بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
مجلة الصمود الإسلامية | السنة السادسة عشرة – العدد 191 | جمادى الأولى 1443 ھ – ديسمبر 2021 م .
16-12-2021
التقدم الثابت في بناء الإمارة الإسلامية
خسرت أمريكا “حرب الأفيون”.. وعادت مع “حرب اللثيوم”
ــ أربعة مجالس عليا مقترحة، لتحقيق إشراف الإمارة على الجهاز التنفيذي: (المجلس الأعلى للاقتصاد) و(المجلس الأعلى للتعليم) و(المجلس الأعلى للقضاء والرقابة الشعبية).
ــ المجلس الإقليمي لاقتصاديات دول طريق الحرير: لتنسيق سياسات (أفغانستان ـ الصين ـ إيران) في مجالات الاقتصاد، والتأثير الجيوسياسي العالمي الناتج عن الميزات الاقتصادية المترتبة على مشاريع طريق الحرير.
ــ حرب اللثيوم بعد حرب الأفيون: بدأت أمريكا فور انسحابها في شن حرب جديدة ضد الإمارة الإسلامية هي “حرب اللثيوم” لتحويل أفغانستان إلى منجم أمريكي عالمي لخام اللثيوم وباقي المعادن النادرة.
ــ منظومة صاروخية.. مع المنظومة الاقتصادية: لابد أن تبني الإمارة قوة صاروخية تلبي احتياجاتها ضد المخاطر الجوية الأمريكية الحالية. وذلك لحماية المشاريع الاقتصادية ذات الأهمية الإستراتيجية.
ــ الحصول على المعدات والتدريب والصيانة والرادارات لمنظومات الدفاع الجوي، يمكن أن تتخلل المحادثات الاقتصادية مع الصين بحيث تشمل طرق سداد أثمان تلك المعدات من خلال التعامل الاقتصادي القائم.
تحميل مجلة الصمود عدد 191 : اضغط هنا
بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
لا ينبغي إضاعة الكثير من الوقت ـ فتطورات العالم لا تنتظر ـ فالقرارات الجوهرية يجب ألا تستغرق وقتاً أكثر، أي منذ الفرار الأمريكي في شهر أغسطس الماضي.
تستطيع الإمارة ـ وبكل جدارة ـ السيطرة على أوضاعها الداخلية لتمهيد الأرضية لبناء الامارة بنيانًا شاملًا لمستقبل طويل المدى فيه الكثير من الأمل والطموح الذي تعززه معطيات كثيرة. فتتمكن أفغانستان من التحوّل إلى دولة إسلامية مكتملة، قائمة على تطبيق إسلامي متعمق ومستنير، وبنيان مادي متين يحقق رخاء داخلي وقوة سياسية على المستوى الدولي. وسنداً لنهضة شاملة للمسلمين.
سرعة التقلبات العالمية، وخطورة أوضاع الإقليم ـ تستدعي كسب الوقت وترتيب الأولويات بشكل صحيح، ومن ثم التحرك بحسم وبلا تردد. وغالبا قد تضطر الإمارة إلى السير في معظم مجالات البناء في نفس الوقت. وعمومًا هناك مجالان حيويان لبناء الإمارة الإسلامية.
أوّلًا ـ مجال الاستقرار الداخلي.
ثانيًا ـ مجال البناء الاقتصادي.
ولكل عنوان تفاصيل كثيرة ـ نذكرها منها بإيجاز.
أولا ـ إدارات الاستقرار الداخلي:
وتشمل وزارات الدفاع ـ الداخلية ـ الاستخبارات.
ولابد من دفعها إلى الميدان بشكل عاجل وفي أفضل صورة ممكنة، مع مواصلة تقويتها، كونها الأرضية الأساسية لاستقرار الإمارة والمجتمع ـ خاصة وأن العدوّ الأمريكي ـ بتحالف دولي وإقليمي واسع ـ يواصل حربه على الإمارة بأساليب جديدة أهمها:
مجموعات التخريب (دواعش وجيش سري)، إضافة إلى غطاء دائم من طائرات بدون طيار متعددة المهام. ومن هذه الوسائل القتالية نفهم أن هدف العدو: سياسي ـ واقتصادي ـ ونفسي.
سياسيًا : يريد إبقاء الإمارة في حالة من الاضطراب والشك وعدم اليقين. وأن تقف دومًا على شفير صدامات عرقية ومذهبية.
ونفسيًا : زعزعة الثقة بين القيادة والشعب. سواء الثقة في النفس أو في جدوى المنهج العقائدي أو جدوى المسار السياسي الذي اختارته الإمارة لتصبح دولة قوية وحديثة، قائمة على شرائع الإسلام. مع إصلاح الانحراف الثقافي الخطير والمدمّر والذي أحدثه الاحتلال في المجتمع الأفغاني خلال عشرين عامًا من التخريب والإفساد.
واقتصاديًا : تسعى أمريكا بكل الوسائل إلى منع تحوّل أفغانستان إلى دولة قوية اقتصاديًا. وإبقائها في دائرة الضعف والتسوّل والاحتياج. وبالتالي التبعية السياسية.
أربعة مجالس عليا، لتحقيق إشراف الإمارة على الجهاز التنفيذي:
ونقترح تكوين(مجلس أعلى للاستقرار الداخلي) يشرف على وضع السياسات ومتابعة أعمال وسلامة ممارسات الوزارات الثلاث: الدفاع ـ الداخلية ـ الاستخبارات.
وأن يكون ذلك المجلس تابع مباشرة(لأمير المؤمنين).
ــ ونفس الشيء في (المجلس الأعلى للاقتصاد) ـ و( المجلس الأعلى للتعليم) ـ و ( لمجلس الأعلى للقضاء والرقابة الشعبية).
أما الإدارت ـ أو الوزارات التنفيذية ـ فيديرها مجلس الوزراء.
ــ المجلس الأعلى للقضاء والرقابة الشعبية:
من خلاله تحدد الإمارة هيئات للرقابة الشعبية، مكونة من مجالس شورى تمثل العلماء والمجاهدين، رؤساء القبائل، وأصحاب التخصصات المهنية والعلمية.. إلخ.
كما ينظم أمير المؤمنين جهازًا قضائيًا مستقلًا عن الحكومة، وتابع له مباشرة. فالقضاء هو روح العدالة والأمن في المجتمع والإمارة، ونشر الثقة والاطمئنان بين جميع المواطنين.
وبهذا تتمكن الإمارة الإسلامية من متابعة الأعمال التنفيذية والسياسات المتبعة في مختلف الوزارات، من خلال المجالس المذكورة، وهي:
المجلس الأعلى للاستقرار الداخلي ــ المجلس الأعلى للاقتصاد ــ المجلس الأعلى للتعليم ــ المجلس الأعلى للقضاء والرقابة الشعبية.
تحميل مجلة الصمود عدد 191 : اضغط هنا
ثانيًا ـ إدارات البناء الاقتصادي
نتيجة الظروف المحيطة بأفغانستان، فإن المسيرة يتحتّم أن تكون موحدة بين (الاستقرار الداخلي) وبين (البناء الاقتصادي).
ونتيجة لخبرات هائلة تمّ تحصيلها خلال عقدين من الجهاد المسلّح ضد الاحتلال الأمريكي مدعومًا من عشرات الدول الأخرى، فإن الخبرات في المجال الأمني متوفّرة بشكل مناسب لمتطلبات المرحلة الحالية ـ مع الحاجة إلى تطوير العمل الاستخباري وتحديث أدواته واستخدام المتوفر منها، وخبراء هذا المجال في الإمارة الإسلامية هم الأكثر دراية بتلك الموضوعات.
ــ كما أن الخبرات الاقتصادية التي توفرت لدى حركة طالبان كانت في مستوى جيد بالنسبة لحركة جهادية، ولكنها أقل بكثير من أن تكون مناسبة لبناء إمارة إسلامية تعيش واقعًا صعبًا وينتظرها مستقبل حافل ورسالات عظمى.
نظرة إلى الاقتصاد
رغم صعوبة الوضع الاقتصادي الحالي، فإن المتّفق عليه دوليًا هو أن أفغانستان هي من أغنى دول العالم في مخزونات المعادن النادرة. ولديها فرصة كاملة لتكون من أغنى دول الإقليم وأعلاها في مستوى معيشة الأفراد. ولديها مخازن هائلة من المعادن التي تتحكم في اقتصادات الدول الكبرى وصناعاتها المتطورة.
ويمكن القول بأن مستقبل اقتصاد الإمارة الإسلامية مرهون باستخراج وتصنيع المعادن النادرة.
ـ ثم بشكل مباشر نقول: إنّ أفغانستان هي من أغنى الدول (وربما أغناها) في امتلاك تلك المعادن، وبكميات كبيرة، تؤهلها لمكانة متحكمة في الاقتصاد العالمي ـ وبالتالي في السياسة العالمية.
وتلك هي الأسباب الحقيقية للحرب الأمريكية الحالية على أفغانستان. حرب لمنع أفغانستان الإمارة الإسلامية، من أن تبني قوة عالمية بمواهبها الطبيعية وقدراتها المعنوية ومهارتها السياسية وصلابة عزيمة أهلها.. قيادة.. وشعبًا.
ــ إن دخول الإمارة كطرف ذو قيمة (في امتلاك وإدارة واستثمار) مواردها من المعادن النادرة يضعها في موقع تتمكن فيه من احتلال مركز قوة في الاقتصاد العالمي، وعلى رأسه الاقتصاد الأمريكي نفسه.
وأن الطرف ذو القدرة على الدخول مع الإمارة في مجال استخراج وتصنيع واستثمار تلك المعادن هو الصين ـ الجارة ذات الحدود المشتركة مع الإمارة. ومن المهم تحقيق التعاون بين البلدين في مجال تصنيع الرقائق الإلكترونية في أفغانستان. فالرقائق أصبحت محورًا للصناعات الحديثة سواء المدنية أو العسكرية.
المجلس الإقليمي لاقتصاديات دول الحرير :
وهو مجلس إقليمي، على رأس مهامه تنسيق سياسات (أفغانستان ـ الصين ـ إيران) في مجالات الاقتصاد، والتأثير الجيوسياسي العالمي الناتج عن الميزات الاقتصادية المترتبة على مشاريع طريق الحرير.
وأن تنبثق عن ذلك المجلس مجموعات عمل حكومية ـ وشركات استثمارية ـ وتعاون مالي وبنكي. فمن مسئوليات المجلس التنسيق ـ من منطلق استراتيجي ـ على التنمية الاقتصادية وإعادة هيكلة الاقتصاد الأفغاني، وتحويله إلى اقتصاد حقيقي قائم على التعدين، والصناعات، والمشاريع المائية والزراعية، والتوسع في إنتاج الطاقة، والتبادل التجاري النشط بين دول المجلس، وباقي دول قارة آسيا.
ــ وبما أنّ انطلاق اقتصاد الإمارة سيتمحور حول المعادن النادرة، فمن المفيد إقامة تعاون استراتيجي بين الدول الثلاث لوضع سياسة مشتركة للتعامل في ذلك الموضوع بحيث يتحقق التوازن العادل بين المستهلكين والدول المنتجة ـ والمصنعة للمنتجات والرقائق من تلك المواد ـ أي أفغانستان والصين.
وإذا أضفنا الاستثمار في المواد النووية مثل اليورانيوم (الموجود بكثرة في ولاية هلمند) ـ ثم صناعات مثل النحاس والصلب وربما في المستقبل صناعة صقل الماس، وإنتاج سبائك الذهب، ومعادن أخرى أكثر ندرة، سيكون المجلس الإقليمي لدول طريق الحرير، واحد من أهم التجمعات الاقتصادية ذات التأثير في الاقتصاد العالمي، وفي قضايا استراتيجية كثيرة. وسيكون ركيزة لبناء اقتصاد حديث لأفغانستان ودفع الإمارة إلى آفاق غير محدودة.
إلى جانب سياسي خاص باكتساب القدرة على مقاومة العدوان الأمريكي والاستفزازات والمؤامرات التي لا تنقطع عن أفغانستان ومعظم دول المنطقة والعالم.
تحميل مجلة الصمود عدد 191 : اضغط هنا
حرب اللثيوم بعد حرب الأفيون :
خاضت الولايات المتحدة ومعها إسرائيل وحلف الناتو، حرباً ضارية على أفغانستان لمدة عشرين عامًا، من أجل تحقيق سيطرة كاملة على سوق الهيروين في العالم ـ بعائدات تتعدى الترليون دولار سنويًا ـ تضاف إلى وضع شبه احتكاري لأمريكا على مخدر الكوكايين المنتج في كولومبيا، وأخيرًا المخدرات الكيماوية المنتجة في مئات المصانع المنتشرة من شرق آسيا إلى القواعد الأمريكية في الخليج (العربي!!). لتصل تجارة المخدرات في العالم إلى ما يعادل نصف التجارة المشروعة.
ــ خسرت أمريكا حربها في أفغانستان.. ولكنها تحوّلت على الفور إلى حرب جديدة في أساليبها وتحالفاتها. وهدفها الأساسي قد تحول من حرب من أجل الأفيون إلى حرب من أجل المعادن النادرة (اللثيوم رمز لها، فهو أكثرها قيمة حاليًا وفي المستقبل المنظور).
يبدو ذلك الموضوع على رأس أولويات الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين، وحربها التجارية مع العالم الصناعي كله: الأوروبي والصيني والروسي.
مازالت الحرب اللثيوم التي تشنها أمريكا على أفغانستان في بدايتها. وهي كما حرب الأفيون تشمل الوسائل العسكرية والسياسية والحرب النفسية والحصار الاقتصادي والتجويع.
ــ استعدادات الإمارة الإسلامية لتلك الحرب طويلة المدى مازالت في بدايتها. أي معركتان تسيران جنبًا إلى جنب، حرب ضد العدوان الأمريكي (وشعارها حرب اللثيوم)، وحرب لبناء دولة الإمارة الإسلامية في نموذج سيقدّم نفسه للمسلمين والعالم، كأحد أقطاب الدنيا في الاقتصاد والقوة المعنوية والسياسية.
ــ الولايات المتحدة حاربت الإمارة الإسلامية مرّتان. في الحرب الأولى وهي “حرب الأفيون” أرادت تحويل أفغانستان إلى مزرعة أمريكية عالمية للأفيون. وفشلوا بعد 20 عامًا من الحرب، وعادت الإمارة الإسلامية أقوى وأكثر خبرة ممّا كانت.
ثم بدأت أمريكا فور انسحابها في شنّ حرب جديدة ضد الإمارة الإسلامية هي “حرب اللثيوم” لتحويل أفغانستان إلى منجم أمريكي عالمي لخام اللثيوم وباقي المعادن النادرة. ولكن أمريكا لاتدري أن الإمارة الإسلامية ستخرج من حرب اللثيوم وهي من القوى المعدودة في عالم الاقتصاد والسياسة، ومسلحة بجيش لا نظير لسجلّات انتصارته العسكرية الكبرى على أعتى القوى المتجبّرة في التاريخ.
ستكون حربًا قاسية وعظيمة التضحيات، لكن طريق النّصر فيها قد استوعبه الأفغان جيّدًا. وبنفس النهج الإيماني سينتصرون في معركتهم الجديدة، وفي أي معارك أخرى قادمة.
ــ الصين الحاليا تعتبر القوة الأولى في سوق المعادن النادرة ـ بصفتها أكبر منتج ومصدر لها في العالم. لذا تمسك بورقة قوة تكبح جماح الولايات المتحدة في حربها الاقتصادية على الصين، وتكبح تصعيد الاستفزازات العسكرية ضدّها. فأمريكا تستورد 80% من احتياجاتها من المعادن النادرة من الصين.
ــ ونتيجة للنموّ الهائل لقدرات الصين اقتصاديًا فإنها في حاجة ماسّة إلى الطاقة (غاز ـ نفط ـ فحم) وإلى كافة المعادن الهامة (حديد، نحاس، ألمنيوم) وإلى المعادن النادرة. وجميع تلك المواد وبلا استثناء ـ بل وأكثر منها ـ موجود في أرض أفغانستان بوفرة عالية.
ونخص بالذكر معدن الليثوم النادر ـ وتعتبر أفغانستان أغنى البلاد بهذا المعدن ـ ولديها مخزون قال عنه البنتاجون (وزارة الحرب الأمريكية) أنه قد يجعل من أفغانستان سعوديته خام اللثيوم. ومن المتوقع أنه خلال سنوات سيكون أهم من الذهب وأغلى منه ثمنًا.
ــ الوقائع المحلية والعالمية تشير أنّ المستقبل القريب للإمارة الإسلامية مرتبط بشدة بمصادر المعادن النادرة، يليها المعادن الصناعية الأساسية مثل الحديد والنحاس.إضافة إلى مصادر الطاقة من غاز ونفط وفحم.
ــ والمعطيات السياسية والجغرافية تشير أنّ الصين مؤهلة لتكون الشريك الأول في مجال استخدام وتصنيع وتسويق تلك المواد.
اقتصاد الشراكة والتصنيع.. وليس بيع الأتربة
منذ بداية، فإن التعامل مع الصين أو أي طرف خارجي يجب أن يقوم على قاعدة المشاركة في مشروعات اقتصادية وليس مجرد بيع مواد خام. لذا يجب العمل على الانتقال من بيع مواد خام إلى بيع مواد شبه مصنعة ثم مصنوعة بالكامل بعد ذلك. على سبيل المثال لا نبيع النحاس والحديد كمواد خام، بل نسعى نحو بيعها على شكل سبائك أو قضبان. وفي خطوة لاحقة تقام صناعات لتلبية الاحتياجات الداخلية مثل تصنيع عربات القطارات والسكك الحديد وباقي احتياجات الصناعات المحلية.ولتصدير معدات معدنية للدول المجاورة.
ــ بالنسبة للخامات النادرة ينبغي البحث مع الصين ومنذ اللحظة الأولى في برنامج لتطوير استخدام أفغانستان لتلك الثروة. والانتقال بسرعة إلى مرحلة تصنيع “الرقائق الإلكترونية” التي يتهافت عليها الاقتصاد الصناعي في العالم.
في البداية ستضطر الإمارة إلى الاستعانة بمهندسين وفنين وعمالة ماهرة من الخارج بعضها من الصين والبعض الآخر من دول الجوارالتي لديها مهارات فنية في تلك المجالات.
ــ كذلك في باقي المعادن الاستراتيجية مثل اليورانيوم. فلا نبيعة ترابًا ـ بل نعمل بسرعة على الدخول في مراحل تنقيته وتخصيبه والاستفادة منه في الصناعات الطبية والمدنية الأخرى.
وهنا يرتبط التطوّر الاقتصادي بالتطوّر التعليمي ـ ونظام البعثات التعليمية والتدريبية في الخارج. كل ذلك تحت توجيه ديني للمبعوثين والإشراف على برامجهم التعليمية والمعيشية خارج الإمارة.
منظومة صاروخية.. مع المنظومة الاقتصادية
حركة تعدين المواد النادرة والاستراتيجية، والتصنيع عالي التقنية في “الرقائق الإلكترونية” والمواد المشعّة وغيرها، تحتاج إلى مستوى عالٍ من الحماية الأمنية.
ونظرًا إلى أنّ هذا التطوّر في اقتصاد الإمارة يعني زلزالًا استراتيجيًا في المنطقة والعالم. وتبدل كبير في موازين السياسة والاقتصاد، فإنّ الولايات المتحدة طوّرت حربها الجوية، فتحوّلت إلى احتلال دائمٍ للفضاء الأفغاني بالطائرات بدون طيار ــ مع وجود قريب لقواعد الطيران المقاتل والقاذفات الأمريكية في دول الجوار ــ فالتهديد الجوي سيكون هو الأخطر. لأن قوة الإمارة على الأرض بقواتها المنتصرة في حرب جهادية طويلة، لا يمكن لأمريكا وعملائها من دواعش ومجموعات “الجيش السري” أن تسبب أكثر من الإزعاج وخسائر محدودة قد تكون أدنى من الخسائر في حوادث الطرق. ولكن التهديد الجوي خطير بالفعل.
فخلال المرحلة الجهادية الطويلة لم تتمكن الإمارة من امتلاك قدرة دفاع جوي يعتد بها. لهذا لابد أن تبني قوة صاروخية توفّر لها الحماية من المخاطر الجوية الأمريكية الحالية، والتي تهدد المشاريع الاقتصادية ذات الأهمية الاستراتيجية.
ــ وقد يكون من الضروري تركيز مناطق الصناعات الهامة، بحيث يسهل تكثيف الغطاء الصاروخي المدافع عنها. فلو أقيمت تلك الصناعات في منطقة مثل غزني(مثلًا)، فيقام نطاق صاروخي دفاعي يمتد من كابول إلى قندهار ويضم غزني داخل نطاقه.
ويمكن إقامة عدة نطاقات للدفاع الجوي على أرض أفغانستان بهدف حماية التجمّعات السكانية، ومناطق التركيز الاقتصادي من مناجم ومصانع ومشاريع بنية تحتية ومدنية.
ــ الحصول على المعدات والتدريب والصيانة والرادارات لمنظومات الدفاع الجوي، يمكن أن تتخلل المحاثات الاقتصادية مع الصين. بحيث تشمل أيضًا طرق سداد أثمان تلك المعدات من خلال التعامل الاقتصادي القائم. لكون المناعة الجوية لقوات الإمارة ستحمي أيضًا استثمارات الصين وعناصرها الفنية والهندسية. ونفس الشيء بالنسبة لأي شركاء آخرين مثل إيران وربما روسيا وجمهوريات من آسيا الوسطى. وبالتالي سيكون للإمارة العديد من الشركاء الاقتصاديين من الإقليم، وستكون قابليتهم للإستجابة وتلبية متطلبات الدفاع الجوي للإمارة موضع بحث ضمن مباحثات الاقتصاد. والمهم هنا ملاحظة الترابط الشديد بين قضايا الدفاع والاقتصاد.
ــ ومن السهل اكتشاف الروابط الشديدة بين التعليم وجميع مؤسسات الدولة ومتطلبات نهضتها وديمومتها وهويتها. لهذا فمن الهام أن تكون ميزانية التعليم وأفرعه المختلفة هي الأعلى في الإمارة. فذلك استثمار في المستقبل، رغم أنه يقلل من نصيب وزارات أخرى هامة. قد يكون من بينها وزارات الدفاع والأمن!!
تحميل مجلة الصمود عدد 191 : اضغط هنا
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )