سقوط بغداد ونهاية الخلافة العباسية
سقوط بغداد ونهاية الخلافة العباسية ( 1 من 2)
دور إبن العلقمى والشيعة فى إسقاط الدولة العباسية
مقدمة :
دخلت الأخطاء التاريخية ـ إلى صلب التوجيه الإستراتيجى لجماعات جهادية هامة . وفى ذلك تعميق لإنحراف المسار ، وإرتداد الجهاد إلى صدور الأمة بدلا من أن يكون وسيلتها للنهوض.
فلابد من وقفة تأمل لإعادة النظر فى مصادرنا التاريخية ، ومراجعة المقولات الجاهزة التى تضلل المسيرة ولا تقودها، لأنها مخالفة لحقائق التاريخ. فلابد من تصحيح الرؤية بناء على الحقائق وليس على أكاذيب وكمائن فكرية .
يقول زعيم جهادى مهم فى توجيه إستراتيجى لجماعتة خاصة وللأمة الإسلامية عامة :
{ إخوانى المسلمين المجاهدين فى كل المجموعات وكل مكان …
إننا نواجه اليوم عدوانا أمريكيا أوروبيا روسيا رافضا نصيرياً يذكرنا بتحالف الرافضة مع التتار ضد الخلافة العباسية ، وبتحالفهم مع الإفرنج ضد الدولة العثمانية .
… فعلينا أن نقف صفاً واحداً من تركستان الشرقية حتى مغرب الإسلام فى وجه الحلف الشيطانى المعتدى على الإسلام وأمته ودياره } .
من الواضح أن المقصود الأساسى هو مأساة سوريا والأطراف المشاركة فيها والمآسى التى نتجت عنها . لهذا وضع البيان الجهادى (روسيا والرافضة والنصيرية) فى جملة واحدة. وركز جُلَ ثقله على الرافضة، وموقفهم الذى ذكَّرَهُ بتحالفهم مع التتار ضد الدولة العباسية ثم مع “الفرنجة”!! ضد الدولة العثمانية، مطالباً الأمة بأن تتحد ضدهم بإعتبارهم عنصراً رئيسياً للخطر الماثل أمامها.
فكان لنا جولة سريعة فى مفاصل ذلك الإتهام التاريخى .. ليس دفاعا عن فرد أو فئة بل دفاعاً عن أمَّة . إذا كانت رؤيتها خاطئة ومشوشة ومنافية لحقائق التاريخ فلا أمل من كثرة الحركة طالما هى فى الإتجاه الخاطئ ، فهى لن تزيدنا عن هدفنا إلا بعدا .
تنزيل المقالة الكاملة (سقوط بغداد ونهاية الخلافة العباسية ) : اضغط هنا
أمة ممزقة .. وخلافة متصدعة :
ترافق تصدع ثم إنهيار الخلافة العباسية فى المشرق الإسلامى، مع تصدع كبير للخلافة الإسلامية فى الأندلس ــ وكانت خلافة أموية ــ وفقد المسلمون هناك بعض مدنهم الهامة ، مع تقدم مستمر للصليبيين داخل أراضيهم. وصراع مرير بين ملوك الطوائف الذين مزقوا وحدة الأندلس . تزامن ذلك مع صراع ملوك الأيوبين فى الشرق . وعاصفه التتار متعاظمة التمدد بقوة وسرعة غير معهودة فى فتوحات الأمم . وتجَذَرَالصليبيين فى الشام ـ رغم إستعادة القدس على يد صلاح الدين ـ إلا أن صراع ملوك الأيوبيين من بعده، أدى إلى تفريطهم فى القدس وأعادتها مرة أخرى إلى الصليبيين، فى مقابل أن يدعموا طرفاً من الأيوبين ضد طرف آخر . وضاعت القدس بهذه البساطة ، لولا إعصار آخر ـ لا يقل عنفا عن إعصار التتار ـ ولكنه أقل حجما ـ وهو إعصار الخوارزميين المسلمين ـ الذى حفظ التوازن الإسلامى فى المشرق بقوته وعنفه الذى تجاوز حدوده أحياناً عديدة، حتى قارن الناس بينهم وبين التتار ، فى الإضرار بالمسلمين .
صراع الملوك الأيوبيين حرك أطماع الصليبين ليس فقط لإستعادة ما حرره صلاح الدين فى بلاد الشام ، بل تطلعوا إلى جذور القوة الأيوبية وهى مصر . فهاجموا دمياط واحتلوها وحاولوا الزحف منها إلى القاهرة، فكانت لحظة خطر إستثنائية فى تاريخ المسلمين حتى ذلك الوقت.
– ظهور صلاح الدين وتحرير القدس ـ كان ومضة ضوء باهرة فى تاريخ المسلمين إلى الآن ـ وخاصة فى تلك الفترة الحالكة ـ ولكن ذلك لم يغير مسيرة دولة الخلافة العباسية وانحدارها السريع نحو السقوط .
سنورد بعض التواريخ فى محاولة لتتبع الأحداث الكبرى، بدون التوسع فى تفاصيل تلك السنين الذاخرة بالحركة والتغيير .
(567 هـ ) سقوط الدولة الفاطمية ، وقيام الحكم الأيوبى فى مصر والشام .
(583 هـ ) صلاح الدين الأيوبى يفتح مدينة القدس. أى بعد مضى 16سنة فقط من تأسيس دولته.
ولكن فى عام (626 هـ ) قام الملك العادل الأيوبى بتسليم القدس للصليبيين فى صفقة تحالف مع الأمبراطور فردريك ملك الفرنجة .
(616 هـ ) جاء ذلك العام بكل نذر الشر للمسلمين فى أكثر مواقهم حساسية:
1 ـ عندما نزلت قوات الفرنجة الصليبيين إلى مدينة دمياط الساحلية فى مصر واستولوا عليها وحولوا جامعها إلى كنيسة .
2 ـ إضافة إلى خطر أكبر جاء من المشرق فى نفس العام بظهور قبائل التتار من جبال طمخاج فى الصين بقيادة ملكهم جنكيزخان .
عام (617 هـ ) كانت إمتدادا للعام الذى سبقه . فقد إنقضى وفى مصر حرب بين المسلمين والصليبيين فى دمياط والمنصورة . أما التتار فقد إنطلقت عاصفتهم فإستولوا على مدينة سمرقند(فى أوزبكستان) وهزموا السلطان علاء الدين ، وملكوا الرى (قرب طهران الحالية ) وهمزان وقزوين ، وحاربوا الكرج وملكوا فرغانه (تمتد بين أوزبكستان وقرغيزستان ) ، وترمز وخوارزم (فى أوزبكستان) وخراسان ومرو ونيسابور وطوس (مشهد فى إيران) وهيرات وغزنى . أى مساحات شاسعة جدا فى أسيا الوسطى وأفغانستان وإيران .
عام ( 618 هـ ) وفيه إستولى التتار على مراغة وهمزان وتبريز(فى إيران) . وفى مصر هُزِم الصلبييون فى دمياط ، وجاء القساوسة والرهبان لتسليم المدينة للمسلمين، وتقررت الهدنة 8 سنوات على أن يُطلِق كل طرف ما لديه من أسرى .
“الخليفة” يطلب من التتار إحتلال بغداد !!
كل ذلك والخلافة فى بغداد تراقب مصادر الخطر لتتقي العواصف التى تحيط بها شرقا وغربا بدون أن تقوم فيه بأى دور إيجابى يذكره لها التاريخ . عمليا لم تكن هناك (خلافة عباسية) خارج نطاق الإحتفالات الدينية ، وتقديم الولاء الشكلى للخليفة كأحد الطقوس الدينية .
– المقريزى أحد أوثق المؤرخين لتلك المرحلة يقدم شهادة كاشفة لبؤس الحالة التى وصلت إليها الدولة العباسية فى سنواتها الأخيرة ـ وتدهور “مؤسسة الخلافة ” وتدنى مستوى “الخلفاء”. فأصبح كل ما فى بغداد وكأنه مهرجان ـ أو كرنفال ـ لفنون التراث وليس لدولة كانت تتصدر العالم لما يزيد عن خمسة قرون .
يقول المؤرخ المقريزى : (ص 340ـ الجزء الثانى ـ كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك) :
( 622 هـ ) وفيها مات الخليفة الناصر لدين الله أحمد بن المستضئ بأمر الله الحسن بن المستنجد بالله يوسف ، وله فى الخلافه 47 سنة غير 36 يوما .
وكان ردئ السيرة فى رعيته ، ظالما عسوفاً ، خَرُبَ العراق فى أيامه ، وتفرق أهله فى البلاد .
فأخذ أموالهم وأملاكهم . يفعل الأشياء المتضادة ، يركب بين الناس ويجتمع بهم مع سفكه للدماء. فى خلافته خَرَّب التتر بلاد المشرق حتى وصلوا همذان ، وكان هو”الخليفة” السبب فى ذلك، إذ كتب إليهم بالعبور إلى البلاد خوفا من السلطان علاء الدين محمد بن خوارزم شاه ، لما هَمَّ بالإستيلاء على بغداد وأن يجعلهم دار ملكه .
– المهم فى ملاحظات المقريزى الصادمة هو أن دعوة التتار”الكفارالوثنيين” لإحتلال بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية ، كان مصدرها (خليفة المسلمين نفسه) نتيجة خوفه من سلطان مسلم (سُنِّى) قادم من الشرق .
ذلك الخليفة فى بغداد يأتى بأفعال متضادة، كأن يقتل الناس ثم يتقرب إليهم ، ويصادر ممتلكاتهم ويشردهم فى كل فج عميق.
“الخليفة” .. بَقَّال فى “دكان الخلافة” !!
يقول المقريزى: لم يمت الخليفة الناصر لدين الله حتى عمي ، وقيل كان يبصر بإحدى عينيه ، وقام بالخلافة من بعده إبنه الظاهر بأمر الله أبو نصر محمد ـ وكان عمره يوم مات أبيه ما ينيف على 50 سنة وكان يقول : (من يفتح دكانه العصر متى يستفتح ؟).
ولما وُلِيَّ أظهر العدل وأزال عدة مظالم وأطلق أهل السجون وظهر للناس، وكان الخلفاء من قبله لا يظهرون إلا نادراً .
{ومع ذلك فالخليفة يرى فى الخلافة مجرد دكان للإسترزاق . وأن تأخُرْ توليه الحكم جعل فرص الرزق أمامه محدودة، فقد تخطى الخمسين}.
آخر الخلفاء العباسيين يترك الحكم للحاشية ويدفع الأموال للتتار :
نمضى مع إيجاز المقريزى وملاحظاته الدقيقة التى تلامس أعماق الحدث وتوضح أبعاده ، فيقول:
– عام(640 هـ) مات الخليفة المستنصر بالله أمير المؤمنين بعد أن فُصِدَ بمِبضَع مسموم : وفى أيامه عمرت بغداد عمارة عظيمة . وفى أيامه قصد التتار بغداد( ملاحظة : كان لديهم دعوة من الخليفة السابق ـ الناصر لدين الله )ـ فاستخدم المستنصر بالله العساكر ، حتى زادت عن مئه ألف (!!) إنسان .
قام بالخلافة بعده إبنه المستعصم بالله ، وقام بأمره أهل الدولة (ويقصد أن رجال الحاشية تولوا إدارة الدولة نيابة عنه ). وحسَّنوا له جمع الأموال ، وإسقاط أكثر الأجناد ، فقطع كثيرا من العساكر ، وسالم التتر ، وحمل إليهم المال .
هذا الخليفة المتهافت المتابع لنهج جده الخليفة (الناصر لدين الله) فى الإنحناء للتتار ودفع الجزية لهم . كان آخر خلفاء بنى العباس .
كان نهماً للمال ، فطرد الجند لتوفير المال، الذى بذل منه للتتار ـ وتفرغ هو للأنس داخل القصر مع الجوارى تاركا أمور الدولة للكبراء النافذين من الحاشية . وعلى رأسهم التعيس إبن العلقمى (الشيعي) الذى تَحَمَّل فى النهاية ـ على يد مؤرخى الفتنة وترويج الجهالة ـ وِزر كل إنحطاط الدولة العباسية فى طور سقوطها . قائلين أنه سَلَّم بغداد للتتار ـ رغم أن ذلك المشروع هو من إبتكار الخليفة “الناصر” الذى دعا التتار رسميا لإحتلال بغداد حتى لا يأخذها منه الملك الخوارزمى المسلم السُنِّي !! .
ومع ذلك كان المستعصم موضع إحتقار هولاكو ملك التتار الذى قال عنه “كانت نفسه خسيسة ـ جَمَع المال ولم يعبأ بالرجال ” .
خليفة ضعيف وحاشية فاسدة :
حاكم بمثل هذه الطبيعة يختار أسوأ المستشارين ، طالما يجمعون له أكبر قدر من الأموال . فيعيثون فى الأرض فسادا ، ويستغلون سلطة الدولة أسوأ إستغلال .
من الخيارات السيئة للخليفة كان إبن العلقمى نفسه . فقبل أن يضعه على رأس إدارة الدولة بدرجة (وزير)، كان يشغل منصب(إستادار) أى مدير تشريفات . والتجارب تثبت أن الحاكم الضعيف الفاسد هو من يستريح بوجود وزير منافق إنتهازى ـ مجرد تشريفاتى قبل كل شئ ـ ولكنه تقريبا يدير الدولة بإسم الحاكم ونيابة عنه!! .
(فى عام642هـ ) تولى إبن العلقمي منصبه الرفيع على رأس الجهاز التنفيذى (وزير) .
(عام652هـ) من ليل التتار المظلم تشرق إطلاله نور ، سيكون لها أثر كبير فيما بعد . فقد أسلم ملك التتار بركة خان (إبن جوش خان ابن جنكيز خان ) أى الجيل الثالث من ملوك التتار. وأظهر شعائر الإسلام فى مملكته ، واتخذ المدارس وأكرم الفقهاء . وأسلمت زوجته (جِكْ جِكْ) وإتخذت لنفسها مسجداً من الخيم .
يقول المقريزى : (وفى عام654هـ) وصل جواسيس هولاكو إلى الوزير مؤيد الدين بن العلقمي فى بغداد .” أى بعد توليه الوزارة بإثنى عشر سنة”.
وكان الخليفة المستعصم قد وثق به وألقى إليه زمام أموره، تحدث معه الجواسيس ووعدوا جماعة من أمراء بغداد مواعيد {والخليفة فى لهوه لا يعبأ بشئ”حسب نص المقريزى“} .
سقوط بغداد ومصرع آخر الخلفاء العباسيين:
(فى عام656) : دخل التتر بغداد وقتلوا الخليفة المستعصم فى السادس من صفر ، فانقرضت دولة بنى العباس .
يقول المقريزى عن أفعال التتر فى بغداد : وقُتِل الناس ببغداد ، وتمزقوا فى الأقطار ، وخرَّب التتار الجوامع والمساجد والمشاهد ، وسفكوا الدماء حتى جرت فى الطرقات، واستمروا على ذلك أربعين يوما ، وبلغ القتلى ألفي ألف إنسان .
– عند حديثه عن سقوط دولة الخلافة العباسية ،أورد المقريزى الحديث الشريف التالى : عن حبيب بن ثابت عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتْبه ، أن رسول الله قام فقال : (يامعشر قريش إن هذا الأمر لا يزال فيكم وأنتم ولاته حتى تحدثوا أعمالا تخرجكم منه، فإذا فعلتم ذلك سلط الله عليكم شر خلقه ، فالتَحُوُكُم كما يُلتَحَى القضيب ) .
– إستمرت الخلافة العباسية أزيد من خمسة قرون كانت فيها الإمبراطورية الأقوى فى العالم .
ثم بدأ يدب فيها الضعف والشيخوخة ، وتمزقت إلى ممالك عديدة شرقاً وغرباً، وأصبح الخليفة فى بغداد رمزا إسلاميا أكثر منه حاكما فعليا . كما أن المناطق الخاضعة له مباشرة تقلصت كثيرا لصالح الممالك الناشئة التى كانت إجمالا أقوى وأغنى من المركز فى بغداد، وحاول بعضها بسط سيطرته على مؤسسة الخلافة فى بغداد . وتنافست فى ذلك عدة دول . فى الشرق كانت القوه الأكبر هى للخوارزميين فيما يعرف الآن آسيا الوسطى ومراكزهم الحضارية القوية فى بخارى وسمرقند ومرو (فى أوزبكستان وتركمانستان الحالية) .
وفى مرحلة متأخرة خشي الخليفة فى بغداد من طموح ملوك الخوارزميين وقوتهم فإستعان مرة بممالك غرب بغداد خاصة الأيوبيين فى الشام ومصر . وأحيانا بأتراك الأناضول رغم قوتهم المتواضعه حتى ذلك الوقت . حتى وصل الأمر لأن يستعين الخليفة بالتتار عندما ظهروا كالإعصار الغاضب ، فإكتسحوا بلاد الإسلام الشرقية من خوارزم حتى تخوم العراق .
وكان الخليفة يأمل فى تحييد قوة الخوارزميين بقوة التتار الناشئة ثم ظهر له أن خطر التتار(الكفار) على بلاده لا يقل عن خطر الخوارزميين (المسلمين).
“عام 567 هـ” ـ بعد سقوط الخلافة العباسة بعامين ـ تمكن الأيوبيون من إقتلاع الدولة الفاطمية التى يحكمها خلفاء على المذهب الشيعى من عاصمتهم فى القاهرة . وبقوة صلاح الدين وعبقريته السياسية والعسكرية تمكن من بناء دولة أيوبية قوية على الركيزتين الجبارتين : مصر والشام . ومكنه ذلك من تحرير القدس “عام 583 هـ “. فكانت ومضه ضوء مازال إشعاعها يضيئ تاريخ المسلمين .
لكن بموته تنازع أمراء البيت الأيوبى وتقاسموا البلاد فى ممالك صغيرة، صراعها الداخلى يغطى على كل ما عداه . وتحالف الملوك الأيوبيين ضد بعضهم البعض مع الصليبين مرة ومع الخوارزميين مرة أخرى. فكانت فترة خطيرة للغاية على الأمة الإسلامية أوشكت فيها على الضياع .
هرولة الشام للتطبيع مع التتار :
كان الترحيب بالتتار على أشده بين المسلمين ، من المذهب السنى، فكان الإعتراف بسلطة التتار ـ غير المسلمين ـ موضع سباق بين ملوك وقضاة وقادة . خاصة فى بلاد الشام التى إجتاحتها الفتن والصراع بين الملوك الأيوبيين ، فى وجود الصليبيين وإماراتهم على الساحل .
فكان السباق بين المتصارعين للإرتماء تحت أقدام التتار. حتى صار المحور التترى ذى قوة فى الشام، فى مقابل المحور الصليبى، وأحيانا فى مقابل الخوارزميين .
– فمن أحداث عام (685هـ ) : أن ذهب القاضى محي الدين بن الزكي ، من دمشق لمقابلة هولاكو فى حلب . فولاه قضاء الشام وخلع عليه . وأرسله إلى دمشق حيث جمع الفقهاء وجمع الناس فى المسجد الجامع، وقُرِئت عليهم فرامانات هولاكو بأمان أهل دمشق . فاشتد فيهم الإضطراب والخوف .
يقول المقريزى: {واستطالت النصارى فى دمشق على المسلمين وأحضروا فرمانا من هولاكو بالإعتناء بأمرهم وإقامة دينهم . فتظاهروا بالخمر فى نهار رمضان ، ورشُّوه على ثياب المسلمين فى الطرقات ، وصبوه على أبواب المساجد ، وألزموا أصحاب الحوانيت بالقيام إذا مروا بالصليب عليهم ، وأهانوا من أمتنع من القيام للصليب ..} .
حتى الملك الأشرف صاحب حمص، جاء إلى دمشق وفى يده مرسوم من هولاكو بتعيينه نائباً السلطة فى دمشق والشام .
وعلى غير إنتظار وقعت هزيمة التتار فى معركة عين جالوت (يوم الجمعه 15 رمضان) على يد السلطان قطز وجيش مصر . فقتل قائد التتار كتبغا ، وقتل الملك السعيد حسن بن عبد العزيز وكان مع التتار، وفر جيش التتار، ففر نواب التتار فى دمشق. وكانت مدة إستيلائهم عليها سبعة أشهر وعشرة أيام .
قال المقريزى عن أجواء دمشق بعد هزيمة التتار ـ (فى 18 رمضان نهب المسلمون اليهود فى دمشق حتى لم يتركو لهم شيئا ، وأصبحت حوانيتهم فى الأسواق دكاً . وثار أهل دمشق بجماعة من المسلمين كانوا أعوان التتار، وقتلوهم وخربوا الدور المجاورة للكنائس، وقتلوا جماعة من المُغل ، فكان أمراً مهولاً ) .
منذ سنوات سبقت سقوطها ، ودولة الخلافة غائبة تماما عن الساحة الإسلامية وتتصرف فى بغداد كإقطاعية فاسدة الإدارة وعاجزة عن حماية نفسها ، ناهيك عن دعم غيرها .
كان عام(641) من أحد السنين السوداء التى تجلت فيها أزمة الأمة الاسلامية . وكانت الخلافة الشكلية قائمة لتُذَكِّر المسلمين بالعجز والضياع . فقبل 15عاماً من سقوط الخلافة العباسية كان تصدعاً كبيراً يأخذ بزمام الكيانات (الدول)الإسلامية القائمة .
– فالتتار إستولوا على بلاد الروم (الأتراك فى الأناضول) وكان الملك غياث الدين قد صالحهم على مال يحمله إليهم . ثم فر منهم ملتحقاً بالقسطنطنية حيث الإمبراطور المسيحي .
– فى نفس الوقت كان ملوك وأمراء البيت الأيوبى فى الشام ومصر يخوضون صراعاً داخلياً لا رحمة فيه ولا محرمات ولا إعتبار فيه لأحكام دين أو إنسانية .
قال المقريزى: فالملكان الناصر دواد، والصالح إسماعيل وافقا الفرنج على أن يكونوا عونا لهما على الملك صالح نجم الدين فى مصر . وواعدا الفرنجة على يسلما لهم القدس وسلماهم طبرية وعسقلان . فعمَّر الفرنجة قلعتيهما وحصونهما .
وتمكن الفرنجة من الصخرة وجلسوا فوقها بالخمر وعلقوا الجرس على المسجد الأقصى فبرز الملك الصالح نجم الدين أيوب من القاهرة ونزل بركة الجب وأقام عليها وكتب إلى الخوارزمية يستدعيهم إلى ديار مصر لمحاربة أهل الشام . فخرجوا من ديار الشرق .
{ فى عام(642هـ ) إلتقى الملك الصالح نجم الدين وجيشه مع جيش الخوارزميه بظاهر غزة وقد رفع الفرنج الصلبان على عسكر دمشق ، وفوق رأس المنصور صاحب حماة . فساق الخوارزمية وعساكر مصر ، ودارت بين الفريقين حرب شديدة … وأحاط الخوارزمية بالفرنج ووضعوا فيهم السيف حتى أتوا عليهم قتلا وأسراً ولم يفلت منهم إلا من شرد، فكان عدة من أسر منهم ثمانمئة رجل ، وقتل منهم ومن أهل الشام زيادة عن ثلاثين ألف وحاز الخوارزمين من الأموال ما يجل وصفه ..}.
– يلاحظ فى تلك المرحلة أن حكام المسلمين وجيوشهم جمعوا “ما يجل وصفه” من تناقضات تطيش لها الألباب. فمع البطولة الأسطورية والحماس الدينى الجنونى ، والشهامة المباغتة فى أى وقت ، تجد لديهم الإجرام والوحشية والتعدى الحيوانى على الأرواح والأعراض وأموال المسلمين !! .
– كانت تلك سمات مشتركة بين الجميع ، ولكنها كانت أكثر شهرة بين الخوارزميين الذين كانوا فى نفس الوقت أشد بأساً ورهبة فى نفوس العدو الصديق معاً .
ولم يكن شائعاً وقتها مصطلحات سنة وشيعة ـ كما هو الهَوَس المشهور الآن ـ ولكن مصطلحات ذلك الزمان كانت : مسلمين ـ كفار ـ فرنجة ـ تتار ـ أيوبيين ـ خوارزميين ـ روم (أتراك الأناضول ) ـ أتراك شركس ـ وهى مصطلحات تتعلق بالديانات والقوميات أكثر منها بالمذاهب.
– حتى بعد سقوط الخلافة ، وإنتشار قصة إبن العلقمى إلا أنها لم تخرج عن سياقها الطبيعى ضمن الأحداث ( أى مجرد خائن ضمن بلاط فاسد لخليفة أكثرضعفاً وفساداً). فتأثيراتها الحقيقية فى سقوط بغداد الخلافة لم تكن مفصلية بل كانت من التفصيلات غير الجوهرية ، لأن أسباب سقوط الخلافة كانت معلومة للجميع ، من الصفوة السياسية إلى جماهير الناس الذين كانت مشاعرهم الدينية قوية وعفوية .
تنزيل المقالة الكاملة (سقوط بغداد ونهاية الخلافة العباسية ) : اضغط هنا
مازال الفسق والخمر بين الناس ، ولكن الخوارزميون زالوا :
يقول المقريزى : فى عام(642هـ ) قطع الخوارزمية الفرات . ومقدموهم : الأمير حسام الدين بركة خان ، وخان بردى ، وصاروخان ، وكشلوخان ، وهم زيادة عن عشرة آلاف مقاتل . فسارت منهم فرقة على بقاع بعلبك ، وفرقة على غوطة دمشق ، وهم ينهبون ويقتلون ويسبون. فانجفل الناس من بين أيديهم ، وتحصن الصالح إسماعيل بدمشق وضم عساكر إليه بعد ما كانت قد وصلت غزة .
– وهجم الخوارزمية على القدس ، وبذلوا السيف فيمن كان من النصارى ، حتى أفنوا الرجال وسبو النساء والأولاد . وهدموا المبانى التى فى قمامة ، ونبشوا قبور النصارى ، وأحرقوا رممهم ، وساروا إلى غزة فنزلوها ، وسَيَّروا إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب، يخبرونه بقدومهم فأمرهم بالإقامة فى غزة ، ووعدهم ببلاد الشام بعدما خلع على رُسُلِهم .
{ واضح أن ملك مصر”الصالح أيوب” خاف من شطط الخواروميين، وأن يفعلوا فى مصر ما فعلوه فى الشام }.
يقول المقريزى : فى عام (643هـ) (وألح الخوارزمية ومعهم الصالح إسماعيل فى القتال ونهب الأعمال، وضايقوا دمشق وقطعوا عنها الميرة فإشتد الغلاء بها . ثم عَدِمَت الأقوات بالجملة. وأكل الناس القطط والكلاب والميتات. ومات شخص فى السجن فأكله أهل السجن. وهلك عَالَم عظيم من الجوع والوباء ، واستمر هذا الوباء ثلاثة أشهر ، وصار من يمر بالجبل يشم ريح نتن الموتى ، لعجز الناس عن مواراة موتاهم . ولم تنقطع مع هذا الخمور والفسق بين الناس)!! .
فى عام(644هـ ): ( وفيها عظمت مَضَرَّة الخوارزمية ببلاد الشام ، وكثر نهبهم للبلاد وسفكهم للدماء وانتهاكهم الحرمات ) ولكنهم هُزِموا بظاهر حمص فى موقعة كبيرة ضد صاحب حمص وعساكر حلب وتبدد شملهم ولم يقم لهم بعدها قائمة ، وقتل مُقَدِمَهم بركة خان وهو سكران .
سحق وإذلال العرب “العُرْبان” فى مصر :
فى عام(651هـ ) : ثارت العربان فى مصر فى الصعيد وبحرى . ولكن الملك عز الدين أيبك [المملوكى] نكَّل بهم، وشنق ألفي فارس وستمئة راجل، وعلقهم على الأخشاب إمتدت من بلبيس إلى القاهرة. وغنم الجيش المملوكى منهم الأسلاب والنسوان والأولاد والخيل والجمال والمواشى ما عجزوا عن ضبطه ، ثم عادوا إلى بلبيس حيث المُخَيَّم . وزاد الملك على البدو الضرائب بالعسف والجور وقال المقريزى عن نتيجة ذلك : أن العربان (العرب) { ذلوا وقَلّوا حتى صار أمرهم على ما هو عليه الحال فى وقتنا } .
– قامت الدولة المملوكية فى مصر عام 648 هـ . وكان أول تعامل “جماهيرى” لها مع شعب مصر هو نكبة العربان تلك، والتى كانت مزيجا من أساليب وحشية الصليبيين والمغول معا .
– أما أهل مصر فى المدن والقرى فكانوا فى معظم وقتهم ـ تحت القهر الشديد والبؤس والفقر. قال المقريزى عن أحوال الناس فى عام (648 هـ) أن ضرر المماليك البحرية قد إزداد، وبالغوا فى الفساد حتى لو ملك الفرنج ما فعلوا فعلهم (!!).
[ ملاحظة: وكأن السيطرة على مصر أصابت المماليك بنشوة أطارت صوابهم . ومع ذلك قدَّم العصر المملوكى القليل من أعظم الملوك فى تاريخ مصر والشام وعلى رأسهم الظاهر بيبرس].
– يلاحظ أن كل ذلك الخسف والجور فى حكم المسلمين ، بينما (الخلافة) الصورية مازالت قائمة فى بغداد . ولا شأن لها بما يجرى من حروب فى شرق البلاد وغربها . ولا ما يحدث، من الحكام السُنَّة، من إنتهاك لجميع شرائع الإسلام وحقوق المسلمين ، وتجاوزات فى الحكم والحرب والتحالفات مع الكفار الفرنجة أو التتار .
لماذا ثار العرب فى مصر ؟؟:
– ثورة العرب فى مصر كانت بسبب رفضهم الإعتراف بشرعية حكم المماليك كونهم “عبيد” غير أحرار . فقال الأعراب “نحن العرب أصحاب البلد” . وأنهم بالكاد سلَّموا بحكم الأيوبيين رغم أنهم خوارج (أى خارجين عن شرعية دولة الخلافة الفاطمية).
لم تتحرك الخلافة العباسية لنجدة عرب مصر، وإنقاذهم من حكم “العبيد المماليك”. فذهب حكم مصر من العرب إلى الأبد. ومالبث منصب الخلافة أن ضاع من العرب إلى الأبد أيضا. بل ضاع العرب أنفسهم إلى مالا نهاية حتى الآن . وتلك كانت ثورة العرب “العربان” فى مصر. ولكن قضية الدولة الشيعية الفاطمية كانت موجودة فى خلفية الصورة. فالعربان كانوا يرون الأيوبيين أكرادا خوارج على حاكم مصر الشرعى”الفاطمي” ، ويرون المماليك عبيدا غير أحرار ، بينما الفاطميون عرباً من آل البيت . لهذا فثورتهم كانت تمسكا بأن يكون منصب الخلافة للعرب وبالذات من أهل البيت. وكان يقود ثورة عرب مصر سيد ينتهى نسبه إلى آل البيت.
“ق” قَتَلَ … مواصلة إذلال العرب فى مصر :
المقريزى يلاحظ أنه فى عام(700هـ) كانت ملوك الأقطار كلهم شباب لم يبلغوا ثلاثين سنة.
عام (701هـ ): مرة أخرى يُوقِعْ المماليك واقعة عظمى بالعُرْبان فى الوجه القبلى فى مصر.
ووضعوا السيف فى الجيزة ووسَّطُوا عشرة آلاف رجل ، وما منهم إلا من أخذوا ما له وسَبُوا حريمه . فإذا أدعى أحد أنه حَضَري (ليس من العرب) قيل له: ” قل دقيق” فإن قالها بقاف العرب قُتِل (!!). ثم عاد العسكر فى16 رجب وقد خلت البلاد بحيث كان الرجل يمشى فلا يجد فى طريقة أحد، وينزل بالقرية فلا يجد إلا النساء والصبيان الصغار .
– فى عام(702هـ) السلطان [ المملوكى] يوقف الأذان ” حَي على خير العمل ” فى مكة ، وعدم أمامه الزيدى فى الحرم، ومنع التمسك بالعروة الوثقى أو مس المسمار الذى فى الكعبة .
– وفى نابلس إنفرد الحنابلة بالصيام والعيد عن باقى المذاهب فلم يجتمع المسلمون من يومها. (تفريق كلمة المسلمين على أوهى الأسباب).
– إبطال عيد الشهيد (للنصارى) فى مصر. ومنعت نزهات مراكب النيل مقابل شبرا، لشيوع المنكرات. (التى لم تكد تتوقف فى مصر، حسب وقائع أوردها المقريزى فى جمل جامعة وصاعقة مثل صدمات الكهرباء)..
– ظهر الشيخ نور الدين البكرى فى القاهرة يهاجم الكنائس والنصارى ويزدرى السلطان فى وجهه فطرده السلطان من مصر .
– وظهر من حي الحسينة فى مصر شخص يركب فرس ويمسك سيفاً يضرب به اليهود والنصارى وكان يدعى (على بن السارق) فضُرِبَ عنقه .
وهكذا توالت الفتن ـ بشتى أنواعها ـ فظهرت الفتن المذهبية على يد الحكام فى مكة . ثم الشيوخ الحنابل فى فلسطين . وشيوخ فى مصر ، إلى الفارس إبن السارق الماسك سيفه .
– فى خضم ذلك كان السلطان الناصر محمد قلاوون ـ قبل أن يَقْتُل السلطان السابق له المظفر بيبرس، يشرح له، قبل بل أن يطيح برأسه، أسباب حقده وإنقلابه عليه، لأنه (لم يعطه حلوى ولا أَوِز مشوي )!! .
– فى عصورالإنحطاط .. لا توجد أى مشكلة فى إختراع أسباب للفتن وسفك الدماء ولو تحت دعاوى الظلم فى توزيع الحلوى والأوز المشوى ، وصولا إلى الإمساك الجاهل بالسيف جهادا فى سبيل الله.
وقتها يكون قتل الجار المسلم أولى من محاربة العدو الكافر الصائل .
***
سقوط بغداد ونهاية الخلافة العباسية (2 من 2 )
فى غياب إبن العلقمى ، من أسقط الخلافة العثمانية ؟؟
هل هو إبن سعود ؟ أم شريف مكة؟ أم كلاهما ؟؟
وهل كانا من السنة؟؟ .. أم من الشيعة ؟؟
أفلم يسيروا فى الأرض ؟؟.
وظيفة التاريخ هى أخذ الدروس والعبر، من أجل صنع حاضر أفضل للإنسان. فالتوظيف الإيجابى للتاريخ هى بالتعلم منه . أما التوظيف السلبى فهوأخذ العبر الخاطئة وتوظيفها ضمن هندسة الفتنة داخل المجتمعات والأمم، أو لتكريس الحكم الظالم والغاشم فيها.
– القوى الدولية المعادية للإسلام تسعى دوما إلى ترويج الدروس المغلوطه للتاريخ من أجل إضعاف الأمة بزرع الفتنة بين مكوناتها ، لضمان عدم توحدها فى مقابلة أعدائها المتكتلين ضدها فى أحلاف دولية عظمى .
– والأسوأ من القوى الدولية المعادية ، هى القوى الحاكمة المنحرفة ، المغتصبة للسلطة وثروة الأمة والتى تحظى دوما بدعم وتأييد أعداء الأمة الخارجيين .
– فأنظمة السؤ ـ كما القوى الدولية المعادية للمسلمين ، يهمها إشعال الصراعات الداخلية حتى تنشغل الشعوب بصراعاتها وتظل الأنظمة فى مأمن من يقظة شعوبها .
– زاد علينا فى الزمن الحديث مجموعات تدعى الثورة على الحكام ـ بدوافع شتى منها دعاوى كاذبة بالسعى لتطبيق شرائع الإسلام. وتلك هى الفتنة الأخطر لأنها عدو فى ثياب المنقذ الناصح.
ودليل كذبهم هو متابعة الخط الأساسى للطواغيت فى تقسيم الأمة وإشعال النيران بين مكوناتها ، بشعارات تبدو إسلامية وحماسية.
– الدروس المغلوطة المأخوذة من التاريخ هى أحد أسلحتهم الأساسية ـ إضافة إلى الإستعانة بفقهاء السوء الماضين والمعاصرين ـ لأن الفتنة قائمة ومستمرة منذ قرون ، ومن السهل العثور على تراث قديم يعطى أصالة للفتنة ويعطيها طابع الثبات والديمومة المتوارثة خلفاً عن سلف .
– الفتنة الأشهر فى وقتنا الراهن هى إشعال العداوة والقتال بين السنة والشيعة. فأصر أصحاب المصالح على مواصلة المسير الحماسى فى طريق الفتنة التى تبناها اليهود علنا بطرح كبير مفكرى إسرائيل ورئيس وزرائهم السابق شيمون بيريز،للفتنة الطائفية بين السنة والشيعة، كأحد ركائز مشروع إسرائيل لبناء إمبراطورة يهودية فى بلاد العرب . فطرح فكرة تحالف عسكرى (إسرائيلى / سُنِّى) ضد أعداء إسرائيل من شيعة ـ و”متطرفين” سنة .
– وسيلتهم فى ذلك هى تشويه التاريخ ، وقراءته لإستخراج دوافع مصطنعة تدعو للفتنة بين السنة والشيعة . ومن أهم دعاويهم هى القول بأن”الشيعة” فى شخص “إبن العلقمى” الوزير الشيعى فى بلاط آخر خلفاء بنى العباسى هو الذى أسقط الخلافة العباسية متعاوننا مع التتار.
معتمدين على شيوع الجهل بالتاريخ ، وعلى سياسة التجهيل، وتسطيح عقول المسلمين بحيث تتقبل الأفكار الجاهزة سهلة الترديد التى يؤكدون عليها بالصياح الدائم والتديُّن المصطنع.
– رأينا “المقريزى” أحد أوثق المؤرخين لفترة العصرالإسلامى الوسيط، وكيف أنه ألقى الضوء على إجمالى ظروف المسلمين وما حولهم من قوى دولية ، بما أدى فى النهاية إلى سقوط (دولة الخلافة) فى بغداد، والتى كانت عند سقوطها كيانا صوريا لا يمثل أى قيمة حقيقية للمسلمين . وأن ضعف “خلفاء” بنى العباسى وفسادهم كان من أهم أسباب زوال ملكهم . وليس مجرد ظهور وزير فاسد فى بلاط حاكم “خليفة” فاسد وضعيف. فى دولة كانت هى الأعظم فى العالم لقرون عديدة.
– حكامنا الفاسدون ، وجماعاتنا العاجزة (والفاسدة أيضا) بحثت فى التاريخ عن ذريعة طائفية لتأجيج العداوة بين المسلمين ، فإدعت أن وزيراً شيعياً هو الذى أسقط الإمبراطورية !!. وتاريخ تلك المرحلة ـ وهو مازال بين أيدينا ـ يكذِّب ذلك الإدعاء جملة وتفصيلا ـ رغم أن مُدَوِّنيه هم من علماء التاريخ السنة .
ومازالت تلك أشهر أكاذيبهم الطائفية : أن إبن العلقمى الشيعي ـ ولأنه شيعي ـ هو من أسقط دولة الخلافة العباسية !!.
مَنْ “علقمى” إسقاط الخلافة العثمانية؟؟ .
ومَنْ “علقمى” ضياع فلسطين ؟؟.
الوسيلة الثانية ، هى الأخرى غير أخلاقية وليست منصفة إذا كان لديهم إنصاف أصلا .
الخدعة هنا هى وصم كل مذنب أو جانى أو منحرف أو خائن سواء كان فردا أو جماعة ـ أو حتى حاكما ـ بهويته المذهبية إن كان شيعيا ـ أما إذا كان سنياً ـ وهذا هو الأغلب كَوْن السنة هم الأكثريه العددية ، وأصحاب الدولة والقرار فى معظم فترات التاريخ ومعظم بلاد المسلمين . فى هذه الحالة توصف أفعالهم بمواصفاتها العملية بدون التطرق إلى مذهب الجانى أو المتهم .
ورغم أن فعل “الخيانة” مثلا هو مدان من الجميع ولكن يوصف الجانى بأنه “خائن شيعى” إذا كان شيعيا ـ أما اذا كان سنياً فإنه خائن فقط . هذا إن لم يكن فى الإمكان تجاهل الحادث و إخفائه داخل سياق كبير آخر .
– لديهم إبن العلقمى هو الذى أسقط دولة الخلافة العباسية ـ لأنه شيعى رغم أن التاريخ يعطيه دوراً صغيرا جدا فى ذلك الحدث . وأن الدور الأهم معلق برقاب المتآخرين من خلفاء بنى العباس أنفسهم .
– ولكن شريف مكة وعبد العزيز آل سعود، وقائدهم لورنس البريطانى الذى أعانوه بالرجال على قتال جيش الخلافة التركية وطرده من جزيرة العرب ثم فلسطين والشام . وبالتالى سقوط فلسطين فى أيدى اليهود . كل ذلك نادرا ما يذكروه ـ على الأقل بنفس حماسهم لإبن العلقمى . ولا ينسبوه أيضا الى مذهب القائمين بتلك السلسلة من الجرائم ـ من أهل السنة ـ إن جاز لنا إستخدام التعريفات الطائفية .
أليس هؤلاء” السنة” هم من أسقطوا دولة الخلافة العثمانية ؟، وذلك مؤكد وشواهده مازالت ملموسة حتى هذه اللحظة ؟ . فلماذا لا يطبقون على ذلك الحدث الكارثى القانون الطائفى المفضل لديهم ؟. تلك أحداث يراها الأتراك خيانة لهم ـ وذلك صحيح ـ إذ جاءت دعما صريحا للكفار “الإنجليز” ضد المسلمين الأتراك. وترتب على تلك الأعمال هزيمة الأتراك فى الحرب وبالتالى ضياع فلسطين . فما هى الهوية المذهبية “لعلاقمة” فلسطين؟ ، أى من باعوها لليهود بعد أن أسقطوا آخر خلافة فى تاريخ المسلمين وهى الخلافة التركية؟.
– حتى التاريخ الحديث يحرفونه ويهيلون عليه تراب التضليل لإخفاء الحقائق وتجهيل الناس، بالصراخ والتكرار الدائم، لخلق حقائق من الأكاذيب .
الصفويـــــــة :
– ثم أسطورة أخرى يتعلقون بها وهى الدولة الصفوية الشيعية فى إيران وأنها تآمرت مع الإنجليز ضد دولة الخلافة التركية.
حتى أن أدبيات هؤلاء الغيارى على (دولة الخلافة) تعتبر كلمة صفوي من السباب المُنْكَر .
وكالعادة يعتمدون على شيوع الجهل بين المسلمين ـ خاصة الجهل بالتاريخ حتى من مصادرة الاسلامية الموثوقة ـ السنية طبعاً .
فلا أحد يقرأ عن الأحوال الحاضره ناهيك أن يقرأ عن التاريخ، البعيد منه والقريب . ولكن لحسن الحظ ان المصادر التاريخية مازالت موجودة، ولكن الناس لا يقرأون، والحكام وجماعات السؤ يعتمدون على ترويج الثقافة الشفوية ، من خطب ، وشعارات ، وصيحات ، وعلى الأكثر مقابلات تلفزيونية . ولاشئ من ذلك قائم على منهج علمي صحيح فى البحث. فقط صياح وسباب ، وعروق نافرة وحناجر صارخة.
صدمة تاريخية :
الصفويون ، شوافع صوفيون / يجمعهم عرق واحد مع العثمانين .
( إعتمدنا على ويكيبديا كمصدر معلومات فى هذا الجزء).
نشأت الطريقة الصفوية كطريقة صوفية لأهل السنة والجماعة على المذهب الشافعى. والمؤسس (صفى الدين الأرديبلى) هو من تولى قيادة الطريقة التى كان مركزها مدينة جيلان .
وكان أغلب أتباع الطريقة الصفوية هم من الأتراك الأوغوز. وهم قبائل من آسيا الوسطى وأذربيجان . وكانوا معروفين باسم قزلباش وكانوا مصدر قوة الصفويين عسكريا وسياسيا .
وهم من نفس الأصل العرقي لأتراك الأناضول الذن أنشأوا الدولة العثمانية، ومن قبلها الدولة السلجوقية . فالصفويون والعثمانيون لهم أصل تركى واحد، وهو الأوغوز .
مؤسس الأسرة الصفوية ــ شاه (إسماعيل الأول 1501ـ 1524) ــ أسس دولته مستفيدا من إضمحلال الإمبراطورية التيمورية (1370ـ 1506 ) وكانت إيران منقسمه سياسيا، فإستطاع الشاه إسماعيل توحيد كل الأراضى تحت قبة الإمبراطورية الإيرانية التى أقامها .
تنزيل المقالة الكاملة (سقوط بغداد ونهاية الخلافة العباسية ) : اضغط هنا
الصراع العثمانى الصفوى : صراع إمبراطورى وليس مذهبى .
– [ جاء فى موسوعة ويكيبيديا: إنه لمن حسن حظ الغرب المسيحى أنه بين عامي (1577م ـ 1638م) حين كانت فرنسا أولا ثم ألمانيا من بعدها ، قد شلت حركتها الحروب الدينية، أن الأتراك كان يمكن أن تصل حدودهم الغربية إلى فينا ـ وجَّهوا كل طاقتهم إلى فارس ] .
{ ملاحظة الكاتب : يمكن إدانة العثمانيين على حرف إتجاه غزواتهم من أوروبا فى الغرب إلى بلاد فارس فى الشرق . ولكان تاريخ المسلمين والعالم ، مختلفا تماما لو أنهم سيطروا على النمسا ثم واصلوا قُدُما ، لكانت أوروبا داخل نطاق الإمبراطورية العثمانية. ولكن إستدارتهم الحادة صوب الشرق حيث لا تهديد يستدعى ذلك، سوى الطمع فى فتوحات سهلة فى فارس الضعيفة الممزقة ، وما فيها وخلفها من مجال إسلامى ضعيف وعظيم الثروات. لقد فاز العثمانيون مؤقتا ولكنهم تركوا للأمة داء العداء الطائفى مستعراً كنتيجة أشعلوها متعمدين لتبرير ترك القتال مع كفار أوروبا والتوجه إلى مسلمى الشرق ، فكان من المفيد للعثمانيين تكفير مسلمى الشرق لأنهم شيعة ، لتصبح الحرب جهادا ويبقى الحماس الدينى مشتعلاً. فغطاء الصراع المذهبى كان جاهزا للتمويه على النزعة الإمبراطورية التوسعية للعثمانيين . يلاحظ أن الإمبراطورية الروسية كان لها نفس الخيار، أى ترك التوسع غرباً فى أوروبا والتوجة شرقا نحو الممالك الإسلامية الأضعف والأغنى والممزقة أكثر } .
– ونتيجة سلسلة من الحروب المتواصلة تقدم الأتراك نحو الفرات والقوقاز وبحر قزوين ، مستحوذين على العاصمة الفارسية الجديدة تبريز. وبعد موت الملك الثانى من الأسرة الصفوية فتح الأتراك الولايات الفارسية : العراق ، لورستان ، خوزستان ، وضموها إلى أملاكهم .
وفى نفس الوقت جاء الأوزبكية من بلاد ما وراء النهر وإستولوا على هيرات ومشهد ونيسابور وإجتاحوا الولايات الفارسية الشرقية .
فى عام 1578 م ـ إرتقى العرش الشاه عباس (الملك الخامس فى الأسرة الصفوية وأعظم ملوكهم شأناً ) وهو فى الثلاثين من العمر ، دون أن تكون له عاصمة ، عقد الصلح مع الأتراك ، ثم تقدم شرقاً ليقابل العدو الأصغر شأنا والأقل نفراً. وبعد حروب دامت أعواما إسترد هيرات وطرد الأوزبكية من فارس ومات بعد ذلك متلهفا على ملاقاة الأتراك ، ولكن الخسائر والأحقاد القبلية كانت قد إستنزفت جيشه الذى كانت تعوزه أحدث وسائل الفتك والتدمير .
الإتصال بالغرب :
وحوالى تلك الفترة(1598م) وصل من إنجلترا إلى بلاد فارس فى بعثة تجارية إنجليزية مغامران هما سير أنطونى شيرلى وأخوه الأصغر روبرت ، يحملان هدايا ثمينة وخبرة عسكرية ، وكان برفقتهما خبير فى صنع المدافع . وتمكن الشاه عباس بمساعدتهما من إعادة تنظيم جيشه ، وزوده بالسيوف والبنادق. وسرعان ما توفر لديه 50 مدفع وقاد قواته الجديدة ضد الأتراك وطردهم من تبريز(1603) … فأرسل إليه الأتراك جيشاً عروماً قوامه مئة ألف رجل، هزمه عباس بستين ألف (عام 1605)، وإسترد بذلك أذربيجان وكردستان والموصل وبغداد وإمتد حكم عباس من الفرات إلى السند .
{ملاحظة 1 : لأجل إنتصاراته وإستفادته من تكنولوجيا الإنجليز ، يتهمون الشاه عباس بالتعاون مع الإنجليز ضد دولة “الخلافة العثمانية”. للإيحاء بأن الصراع كان دينيا، بينما هو فى الواقع صراع إمبراطوريتين كل منهما تود إبتلاع الأخرى أو زوالها . فى صراع أطماع ومصالح يلزمه شعارات دينية للتلطيف، وخداع العوام وسوقهم إلى الحرب.}
{ ملاحظة 2 : أخطأ العثمانيون بتكفير الشيعة وإعلان الحرب عليهم . فتحولت مسيرة الحرب جذريا من صراع على الأرض والموارد، إلى صرع دينى إستئصالى . ساهم ذلك بلا شك على إلتفاف الإيرانيين حول ملكهم الصفوى ، والإستبسال فى حرب شعارها العملى النصر أو الموت فانتصروا وثبتت دولتهم فى مقابل الأتراك الأقوى والأكبر .
وهذا الخطأ تكرر مرة أخرى فى حرب سوريا فى عام 2001 . فقد أعلنت الجماعات السنية عن حرب إستئصال مذهبى ضد الشيعة (والنصيريين). بل وشملت حربهم باقى الأديان والطوائف. فتكتل معظم الشعب ضدهم . وقاتل الشيعة قتال الحياة أو الموت، فانتصروا فى حرب هددت وجودهم المادى ، وفشل الجهاديون لأنهم خاضوا حربا بالنيابة عن المعسكر الغربى ودول الخليج. ولأن إنتفاضة شعبهم كانت فى الأساس إنتفاضة مطلبية وليست دينية . ثم تراهم يبكون الآن من وحشية الشيعة وخطرهم على الأمة الإسلامية(كلها) وليس عليهم فقط . فذلك أسهل من الإعتراف بأخطائهم . بل تراهم يدعون الأمة كلها لأن تكرر نفس الأخطاء وتتابع سيرها فى طريقهم .. طريق الخراب الطائفى .
فى تلك الحروب الدينية الإستئصالية تكون جرعة العنف والوحشية خارج التصور وخارج السيطرة ، وتكون الغرائز البدائية هى القائد الحقيقى فى الميدان. فلا مجال لأن يدعى أى طرف بأنه كان مقاتلا ملائكيا، فى حرب إستئصال، أياً كان مبعثها دينى أو قومى.}
فخامة فى الألقاب .. وتدنى فى الأعمال :
ألقاب رنانة مثل “دولة الخلافة الإسلامية” و “خليفة المسلمين”، يستخدمها أهل الفتنة بكل تقديس، فقط عند إشعالهم الخصومة والكراهية والقتال بين المسلمين .
وكثيرا ما كانت تلك المسميات”المقدسة” تخفى حقائق مخزية مثل ما أوردناه عن آخر “الخلفاء” العباسيين ، أو عند صراع “الصفويين” مع “دولة الخلافة التركية”، ليتضح أن التقديس الزائد كان بهدف التمويه على جريمة أطماع توسعية ــ غير شرعية ــ لأنها على حساب المسلمين أنفسهم ــ ومطلوب صرف إنظار المسلمين عن تلك الجريمة.
عبادة الفرد .. وأنصاف لآلهة:
قادة العمل العام ، ومن يتولون قيادة المسلمين فى ميادين السياسة أو الحرب أو الإعلام أو الفكر ، لابد وأن يستدعى الحال مناقشتهم ، وأحيانا محاسبتهم ، وربما توجيه الإتهام إليهم ـ عن حق أو باطل ـ المهم أنهم قد يصبحون فى موضع المحاسبة العامة كما كان (الخلفاء الحقيقيون) أى الراشدون . وسيرة عمر بن الخطاب رضى الله عنه، موضع إشادة وتمجيد المسلمين فى الخطب والمقالات، أما فى التطبيق .. فلا .
– فهل يمكن لأحد أن يوجه سؤال أو إتهام ـ إلى شخصة من(أنصاف آلهة) مثل حسن البنا أو عبدالله عزام أو أسامة بن لادن أو حتى البغدادى؟؟.هذا مستحيل خاصة فى أوساط المؤيدين التابعين أوالعابدين الطائعين. فمهما كانت الشخصية هامة فيجب ان تخضع للفحص والمساءلة وأن تجيب وتشرح بالحق وليس بالمكابرة والباطل ـ تقوم هى بذلك أو يقوم عنها قوم يفقهون.
– لهذا ننظر بريبة شديدة إلى إغداق الألقاب الدينية والعلمية على شخصيات ممن تعرضوا للعمل العام : جهادى أو سياسى أو دعوى.
فما معنى أن نطلق على رئيس تنظيم لقب”إمام”؟. أو على مدير مكتب إغاثى لقب”إمام” أو”مجدد”؟؟. وبالمثل ألقاب مثل”حكيم الأمة”، أو قادة تنظيم بأنهم “مشايخ الأمة”. فما هو الدليل؟ .. ومن هى تلك الأمة التى تستباح ألقاب دينها لتصبح دروعا لأى عمل منحرف، ومانعا من مناقشة القادة الحساب كبشرعاديين مثل باقى الأمة؟.. إن تقديس هؤلاء وأمثالهم هو مقدمة لتقديس أعمالهم على ما فيها من صواب أو خطأ . وإخراس الألسن عن أى نقاش جاد وإستمرار حماية مسيرات الإنحراف تحت مظلة دينية .. ولكن لمصلحة من ؟؟ .
الشيعة هم السبب !!
إستخدام تلك الذريعة أو شبيهات لها ـ ليس مبعثها غيرة دينية ، بل نزعة إجرامية للتستر على مصادر الخطر الحقيقى الذى يهدد الأمة .
فلم يكن إبن العلقمى هو سبب سقوط الخلافة العباسية ـ بل السبب الأساسي كان فساد(مؤسسة الحكم) وتحول”الخلافة” إلى “مُلك عضود” ـ إستبد فيه المَلِك “الخليفة” بالقوة المسلحة التى تدعمه، واستبد بالقرارالسياسى المتسربل زورا بالدين ، وإستبد بأموال المسلمين “بيت المال” الذى أصبح خزينة خاصة للخليفة (ينفق منها كيف يشاء على نزواته وعلى حاشيته ، وعلى مناصريه المسلحين (قبيليه أوقبائل) لتثبت حكمه وديمومة سلالته فوق رقاب المسلمين.
فساد مؤسسة الحكم أفسد الطبقة الدينية من علماء وفقهاء ، وساقهم الملك فى ركابه بإرهاب السيف أو بإغراء الذهب. ولم يكد يشذ عن الخضوع إلا قلة نادرة، لدرجة أن التاريخ إستطاع أن يحصر أسماءهم ويحفظ سيرتهم ، وكان ذلك سهلا نظراً لقلتهم أو ندرتهم .
– وإذا لم تجد مؤسسة الحكم الفاسدة خصما مذهبيا تنعته بالكفر ، إستدارت إلى أى فئة تمردت أو أظهرت شيئا من العصيان ، فنعتوها بالتجديف أو الإنحراف الدينى. وأطلقت عليهم نيران جهاز الدعاية الدينية فى المساجد والشوارع ـ ثم (القوات المسلحة) تحصدهم بالسيف فى كل مكان، وبلا رحمة أو وازع من دين أو ضمير .
– الذريعة المذهبية أو العرقية هى وسيلة للتستر على فساد منظومة الحكم . وصرف النظر عن جذور المشاكل الحقيقية التى تواجه الأمة. وصرف الأنظار صوب الإختلافات المذهبية وتصعيدها إلى درجة التكفير ، وإستنفار الأمة للقتال المذهبى ، تحت شعار الجهاد .لأنه الشعار الدينى المقبول الذى يمكن أن يجعل من القتال فريضة دينية وليس مجرد فتنة مفتعلة .
– يساند ذلك مغالاة مقيتة فى قدسية المنحرفين بداية من “الملك” أو “الخليفة” وصولا إلى أعوانهم بمنحهم المراتب الدينية والصفات القدسية العاليه بدون وجه حق . وهو ما نشاهده فى الجماعات الدينية الحالية التى تمنح قادتها مراتب تكاد تلامس درجة النبوة ، مثل مرتبة الإمام والعلامة والمجدد والفقيه. كل ذلك بدون مسوغ مقبول لمنح تلك الدرجات الدينية الرفيعة.
تنزيل المقالة الكاملة (سقوط بغداد ونهاية الخلافة العباسية ) : اضغط هنا
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد ) / 01/07/2021