حزام بحرى حول الإمبراطورية اليهودية
حزام بحرى حول الإمبراطورية اليهودية
تحيط إسرائيل إمبراطوريتها الشرق أوسطية (العربية سابقا ) بحزام من أسطولها الحربى ومن أساطيل الدول الحليفة ، وعلى رأسهم أروبا والولايات المتحدة إضافة إلى أنظمة الصهيونية العربية، وفى مقدمتها : المغرب ومصر (على البحر المتوسط) والإمارات والسعودية (على الخليج الفارسى) .
– تواصل إسرائيل حشد قواتها البحرية وقوات الحلفاء فى مناورات متوالية فى البحار التى تحيط بالإمبراطورية، وهى البحر الأبيض المتوسط ، ويليه البحر الأحمر، ثم خليجان عدن وعمان وبحر العرب ، ثم القنبلة المائية المسماة بالخليج الفارسي.
– فى كل البحار المذكورة هناك أهداف إستراتيجية هامة. فالتواجد الإسرائيلى فى البحر الأبيض من أهدافه :
أولا ـ طرد روسيا من ذلك المجال البحرى ، والعمل على حصرها فوق اليابسة الروسية. وذلك يعنى إعطاء الأولوية لطرد روسيا من سوريا، لأهداف منها تأمين إمدادات النفط المتدفق من موانئ الإمبراطورية الإسرائيلية صوب أوربا ، التى تخنقها إسرائيل بمنع إمدادات الطاقة
الروسية إليها، لحصر إمداد أروبا باطاقة فى اليد الإسرائيلة أولا ثم اليد الأمريكية بدرجة أقل بكثير .
والهدف الثانى هو رفع الراية الإسرائيلية على كامل شواطئ أفريقيا الشمالية المسلمة، وشواطئ المسلمين فى آسيا إمتداداً من سيناء وحتى آخر الحدود البحرية السورية .
ثالثا : جعل الإتصال بين الشرق الأوسط وأوربا حصريا فى اليد الإسرائيلية بحراً وبراً وجواً. خاصة عندما يتحقق لإسرائيل حلم إستبدال النظام السورى بنظام أخر موالى لاسرائيل.
– البحر الأحمر نجحت إسرائيل فى تحويله إلى بحيرة عسكرية داخل البيت اليهودى ، وذلك بقدر نجاح السعودية فى تحويل شواطئها على ذلك البحر إلى شواطئ للعراة، ومنطلقا محموما إلى شتى مجالات الحيوانية الشبقة.
وباقى شواطئ البحر الأحمر تابعة لأنظمة تحت السيطرة الصهيونية التامة.
رابعاً : إحكام القبضة الإسرائيلية عى الحزام المائى المحيط باليمن : من باب المندب إلى بحار عدن وعمان وبحر العرب . والهدف هو إحكام الحصار على شعب اليمن، لتجويعه ومنع إيصال أى أسلحة إليه، لحرمانه من حق الدفاع عن نفسه ضد الحرب التى تشنها عليه السعودية والإمارات نيابة عن إسرائيل.
خامساً: الخليج الفارسى الذى تقيم فيه إسرائيل بمؤازرة أساطيل أمريكا وعدد من دول حلف الناتو إضافة إلى أساطيل الصهاينة العرب فى المنطقة. والهدف هو العمل على منع إيران من إستخدام ذلك الخليج إن أمكن، أو على الأقل تقليص تواجدها العسكرى فيه ، وبالتالى الإستلاء بالقوة على حقولها من الغاز وهو ثانى أضخم مخزون فى العالم . وأيضا مصادرة موارد إيران النفطية فى مياه الخليج . ثم الإنتقال بعد ذلك إلى العدوان على السواحل الإيرانية نفسها .
وإجمال ما تريده إسرائيل من الخليج الفارسى هو تحويل ايران إلى دولة برية محرومة من إستخدام سواحلها البحرية على الخليج.. تماما كما تريد أن تفعل مع روسيا بحرمانها من إستخدام البحر الأبيض المتوسط.
والجدير بالذكر أن نجاح المخطط الإسرائيلى بالهيمنة على الخليج الفارسى يعنى حرامان الصين من الإستفادة من الإطلال على ذلك الخليج بعد إنجازها طريق الحرير الذى يمر بأفغانستان. وبالتالى سيظل بحر الصين الجنوبى هو المنفذ الأوحد للصين على العالم فى ما وراء البحار. ومهمة إغلاق ذلك البحر موكولة بالأسطول الأمريكى واساطيل الدول التى تسير فى ركاب أمريكا ضد الصين ، وأهمها اليابان وإستراليا والهند.
– إن الإستراتيجية البحرية لإسرائيل المتحالفة مع أمريكا وحلف الناتو ترمى إلى حصار الدول الثلاث التى يستهدفها المحور الإسرائيلى بالتفكيك والأزالة كدول وأنظمة حكم . تلك الدول هى روسيا والصين وإيران .
وكلها تدرك إحتمال أن تتحول الى قوى برية ذات تواجد بحرى محدود ، تاركة البحار الهامة والمحيطات فى قبضة الإمبراطورية اليهوية الجديدة وأعوانها الغربيين ،ليعود الحال لما كان عليه فى زمن الإمبراطوريات الإستعمارية السابقة ، مثل فرنسا وبريطانيا والبرتغال وأسبانيا وهولاندا .
البحار للمستعمرين ، واليابسة للمستضعفين
أروبا ، منذ بداية عهدها الإستعمارى وحتى نهاية الحرب الباردة ، نجحت فى تحويل أعدائها إلى قوى برية ذات تواجد بحرى من الدرجة الثانية فما دون .
– فى البداية نجحت فى وقف زحف الإمبراطورية التركية فوق أراضى أروبا، ثم إقناع السلطان سليم ــ (بوسائل ناعمة) ــ بتجميد نشاطه العسكرى فى أروبا وتحويله نحو المشرق الإسلامى . فإقتنع سليم الأول ومضى قُدُماً إلى إحتلال مصر وأجزاء من غرب إيران .
– وبوسائل أروبا (العنيفة) ، إقتنع قياصرة روسيا بتحويل إندفاعهم الإستعمارى من الإتجاه غربا صوب أروبا ، إلى جهة المشرق الإسلامى الضعيف والمفكك ، بدلا من مواجهة أروبا الصناعية القوية. فتقدم القياصرة فى أراضى آسيا الوسطى والقوقاز حتى كادوا أن يلامسوا حدود الإمبارطورية البريطانية فى الهند، فتحدث حرب عظمى بين القوتين الكبيرتين بريطانيا وروسيا. فكان أن أوجدوا دولة أفغانستان لتكون عازلاً بينهما.
– ولكن على مر الزمان تحول ذلك العازل إلى كارثة على كليهما. فحطم شعب أفغانستان فى القرن التاسع عشر الحملات البريطانية التى حاولت السيطرة عليه. ثم حطم الجيش الروسى فى القرن العشرين ، فكانت نهاية الإمبراطورية السوفيتية. وأصيب النظام الدولي بخلل مستدام ، ثم تحول إلى فوضى شاملة نعيش فيها الآن .
حرب عالمية جديدة فى أوربا
– الحرب العالمية الثانية كانت آخر الحروب الكبرى فى أروبا التى شهدت فى تسعينات القرن الماضى حرباً فى يوغوسلافيا { كانت تستهدف النفوذ السياسى والدينى لروسيا فى ذلك البلد) .
– والآن تشهد أروبا حرباً أكبر فى أوكرانيا، هى فى الأساس موجهة أيضا ضد روسيا التى فضَّلت خوض المعركة فوق أراضى أوكرانيا قبل أن تشتعل فوق الأراضي الروسية .
أروبا الآن مهددة جدياً بخطر حرب تمتد إليها من نيران أوكرانيا.. لن تكون زحفاً مباشراً لجيوش تقليدية ، ولكنه ضغط سيمزق أوربا بتأثير موجات تولدها الإنفجارات فى أوكرانيا. وتأثير تلك الموجات على النسيج الإجتماعى الهش فى شرق أروبا، وعلى مجتمعات أروبا الغربية التى تعانى من التفرقة العنصرية والظلم الإجتماعى والسقوط الأخلاقى وهزيمة الدين فى المجتمع الأروبى .
– تأمل إسرائيل والصهيونية العالمية فى تفكيك روسيا وأروبا معاً بتأثير حرب أوكرانيا.
ومع إحكام الحصار البحرى والبرى حول الصين تأمل أيضاً فى تفكيك الصين إلى ممالك كثيرة .
– ومع إنتهاء حرب أوكرانيا تأمل الصهيونية فى إقامة دولة ليهود الخزر فوقها، تكون إمتداداً لإسرائيل . وعندها سيكون (من حق إسرائيل) إيجاد إتصال برى بين أراضيها فى فلسطين وأراضيها فى أوكرانيا مرورا بسوريا وتركيا .
فى البداية تحتاج إسرائيل إلى تركيا لإستبدال النظام السورى بنظام آخر مطيع لها. فإذا تحقق ذلك فسوف يكون من الضرورى إسقاط النظام فى تركيا وإيجاد نظام يهودى صرف بثياب عسكرية ، على غرار تجربتهم فائقة النجاح فى مصر .
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )