جلال الدين حقانى .. العالم الفقية .. والمجاهد المجدد 30
بقلم : مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
مجلة الصمود الإسلامية | السنة السادسة عشرة – العدد ١٨١ | رجب ١٤٤٢ ھ – فبراير ٢٠٢١م .
02-03-2021
حقاني: العالم الفقيه والمجاهد المجدد (30)
حقاني يقول: الخونة من الأحزاب لم يشاركوا في معركة الليل وفي الصباح اعتذروا.
سياف / حكمتيار / الجنرال تاناي، وراء الخيانة الجديدة وإفشال الهجوم على”شيخ أمير”
– فشلت مفاوضات (حكمتيار/ شاه نواز)، ورفضت إدارة خوست الاستسلام. وحقاني رفض وقف القتال أثناء المفاوضات حتى لا تماطل الحكومة.
– بدأ حقاني يصلي صلاة الحاجة ثم صلاة العصر، ثم غاب في دعاء طويل، فتأكدتُ أن الهجوم سيكون الليلة.
– جماعة حكمتيار وجماعة سياف رفضتا التقدم لمتابعة الهجوم، وحقاني يرجوهم المتابعة ويقسم لهم بأن دباباته قد دخلت شيخ أمير، ومجاهديه متمسكون بمواقعهم التي احتلوها.
– في الصباح قال لي حقاني: أخبار الأمس غير جيدة فهؤلاء الخائنين من الأحزاب لم يشاركوا في معركة الأمس.. واليوم صباحاً اعتذروا.
– انقضت ليلة (حكمتيار وشاه نواز) بمأساة دامية وانتكاسة للعمل العسكري في خوست.
– الجنرال عجب مزاري للمجاهدين: إنني مسلم مثلكم فلماذا تقتلونني؟.
أنا مسلم.. ولكنني أشرب الخمر.. إذا وجدته.. أما الزنا.. فهو ديدني!!.”
– لم نستطع النوم من شدة البرد، فكان لكل ثلاثة أو أربعة بطانية واحدة ، وبدأت الغارات الجوية في منتصف الليل .
– القيادة السياسية المتخاذلة أو الخائنة تتآمر على العمل العسكري الناجح لتحطيمة .
تحميل مجلة الصمود عدد 181 : اضغط هنا
الخميس 8 مارس 90 :
بدأت الغارات الجوية مع أول ضوء وبكثافة، كأن الحرب قد نشبت. كانت ضربة وقائية، فحكومة كابل تعلم ما يدور في خوست، وبأن المشاورات جارية بين شاه نواز وقيادة المدينة من أجل التسليم.
ومهمة تلك الغارات إظهار القوة، وتثبيت قيادة الحامية في خوست وتهديدهم في نفس الوقت إن هم استسلموا، فالعقاب الجوي سوف يكون سريعاً ورادعاً ليس فقط بالطائرات بل أيضاً بصواريخ سكود.
جلسنا أمام المغارة نحتس أكواب الشاي، وجلس إلى جانبي الشيخ نظام الدين، ثم جاء حقاني وآخرون. وكانت فرصة للحديث قبل أن يستأنف برنامج المقابلات “الجماهيرية”مع أصحاب السيارات التي مازالت محتشدة، ومن المتوقع أن تتزايد هذا اليوم فقد ذهب بعضهم لاستجلاب المزيد من “النهابين”.
بدأت الحديث الذي قطعناه عدة مرات بسبب الغارات الجوية القريبة للغاية من مركزنا، ومع ذلك لم يفكر أحد من “المشايخ” أن يترك موضعه ليأوي إلى المغارة القريبة، وكنت مرغماً على مسايرتهم، خاصة وأن حقاني موجود .
قال حقاني إن أحد أعوان” شاه نواز” سيذهب لمقابلة قيادة خوست كي يطلب منهم التسليم، وقد اتصل بنا “نظر محمد” قائد جماعة جلب الدين في خوست، وطلب منا إيقاف المعارك إلى حين انتهاء المفاوضات.
فقلنا لهم: إن العمليات دائرة فعلاً وإيقافها فيه ضرر شديد ونحن غير مستعدين لإيقاف العمليات إلا لفتره محدودة جداً. فطلبوا مهلة حتى غروب الشمس، فوافقناهم على ذلك وشرحنا لهم أن ذلك أفيد لهم في المفاوضات حتى لا تعمد حكومة خوست إلى المماطلة.
فذكرت له ما كتبته صحف باكستان على لسان مولوي عبيد الله مندوبه في بشاور أول أمس وأنه صرح لهم بأن المجاهدين قد حفروا خندقاً للتقرب من المواقع الحكومية في شيخ أمير وأن العمل في ذلك الخندق قد اكتمل الآن وأن الهجوم سيبدأ بعد يوم أو أكثر. فاندهش حقاني وقال ضاحكاً: كيف يقول ذلك؟ إن كل ذلك صحيح لقد كشف أسرارنا.
فرددت قائلاً: ربما لأجل ما قاله مولوي عبيد الله، فإن شاه نواز تعجل في القيام بالانقلاب. فضج الجالسون بالضحك.
في الساعة الخامسه قابلت الضابط عمر الذي أخبرني بأن طلبة الكلية العسكرية التابعة لحقاني قد حضروا حتى يقوموا بدور حفظ الأمن في حال استلام المدينة، وكان الطلبة في كامل زينتهم العسكرية وزيهم العسكري الموحد.
وقد استقرت مجموعة منهم في أحد المغارات على طرف معسكر خليل قرب مركز المدفعية التابع للكوتشي.
ثم أنباء متداولة تقول: إن المجاهدين قد أسقطوا طائرة نفاثة صباح اليوم بواسطة مدفع الشلكا وبعضهم يقول طائرتين.
قضينا ليله باردة في المسجد، الأغطية غير كافية، كان لكل ثلاثة أو أربعة بطانية واحدة. أكثرنا لم يستطيع النوم لأجل البرد . بدأت الغارات الجوية منذ منتصف الليل.
الجمعة 9 مارس 90 :
على منطقتنا بدأت غارات الطيران قبل السابعة صباحاً، معظم القذائف المستخدمة كانت عنقودية. قبل التاسعة كنا فوق مركز الترصد لمتابعة عمليات اليوم بعد أن انتهت المهلة المحددة لوقف العمليات، فقد فشلت مفاوضات “شاه نواز حكمتيار”، ورفض قادة المدينة الاستسلام لوزير الدفاع.
فوق الجبل أحضروا منظار روسي ضخم لم أشاهد مثله قبلاً، وهو مخصص للتوجيه المدفعي كما يظهر من كثرة التدريجات الدقيقة لتحديد الزوايا.
لقد جهزوا للمنظار الجديد موقعاً تحت أجمة من الأشجار الشوكية على الجانب المواجه للعدو ولكنها قريبة من خط القمة، كان من الخطر جداً التحرك في ذلك المكان، خاصة وأن حقاني سيكون خلف المنظار لمتابعة العمليات وإعطاء التعليمات.
شعرت بالقلق لمعرفتي أن ضبط الحركة في المكان سوف يكون صعباً جداً. وقد تنشأ عن ذلك عواقب قد تكون غاية الخطورة.
نبهت عبد العزيز، وهو رابض خلف الصخور السوداء القريبه من الأشجار، فقال: إنه أصدر تعليماته وسوف يبذل جهده مع المجاهدين وحرس حقاني لضبط حركتهم فوق القمة وحول الأشجار التي فيها المنظار وسيجلس فيها حقاني نفسه.
أول الأخبار كان غير سار، فطائرات النقل العسكرية تهبط في المطار بحرية، السبب أن مدفع المجاهدين معطل، والشلكا فوق تورغار لاتصل إلى الطائرات.
ليس هناك تركيز في العمل ضد المطار، وكأن المسألة موسمية، كنت أتوقع أن يكون وقف الملاحة الجوية في المطار مسألة حتمية بعد سقوط تورغار ولكن اتضح أن الأمر ليس كذلك، فليس أمام الحكومة حل آخر سوى استخدام المطار وتحمل أي خسائر تنجم عن ذلك. أما المجاهدون فليس لديهم قدرة على التركيز لفترة طويلة على عمل ما، والمدفعيه دائماً مشتتة بين مهام متنوعة مع العمليات على أرض الجبهة وليس للمطار نصيب خاص، كنت أتصوّر تخصيص عدد من قطع المدفعية للمطار فقط لمنع استخدامه .
ومنيت نفسي أن عمليات اليوم قد تسفر عن تقديم جديد على الأرض يؤدي إلى إغلاق المطار نهائياً. الساعة 3 عصراً: (سقط صاروخي سكود في وقت واحد تقريباً، أحدهم في منطقه باري قرب المدخل من طرف خوست، والآخر عند وادي ليجاه من نفس الطرف).
كان التكدس رهيباً في تلك المراكز، فقد ازدحمت إلى جانب المجاهدين بعدة مئات من حاملي البنادق المنتظرين سقوط المدينة واستسلامها.
ومئات أخرى خاصموا الجبهات عدة سنوات ثم عادوا فجأة بأسلحة ثقيلة وخفيفة. تساءلت هل لفتح المدينة أم للصراع على النهب؟ لم يتوقف الطيران طول اليوم عن قصف كل مكان تقريباً. ولم أدر لحظة سقوط صارخ سكود في باري بأنني فقدت اثنين من أصدقائي القدماء، أحدهما عبد الرحمن طالب العلم في قبيلة جُرْبُز، وزميله محمد أمين وكانا يعملان مع مجموعتهما على راجمة صواريخ. وكانت الإصابة مباشرة قضت على المجموعة كلها وعددهم ثمانية.
وأدت غارات الطائرات إلى سقوط إحدى المغارات على مجموعة من طلبة الكلية العسكرية فقتل منهم أربعة ، رغم أن القنابل لم تصب المغارة بشكل مباشر، لكن الارتجاجات الناجمة على الانفجار أدت إلى سقوط كتل صخرية من سقف المغارة.
من مفاجئات هذا اليوم العجيب هو ظهور الجنرال عجب مزاري على جهاز المخابرة في اتصال مباشر مع المجاهدين حيث دارت ملاسنات شديدة وتهديدات متبادلة لا تخلو من الطرافة. ولأول مرة ألمس عن هكذا قرب حاله ذلك الجنرال الرهيب، الذي لاأشك في شجاعته ولكن أشك تماماً في توازنه العقلي والنفسي.
وهذه صورة للحوار مع ذلك الجنرال المخبول ، كما كتبتها في جزء من مقال لمجلة منبع الجهاد تحت عنوان “وعاد عجب”.
( اختفى الجنرال عجب عن مسرح الأحداث عدة أشهر حتى سرت إشاعة بأنه قتل، حتى جاء يوم الجمعة التاسع من مارس، ليلتقط المجاهدون مخابرة لاسلكية بين “عجب مزاري” في خوست وقيادة كابول كان تداخل المجاهدين في سياق المخابرة وأصبح الحديث مباشراً بينهم وبين “الجنرال عجب” فدعوه إلى التسليم للمجاهدين قبل أن يمسكوه أسيراً أو أن يقتلوه وهو في صفوف الشيوعيين .
فأجاب عجب بعصبية:
“أنتم تحلمون، لن نستسلم، سنقاتل وننتصر عليكم. سأستولي على تورغار قريباً، فلا تغتروا بما حققتموه، انظروا ماذا حدث لكم في “جلال آباد” ثم إنني مسلم مثلكم فلماذا تقتلونني؟.
أنا مسلم.. ولكنني أشرب الخمر.. إذا وجدته.. أما الزنا.. فهو ديدني!!.”
ظل عجب يرغي ويزبد في سياق غير مترابط كمريض عقلي أصابته هستريا. قطع المجاهدون حوارهم مع الجنرال المخبول ولكنهم تابعوا التصنت على اتصالاته اللاسلكية مع كابل التي كانت هي الأخرى هستيرية مخبولة، طوال اليوم وهو يصرخ على جهاز اللاسلكي: هالو… هالو… سأعطيكم الأحداثيات إني أراهم من هنا، كل الجبال تعج بالأشرار.. أين صواريخ سكود؟ أرسلوا الطيران فوراً… أقول فوراً … هناك هجوم وشيك.
وجاء رد كابل: لانستطيع أن نلبي طلباتك بالنسبة لصواريخ سكود، فهذا الأمر ليس بيدنا(!!). فرد عليهم الجنرال عجب: أنتم تجلسون خلف مكاتبكم وبين نسائكم وأنا هنا في الخط الأول وسط الجحيم… قلت أطلقوا سكود… أريد الطيران فوراً.
فردت كابل: سنحاول… سنحاول.
وفي المساء سقط صاروخاً سكود فوق الجبال كترضية للجنرال الهائج.. أما الطيران فلم يكد يتوقف عن العمل. ولكن حركة المجاهدين فوق الجبل وفي عمق الوادي لم تتوقف هي أيضاً مما يزيد الجنرال هياجاً ويجعله يصرخ أكثر وأكثر على جهازاللاسلكي وهو يلعن قادته في كابل ويصبح كالمجنون:
ــ إنهم في كل مكان… فوق كل الجبال… أريد سكود… اضرب سكود وفقاً للأحداثيات التي أعطيتها لك…
ارسل الطيران فوراً… أكرر… فورا.
ومازال الجنرال يصرخ… وكابل تحاول تهدئته وهي متيقنة أن زمام الموقف قد أفلت من يدها ـ إهـ
ولكن عندما علم حقاني أن عجب مزاري في الخط الأول توقع هجوماً مفاجئاً لذا أرسل محذراً جميع الوحدات من هذا الاحتمال. ثم أخبرني بأن هدف العمليات القادمة هو تحقيق اتصال على الأرض بين المجاهدين في شرق وغرب تورغار وذلك سيؤدي إلى وقف استخدام المطار ولكن ذلك لم يتحقق إلا بعد عام تقريباً عندما فتحت المدينة. ومضى يوم الجمعة بدون هجمات أرضية للمجاهدين.
تحميل مجلة الصمود عدد 181 : اضغط هنا
السبت 10 مارس 90 (13 شعبان 1410) :
استمر المطر طوال الليل .. ريح شديدة عند صلاة الفجر من جهة الغرب، القمر مكتمل ويوشك على الغروب.
في السابعة صباحا تكومنا في غرفتنا الضيقة نحتسي الشاي بالحليب مع بعض التمر السعودي.
انقشعت الغيوم أمام الرياح الباردة. بدأت الغارات الجوية الساخنة في السابعة والنصف وكانت “نادر شاه كوت” أول الضحايا.
مازال عجب مزاري يواصل نداءاته الهستيرية من الخط الأول الذي يكسبه مناعة في وقاحته مع رؤسائه في كابل. مازال يطلب صواريخ سكود التي يظهر أن الموافقة عليها هي في أيدي “الخبراء السوفييت” الذين مازال عدة آلاف منهم يعملون مع النظام.
في التاسعة والنصف أخبرني زميلي حاجي إبراهيم أنه علم من المجاهدين أن اليوم ستكون عملية كبيرة ضد المدينة بهدف فتحها، كنت أستبعد ذلك وأتوقع فقط أهداف مرحلية محدودة كما هي عادة حقاني، وكما أخبرني بالأمس عن فكرة خط دفاعي للمجاهدين أمام تورغار من الشرق الي الغرب.
وقال إبراهيم أيضاً حكومة خوست على علم بأن موعد العملية هو اليوم، ليس ذلك أيضاً بالشيء الغريب، فقط عليهم الاستماع إلى الموجة رقم 4444 حيث إذاعة الكوتشي التي لاتكذب أبداً.
الساعة 10.37 : سقط سكود فيما بين شيخ أمير وباري، أعقبه غارة بالطائرات النفاثة على نفس الموقع، وبعد دقائق غارة على وادي ليجاه. إنهم يقصفون كل مراكز الخطر المتوقع. في الثانية عشر ظهراً وصلت إلى مركزنا قرب القمة سيارة “رانج روفر” ذات ألوان فاقعة أحمر وأبيض كانت تحمل الطعام للمركز، طلبنا من السائق أن يغطيها بشيء حتى لا تجذب الطائرات إلى الموقع، ولكنه تكاسل وقال إنه سيعود في الحال.
فقمت مع حاجي إبراهيم بتغطيتها ببعض الأقمشة، وبعد حوالي ساعة عاد السائق بعد أن أنهى جلسته مع رجال الموقع، فعاتبته مع إبراهيم وأوضحنا له خطورة المكان لكونه مقر للقيادة، فقدم لنا تبريره القاطع قائلاً: لكن العدو حدد هذا الموقع بالأمس وطلب ضربه بصواريخ سكود!!. ثم أخذ سيارته وانصرف بها.
آخر إحصائيات ضحايا الأمس 16 شهيداً… بدون أي عمليات… والسبب شدة الزحام في المواقع والفوضى التي ضربت أطنابها في كل مكان نتيجة لذلك.
ومن مظاهر الفوضى كان عدم الاهتمام بالمطار فهبطت فيه ليلة أمس أربعة طائرات نقل عسكرية !!.
الساعة 4.30: وصل حقاني إلى موقعنا ومعه الضابط عمر وضابط” كبير خان”وهما من رجاله القدماء، بدأ حقاني بأداء صلاة الحاجة، ثم صلاة العصر التي أعقبتها بدعاء طويل، أكد لي ذلك أن اليوم هو يوم العمل وأن المعركة ستكون هذا المساء وربما ليلاً لكون القمر بدراً.
الساعة 5.13: ضربات الطيران تؤكد ما أخبرني به حاجي إبراهيم من أن العدو يعرف بأن الهجوم موعده اليوم، فالطائرات تقصف منطقة باري بقنابل النابالم، ثم ضربت دبابة خليل مرتين بالقذائف العنقودية ثم قصفت منطقة”ديرملك” بقذائف الألف رطل ثم ضربتان بالعنقودي على منطقة باري، كل ذلك خلال دقائق معدودة.
الساعة 6.00 : طائرات الهيلوكبتر تقصف بالصواريخ مواقع المجاهدين القريبة من قرية شيخ أمير.
الساعة 6.11: بدأت الشمس تميل خلف الجبل وانحسر الضوء عن غرب الوادي. وآخر أشعة تودع المدينة، الأنتينوف تقصف مكاناً ما، ودخان يتصاعد من جبل “جاني خيل” اليوم لا يبدوا حاسماً ولابد من التأجيل إلى الغد. ( أتوقع سكود ليلاً… وحالة الطقس غداً لها تأثير كبير، أرجو أن يكون الجو غائماً بالغد) هكذا كتبت في مذكرتي في ذلك الوقت.
الليلة هي ليلة الرابع عشر من شهر شعبان. في التاسعة ليلاً قرروا فجأة المضي في العملية، التي ظننت أول الليل أنها قد تأجلت إلى الغد.
وفي خلال سبعين دقيقة فتح المجاهدون موقع الشلكا، إلى الشرق من دبابة خليل، ثم اقتحموا شيخ أمير وسيطروا على حوالي خمسة مواقع للعدو هناك.
الساعة 10.20: في الليل فقط يمكن مشاهدة ذلك المنظر، خيط من النيران الحمراء تظهر من جهة الشمال صاعدة إلى أعلى .. وتستمر عدة ثواني ثم تختفي.
إنها صواريخ سكود انطلقت من كابل في طريقها إلينا، واحد… ثم الثاني… ثم الثالث… ثم الرابع..وصاح حقاني محذراً رجاله “ستر وإخفاء… سكود قادم” وبعد ثوان طويلة جداً سقطوا الواحد تلو الأخر… وكنت أتوقع واحدا علينا، حسب معلومة سائق السيارة الحمراء التي زارتنا اليوم… لكن الله سلم… سقطت الصواريخ بين شيخ أمير وباري حيث لا أحد هناك.
أما الصاروخ الخامس والأخير فقد سقط قرب منتصف الليل. لقد استجابت كابل لتوسلات الجنرال عجب… ولكن هذا كله لم يفد بشيء، بينما جنت القوات الحكومية مكاسب لم تكن لتحلم بها لولا الفوضى العارمة التي ضربت المنطقة. وإلا فإن خوست كان يمكن أن تسقط خلال شهر على الأكثر، ولننظر ماذا حدث.
الجو بارد جداً بسبب ريح نشطة. استمر حقاني إلى ما بعد الثالثة صباحاً محاولاً دفع المهاجمين لاستكمال مهمتهم. لقد توقفت جماعة حكمتيار بقيادة “فايز محمد” وجماعة سياف بقيادة “بير محمد” ورفضا التقدم والمشاركه في الهجوم. وظل حقاني يرجوهما التقدم ويقسم لهما أن الدبابات قد دخلت “شيخ أمير” وأن جماعته بقيادة “شيرين جمال” مازلوا متمسكين بالمواقع التي احتلوها لكن هؤلاء رفضوا كل أمر وخيبوا كل رجاء وتوسل قدمه حقاني إليهما، وقد اضطر شيرين جمال إلى ترك مواقعه صباحاً بسبب الإرهاق وشدة قصف العدو وعدم تقدم المجموعات الأخرى لاستلام ما تحت يده من مواقع فاسترد العدو شيخ أمير في الصباح الباكر. أما في موقع الشلكا فقد اجتاحه مجاهدو حقاني تدعمهم الدبابات وما كادوا يدخلون الموقع حتى لحق بهم مئات من صيادي الغنائم وفرق النهب المسلح التي جاءت من ميرانشاه وراحوا ينهبون كل شيء وتبعثروا في المنطقة، ولما تقدمت جماعة حقاني لمتابعة الهجوم لتحقيق اتصال مع مجاهدي شرق تورغار، سبقتهم جماعات النهب المسلح ظانين أنهم في الطريق إلى المدينة التي قد استسلمت وراحوا يتسابقون نحوها بجنون، وهنا راح العدو يحصدهم بكل أنواع الأسلحة، وفي ضوء القمر تساقط قتلى وجرحى وآخرون بترت أقدامهم بالألغام. وحتى الصباح كان هَمْ الجميع هو نقل الجثث والجرحى والبحث عن المفقودين ما أن طلع الصباح حتى كان الجميع قد عادوا من حيث انطلقوا مساء الأمس، ولم يتبق في يدهم شبر واحد من مكاسب الأمس، ولا شيء، من الغنائم المنهوبة.
وهكذا انقضت ليلة “شاه نواز حكمتيار” بمأساة دامية وانتكاسة كبيرة للعمل العسكري للمجاهدين في خوست ظلوا يعانون من نتائجها السلبية لعدة أشهر بعد ذلك.
بعد انتصاف الليل أصابني الإرهاق الشديد وكنت قريباً من موقع حقاني الذي يواصل الاتصال مع مجموعاته التي تعاني من أشد المآزق. ذهبت إلى غرفة عبد العزيز الضيقة فوجدتها أكثر من مزدحمة، وقد ارتمى المجاهدون فيها كيفما اتفق وقد أشعلوا بخاري للتدفئة وراحوا في نوم عميق وهم ملقون أحدهم فوق الآخرين وكأنهم في مقبرة جماعية. بصعوبة شديدة وجدت لي موقعاً في تلك المقبرة، وقد وضعت قدماي فوق بعض الرؤوس والصدور وتقبلت مرغماً عدة أقدام في صدري ورأسي وأحذية فوق البطن والفم… ومع ذلك غطست في الشخيرضمن السيفونية الجماعية التي صاحبتها أصوات الغازات المنطلقة من بطون النائمين نتيجة الطعام السيء في المراكز.
شعرت بفرحة كبيرة وأنا أسمع أذان الفجر. وأيقظ النائمون بعضهم البعض، فكل شخص لابد أن يوقظ خمسة أو ستة آخرين بينما هو يرفع قدم هذا من فوق رأسه ويد ذاك من فمه، ويجر قدميه ويديه من تحت وفوق الآخرين أو أكداس الذخيرة وصناديق الطعام العفن.
الأحد 11 مارس 90:
ضباب كثيف بين الجبال في الصباح الباكر، ومع ذلك بدأ الطيران في قصف بوري خيل قبل السابعة بعشرين دقيقة.سألت حقاني عن أخبار الأمس، وكان غاضباً فقال:
“أظن أنها غير جيدة… فهؤلاء الخائنين من الأحزاب لم يشاركوا أمس في المعركة… واليوم صباحاً اعتذروا” .
ثم غادر حقاني الموقع… فذهبنا إلى عبد العزيز عند المخابرة حتى نعرف منه الموقف الأخير. فقال بأن المجاهدين مازالوا في مواقعهم التي دخلوها بالأمس في شيخ أمير ، ولكن بعضهم ينسحب الآن بسبب الإرهاق وشدة القصف عليهم.
الساعة 7.55: كان الضباب الكثيف يلف كل شيء، وتوقعت أن يساعد ذلك المجاهدين في تعزيز مواقعهم بالأمس وعدم الأنسحاب منها لكن ذلك لم يحدث.
فقد أخبرني حاجي إبراهيم أن شيرين جمال بدأ يخلي مواقعه في “شيخ أمير” وهو آخر من يغادرها الآن وليس معه إلا عدد قليل من المجاهدين.
كانت دبابة دخلت في العمق والسائق لا يدري أين هو بسبب الظلام… وعندما عاد قال لقد عرفت أنني أخطأت الطريق عندما وجدت أكثر من أثني عشر RPG يقذفون دبابتي فاستدرت بسرعة وعدت إلى شيخ أمير، وكان خلف دبابتي عدد من المجاهدين يحتمون بها في تقدمهم.
وحتى تكتمل المصائب فإن طائرات النقل العسكرية إستخدمت المطار أمس بكثرة، فليس أقل من سبع طائرات هبطت وأقلعت بدون أن يضايقها أحد.
كتابات في الضباب
كان صباح ذلك اليوم (الأحد 11 مارس 90) ضبابياً بارداً، وليلة الأمس شهدت نكسة كبيرة لعمل كان متقدماً بشكل مذهل، وتلك النكسة قدمت من بشاور بفعل مؤامرة حقيرة.. حقيرة في ذاتها، حقيرة بمن فيها من السفلة… وإن كان أحدههما زعيم حزب جهادي كبير…والآخر كان زعيم جيش شيوعي كبير… ولكن كلاهما التقى وتحالف مع الآخر من أجل تخريب الجهاد في أفغانستان… وكانت البداية لهما في خوست، فدبت الفوضى، بين المجاهدين، وظهر ما خفي من فتن. فهؤلاء قادة حكمتيار وسياف يتركان زملائهم وسط نيران العدو ـ وقد انتصروا وسيطروا ـ على شيخ أمير، ولكنهم يرفضان التقدم للقيام بالمشاركة المتفق عليها.
ولا أذكر أن خوست شهدت مثل هذه الخيانات المكشوفة من رجال الأحزاب منذ عامين ، أي منذ خيانة الأحزاب الذين أمروا رجالهم بترك الطريق مفتوحاً أمام القوات الروسية المتقدمة على طريق زدران نحو خوست، بينما حقاني يقاتل في مقدمة الطريق عند جبال”ساتي كندو”. وقد تركوا قبل ذلك ، في عام 86، القوات الشيوعية تلتف حول قواته المدافعة عن جاور وفتحوا لها الطريق بلا قتال أيضاً.
أقول: في ذلك الجو الضبابي كتبت ملاحظتين متعلقتين بأحداث الأمس ، الأولى عن الهجوم المضاد ـ والثانية عن القيادة جاء فيهما:
تحميل مجلة الصمود عدد 181 : اضغط هنا
أولاً ـ الهجوم المضاد :
يقول العسكريون: إن أنسب وقت للهجوم المعاكس هو عندما يفقد هجوم العدو زخمه، وهذا صحيح تماماً. فهي مرحلة حرجة للغاية تكون القوات فيها منهكة. تماسكها وانضباطها فيأضعف حالاته، ولم تستحكم في الأرض بعد، ويضاعف من حالتهم المذرية مقدار صلابة الدفاع الذي جابهته لمنع تقدمها.
وعلينا أن نلاحظ أن الهجوم المعاكس الذي يشنه المُدافع في تلك اللحظة لابد أن يراعي البدء بالهجوم وإنهائه قبل وصول قوات احتياط العدو، التي لا تعاني من السلبيات السابق ذكرها لكونها لم تخض المعركه بعد.
نذكر هذه الملاحظه تعليقاً على معركة الأمس . فخلال ساعة احتل المجاهدون الأهداف التي حددوها، ونتيجة الإرهاق والبرد والرماية المعاكسة ترك معظمهم أو كلهم مكتسبات ليلة الأمس بدون حتى أن يشن العدو هجوماً برياً مضاداً.
وذلك يبين حالة المهاجم حتى ولو كان منتصراً، فهو مرهق وقابل غالباً، للكسر إذا جوبه بهجوم مضاد ذو قوة مناسبة. ونضيف سبباً أخر وهو أن عدم وصول التعزيزات إلى المهاجمين في الوقت المناسب، أضعف كثيراً قدرتهم على الصمود، لقد خانهم زملاؤهم.
ثانياً ـ القيادة:
مرة أخرى، وكل مرة، القيادة هي أول عناصر الإعداد المادي أهمية، ويركز العدو أن يبدأ بالسيطرة عليها فيسهل عليه توجيه العمل كله وقطف ثماره.
فالعمل العسكري لا يمكن أن يؤتي ثماره كاملة إذا كان لدينا قائد عسكري جيد وجنود شجعان ولكن لدينا قيادة سياسية متخاذلة أو خائنة، وهذا ما تثبته خوست الآن. القيادة السياسية المتخاذلة أو الخائنة تتآمر على العمل العسكري الناجح لتحطيمه، حتى تسير القضية في مسار التخاذل أو الخيانة.
وانقسام القيادة السياسية يتبعه تشرذم العمل العسكري وتفشي الصراعات فيه، وفي حالة كهذه فإن أقصي ما يمكن أن تفعله قيادة عسكرية مخلصة وذات كفاءة هو تجميع الشراذم العسكرية في برنامج مشترك لتحقيق الحد الأدنى من الأهداف.
ومع ذلك يتعرض البرنامج المذكور إلى فشل متكرربفعل تحريضات القيادات السياسية في المنفى، وراء الحدود، والتي تحرص على إضعاف الشعب سياسياً حرصها على إفشال العمل العسكري وإبقائه تحت الحد الأدنى بما يكفل لها حرية العمل في اتجاه مضاد لرغبات شعبها بحجة أن الحلول العسكرية غير ممكنة.
هذا المجهود المدمر الذي تقوم به تلك القيادات يتم تحت إشراف القوى الممولة لها، الدول الكبرى، ثم إشراف الدولة المضيفة التي تعمل بالتزام تام بأوامر الدول الكبرى، ولكنها تطمح في قيام نظام سياسي ضعيف وتابع لها في دولة الجوار التي تدور الحرب على أرضها.
ملاحظة : الانتصار ممكن.
الانتصار في خوست ممكن رغم عدم تحول المجاهدين إلى نمط الحرب النظامية . لقد أثبتوا شيئاً جديداً، وهو إمكان قوة مقاتلة في حرب العصابات في المرحله الثانية من تطورها، حيث تمزج بين أساليب حرب العصابات وأساليب الحرب النظامية، أن تنتصر على جيش حكومي متحصن في المدن، معتمدة على عوامل هي:
فارق المعنويات ـ الشجاعة الفردية ـ الابتكار التكتيكي ـ وفوق ذلك كله إحكام الحصار حول المدينة.
ونلاحظ أن عمليات التخريب الداخلي في المدينة يمكن أن يكون مؤثرة بشدة، وقد استخدمه المجاهدون في خوست إلى حد ما.
توقفت في ذلك اليوم عند تلك الخواطر الضبابية وكنا في العاشرة والنصف صباحاً ومازال من غير الممكن مشاهدة الجبال التي حولنا ـ ضباب في ضباب ـ فكانت النفسيات منقبضة، ولكن تمكن المنسحبون من العودة بسلام بدون الوقوع تحت مطاردة العدو فكان ذلك نعمة عظمى. غادرنا حقاني وغاب وسط الضباب بدون تعليق.
أخبار أخرى عن إلغاءالبرامج، لتؤكد أن حالة الإضراب والتشويش مازلت قائمة، بينما العدو يواصل ضرباته الجوية والصاروخية، كان نصيبنا منها غارة بالقنابل العنقوديه جاءت في مقدمة الجبل جهة المدينة، أما بوري خيل حيث قاعدة كتيبة سلمان الفارسي فقد ضربت بصواريخ سكود في الرابعة والنصف عصراً ثم قذائف ثقيلة في نفس المنطقه رمتها الطائرات لكنها انفجرت بصوت مكتوم وخرج منها غاز أبيض كثيف. قدرت وقتها أنها قنابل غازات سامة أو جرثومية، وقد رموا بعضها في مدخل وادي ليجاه، لقد تكرر استخدام تلك القنابل بشكل ملحوظ في هذه الأيام.
موجة الإحباط هذه ساهم فيها تورغار الرهيب، أو الذي كان رهيباً وقت أن كان مع القوات الحكومية، أما عندما أصبح معنا فإنه أصبح حملاً أسوداً وديعاً. هكذا كنت أفكر بغيظ من هذا الخمول والسلبية التي أصبحت تلف هذا الجبل فكتبت الملاحظة التالية، فما أكثر الملاحظات الضبابية التي سطرتها اليوم.وهذه ملاحظة عن تورغار كتبتها ساعة الأصيل علي صوت صاروخ سكود المدوي، والأصوات المشبوهة للقنابل المكتومة ذات السحب البيضاء.
ملاحظات حول تورغار:
هذا الجبل مع المجاهدين منذ شهر الآن، ومع ذلك لايؤدي دوره فقد كانت الحكومة تستخدمه بفاعليه أكثر. وهو يحتاج إلى:
1ـ طريق دائري يصل قمة الجبل مع توده شني شرقاً وبوري خيل غرباً.
2ـ إصلاح الدبابات التي غنمها المجاهدون فوق الجبل واستخدامها في المساندة النيرانية لبرامج الهجوم التي يقوم بها المجاهدون مثل برامج الأمس. كما يمكنها من أعلى تدمير أي هدف في المدينة، خاصة مناطق المدفعية والمخازن.
3ـ لابد أن يلعب الجبل دوراً بارزاً في إغلاق المطار، حتى بدون الانتظار لفتح المناطق أمام الجبل أوعلى الشريط المقابل له.
4ــ لابد من تسليم تورغار لهيئة عمليات تجعله جاهزاً لتحقيق هذه الأهداف. لقد حاولت بعد ذلك أن تقوم جماعة أبو الحارث بهذا الدور النشط فوق تورغار. ثم حاولت أن تقوم جماعة القاعدة بهذا الدور، ولكن فشلت تلك المحاولات. وقبل فتح خوست بفترة وجيزة هيأنا الجبل لاستخدام الدبابة من فوقه بشكل نشط، وتمت التجهيزات لكن العمل نفسه، أي استخدام الدبابة ، لم يتم بسبب انشغال جميع الدبابات في أعمال أخرى، ولم يخصص حقاني أولوية لتلك الفقرة. أما استخدام تورغار في إغلاق المطار فقد استخدمناه نحن في تلك المهمة ولكن بشكل غير مباشر كما سيتضح في حينه .
استخدم العدو هذا اليوم قذائف موجهة تطلقها الطائرات، أطلقوا منها خمسة قذائف ضد المجاهدين حول شيخ أمير وقد إلتقطت جماعة عبد العزيز أحاديث الطيارين مع بعضهم البعض ومع القيادة العسكرية في المدينة بخصوص استخدام هذا النوع المتطورمن القذائف.
وقد صاح جنرالات المدينة فرحاً في أجهزه اللاسلكي. وجاءنا تقرير المجاهدين الذين استخدمت ضدهم هذه القذائف بأن أحوالهم “خير خيريت” لاجرحى عندهم ولا شهداء. هكذا تضيع أموال موسكوا هباءً ، وتتبخرت هيبة التكنولوجيا العسكرية في أفغانستان. فلا صواريخ سكود ـ ولا القنابل العنقودية ـ ولا القذائف الكيماوية ـ ولا تلك الموجهة والذكية، حققت اليوم أية خسائر في صفوف المجاهدين. بينما حققت فوضى الأمس في” يوم الفوضى العالمي” حققت أعلى نسبة خسائر تشهدها المنطقة منذ فترة طويلة، سته عشر قتيلا في ليلة واحدة بدون تحقيق أي إنجاز . بينما تم فتح تورغار الرهيب بخسارة شهيد واحد وثلاثة جرحى .
فهل يمكن إذن أن نستنتج بأن الفوضى وعدم الإنضباط هي أشد فتكاً بالمجاهدين من أي تكنولوجيا عسكرية متطورة ؟ أظن أن هذا جائز جداً، وعليه تبرهن أحداث عديدة.
صديقنا الجديد سيد جمال مستخدماً قاذفه الصاروخي الرباعي عدل كفه الميزان ليلاً عندما أحرق طائره نقل عسكرية في المطار كانت محملة بالذخائر. وقد تفجرت الطائرة( رقم 2131) وكانت طائرة أخرى في الطريق إلى المطار، فشاهد الطيار عرض النيران المخيف هذا فوق المدرج، فسأل قيادة التوجيه الأرضي: ما هذا؟ ماذا يحدث في المطار؟. فأجابته القيادة:( لا تسأل عن ذلك). فاستدار الطيار وعاد إلى كابل.
الاثنين 14 مارس 90 :
بعض السحب الثقيلة في سماء المنطقة ولكنها لم تمنع الطائرات من أن تبدأ في السابعة والنصف بعدد من القذائف المكتومة ذات السحب البيضاء والرمادية ، وقذائف موجهة من الطائرات حسب ما جاء في أحاديث الطيارين.
كان في زيارة موقعنا اليوم طبيب باكستاني متدين ودمث الخلق فذكرت له شكوكي من تلك القذائف المكتومة الصوت ذات الدخان الكثيف. وطلبت منه أن يلاحظ الحالات المرضية التي تعرض عليه هذه الأيام من بين المجاهدين، فربما كنا نتعرض لحرب بيولوجية أو كيماوية، فذكر بأن تخصصه الطبي لا يساعده في تتبع ذلك الموضوع.
ولم أقابل ذلك الدكتور بعد ذلك، وأيضاً لم أسمع بأي إصابة مرضية غير عادية بين المجاهدين، ولكني مازلت أعتقد أن تلك القنابل كانت غير عادية، ولكن رعاية الله للمجاهدين كانت هي الأخرى غير عادية . وقد شاهدنا بعد ذلك الكثير من الضربات الكيماوي بغاز الخردل، ولكن ذلك لم يسفر عن أية أعراض غير عادية بين المجاهدين.
وجد العدو جثة لأحد المجاهدين أثناء إعادة احتلاله للمناطق التي فقدها في الحملة الأخيرة، ولم يكن أحد من المجاهدين قد انتبه لفقدان ذلك الشهيد .
ـ دبابة خليل أصابتها عدة شظايا وقد سحبت إلى الخلف لإعادة إصلاحها.
تحميل مجلة الصمود عدد 181 : اضغط هنا
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )