم يشاهد الأفغان خلال حربهم ضد الجيش الأحمر السوفيتى مثل هذه القدرة التدميرية الهائلة التي أظهرها السلاح الأمريكي . الذي تمتع أيضا بالدقة العالية. وشاهد القرويون بيوتهم الطينية الضخمة ،التي يسمونها قلاعاً، بعد غارات الطيران، وقد إختفت تماماً من على سطح الأرض ولم يتبق منها غير حفرة هائلة الحجم وبلا أنقاض، وكأنها تبخرت تماماً.
– تأثير الإغتيالات الجوية بطائرات بدون طيار(الدرونز) كان صادما ومخيفا. فالطائرات تراقب وترصد طوال الوقت. والضربات الصاروخيه تأتي فجأه وبدقة، والعدو لا يظهر. حتى الطائرات نفسها من الصعب رصدها.
– سياسة إستهداف المدينين كانت أساسية في تلك الحرب.
بل كانت عنصراً ثابتاً في الإستراتيجية العسكرية، التى تغيَّرت عدة مرات خلال الحرب . وظل قتل المدنيين موضوعاً أساسياً في تدريب مجموعات تديرها إستخبارات الإحتلال . وتستخدم نفس التكتيكات والأساليب التى إبتكرها الأمريكان لإبادة المدنيين وإرعابهم وتحطيم معنوياتهم ورغبتهم في المقاومة .
– معظم تلك المجموعات حتى التى يشرف عليها الأمريكان رسمياً لم تلبس أن جرفتها منظومة الفساد التى ضربت كل شئ في أفغانستان، من الجيش إلى الاستخبارات إلى الإدارات الحكومية إلى الحياه المدنية إلى الإعلام والثقافة. واستحكم الفساد بحيث أصبح من المستحيل تقريباً أداء أي شئ لصالح المواطن بدون الخوض في غمار مستنقعات الفساد الذي أصبح مثل الهواء الفاسد الذي يتنفسه الجميع .
ثالثاً _ الفساد كلمة السر فى سقوط النظام الحاكم :
الفساد كان العامل الأكثر خطورة، وكلمة السر في سقوط الإحتلال والنظام الحاكم.
– الفساد لم يكن ظاهرة خاصة بالمسرح الأفغاني كميدان حرب أمريكي، بل هو في الحقيقة عماد النظام الدولي كله، خاصة النظام الاقتصادي والسياسي. وطبيعي أن يطال الفساد مجالات الإعلام والفكر والأخلاق.
رابعاً_ الفساد فلسفة الحرب والسلام الدولي:
الفساد كان هو هدف الحرب، ولأجله دخلت الولايات المتحدة إلى أفغانستان وهدفها الأول كان الإستيلاء على الأفيون وتحويله إلى مسحوق الهيروين، ثم توزيعه دولياً.
وإستخدمت قواتها العسكرية لتحقيق ذلك الهدف.
– وشهدت زراعة الأفيون إنتعاشاً هائلاً،وكانت الإمارة قد أوقفت زراعته.
– كما زاد إنتاج اليهروين في أفغانستان أربعين ضعفاً خلال السنوات الخمس الأولى للإحتلال.
ولكن مكاسب المخدرات أفسدت الجيش والمخابرات الأمريكية. وأشعلت بينهما نزاعاً على صلاحية إدارة الحرب.
وعمل كبار جنرالات الاحتلال والدولة كتجار مخدرات مستقلين، يسيئون الإستفادة من إمكانيات وضِعَت تحت أيديهم لأجل الحرب، فتحولت إلى إمكانيات غير عاديه لتجارة المخدرات.
– حدث نفس الشئ في مجال العمل الارتزاقي للشركات الاجنبية(المتعاقدون) والمليشيات المحلية. وبما أن الجشع ليس له حدود فقد إمتدت الأطماع إلى تجارة السلاح. فمارسوا تلك التجارة على المستوى العالمي إنطلاقاً من أفغانستان التي أصبحت مخزناً للسلاح الأمريكي وأكبر سوق غير شرعي للإتجار به.
– صناعة غسيل الأموال لا تقل أرباحاً عن تجارة المخدرات بل هي وجهها الاخر الأكثر ربحاً والأوسع إنتشاراً وتأثيراً في نشاط المشاريع العظمى على امتداد العالم.
– شركات المرتزقة كانت مجالاً آخر للفساد الذى إتخذ أبعاداً دولية تغطي أروبا والشرق الأوسط وأماكن اخرى غير متوقعة منها الولايات المتحدة التي جَلَبَت عدداً كبيراً من تلك المجموعات ذات الأداء الإجرامي في حرب أفغانستان، إستعدادا لحرب أهلية إنفصالية متوقعة داخل الولايات المتحدة.
الفساد والسياسة الدولية :
استخدمت أمريكا العائدات الخيالية للفساد الذي إنفجر في أفغانستان، على الشكل الذي ذكرناه من تجارة مخدرات وأسلحة ومرتزقة وغسيل أموال. فاستخدمت جزءاً منه في دفع رشاوي لشراء مواقف سياسية وجذب حلفاء واستيراد “قوات حليفة” للقتال الي جانبها في أفغانستان.
وفى شراء نجوم الإعلام والإفتاء الدينى، والفن، والرياضة، والسياسيين وقادة الرأي العام والكُتَّاب والمثقفين.
– تلك الماكينة الهائلة لصناعة الفساد تُستَخدم الآن على مستوى العالم من أجل تأجبج حرب أوكرانيا ،التى لن تكون آخر الحروب، لأن الفساد على يد أمريكا والغرب لم يعد قضية أخلاقية ،بل ضرورة إقتصادية تستلزم نشر الحروب والمخدرات وشركات المرتزقة والإتحار بالنساء والأطفال ، من أجل زيادة تدفق الأرباح على بنوك اليهود.
تحميل مجلة الصمود عدد 195 : اضغط هنا
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )