33 استراتيجية للحرب -2- (استراتيجية حرب العصابات الذهنية)
سلسلة مقالات 33 استراتيجية للحرب -2- (استراتيجية حرب العصابات الذهنية)
بسم الله الرحمن الرحيم
لا تخض الحرب الأخيرة
2- استراتيجية حرب العصابات الذهنية
تكرار الأعمال غير المجدية هي استنزاف للامكانات المتاحة ..
تفاعلك مع اللحظة الراهنة .. يصعب على الأعداء معرفة ما ستفعله ..
قم بشن حرب عصابات على عقلك دون أن تسمح بخطوط دفاع ثابتة
أو قلاع مكشوفة .. اجعل كل شيء غازيا .. سائلا .. متحركا ..
ما نجح معنا مرة يجب ألا يتحول إلى قوقعة تمنعنا
من رؤية التغيير والتطور عند العدو
تمهيد:
الحرب الأخيرة التي خضتها تمثل خطرا عليك، فهي لا تزال ماثلة في ذهنك.
إذا كنت قد انتصرت فيها ستميل إلى تكرار الإستراتجيات التي استعملتها، ذلك أن النجاح يجعلنا كسالى وراضين عن النفس، أما إذا كنت خاسرا في الحرب الأخيرة فقد تكون مترددا وغير حازم.
بعد كل معركة تراودنا ( لو كنا نعرف أكثر .. لو فكرنا أكثر .. لو فعلنا كذا ) .. الثغرة في هذه النقطة أننا نظن أن ما كان ينقصنا هو المعرفة، ربما مع غير المؤهلين والهواة، لكن مع المحاربين وأصحاب التجربة فالأمر يختلف، فالذي ينقصهم ليس العلم أو المعرفة .. وإنما الفن والمهارة الشخصية .. وبمعنى أدق أن الجنرال الناجح هو الذي يستفيد من معارفه ولكنه يطبقها بحسب اللحظة الراهنة .. يتفاعل معها بمرونة .. لا يأسر نفسه بتكرار إستراتيجيته .. هكذا يشتعل الابتكار وتغتنم الفرص.
يجب أن تكون عقولنا قادرة على مواكبة التغيير والتأقلم مع ما هو غير متوقع .. وفي المقتطفات التالية نقدم بعض الأفكار التي تساعد على التأقلم وتقودنا للمهارة العسكرية ..
– لتتحرر غريزتك وتصبح قادرة على التفاعل الإيجابي مع المتغيرات يجب أن تراجع جميع معارفك العسكرية وتطورها وفقا للزمان والتقنية، لا شك أن دراسة التاريخ والنظريات توسع من آفاق الرؤية .. لكن احذر الجمود والتصلب .. احذر أن تقف عندها ولا يتجاوزها عقلك .. التقليد مذهب معتبر .. لكنه ليس للمجتهدين وأصحاب الرؤى السابحة عبر التاريخ ..
– التعليم يدخل للعقل أفكاراً يصعب هزها .. وفي خضم المعركة يعاني من لا يرى ظروف المعركة المتغيرة .. ويحاول أن يجد لها مخرجا من الماضي الذي نجح في إطار مناخ مغاير سواء طبيعية أو تقنية أو تكتيكية .. واقعك يختلف .. ويحتاج أن تحرر عقلك لينتج ويتقبل حلول تناسب تجربة الحاضر فتنمو فيك روح الإبداع .. وينطلق عقلك بلا سقف استراتيجيات الماضي.
– خلال حرب فتنام كان لدى جنرال فتنام الشمالية “فو نجوين غياب” مبدأ عام .. كان بعد كل حملة ناجحة يقنع نفسه بأنه في حقيقة الأمر كان فاشلا .. وكنتيجة لذلك لم تكسره أبدا نجاحاته .. ولم يكرر أبدا الاستراتيجية نفسها في المعركة التالية .. بل كان يفكر بكل وضع على حدة.
– أبقى ذهنك مرتبطا بالحاضر والواقع دائما .. لا تهدر وقتك في معارك لن تربحها أو تستنزفك .. وربما تقلب الكفة لصالح عدوك .. اذهب بعيدا حيث لا يتوقعك .. اترك له الميدان الذي أعده وانقض عليه من حيث أعددت أنت .. إذا أسرت ذهنك ليتفاعل مع مجهود العدو .. واستسلمت للنداءات العاطفية .. واستجبت لبعض حلفاؤك .. فقد تحولت لأداه بيد خصومك .. فأين العبقرية في هذا ..
– عباقرة الحرب هم من يسعون لتحصيل قوة أكثر ليونة وأكبر مرونة لتحقق قدرة ومجال أوسع للمناورة .. الامتداد الأقصى لهذا التطور يتمثل في حرب العصابات .. التي تجعل من الفوضى والمفاجأة إستراتيجية .. يسبقون عدوهم بخطوة أو اثنتين .. لا يكررون التكتيك .. يتفاعلون مع الأوضاع الناشئة ..
– لا تدع عدوك يفاجئك: ادرس الأرض .. ادرس العدو .. اعرف نفسك .. إمكاناتك .. حصل تجارب التاريخ .. امضغها بتأني وامنحها الوقت لتهضم .. تشاور مع رواد التغير المعاصرين .. ضع فلسفة الحرب القادمة .. أرسل عناصر الاستطلاع .. حدد ميدان الحرب .. تناغم مع الطبيعة .. اندمج مع السلاح .. اقرأ نوايا العدو .. واحشره في الزاوية المناسبة ..
بقلم : عابر سبيل
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )