الإمارة الإسلامية والتحدي الاقتصادي
بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
مجلة الصمود الإسلامية | السنة السادسة عشرة – العدد 189 | ربيع الأول 1443 ھ – أكتوبر 2021 م .
28-10-2021
الإمارة الإسلامية والتحدي الاقتصادي
– الوزير في الإمارة الإسلامية يمثل منهجها في الحكم، ولا يمثل شخصه أو قبيلته أو مذهبه.
– الإمارة أمامها طريقان لا ثالث لهما من أجل السير باقتصاد البلاد وهما: إما اقتصاد المجرمين أو اقتصاد المسلمين.
– في اقتصاد المجرمين تظهرعلى السطح بهرجات حضارة الغرب وبضائعه. وتتصدر السيادة الاجتماعية صفوة من الناهبين.
– أموال اللصوص يتم تهريبها إلى البنوك الأجنبية خارج البلاد. وما تبقى منها يذهب لشراء الأراضي وبناء العقارات. فيغتصبون أراضي الدولة، لتشييد المباني الفخمة والأسواق الباذخة.
– اقتصاد الإمارة يخدم مجموع الأمة وليس أفرادًا أو مجموعة محدودة من الأغنياء أصحاب النفوذ، اقتصاد تنوب فيه الإمارة عن الضعفاء والفقراء الذين لاحيلة لهم لتحصيل حقوقهم.
– بالتدريج سيكتسب كوادرالمقاتلين في الجبهات، خبرات قيادة العمل الاقتصادي ويصبحون من خبرائه، كما فعلوا قبلاً في عملهم العسكري.
– وكما تَعَوَّد شبابنا في عملهم الجهادي العسكري: تُحشَد القوة الاقتصادية ضمن كيان واحد وقيادة واحدة (هي الإمارة الإسلامية)، ثم يجري توزيعها للعمل حسب الخطة المركزية.
– لا ينبغي استخدام خبراء من مدرسة اقتصاد المجرمين لوضع خطة بناء اقتصاد الإمارة؛ لأنهم سيأخذونها في نفس الطريق الذي ألِفوه. ونفس الشيء في السياسة حيث يجب تحاشي من نشأوا وخدموا في بلاط أنظمة الاحتلال أوالتبعية للخارج؛ لأنهم سيأخذون الإمارة إلى نفس الطريق الذي تربوا عليه.
– ليست أي أموال تنفق مفيدة، ولا أي استثمار اقتصادي ينفع، إلا إذا حقق مصلحة لفقراء المسلمين. وإلا فهو سفه وإهدار للمال في وقت يفتقد أغلب الناس إلى أبسط مقومات الحياة.
– التهديدات الخارجية تحرك الأخطار المحلية. وتقف خلفها شركات كبرى ودول عظمى يمكنها تحريك المؤسسات الدولية، لتشكيل ضغوط على اقتصاد الإمارة لمنعه من أن يكون إسلاميًا، وإجباره على اتباع اقتصاد المجرمين وعملاء الدول والشركات الأجنبية.
تحميل مجلة الصمود عدد 189 : اضغط هنا
الإمارة الإسلامية. . لمن؟
الإمارة الإسلامية هي للشعب المسلم الفقير الذي دافع عن دينه 40 عامًا ضد الغزو الصليبي، ولم يتعاون معه أو يبيع نفسه للشيطان مقابل دولارات الكافرين. الفقراء هم أغلبية الشعب (35 مليون) وكلهم مسئولية الإمارة، ومتعلقون برقبة الأمير.
أفغانستان من أغنى البلاد بالثروات. فلابد من استخدام الثروة في توفيرالحياة الكريمة للشعب المحروم. أي توفير (الطعام ـ المسكن ـ العلاج ـ التعليم). وبناء مستقبل مزدهر للأجيال القادمة.
منهج حكم الإمارة الإسلامية: هو تحقيق العدل بين الناس ـ وتحقيق المساواة، وتوفير الأمن، وتوفير الحياة الكريمة للناس جميعًا.
على هذا النهج يسير مسئولي الإمارة، من أمير المؤمنين إلى كل مسئول في وظائف الدولة. فليس مهما مَن الذي يحكم، لكن المهم كيف يحكم، وكيف يطبق منهج الحكم الإسلامي الصحيح.
فالحكم رسالة ومسئولية، وليس غنيمة يتقاسمها الطامعون. فالوزير أو المسئول في الإمارة يمثل منهج حكم الإمارة الإسلامية، ولا يمثل شخصه أو قبيلته أو مذهبه. لهذا تعتبر الدعوة إلى تشكيل حكومة ذات قاعدة موسعة، دعوة مشبوهة، الهدف منها تحويل الحكومة إلى حلبة صراع بين الأطماع والنفوذ الأجنبي.
أنواع الاقتصاد:
أمام الإمارة طريقان لا ثالث لهما من أجل السير باقتصاد البلاد، وهما:
1 ـ اقتصاد المجرمين. 2 ـ اقتصاد المسلمين.
وهذا هو جوهر المعركة التي تخوضها الإمارة الآن. فقادة الحملة الصليبية الأمريكية الذين فشلوا في ميدان الحرب يريدون إعادة احتلال أفغانستان بواسطة الاقتصاد، وإرغام الإمارة الإسلامية على قبول”اقتصاد المجرمين”سبيلاً لفرض الشقاء والسيطرة الصليبية على أفغانستان. فيخرج الاحتلال من الباب ليدخل من النافذة. وبدلا من الجيوش والجنرالات تأتي الشركات الكبرى والسماسرة وأصحاب التوكيلات التجارية.
أولًا – اقتصاد المجرمين:
وفيه تتسلط مجموعة من الأقوياء على ثروات البلد لمصالحهم الخاصة، غير مبالين بمصالح باقي الشعب. هؤلاء المسيطرون هم في الحقيقة نواباً للشركات العالمية الكبرى وللحكومات الأجنبية التي تحرسها، ويعملون سماسرة لها، وستاراً لتمرير مصالحها حتى لا يكتشف المسلمون أنّ الأجنبي المستعمر مازال ينهب ثروات بلادهم.
معظم بلاد المسلمين تعيش تحت اقتصاد المجرمين: اقتصاد يخدم الكفار المستعمرين، ثم طبقة السماسرة الذين يخدمونهم ويخادعون أهل البلد بأن الأمور بأيديهم. وفي القاع يأتي الضحايا، وهم إجمالي الناس وسوادهم الأعظم، الذين يعيشون الفقر والمعاناة.
الدولة تحت اقتصاد المجرمين تعيش في مظهر مخادع، لحياة براقة صاخبة، قائمة على البذخ واستهلاك أغلى السلع التي لا يستفيد منها إلا الأغنياء الذين يعيشون معيشة مترفة، بعيداً عن أي قيم إسلامية.
وكلما نشطت حركة الاقتصاد وتكلمت أرقام الناهبين عن زيادة بالمليارات في دخل البلد، زاد فقر عموم الناس، لأن الأموال تذهب إلى المجرمين الذين يخدمون المستعمر. وحتى يحمي هؤلاء ظلمهم ونهبهم فإنهم يقبضون على سلطة الحكم ويستخدمونها في قهر الناس، فلا يطالبون بحقوقهم في ثروة بلادهم أو بمراعاة الشريعة أو الأخلاق. ويساعدهم المستعمر في ذلك، ويبني لهم أجهزة البطش من شرطة وجيش وسجون، وينفق عليها جزء كبير من الموارد التي تدخل إلى البلد، بدلا من إنفاقها فيما ينفع الناس.
تطبيق نموذج اقتصاد المجرمين في أفغانستان:
إذا كانت الأرقام لا تكذب، فإن المجرمين يستخدمون الأرقام في أكاذيبهم للتمويه على الحقائق. فيقول الأمريكان إنهم أنفقوا على حرب أفغانستان حوالي ألفي مليار دولار، فأين ذهبت جبال الأموال تلك؟ فقد تركوا البلد في حالة مذرية، والبنية التحتية متهالكة وأكثرها غير موجود أصلا. فلا طرق ولا سدود ولا زراعة ولا صناعة. بل غادروا وشبح المجاعة يظلل البلاد، والكثير من موظفي الدولة لم يستلموا رواتبهم منذ شهور.
الإنفاق في اقتصاد المجرمين:
أموال اللصوص يتم تهريبها إلى البنوك الأجنبية خارج البلاد. وما تبقى منها لا يذهب لبناء اقتصاد انتاجي ينهض بالبلد ويوفر فرص العمل، بل يذهب لشراء الأراضي وبناء العقارات. فيغتصبون أراضي الدولة بأسعار بخسة، لتشييد المباني الفخمة، والمتاجر الباذخة للأغنياء، وترويج بضائع استهلاكية غالية الثمن لا تناسب تقاليد البلد ولا معتقداته. ويعيش اقتصاد الدولة على المعونات الأجنبية، والشعب عاجز عن إطعام نفسه بدون تسول “المعونات الإنسانية”. وتُنفَق ميزانية الدولة على قهر الشعب بقوات الجيش والأمن والسجون، والجهاز الإداري المرتشي، والقضاء الفاسد.
الاحتلال بالشركات كبديل عن الاحتلال بالجيوش:
هذه هي المرحلة التي يحاول الاحتلال تأسيسها في أفغانستان، بأن يظل اقتصادها على نفس سيرته وقت الاحتلال بالجيوش. فتحافظ الشركات الكبرى على نهب البلد ويواصل اللصوص السماسرة من أعوان الاحتلال، نهب البلد لصالح الاحتلال وشركاته. غاية التغيير في مرحلة الاستقلال هو تغيير وجوه السماسرة وظهور وجوه جديدة. فقد تتغير أسماء بعض الشركات إلى أسماء محلية أو حتى إسلامية، مع الحفاظ على وظيفتها الإجرامية في النهب وإشاعة الظلم والتخريب الأخلاقي والاقتصادي.
وتنزف البلد مئات المليارات لصالح الكفار ويبقى للمسلمين الفقر والحرمان واليأس، فلا يجدون مجالا للعيش سوى بالهروب إلى بلاد الكافرين في الغرب، للعيش هناك في أسوأ الظروف. أو البقاء في البلد مع الإندماج في منظومة الفساد حتىيمكنهم تحصل قوتهم والبقاء أحياء. فينخرط الكثيرون في مجالات غير شرعية للكسب، وبعضهم لا يجد حلا سوى العمل لصالح المحتلين الأجانب كجواسيس أو ميليشيات في الحروب الأهلية.
المجتمع في ظل اقتصاد المجرمين:
الاقتصاد الكاذب المخادع، هو اقتصاد المجرمين الذي يظهر منه على سطح المجتمع بهرجات حضارة الغرب وبضائعه. وتتصدر السيادة الاجتماعية صفوة من الناهبين، والمبهورين بحضارة الغرب، والمجتهدين من أجل اللحاق بها، وسبيلهم هو إخلاص الخدمة للمستعمر، لتثبيت أركان سيطرته على البلد، فيشاركوه في ظلم أهلهم، أو حتى سجنهم وقتلهم.
هؤلاء أشد ضررًا من المستعمر نفسه، ويتبعون خطواته حتى لو دخل بهم إلى جحر ضب. ويؤيدون سلخ بلادهم عن الإسلام وعن التقاليد الراسخة. وهم على استعداد لفعل أي شيء لتحقيق ذلك. فيؤيدون الاحتلال من ثقافته وتعليمه وطريقة حياته، وحتى في نوع البضائع التي يستهلكها في المأكل والملبس، وطريقته في الحياة المخالفة للدين والأخلاق.
ثانيًا ـ اقتصاد المسلمين، اقتصاد الإمارة الإسلامية
يتميز اقتصاد الإمارة بأنه اقتصاد يخدم مجموع الأمة وليس أفرادا أو مجموعة محدودة من الأغنياء أصحاب النفوذ. اقتصاد تنوب فيه الإمارة عن الضعفاء والفقراء الذين لاحيلة لهم لتحصيل حقوقهم الشرعية أوالعيش الكريم على أرض الإمارة الإسلامية.
اقتصاد الإمارة يتبنَّى التنمية شاملة لاقتصاد منتج وفق خطة للتوسع الزراعي والصناعي، وزيادة الثروة الشاملة للمجتمع ككل، مع مراعاة حقوق الأفراد الناشطين اقتصاديا. ولا يقوم الاقتصاد على مجرد شطحات فردية لمغامرين. فاقتصاد الإمارة يقام وفق رؤية شرعية لدور الدولة، وعلى خطة اقتصادية وليس العمل العشوائي.
الإمارة تحدد رؤيتها لدور الاقتصاد في المجتمع الأفغاني. وبتلك الرؤية تلتزم بها مجموعات التخطيط الاقتصادي، وتضعها كافة الوزارات في الحسبان. تحقيق تلك الرؤية على الأرض يقع على عاتق الوزارات المختصة بالعمل الاقتصادي.
تحميل مجلة الصمود عدد 189 : اضغط هنا
من يضع الخطة الاقتصادية للإمارة؟
يضع (الخطة الاقتصادية) مختصون، وفق رؤية الإمارة لوظيفة الاقتصاد في بناء الدولة والمجتمع ومصالح الشعب. وظيفة الوزراء هي الإشراف على سلامة تطبيق تلك الخطة في الجوانب المتعلقة بالاقتصاد في وزاراتهم.
الأهداف الاقتصادية الكبرى لا يمكن تنفيذها دفعة واحدة بل تُقَسَّم على مراحل وفترات زمنية، لكل مرحلة أهداف محددة تنجزها. لهذا تظهر في بعض البلدان مصطلحات مثل (الخطة الخمسية) الأولى والثانية، وهكذا إلى أن يتم تحقيق الأهداف الكبرى وفق مراحل.
لا ينبغي استخدام خبراء من مدرسة اقتصاد المجرمين في وضع خطة لبناء اقتصاد الإمارة؛ لأنهم سيأخذونها في نفس الطريق الذي ألِفُوه. ونفس الشيء في دنيا السياسة حيث يجب تحاشي من نشأوا وخدموا في بلاط أنظمة الاحتلال أوالتبعيه للخارج؛ لأنهم سيأخذون معهم الإمارة إلى نفس الطريق الذي تربوا عليه.
يمكن الاستعانة بآراء خبراء اقتصاديين غير أفغان ممن لديهم توجه اقتصادي مخالف للرأسمالية المتوحشة المطبقة في الغرب. وهناك العديد من الخبراء المعروفين في أكثر من مكان.
وعموما فإن الخطة الاقتصادية سيكون ضمن هيكلها الأساسي مشاريع البنية التحتية من طرق برية وسكك حديدية للقطارات، وشبكات الإمداد بالطاقة تصديراً أو استيراداً. ومشروعات زراعية كبيرة هدفها الأول تحقيق الاكتفاء الذاتي للإمارة إلى أكبر مقدار ممكن، خاصة في المواد الغذائية الرئيسية مثل القمح. وما يتعلق بذلك من بناء سدود وقنوات، وتبنِّي أساليب حديثة في الزراعة والري. وتشييد المشاريع التي تستخدم أيدي عاملة كثيرة، من أجل خلق فرص عمل ومكافحة الفقر والبطالة. ولنفس الهدف تهتم الخطة بالتعليم المهني ونشر الحِرَفْ والمشاريع الصغيرة، ودعمها بقروض بنكية بلا فوائد وبكفالة من القبائل.
من أين للإمارة بالكوادر البشرية لتطبيق خطط الاقتصاد؟
يشرف على تطبيق الخطة الاقتصادية وتنفيذ المشروعات الكبرى، كوادر من شباب المجاهدين المضحين والمنتصرين في الجبهات. ولانخشى من عدم سابقة خبرتهم في مجالات الاقتصاد. فهم أيضا لم يكن لهم سابقة في الحرب الحديثة، ومع ذلك خاضوا غمارها ضد أقوى جيوش الأرض وانتصروا عليها. وكذلك سينتصرون على تحديات العمل الاقتصادي، ويفوزون في معركة البناء والمشاريع الكبرى بنفس الجدارة.
شبابنا المقاتلون المنتصرون يتميزون بالجرأة والإبداع، إضافة إلى التدين والنزاهة والإخلاص للإمارة والشعب الذي هم جزء منه. ولا خَيْر فيمن يسمونهم خبراء بينما أعظم خبرتهم هو الفساد وخيانة الأمانة، والولاء للكافرين وخداع المسلمين.
بالتدرج سيكتسب الشباب، من المقاتلين في الجبهات، خبرات العمل الاقتصادي ويصبحون من قادته وخبرائه، كما فعلوا قبلاً في عملهم العسكري.
حشد القوة الاقتصادية:
تماما كما تَعَوَّد شبابنا في عملهم الجهادي العسكري، تُحشَد القوة الاقتصادية ضمن كيان واحد وقيادة واحدة (هي الإمارة الإسلامية)، ثم يجري توزيعها للعمل حسب الخطة التي وضعتها القيادة المركزية، وطبقا لاحتياجات الميادين المختلفة.
وكما في الحرب حيث تدافع القيادة العليا عن مقاتليها وعن المواقع العسكرية، فإنها في الاقتصاد تدافع عن سلامة المشاريع الاقتصادية، ومجموعات المنتجين، ضد الضربات القادمة من الداخل أو الخارج. لأنه في الاقتصاد كما في الحرب لا يكفي مجرد إصدار الأمر حتى مع الوثوق بالقوات والكوادر أنهم سوف ينفذونه. بل يجب التمهيد للتنفيذ ثم متابعة النتائج لحماية المكتسبات والاحتياط من مخاطرالهجمات المعاكسة التي يشنها العدو.
(للإمارة تجربة هامة جدا في عهد المرحوم الملا محمد عمر أمير المؤمنين. عندما طلب من المزارعين التوقف عن زراعة نبات الخشخاش حفاظا على سمعة الإمارة. فتوقفوا بالفعل، لكن التجربة كانت دافعاً أساسيا لتحريك الحملة الأمريكية الصليبية ضد أفغانستان. والضربات التي تلقاها المزارعون من جراء التوقف المفاجئ عن زراعة الخشخاش دمرتهما اقتصاديا، خاصة مع فشلهم في اللجوء إلى محصول بديل عن الخشخاش وتوقف التصدير إلى الخارج إلا بصعوبة بالغة، وعدم قدرة السوق المحلي على استيعاب تلك المحاصيل، وعدم توفر الطرق لنقلها.. والموضوع طويل ومتشابك ولكن يتحتم دراسته بدقة بينما الإمارة على وشك الشروع في معركة اقتصادية كبرى سوف تحدد مصير أفغانستان إلى مدى زمني طويل جدا).
والنتيجة الهامة هي: أن لاعمل يحقق أهدافه بمجرد إصدار الأوامر بتنفيذه. وعلى الإمارة اتخاذ إجراءت قبل التنفيذ وأخرى بعده، وأن تقف إلى جوار المزارعين ـ أوالصانعين ـ لحمايتهم من كافة الأخطار، وإلى أن يحقق عملهم الغاية منه. فلا يُترَك المزارع أو الصانع منفردا يواجه وحوش التجارة الخارجية، من تجار وشركات ودول، بل يجب أن تقف الإمارة إلى جانبه تحميه في كافة مراحل عمله.
تحميل مجلة الصمود عدد 189 : اضغط هنا
من أين نجد أموالاً للإستثمار:
يعرف المستثمرون الكبار، والباحثون عن فرصة للتعاون الاقتصادي مع الإمارة، أن الثروات الطبيعية الهائلة في أفغانستان هي ضمان أكثر من كاف لسلامة أموالهم، ولدفع قروض غير ربوية للإمارة، وتقديم ضمانات مالية يدفعونها للإمارة مقدما قبل بدء المشروعات، خاصة في المعادن والنفط.
– إيداعات النظام السابق في البنك الوطني تعتبر ملكاً لبيت المال. والبنك نفسه يصبح تابعا لوزارة المالية وجزء من أجهزتها. فالعمل البنكي عموما لا يترك للقطاع الخاص.
– الشراكة في مشروعات مع دول الجوار ضمن اقتصاد مترابط أو متكامل أومتعاون.
– الاستيلاء فورا على الموارد الاقتصادية التي كانت في خدمة المستعمر.
– مصادرة الأموال الحرام (من أين لك هذا؟) التي في حوزة موظفي الدولة السابقين، أو الأثرياء الذين لا يُعْرَف لهم مصادر دخل تبرر وجود تلك الثروات لديهم، أو قادة الميلشيات الذين عملوا مع الاحتلال، أوالسياسيين الذين باعوا أنفسهم للمحتل وناصروه، فكلها أموال يجب تضم إلى بيت المال.
– إنشاء المناطق الحرة على المنافذ الحدودية النشطة تجاريا مع الجيران.
– تتولى الإمارة ملف السلع الاستراتيجية ـ بيعاً وشراءً ـ وتبدأ فورا بملف المحروقات والقمح، لضمان دخل مباشر مع استقرار الأمن الغذائي ولو في حده الأدني.
استثمار حقيقي وليس استثمار طفيلي:
الاستثمار الحقيقي هو استثمار منتج يلبي احتياجات الناس، ويوفر لهم الأعمال، ويتماشى مع الهدف الكلي للاقتصاد الإسلامي للإمارة. أي خدمة 30 مليون فقير ومستضعف يعيشون في أفغانستان وقد أنهكت قواهم سنوات طويلة من الحروب وعدوان المحتلين.
بينما الاستثمار الطفيلي يخدم فئة ميسورة الحال من أجل مزيد من الرفاهية. مثل بناء دور الملاهي وحمامات السباحة وأسواق البضائع الغالية والملابس الأجنبية وصناعة الأطعمة الغربية الباذخة تقليدا للسفه الاستهلاكي في دول الغرب، والذي انتقل إلينا مع الاحتلال.
على سبيل المثال ذلك المستثمر الذي أنفق 600 ألف دولار في بناء حمام سباحة وبخار ـ فلمن هذه الأشياء؟، وغيرها من المشاريع التي تقهرالفقراء وتُظهِر بطر الأغنياء وعدم العدالة في تقسيم الثروة، والتفريط في ثقافة البلد وحتى قيمه الدينية؟
المشروعات إذا زادت تكلفتها عن مقدار معين يجب أن تعرض أولا على وزارة الاقتصاد حتى تجيزها إذا كانت تحقق الهدف الاقتصادي للإمارة، أو ترفضها إذا كانت غير ذلك.
فليس كل أموال تنفق مفيدة، ولا أي استثمار اقتصادي نافع، إلا إذا حقق مصلحة لفقراء المسلمين. وإلا يعتبر سفها وإهداراً للمال في زمن الضيق الشديد، حيث يفتقد أغلب الناس إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة.
الأخطار الداخلية، والضغوط الخارجية، لإفشال اقتصاد الإمارة
نوعين من العقبات تعترض بناء اقتصاد إسلامي للإمارة. تلك العقبات هي:
أولا ـ الأخطار الداخلية. ثانيا ـ الأخطار الخارجية.
أولا ـ الأخطار الداخلية:
أهمها إشعال الفتنة والقتال الداخلي الذي سيؤدي إلى وقف أي تنمية للاقتصاد.
ومن الفتن تحريض القبائل والقوميات على مقاومة عملية التنمية، وإثارة الأنانية في الاستحواز على مصادر الثروات لصالح مناطق وجودها فقط بدون اعتبار للنهوض الشامل بأوضاع البلد.
الأطماع القبلية تُبْقي علىاقتصاد السماسرة العاملين لصالح الأجانب، المحتمين بقبائلهم للحفاظ على مصالحهم الشخصية.
وهناك أخطار من الهجمات المباشرة على مواقع المشاريع، أو تهديد القائمين عليها. ومخاطر من شبكات التخريب المحترفة التي تركها المستعمر لمثل ذلك اليوم. وبقايا الميلشيات والمرتزقة قد تجندهم الشركات الأجنبية بواسطة السماسرة المحليين، والمقامرين السياسين الباحثين عن مواقع للسلطة، ولو على أساس انفصالي تؤيده دول الغرب.
النظام الاقتصادي القديم وتركيبته الشاذة المعرقلة، ستكون من أكبر العقبات. مثل عقبة الجهاز الإداري الفاسد وعبئه على ميزانية الإمارة، التي مازالت تدفع رواتبه وتكاليفه. ومن المخاطر عدم وجود اقتصاد حقيقي واعتماد الدولة على معونات الغرب. وبالتالي ستجد الإمارة نفسها مضطرة إلى هيكلة اقتصاد جديد بالكامل، من خارج كل الأطر الاقتصادية والإدارية الموروثة عن النظام القديم.
ثانيا – المخاطر الخارجية:
هي الخطر الأساسي لأنها المحرك الأكبر للأخطار المحلية. وتقف خلفها شركات كبرى ودول عظمى يمكنها تحريك المؤسسات الدولية، والدول العميلة لتشكيل ضغوط على اقتصاد الإمارة لمنعه من أن يكون إسلاميا، وإجباره على اتباع اقتصاد المجرمين عملاء الشركات الأجنبية.
الأعداء، ومن أجل تحطيم اقتصاد الإمارة وإجبارها على قبول الاحتلال الاقتصادي، يفرضون العقوبات عليها ويجمدون أرصدتها، ويمنعون تعاملها مع البنوك، حتى لا يمكنها التعامل مع الخارج بيعاً أو شراءً. ويفرضون حظر جوي، كلي أو جزئي، على الإمارة لشل حركتها الاقتصادية واتصالاتها الخارجية.
هناك وسائل أخرى منها إغراق السوق المحلي بالسلع التي تجتهد الإمارة لتوفيرها محليا، فيصبح المنتج القادم من الخارج أرخص وأجود من المنتج المحلي. فينصرف الناس إلى المنتج الخارجي تاركين المنتج المحلي بائرا، فيخسر المنتجون، وتزيد البطالة ويزيد اعتماد الإمارة على الخارج في استيراد احتياجاتها الأساسية، فتقع في قبضة الشركات والدول الأجنبية.
تحميل مجلة الصمود عدد 189 : اضغط هنا
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )