300 طن من الأسرار الأمريكية فى أفغانستان .. مع من ؟؟.. وأين ذهبت ؟؟
– فقدان مئات الأطنان من الأسلحة الأمريكية المتطورة للغاية ، ومعدات عسكرية واستخبارية سرية ، ووثائق ليس من المفروض أن يعرف عنها أحد شيئا .
– أسئلة تفتح الأبواب على مجاهل مخيفة : من كان يتاجر بأسلحة وأسرار الولايات المتحدة فى أفغانستان؟؟.. ما العلاقة بين تخزين الأسلحة المتطورة والتخزين الإستراتيجى للهيروين؟؟.
– ما هى مكانة إسرائيل فى عملية الهروب ـ أو التهريب العظمى ـ للأسلحة المتطورة والهيروين الذى نقلته أمريكا على عجل وهى تسابق الزمن أمام الزحف السريع لحركة طالبان ؟؟.
– الأجهزة العسكرية والأمنية الأفغانية، تنخرط فى عمليات نهب وخطف التركة الأمريكية التى تتداعى أمام أعينهم ، بدلا من أن يدافعوا عنها؟؟.
– إستخدمت حركة طالبان طائرات الأباتشى ضد القوات الحكومية فى قندهار . وأحدث ذلك صدمة كبرى داخل الولايات المتحدة . فقد تحقق أمام أعينهم أشد الكوابيس رعباً .
– نص المعركة الكلامية بين طيار طالبان الذى يقود الأباتشى وبين قائد قوات قندهار.
– من مفاجئات الحرب ـ وجود عشرات من طائرات بدون طيار متطورة للغاية ـ داخل صناديقها فى قاعدة جوية أفغانية.
– الأسلحة المتطورة المضبوطة، واضح أنها كانت للتصدير . والأرجح أن ذلك كان لصالح الجيش السرى الأمريكى العامل فى أفغانستان ، ليراكم أموالا تكفى للإنفاق على مشاريعه ، خاصة وأن شلالات الهيروين بدأت فى الجفاف.
– لا يصح إستبعاد إحتمال تورط إسرائيل فى عملية سرقة الأسلحة الأمريكية والمعدات الإستخبارية المتطورة فى أفغانستان من أجل بيعها لأحد الدول العظمى فى الإقليم ، لتوثيق العلاقات معها من جهة ، ولإكتساب تأييدها فى عدد من القضايا ضد أطراف إقليمية أخرى .
– السلاح المتطور يباع كقيمة تكنولوجية وإستراتيجية وليس لقيمته كسلاح. والفارق هائل فى الحالتين ، ليس فى كمية المال فقط ، بل أيضاً فى أهمية المقايضة الإستراتيجية.
الغنائم الأمنية كانت هى الكفة الأثقل والأخطر والأرجح :
– منها معدات فردية للجواسيس، لتوجيه الطائرات نحو ضحاياها . وتجهيزات تضع الجاسوس المحلى فى مصاف جواسيس السينما الأمريكية.
– جذبت الغنائم الأمنية إهتماما عالميا منقطع النظير، وعروضا من مشترين كرماء من بينهم أمريكيين.
بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
مئات الأطنان من الأسرار العسكرية والإستخبارية فائقة الأهمية إنتزعتها حركة طالبان من أيدى الإحتلال الأمريكى .
ونظراً لحساسية الموضوع إبتعد العدو به عن الإعلام، وإخترع مواضيع أخرى عالجها بدرجة عالية من الصخب لجذب الأنظار بعيدا .
أشد المواضيع حساسية والتى إنفجرت بطريقة غير متوقعة ليس سقوط كابول بلا مقاومة ، وليس تلاشى الجيش الأفغانى مثل (فَصْ ملح) ذاب فى كوب ماء . أو سقوط ماقيمته 85 ملياردولار من المعدات العسكرية فى يد حركة طالبان، بعد أن كانت فى حوزة الجيش، الذى أنفق عليه الأمريكيون 100 مليار دولار حسب بعض التقديرات .
كل ذلك كان متوقعاً بدرجة كبيرة منذ أشهر أو حتى سنوات قليلة . ولم يكن ذلك عسيرا على من يتابع مجريات الأمور فى أفغانستان عن قرب. فحركة طالبان كانت فى طريقها إلى النصر ، والجيش بمعداته كان مرشحاً للوقوع فى قبضتها. حركة طالبان وجدت أن قوتها العسكرية تزايدت أضعافاً كثيرة ، وكذلك قيمتها السياسية كلاعب مقتدر يمتلك أوراقاً قوية.
– أوراق أخرى هامة ، سقطت بين يدي الحركة على غير إنتظار. وهى {300 طن من الأسلحة المتطورة للغاية ، ومعدات عسكرية واستخبارية سرية ، ووثائق إستخبارية ليس من المفروض أن يعرف عنها أحد شيئا } . ذلك بإختصار عنوان لأكثر الفضائح والمعضلات الأمنية والعسكرية التى يندر مثيلها فى التاريخ، والتى تسببت فيها حركة طالبان للإحتلال الأمريكى.
حركة طالبان كانت فى طريقها إلى الفوز الكامل، رغم تقدير آخر فى الدوائر الأمريكية العليا قال بأن الجيش الأفغانى سوف يقاوم بشدة ، وهو يمتلك كل المقومات اللازمة للمواجهة ، ومنع حركة طالبان من السيطرة على البلد، وإجبارها على دخول فى شراكة مع نظام كابول العميل . لهذا رَوَّجُوا قبل أسابيع من فتح كابول لمقولة: {إن سيطرة طالبان على أفغانستان ليست أمراً حتمياً }. ولكن أكثر مسئولي الحرب فى واشنطن كانوا على ثقة بأن الطالبان قادمون حتما إلى حكم أفغانستان .
وهناك أسئلة تفتح الأبواب على مجاهل مخيفة :
1 ـ هناك أسلحة ومعدات لم تكن تستدعيها حرب أفغانستان ، فلماذا كانت هناك ؟ .
2 ـ الكثير من تلك المواد كانت داخل قواعد عسكرية، فى وضعية التخزين (فى الشحم و داخل الصناديق)، وكأنها جاهزة للتصدير وليس للإستخدام . فمن فى أمريكا كان يعرض للبيع أهم وأخطر أسرارها العسكرية ؟؟.
3 ـ التقديرات الأمريكية للمستوى التقنى الذى وصلت إليه حركة طالبان كان أقل بكثير من حقيقته . فقد أدهشتهم قدرة طالبان على تفكيك معدات متقدمة، أو فصل أجزاء عالية التقنية من بعض الأسلحة، مثل طائرات الهيلوكبتر والمدفعية والهاونات وطائرات بدون طيار .
4 ـ أى إحتياج لأسلحة دمار شامل فى حرب أفغانستان ؟؟. وهى أسلحة تركت بصماتها فى مواضع التخزين .
5 ـ ما هى العلاقة بين القواعد الجوية والمعدات المتطورة لتصنيع الهيروين؟؟ . والعلاقة بين تخزين الأسلحة المتطورة والتخزين الإستراتيجى للهيروين؟؟ ولماذا يكون إخلاء القواعد العسكرية من الهيروين على نفس درجة أهمية إخلائها من السلاح المتطور ؟؟ .
6 ـ وما هى مكانة إسرائيل فى عملية الهروب ـ أو التهريب العظمى ـ للأسلحة المتطورة والهيروين الذى نقلته أمريكا على عجل وهى تسابق الزمن أمام الزحف السريع لحركة طالبان والسقوط الخاطف لنظام كابول ومنظوماته العسكرية والأمنية .
7 ـ تواطؤ المنظومات الأمنية والعسكرية، التى أنفقوا على بنائها المليارات ، وسنوات من العمل وسط الأخطار، كيف أن تلك الأجهزة الأمنية الأفغانية تنخرط فى مستوياتها(الأعلى جدا) فى عمليات نهب وخطف للتركة الأمريكية التى تتداعى أمام أعينهم بدلا من أن يدافعوا عنها؟؟. خاصة نهب الهيروين ، وسرقة الأسلحة فائقة التطور ، والمعدات التجسسية الخارقة لحدود التفوق ؟ والوثائق الإستخبارية التى تخطت حدود الفضائح الكارثية ؟ .
– { يقول بعض السفهاء أن سيطرة طالبان على أفغانستان ـ بعد 20 عاما من القتال ـ وسقوط كابول السريع، وإستيلاء طالبان على عشرات آلاف الأطنان من الأسلحة . كل ذلك كانت تمثيلية متفق عليها. إذا صدقنا تفاهتهم ، فكيف نصدق أن دولة عظمى تتآمرعلى نفسها لتسريب أهم أسرارها العسكرية والتقنية والإستخبارية لتضعها فى أيدى (الآخرين ) الأعداء ؟؟ } .
ولمعرفة أهمية ما فقدته أمريكا ـ وسقط فى أيدى أعدائها (طالبان) . نقدم بعض النماذج للغنائم . والتى تقدر بحوالى 300 طن من المعدات المتطورة .. وليست العادية .
1 ـ العشرات من طائرات الهيلوكبتر من أنواع “بلاك هوك” و”أباتشى” .وقد بادرت حركة طالبان بفصل أجهزة GPS من الطائرات حتى لا يقوم الأمريكان بإختطفها من المطارات .
2 ـ صواريخ خفيفة مضادة للتشويش والرادرات . وضد المروحيات .
3 ـ صواريخ كتف مضادة للمدرعات والمشاة .
4 ـ مدافع هاون متطورة تعمل بأجهزة GPS والأقمار الصناعية .
5 ـ عشرات السيارات العسكرية والمدرعات المتطورة .
6 ـ الغنائم الأمنية كانت هى الكفة الأثقل والأخطر والأرجح :
ومنها غنائم تنتمي إلى عالم أفلام الجاسوسية الخيالى ، ومعدات تجسس متطورة للغاية يحملها الأفراد ، مثل الكاميرات الخاصة، ومصابيح الليزر، والشرائح الدقيقة المتصلة بالأقمار الصناعية لتوجيه الطائرات نحو ضحاياها . والعديد من التجهيزات الشخصية التى تضع الجاسوس المحلى فى مصاف جواسيس السينما الأمريكية.
وقد جذبت الغنائم الأمنية إهتماما عالميا منقطع النظير، وعروضا من مشترين كرماء من بينهم أمريكيون.
7 ـ وثائق سرية تحتوى أرشيفات بأسماء وخرائط .. وغير ذلك كثير .
(( ملاحظة : مسئول المبيعات فى الجيش الأمريكى قدم فى مؤتمر صحفى تلك القائمة من غنائم حركة طالبان من جيش بلاده . فقال:
– سيطرت حركة طالبان على ماقيمته 85 مليار دولار من المعدات الأمريكية.
من بينها 7500 مركبة ، وأكثر من 200 طائرة هليوكبتر ونفاثة. وأكثر من 600 ألف قطعة سلاح صغير وخفيف .
– ولديهم طائرات “بلاك هوك” أكثر من 85% من دول العالم.
– لديهم أجهزة رؤية ليلية + دروع واقية + مستلزمات طبية بشكل لا يصدقه عقل.
ثم أضاف أخطر نقطة فى إفادته الصحفية قائلا : “مالا يمكن فهمه لي ولكثيرين غيرى هى أجهزة (بيومترى) التى تحتوى على بصمات الأصابع والعين ، ومعلومات السيرة الذاتية للأفغان الذين ساعدونا على مدى 20 عاما” )) .
طالبان : المعركة الأولى بالأباتشي :
– إستخدمت حركة طالبان طائرات الأباتشى فى قندهار . وأحدث ذلك صدمة كبرى داخل الولايات المتحدة . فقد تحقق أمام أعينهم واحد من أشد الكوابيس رعباً : زهرة التكنولوجيا العسكرية الأمريكية فى أيدى أعدائها يستخدمونها فى الميدان ..
– لقد ضحك المجاهدون كثيرا وهم يستمعون الى معركة كلامية حادة بين قائد فى الجيش الحكومى ، وبين أول ضابط طيار من طالبان يقود الأباتشى .. دارت على النحو التالى :
الطيار الطالباني : جئناكم بالأباتشى حتى تجربوا طعم ضرباتها .
الضابط الحكومى : لن تستطيعوا إستخدامها .. لن تستطيعوا تشغيل أجهزتها .. وليس لديكم ذخائر.
الطيار الطالباني : إذن سأحضر إليك بالأباتشى وأضربك منها بالكلاشنكوف فى رأسك.
– عناد الأفغان ليس له حدود .. وكذلك شجاعتهم وقوة عزيمتهم .. فالمستحيل لديهم هو الأكثر إمكاناً من أى شئ معقول أو عادى .
(( بعد النشر الأول لهذا المقال وصلنا تصحيح من مجاهدي طالبان فى قندهار، جاء فيه : أن الحديث الساخن كان بين الطيار من حركة طالبان ومدير مطار المدينة . وأن صواريخ الأباتشى مبرمجة على عدم الإطلاق على معدات أمريكية ، ولكن الرشاشات ليست مبرمجة. وأن مجاهدى طالبان إستخدموا طائرات الأباتشى فى القيام بدوريات مسلحة فوق المدينة وما حولها ، ولم تحدث إشتباكات عسكرية … وجارى فك تشفير الصواريخ الأمريكية حتى تستخدم ضد أهداف أمريكية)).
مفاجأة بدون طيار :
مفاجأة من مفاجئات الحرب كانت صادمة للجميع، وهى وجود عشرات من الطائرات بدون طيار متطورة للغاية ـ داخل صناديقها فى قاعدة جوية أفغانية .
فماذا يفعل عدد كبير من تلك الطائرات التى تعتبر أسرارا عسكرية وقوة ضاربة يعمل لها ألف حساب ؟ لماذا داخل الصناديق ؟ ولماذا بهذه الأعداد الكبيرة ؟ ولماذا فى قاعدة أفغانية وليست أمريكية لتكون آمنة أكثر؟.
من ضمن إستنتاجات المنتصرين أنها حالة إتجار بالسلاح المتطور كانت تدار من أعلى المستويات العسكرية والإستخبارية للإحتلال الأمريكى والجيش”الوطنى”العميل . ويتماشى ذلك مع سياق الفساد الضارب أطنابه فى الصفوف العليا للقيادات الأمريكية والأفغانية . والسعى المسعور لتجميع المليارات من الإتجار فى المخدرات كما فى الأسلحة المتطورة. ومن المحتمل أن أسلحة للدمار الشامل قد طالتها شبكة الفساد . ومفاجئآت الإنهيار الأمريكى فى أفغانستان لم تقف عند ذلك الحد، والمستقبل قادم بالجديد .
الحروب جنة الفاسدين :
راكم الفاسدون ثروات خيالية من حرب أفغانستان . وقاتلوا ـ ليس فى ميدان الحرب ـ ولكن فى ميدان إستمرار الحرب ومنع توقفها .
فإنقسمت أمريكا إلى فريقين ، أحدهما يريد وقف الحرب ولدية أسباب قوية لذلك ودوافع مصلحية ووطنية . ومعسكرآخر يريدها حرباً بلا نهاية فهى تأتى بشلال من الأموال يفوق كل تصور.
وعن فقدان الأرواح الأمريكية فإنها مشكلة قد تجاوزوها بإستخدام شركات المرتزقة. وأيضا بواسطة ” الجيش الوطنى الأفغانى” ، الذى مهما كلفهم من أموال فأنه يقفز بهم من فوق مشكلة إهدار الدماء الأمريكية. وحتى الجيش الأمريكى نفسه لم يعد يمثل الشعب، فمعظم مقاتلوه متطوعون من الأوباش المهمشين، والنساء اليائسات، المستعبدات لتحرش المؤسسة العسكرية .
– إختصارا.. إنتصر فى أمريكا الجناح ـ أو الأجنحة ـ التى تريد إستمرار حرب فى أفغانستان ولكن بشكل غير رسمي وغير معلن. بعد تطوير أساليبها وزيادة الأطراف المشاركة فيها ، وتغيير نسب توزيع رشاوى (جوائز) الحرب بين الحلفاء.
أما الجنرالات الحريصون على سمعة الجيش الأمريكى فقد خسروا معركتهم من أجل وقف حقيقي للحرب التى تمثل عاراً فى تاريخ الجيش والدولة الأمريكية. الإدارة الأمريكية أعطتهم إنتصارا شكليا تمثل فى إنسحاب قوات (الجيش الرسمي) للولايات المتحدة . ولكن بقى (الجيش السري) الأمريكى فى أفغانستان ليدير حربا من نوع جديد (كحرب قطاع خاص) تتحملها شركات المرتزقة والإستخباريون وخبراء الإرهاب والقتل الجماعى. يدير الحرب جنرالات جيش وإستخبارت سابقون، ويربطهم رباط مرن بالدولة الأمركية، فيستخدمون بعضاً من إمكاناتها اللوجستية ونفوذها السياسي ، فى مقابل القيام نيابة عنها بأعمال لا تقدر الدولة على تَحَمُّل تبعاتها. مثل تهريب المخدرات والإغتيالات والإنقلابات والثورات الملونة وأعمال التمرد المسلح.
– هذا الإنقسام حقيقى وخطير . وله نتائج مباشره فى ميدان حرب أفغانستان وفى مكانة أمريكا فى العالم معنويا وسياسيا وعسكريا وإقتصاديا .
– وقد ظهر فى أفغانستان منذ سنوات مظاهر تمرد وإنقسام وصراع خفى بين الجيش والإستخبارات الأمريكية حول قيادة الحرب ، وتحديد إطارها الإستراتيجى والسياسى .
– وظهر واضحاً وجود (جيش سري) أمريكى منشق يعمل فى أفغانستان وفق منظورة الخاص بعيدا عن سيطرة الدولة الأمريكية . وبعيداً عن القيادات العسكرية والإستخبارية المركزية الموجودة فوق الأراضي الأمريكية.
(الجيش السري) يرفض الإنسحاب من أفغانستان. واستمر حتى الآن يعمل ، وقد وطوَّر الحرب إلى الأشكال التى تناسبه . وهو يديرها ليس عسكريا فقط بل إستراتيجا وسياسيا.
– الأسلحة المتطورة المضبوطة واضح أنها كانت للتصدير . وربما كان ذلك لصالح الجيش السري الأمريكي ، ليراكم أموالا تكفى للإنفاق على مشاريعه ، خاصة لأن شلالات الهيروين بدأت فى الجفاف.
(( هناك إحتمال لا يصح إستبعاده بشكل كامل وهو إحتمال تورط إسرائيل/ بشكل جزئى/ فى عملية سرقة الأسلحة الأمريكية والمعدات الإستخبارية المتطورة فى أفغانستان من أجل بيعها لأحد الدول العظمى فى الإقليم ، لتوثيق العلاقات معها من جهة ، ولإكتساب تأييدها فى عدد من القضايا ضد أطراف إقليمية أخرى . ولإسرائيل سوابق مشابهة فى هذا المجال، فقد سربت التكنولوجيا الأمريكية المحظورة. وخانت أوثق حلفائها، وتاجرت بأمريكا وأسرارها، لشراء مواقف وتغيير مسارات إستراتيجية لدول كبرى ، لصالح إسرائيل)).
– ذلك الإنشقاق الأمريكي أعمق من أن يكون خلاف أطماع ومصالح، بين جنرالات أو شركات عظمى تسعى لنهب كنوز أفغانستان . فقد أمتد الصراع إلى داخل المجتمع الأمريكى، وأعلن عن نفسه بشكل هزلي مأساوي فى إنتخابات الرئاسة الأمريكية، ومحاولة الإنقلاب التى حركها ترامب وفشلت ـ ولكنها على موعد مع النجاح فى مرة قادمة ـ إن لم يكن على شكل إنقلاب فستكون حرب أهلية تأهبت لخوضها مئات الميليشيات المتطرفة المسلحة.
– ومن أجل صرف أنظار الشعوب الأمريكية بعيدا عن ذلك الخطر المصيرى القادم . تسعى الإدارة الأمريكية إلى ترويج الدعاية حول أخطار قادمة فى الخارج على رأسها الخطر الإسلامى.
وهو العدو المشترك لجميع الفرقاء المتصارعين فى الداخل الأمريكى ـ ويجرى تدعيم ذلك الخطر بعمليات لتنظيم داعش داخل أفغانستان ، والتلويح بخطر عودة تنظيم القاعدة إليها مرة أخرى. يصاحب تلك الأكاذيب معزوفات صاخبة و حملات سياسية وإعلامية، وإجتماعات للمنظمات الدولية والأوربية . حتى إعتقد كثيرون، أن هذا الكلام به شئ من الصحة ، بينما هو كذب مطلق، فكل هذه التفاهات مبنية على أكذوبة كبرى لفقتها الدولة الأمريكية وأجهزتها ، وهى أكذوبة الحادى عشر من سبتمبر ـ التى لم يكن لأفغانستان أى دخل فيها من قريب أو بعيد ـ وقد عجزت أمريكا عن تقديم أى دليل مادى قابل للنقاش حول تورط القاعدة فى تلك العملية.
قطر : من “خور بحرى” إلى حليف استراتيجى :
إختارت الولايات المتحدة أن تجعل من مشيخة قطر شريكا عربيا و إسلاميا أول فى حرب أفغانستان فى النطاق السياسى والإستخبارى والتمويلى . وذلك بعد فحص دقيق لأدوار باقى العملاء الكبار خاصة السعودية (الشريك السابق فى الحرب السوفيتية ) والإمارات الشريك الأكبر فى حرب المرتزقة وغسيل أموال المخدرات .
بدأ الدور القطرى يلمع مع قرار أمريكا فتح مكتب سياسى لحركة طالبان فى الدوحة (عام 2013) مهمته الأولى والعاجلة كانت تسليم الأسير الامريكى الوحيد لدى الحركة. تمهيدا لإنسحاب أمريكى كان مقدرا له العام التالى (2014) .{ ربما كانت الإستجابة للطلب الأمريكى بتسليم الأسير سببا فى إغراء أمريكا بالبقاء فى أفغانستان حتى عام2021 } .
وتطور دور قطر وتزايدت أهميته مع تزايد قوة طالبان وتخبط أمريكا التى أوشكت على الغرق فى المستنقع الأفغانى حيث مقبرة الإمبراطوريات .
شاركت قطر بنشاط فى جميع المؤامرات السياسية الأمريكية التى حاولت تمريرها عبر مكتب الدوحة. وفشلت جميعها بسبب أن الزمام السياسي كان فى يد قيادة الإمارة الإسلامية وتحت حماية آلاف البنادق فى ساحات الجهاد .
آخر المشاريع الفاشلة كان تكوين حكومة مشتركة بين طالبان ونظام كابول العميل . ثم مشاركة قطر ـ وإعلامها المنافق ـ فى التهويل من مخاطر (سيطرة طالبان بالقوة !!) على أفغانستان ، أو تشكيل حكومة (من طرف واحد!! )، ومن مخاطر (فقدانها الشرعية والدعم الدولي والمعونات). = وكأن جهاد 20 عاما كان من أجل الحصول على المعونات وإكتساب الشرعية الدولية، بعد عدوان شاركت فيه حوالى 50 دولة ولم تتأخر دولة فى العالم عن تأييده سياسيا ودعائيا.
– مع فضيحة إختفاء مئات الأطنان من الأسرار العسكرية والإستخبارية لأمريكا ووقوعها ـ على الأرجح ـ فى يد حركة طالبان، التى مازالت تتحفظ كثيرا فى الإعلان عن التفاصيل حتى تستفيد من قوة الغموض فى تقوية مركزها فى مقابل أمريكا فى أفغانستان ، دخلت قطر بحماس ونشاط لا يقل عما تفعله أمريكا التى أصبحت تعترف بقطر كحليف إستراتيجي، بعد أن كانت مجرد إستراحة للأسطول الأمريكى ومخزناً لأسلحته ومكاناً للترويح عن قواته “المركزية”.
قطر أنفقت ملاييين الدولارات، بلا حصر أو عدد، من أجل شراء ولاء قادة وقبائل لتشكيل حكومة مشتركة، والإنتقال من مناصرة طالبان إلى الولاء لحكومة كابل والتعاون(!!) مع الإحتلال .
ودفعت ملايين أخرى كثيرة من أجل الحصول على معلومات حول كنوز الأسلحة المفقودة فى افغانستان والتى ظهر بعضها فى أيدى قوات طالبان.
أما عناصر الإستخبارات القطرية فى أفغانستان فقد تضاعف عددهم ، سواء من العناصر القطرية أو الأفغانية أو من مغامرين عابرين للقارات .
إحتلال قطر مركزاً متقدما للغاية فى الحرب الجوية على مجاهدى أفغانستان (باكستان فى الموقع التالى لها ) جعل المخاطر السيئة تلقى بظلالها على المنطقة . إضافة إلى محاولات أمريكا نشر قواعدها الجوية فى جمهوريات آسيا الوسطى رغم إعتراض موسكو على ذلك . كل ذلك زاد من مخاطر حرب إقليمية قد تكون مقدمة لحرب عالمية بين الكتل العظمى فى آسيا وأمريكا وأوروبا. إرهاصات تلك الحرب الإقليمية توحى بقسوتها وتبعاتها البشرية والمالية رغم جهل الإعلام بها، أو تجاهله لها .
باكستان .. النسر آكل الجيف :
كل حرب فى أفغانستان تضاف تلقائيا فى حساب أرباح باكستان وتجارالحروب والسياسة فيها ، وتجار كل شئ ، وصولا إلى تجار “الخردة” أى قطع الحديد المتبقية من القنابل والمعدات المدمرة التى جلبت لهم المليارات أثناء الحرب السوفيتية على أفغانستان .
الوطنيون فى البروقراطية الباكستانية إقتطعوا أراض أفغانية وأضافوها إلى بلادهم أثناء إنشغال الأفغان بالحرب مع السوفييت . ثم خلال عقدين من الحرب الأمريكية ضد الأفغان زحف الباكستانيون بعيد على طول الحدود الأفغانية (2600 كيلومتر) وحتى أعماق وصلت إلى كيلوميترات عديدة فى بعض المناطق. ودقوا أسوارا فولاذية فصلت بين البلدين، وكأنهم يسعون إلى إنفصال دائم بينهما. فكانت أغبى ما يمكن أن يفعله سياسي فى باكستان .
– نتيجة لإنطلاق إعصار الفتح الطالبانى، فَقَدَ الأمريكيون آلاف الأطنان من الأسلحة التى كانوا يكدسونها فى أفغانستان ويحسبونها رصيدا لقوة جيشهم الحكومى العميل .
فاستنفر النسر الأقرع آكل الجيف ـ فى باكستان ـ جميع حواس الإفتراس لديه ـ وانطلقت كلاب الصيد من عنده عبر أسوار الحدود الفولاذية، بحثا عن الكنوز الأمريكية الضائعة، التى قدَّرَها بعض المنتصرين الأفغان بأنها ـ بالتقريب ـ حوالى 300 طن من المواد شديدة الحساسية.
كلاب الصيد من باكستان، مع زملاء لهم عبر الحدود الأفغانية ، حاولوا تمرير أسلحة خفيفة ومعدات عسكرية منهوبة من معسكرات هرب منها الأمريكيون وحلفائهم .
وفى شاحنات حاولوا الخروج من الحدود بدعوى أنهم يحملون (خردة) على ما جرت عليه العادة منذ الحروب السوفيتية . بالفحص ظهر أنها أسلحة أمريكية جديدة . وعلى الفور أصدرت الإمارة الإسلامية أمرا بمنع تصدير الحديد والخردة من جميع المنافذ الحدودية .
ومن حسن الحظ أن الإمارة تسيطر على جميع المنافذ الحدودية لأفغانستان ، فأصبحت خالية من الفساد ، وتعمل طبقا لقوانين الإمارة .
جميع الكلاب المتاحة، أطلقتهم أمريكا فى أفغانستان بحثاً عن أى أثر للأسرار الضائعة. وعرضت الملايين فى أماكن ـ وأكثر من ذلك فى أماكن أخرى ـ وهكذا إرتفعت قيمة قطر التى نافقها الناتو ورفع رتبتها إلى “شريك لا غنى عنه فى المنطقة “. فكان جهاد شعب أفغانستان مجدا تاريخيا للأفغان، وإذلالا أبديا لأمريكا وحلفائها . الذين أرتفعت قيمة البعض منهم وإنخفضت قيمة آخرين ، حسب ما يقدمون من خدمات للإحتلال الأمريكى فى أفغانستان، وينفقون من أموال نفطهم ويفرطون فى شرفهم وشرف بلادهم .
إسرائيل أرض الأسرار :
الكثير من المعدات السرية المتطورة ذهبت إلى إسرائيل . وكذلك مئات الأطنان من المخزون الأمريكى الإستراتيجى من مادة الهيروين . وتم سحب المئات من ضباط المخابرات العاملين مع الإحتلال الأمريكى من اليهود وغيرهم ، وإبقائهم مؤقتا فى أرض الميعاد . إلى حين إعادتهم من جديد إلى أفغانستان أو إلى ميدان آخر للتخريب .
ومع إنسحاب القوات الرسمية (الحكومية) الأمريكية ، فإن المرحلة الثانية من الحرب فى أفغانستان قد بدأت بالفعل (يقودها الجيش السري) . ويتواصل إكتشاف مجموعات تخريب متعددة الجنسيات عالية المستوى تعمل من تحت الأرض ، مع تركيز خاص على العاصمة. ولإسرائيل يد عليا فى معظم تلك المجموعات المتعددة الجنسيات، التى بعض أفرادها يمتلكون عددا محترما من جوازات السفر. فالارهاب والتخريب والتجسس والدعارة وتجارة المخدرات والخمور، هى أعمال تقليدية يتوارثها جيلا بعد جيل، شعب الله المختار.
سعر بيع السلاح .. وسعر بيع التكنولوجيا :
سعر المعدات الأمريكية المفقوة فى أفغانستان (الغنائم) ، فى سوق التكنولوجيا أعلى بكثير جدا من سعر السلاح الذى يحملها. لهذا فالدول القادرة على إنتاج وتصنيع المعدات عالية التطور يعنيها شأن التكنولوجيا ، ولا نندهش إذا ما قدموا فى تلك الحالات والصدف النادرة، مبالغ خيالية فى مقابل التكنولوجيا وليس السلاح فى حد ذاته . فالتوصل إلى تكنولوجيا شبيهة يحتاج إلى مبالغ خرافية ، وسنوات طويلة من العمل المضني . وكذلك الأمر النسبة للضحية / أى أمريكا فى هذه الحالة / فإنها كقوة عظمى فقدت التفوق والمفاجأة فى المجالات المفقودة ، وعليها معاودة الكرة وإختراع ما هو أحدث وأقوى . وذلك يستدعى أموالا بلا حصر ، كما يعنى سنوات عديدة فى العمل، وبدون تفوق على الأعداء فى ذلك المجال المفقود. لهذا فإن تسريب التكنولوجيا فائقة التقدم مثل الذى فقدها الأمريكيون، لايقصد بها المال بقد ما يقصد بها إغراء ـ أو إرغام ـ المشترى ، وهو عادة دولة قوية وفاعلة ، لعقد صفقة إستراتيجية شاملة ، ليس فقط لمصلحة الطرفين ، البائع والمشترى ، بل قبل ذلك من أجل الإضرار بطرف ثالث. وهذا ما فعلته إسرائيل مرارا حينما باعت أسلحة متطورة ومحظور بيعها، لدول كبيرة مثل روسيا والصين والهند.
والنتيجة هى : أن السلاح المتطور يباع كقيمة تكنولوجية واستراتيجية وليس لقيمته كسلاح.
والفارق هائل فى الحالتين ، ليس فى كمية المال فقط ،بل فى أهمية المقايضة الإستراتيجية.
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )