جلال الدين حقانى .. العالم الفقية .. والمجاهد المجدد 42
بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
مجلة الصمود الإسلامية | السنة السادسة عشرة – العدد 194 | شعبان 1443ھ – مارس 2022 م .
17-03-2022
حقاني..العالم الفقيه والمجاهد المجدد (الحلقة 42)
– تجهيزات للحملة الثانية على جرديز
أوّلًا: إنهاء طريق ناراي.
ثانيًا: استطلاع مضيق طيرة.
ثالثًا: المفاوضات مع ضباع جرديز.
– لاحظنا تواجدًا “محترمًا” لمؤسسات الأمم المتحدة، والكثير من سيارات “الرنج روفر” الفخمة يقودها “الجيل الأفغاني الجديد” القادم من أمريكا وأوروبا، وقد أطلق هؤلاء الشباب الهجين لحاهم حديثًا، ويديرون العمل في مؤسسات الإغاثة الدولية، (كان لهذا الجيل الهجين دور كبير في العمل مع الاحتلال الأمريكي للبلاد بعد عام 2001).
بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
تحميل مجلة الصمود عدد 194 : اضغط هنا
انتهت الحملة الأولى التي شنّها حقاني على جرديز بدون أن يحسم الموقف ولكن قواته أصبحت قريبة جدًّا إلى المدخل الشرقي للمدينة. وله قوات في غرب الوادي خاصة في (تعمير) على حافة وادي زمرد بحيث تشكل تهويدًا خطيرًا لقوات العدوّ.
الفجوة الكبرى في موقف قوّات حقاني هو مضيق طيران الجبلي الحصين والذي ظلّ مفتوحًا ولم يغلق أثناء المعركة الأخيرة (سبتمبر1991) نتيجة تدخلات باكستان وأحزاب بشاور و(العالم الخارجي) أي التوافق الروسي الأمريكي.
كان معلومًا أنّ هناك جولة قادمة سوف يشنها حقاني ضد جرديز. وقال لي أكثر من مرّة إنّه يعتقد أنّ المدينة لن تصمد حتى الصيف القادم (1992). قال لي في تقييمه الموقف أنّ الحكومة قد وضعت كل طاقتها لحماية جرديز، وأنّ في المدينة أسلحة هائلة تزيد كثيرًا عن أضعاف الحاجة إليها، ولكن معنويات القوات الحكومية منخفضة جدًا والعلاقات بين قوات الجيش والمليشيات سيئة للغاية، وأنّ الوقود قليل والطعام يوزع بالوساطة ولا أحد يثق في أماكن استمرارية النظام.
استمرّ حقاني في تجهيز الحملة القادمة، من أهمّ التجهيزات كان طريق (ناراي) (بمعنى الصيحة)، وكان يسابق نزول الثلج فوق قمم الجبال كما يسابق طيران العدوّ الذي حاول عدة مرّات تدمير معبر أجزاء الطريق وضرب البلدوزر العامل عليه وسيارات المجاهدين التي حوله.
أصيب (البلدوزر بجراح) ولكنه لم يتعطل سوى قليلا وظل العمل يجري بسرعة بقيادة فدائي الطرق المستحيلة المجاهد الشاب (روثان جول).
طريق (ناراي) كان أحد العبقريات الهندسية لجلال الدين حقاني وقد أربك توازن قوات العدو في جرديز، وأصبحت قوات حقاني في مواضع استراتيجية هجومية خطيرة ويعطي مواضعه التي ظنها منيعة أصبحت مكشوفة وقابلة للهجمات المفاجئه خاصة جبل (سروراي) الذي استعاده العدوّ من حقاني ثم تمسك به بكل قوة، حتى إن بعض الأسرى أفادوا أن أي ضابط يخدم -ولو أيام- على ذلك الجبل يحظى على مكافأة كبيرة.
تحدثت مع أحد الضباط الأسرى وقال إنه خريج معهد زراعي في ألمانيا الشرقية. ولكن بدا لنا وكأنه ضابط استخبارات. وشعر أننا قد لا نعامله جيدا إن استمرّ في الكذب فأعطانا كمية كبيرة من المعلومات، ولكنه كان عن مضيق (طيرا) وكان ذلك مفاجأة لنا وتحليلا أن ذلك جبل (سروراي) كان مركزا استخباريًا خطيرًا.
طريق (ناراي) جعل وصول قوات حقاني إلى مناطق غرب جرديز ميسورًا وكذلك الوصول إلى أي نقطة إلى وادي (زورمات)، بل والوصول من تعمير عبر ممر (مالانج) يقود إلى ميمنة القوات المدافعة عن (طيرا) ويسمح بمهاجمة الممر. استطلاعنا في ما بعد أظهر أنه من الممكن إغلاق الممر بالنيران.
اختصارا كان طريق (ناراي الجبلي) أكثر بكثير من مجرد طريق؛ فقد أظهر حتمية الاستيلاء على جرديز. ولابد أن القوات الحكومية فهمت ذلك وأن خطرا حقيقيا بات يهدد جنوب وغرب وادي جرديز وأن ممر (طيرة) لا يشكل معضلة لوجستيه بالنسبة للمجاهدين، وأن الممر الذي أفلت به مؤامرة خارجية وداخلية لن يتمكن أحد من أن يبقيه بعيدًا عن سيطرة حقاني.
مع إبراهيم حقاني في وادي زورمت
الخميس 12 ديسمبر 1991 :
قرب قمة جبل ناراي قابلنا “روشن جول” الذي زف إلينا النبأ السار، أنه منذ قليل انتهى من تمهيد قمة الجبل وأن الطريق بالكامل أضحى جاهزًا لاستقبال جميع أنواع سيارات المجاهدين. ولكن البلدوزر في حاجة إلى عملية إصلاح وصيانة حتى يستكمل عملية “تشطيبات” النهائية في الطريق، فوعدنا بإمداده بكل ما هو مطلوب لإكمال عمله.
ما إن نهبط من جبل “ناراي” حتى نصبح في وادي زورمات.. في التلال الأخيرة من الجبل بدأت مراكز المجاهدين تتكاثر. أولها مركز صديقنا درويش الوردكي وجماعته، ثم مراكز متعددة، لجماعة حقاني.
ثم بدأ وادي زرمت الشاسع، وقرى كثيرة متناثرة بعضها عبارة عن بيوت قليلة العدد. كان دليل رحلتنا “حاجي إبراهيم” يتوجه بنا إلى المركز الرئيسي لحقاني في ذلك الوادي وهو مركز”ديري”.. كنت أرقب أحد الجبال الفريدة ـ وكنت أكرهه بشكل خاص ـ وهو جبل منفصل عن سلاسل الجبال الأخرى، ويقف شامخًا محاطا بالوادي من كل جانب ـ كان يسمى جبل “سرواراي”، وهو شاهق الارتفاع ومحاصر بقوات الحكومة، استولى عليه المجاهدون في المعارك الأخيرة لكن الحكومة استطاعت استعادته مرة أخرى ـ
جبل “سرواراي” يمثل موقع ترصد مثالي، حيث يشرف على معظم السهول التي تنبسط تحته مثل كف اليد ـ لذا كنت أشعر به كابوساً دائمًا أثناء تحركاتنا في الوادي ـ وأظن أن ذلك كان شعور الجميع.
كان الجبل على رأس استهدافات حقاني القادمة، في حملته الثانية التي يجهز لها، لكونه يشكل خطرا على مجاهدي الوادي كله، ومركزا مثاليا لتوجيه المدفعية والطائرات.
– عند الغروب وصلنا إلى مركز لجماعة حقاني عبارة عن بيت واحد من الطراز الريفي ذو الجدران الطينية السميكة. في بعض مواضعها تمر خنادق بحيث يمكن لمن دخل البيت أن يطلق النار من الخندق على الخارج بدون العبور من بوابة المنزل. كانت العديد من الآليات العسكرية المعطوبة والسليمة تحيط بالمكان بين أشجار عظيمة الحجم.. المكان جميل وهادئ، ولكن هيئة “سرواراي” تثير القشعريرة وتنذر بالخطر.
– رحلتنا تلك استمرت أسبوعًا، ولم يظهر خلالها أي أثر لطيران العدو وكأن الطيارين قدموا استقالاتهم، أو أن الطائرات كلها تحت الصيانة. كان ذلك من حسن حظنا، لأننا نستخدم دوما المنازل الريفية وهي هدف غاية السهولة بالنسبة للطائرات، وفي ثواني يمكنها تحويل البيت إلى مقبرة كبيرة لجميع من فيه. في مركز حقاني هذا قدموا لنا غرفة كبيرة حسنة التدفئة نمنا فيها حتى أذان الفجر.
تحميل مجلة الصمود عدد 194 : اضغط هنا
ثانياً: استطلاع ممر طيرة
الجمعة 13 ديسمبر 1991 :
كانت رحلتنا الأولى بهدف استطلاع مضيق (طيرة). ومن الطبيعي أن نبدأ من طريق الجبلي الجديد (ناراي) وأن الاستطلاع سيشمل تفاصيل ومناطق ومجموعات وقرى كثيرة.
– كان يقود السيارة حاجي إبراهيم الذي كان زهرة مجموعتنا في العمل ضد مطارات خوست. وهو من (زورمات) ، وذلك من حسن حظنا.
كنا على ترتيب مسبق لمقابلة حاجي إبراهيم شقيق حقاني في مركزه الجديد في زورمات، على مسافة ليست بعيدة من نهاية طريق (ناراي).
كان المركز عبارة في بيت ريفي ذو ساحة كبيرة به غرفة ضيافة وغرفة للاسلكي ومخزن لبعض الذخائر بعضها قذائف دبابات مضادة للدروع، وكانت مدهشة بالنسبة لي.
قابلنا “محمد” ابن المولوي حقاني. الذي كان يرتدي زيًا عسكريًا مرقطًا، ويستمع إلى أخبار الإذاعات عبر راديو صغير. لقد صار شابا يافعًا في ساحات القتال. كان الشاب يبدو وحيدًا في تلك الساحة الشاسعة التي لا تحتوي إلا على عدد قليل من الأشخاص. وكان يحمل بندقيته على كتفه، وصافحنا بهدوء.
– حاجي إبراهيم حقاني أعطانا أهم هدية في رحلة الاستطلاع وهو الكومندان (خواناي). وكان في حوالي الأربعين من العمر. ومعه ابن أخته (دوتار) وهو في العشيرينات من العمر. وظهر من العلاقة بين الرجلين نوع من الشد والجذب. فالكومندان العجوز يعطي الأوامر والدروس بشكل مستمر لابن أخته الشاب المتمرد الذي لا يتقبل أي شيء بسهولة. ولكنه في النهايه يطيع خاله الحبيب ذو الخبرة.
– يمكن القول إن عماد استطلاعنا لمنطقة (طيرة) كان هو الكومندان (خواناي) الشهم الشجاع، الذي خدم سابقا في الجيش الأفغاني، ربما لعدة أشهر وربما عدة أيام. كان (خواناي) موسوعة في تاريخ القتالي للمنطقة ومجموعاتها، وخبيرًا في مسالكها، كما كان صريحًا بشكل تلقائي وبدون أي حسابات.
– توجّهنا أوّلًا إلى “تعمير” وهي قرية متسعة أكبر ممّا توقعت، ذات أبنية إسمنتية حكومية، وآثار الحرب بادية على معالمها، فمعارك تعمير تعتبر من أهم فقرات الحرب في وادي “زورمت” ـ
أدرنا ظهرنا لمدينة جرديز وسرنا على طريق إسفلتي متجه نحو محافظة “غزني” ولكنه لا يستمر على حالته الجيدة هذه سوى لحوالي عشرين كيلومتر، أما باقي الطريق إلى غزني فينتمي قطعا إلى عصور بداية الخليفة، وهو في غالبه صحراوي يعبر بعض المناطق الزراعية والقرى.
بعد حوالي عشرة كيلومترات من تعمير مررنا بسوق عامرة تدعي “قلل كوه ” أي قمم الجبال ـ وفي الحقيقة أن سلسلة الجبال شمال الطريق والممتدة على طوله تقريبا يطلق عليها نفس الاسم. وهي عبارة عن سلاسل “حرشوفية ” دميمة المنظر، عبارة عن مجموعة من “القلل” بدون جبل. أي أنها تقليد جبلي لحراشيف الديناصورات.
رغم نشاط السوق وكبر حجمه إلا أن تنوع البضائع فيه قليل. وأكثر ما يحتويه هو المطاعم الريفية بأطعمتها المحدودة من لحم وأرز وخضروات قليلة. حاجي خواناي اشترى القليل من اللحم حتى يضيفنا به في بيته. وانشغل الشباب في تموين سيارتنا بوقود الديزل المخلوط بالماء ـ
– لاحظنا تواجدًا “محترمًا” لمؤسسات الأمم المتحدة. والكثير من سيارات “الرنج روفر” الفخمة يقودها “الجيل الأفغاني الجديد” القادم من أمريكا وأوروبا. وقد أطلق هؤلاء الشباب الهجين لحاهم حديثا. ويديرون العمل في مؤسسات الإغاثة الدولية، ويتقاضون مرتبات لا يحصل عليها وزراء كابول أو باكستان. (كان لهذا الجيل الهجين دور كبير في العمل مع الاحتلال الأمريكي للبلاد بعد عام 2001).
– المنطقة بشكل عام جميلة جدا لولا أجواء الحرب. في العادة يقصف الطيران مثل هذه الأسواق من وقت لآخر. وقالوا إن هذا حدث هنا مرات عديدة، آخرها كان منذ عدة أشهر.
– قبل أن ينحرف الطريق يسارا ليستكمل مسيرته إلى غزني، نزلنا على التراب يمين الطريق كي نسلك شعابًا جبلية صوب وادي خلف الجبال تقع فيه مناطقنا المنشودة.
في بداية الطريق الترابي يوجد مسجد تظهر عليه عناية غير عادية في مثل تلك الأماكن. أخبرنا حاجي خواناي أنه المسجد بناه الصحابي “عبدالرحمن بن عوف”. يعتقد الأهالي بذلك.
عبرنا الشِعْب الجبلي الطويل حتى فتح على وادي متسع رائع الجمال. مررنا بقرية جميلة سألت عن اسمها وأدهشني أنه كان: “كافركوت”. سألت عن سبب الاسم الغريب فقالوا إنها كانت مقرا للكهنة البوذيين، وكان لهؤلاء حبلا ممتدا يين الجبلين على طرفي الوادي يعبرونه بما يشبه “التليفريك”. كان ذلك يبدو مستحيلا لأن المسافة لا تقل عن خمسة عشر كيلوميترا، فكيف يمكن عمل تليفريك بالجبال عبر تلك المسافة في ذلك الماضي السحيق.
– في الثالثة عصرا وصلنا قرية “بانج باي”. واصطحبنا “خواناي” مباشرة إلى منزله الصغير المكون من طابقين. استضافنا في الطابق العلوي المكون من غرفة واحدة وساحة ضيقة أمامها، اكتشفنا أن البيت هو أيضا مقر قيادة لمجوعته المكونة من ثمانين شخصًا، تبقى منهم الآن سبعة أشخاص فقط !!. وأن مجموع المجاهدين في المنطقة الآن هم ثلاث عشر بعد أن كانوا سبعمئة وقت عمليات أكتوبر.
شعرت بالقلق لهذه المعلومات. فمعناها أن العدو يستطيع أن يتمدد بسهولة في المنطقة فيصبح مضيق طيرة من حكايات الماضي وتنتقل المعركة إلى عمق أراضي محررة لا أحد يدافع عنها الآن رغم ملامستها لمناطق العدو الحساسة.
كنت قلقًا طول الليل لشعوري أننا يمكن أن نداهم بقوات معادية أثناء الليل فنقع في الأسر، ولم أجد مانعاً يعرقل هذا الاحتمال الكئيب ـ فالمنطقة حساسة ومتسعة وقريبة جدا من العدو ونحن وجميع مجاهدي المنطقة لا نصل إلى العشرين شخصًا. وأشك تمامًا في وجود حراسات أثناء الليل.
– في مسجد القرية في صباح الغد توافد علينا شيوخ القرية وبعض المجاهدين. وسمعت منهم حكايات عن متطوّعين مسلمين استشهدوا في المنطقة بواسطة كمائن من الجيش كانت تترقب قوافل الإمداد التي تعبر المنطقة صوب الشمال. وقالوا إنّ مجموعة من الشباب الأتراك قتلوا في القرية، وأن قبر أحد هؤلاء الشهداء قريب من المسجد فطلبت أن نذهب لقراءة الفاتحة على قبره.
قبور هؤلاء الغرباء مازالت تثير الشجون، ولها احترام خاص عند أهالي المنطقة. إنها إشارة قوية على أن المشاعر التي تربط الأمة الإسلامية الواحدة مازالت يقظة وفاعلة، رغم محاولات الأعداء إطفاءها بأنهار من دماء المسلمين، وحصر كل شعب في قفصه “الوطني” الذي هو قفص للإضعاف والإذلال واليأس صنعه الأعداء.
– السيدة الكبيرة والدة “حاجي خواناي” أعطتنا دفعة معنوية كبيرة حين أصرّت على تقديم طعام العشاء لنا بنفسها. ثم جلست تكلمنا عن الجهاد والإسلام والشهادة. ثم تسألنا عن بلادنا وأهلنا. في صباح اليوم التالي ترقرقت أعينها بالدمع وهي تودعنا وتدعو لنا.
أشعر أن الإسلام سيظل بخير في أفغانستان بفضل أمثال تلك المرأة العظيمة. وهي نموذج شائع هناك لحسن الحظ. إنهن نموذج فريد من الأمومة الرحيمة لمن حولها، مع شجاعة وصلابة هائلة إذا تعلق الأمر بالدفاع عن الإسلام. فلا يتركن لأحد فرصة كي يظهر أي علامة ضعف، وتدفع الزوج والأولاد إلى ساحات القتال بلا هوادة. تابعنا الرحلة مع الكومندان خواناي، إلى أن وضعنا على أعتاب مضيق طيرة، بكافة تفاصيلة.
ثالثا: المفاوضات مع ضباع جرديز
كبار الجنرالات في جرديز هم مجموعة من حوالي أربعة جنرالات كانوا يجرون مفاوضات مع المولوي حقاني من أجل التسليم وحاول إقناعهم أن لا جدوى من المقاومة. كانوا قساة ماكرين كفريق من الضباع الخطرة.
مستشار حقاني في المفاوضات مع ضباع جرديز، كان هو الجنرال (صلح أمل)، الذي أسر في خوست بعد أن فشلت طائرته في الإقلاع نتيجة رمايات المجاهدين وذلك في صباح أول يوم لفتح خوست، كان الجنرال من هلمند وشغل منصب مستشار عسكري لرئيس الجمهورية خوفًا من إعطائه مهامًا في زيارة داخل الجيش.
كان ذكيًا ولمّاحًا. تكلمت معه عدة مرات وتناقش مع حقاني كثيرًا وكانت الاستنتاج المشترك هو أن المجاهدين قد كسبوا الحرب وأن لا مستقبل لنظام كابل، ولابد من وقف الحرب فورًا للحفاظ على الأرواح وعلى ممتلكات الناس وعلى ما تبقى من أفغانستان.
كان (صلح أمل) نشيطاً للغاية، وصاحب مبادرة، وعلة اتصال مستمر مع كبار جنرالات الدولة في كابل، ومع مجلس قيادتهم في جرديز. وكان يعرف الجميع بشكل شخصي ومحل ثقة. فكان دوره فاعلا جدا في مجال التفاوض حتى أوشك على توصل بأشراف حقاني إلى وقف إطلاق النار في جرديز إلى حين ترتيب إجراءات الاستسلام وانسحاب المليشيات بشكل منفصل.
– حقاني لم يسمح للجنرالات الشيوعين بالتلاعب والمماطلة أو التحكم في تسليم الأسلحة لمجموعات بعينها حول جرديز. إلى آخر مناورات يتقنها ضباط الجيش الشيوعين بشكل ماهر جدا، تسبب كثيراً في حلق مشاكل للمجاهدين والسكان.
وعلى أي حال كان التفاوض مع (ضباع جرديز)، غير حاسم. وأهم نتائجه هو يقين الجنرالات أنهم قد خسروا الحرب نهائيا، ولا مجال أمامهم للتلاعب.
تحميل مجلة الصمود عدد 194 : اضغط هنا
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )