فى ظلال تركيا :
العمل الإسلامى العربى : “إنكشارية” .. و”طبل خانة” .
اهم العناوين :
– أهم المشاريع اليهودية فى جزيرة العرب هى خطوط الطاقة ، مترافقة مع مشاريع السكة الحديد والطرق البرية السريعة، التى تربط حقول إستخراج الطاقة والمدن الرئيسية فى جزيرة العرب مع إسرائيل ، وتحديدا مع ميناء حيفا.
– الشركات التركية مرشحة لإمتلاك حصة الأغلبية فى ميناء حيفا الذى تريد الحكومة الإسرائيلية بيعه بمبلغ 590 مليون دولار.
– إسرائيل غول الطاقة العالمى : حقول الغاز .. وخطوط نقل الغاز .. حروب وحروب.
[[ برنامج الشرق الأوسط الجديد، الذى وضعه شيمون بيريز رئيس وزراء إسرائيل، وشرحه فى كتاب شهير، صار وكأنه [ كتاب مقدس ] تلتزم به الحكومات العربية والتيار الإسلامى ، بشقيه “السلفى الجهادى” ، و(السياسى)، أى الإخوان المسلمين]] .
– أفغانستان : إحتلال إسرائيلى/ تركي مشترك –
[[لم تعد فى أفغانستان قوة إحتلال عسكرى نشطة ويحسب حسابها سوى القوات التركية . فهى تقوم بمعظم المهام التى كانت منوطة بحلف الناتو ]].
– تركيا مع إسرائيل فى ولاية بدخشان، بمشاريع سطو مشتركة على مناجم الذهب والخامات النادرة ، ومشروع مائى قرب منابع نهر جيحون لسحب المياه إلى خارج أفغانستان مستقبلا .
– إسرائيل تضع إقليم بدخشان فى شبه حصار إستخبارى إقليمى .
– تركيا تخطط لبقاء دائم فى أفغانستان/ بعد إنسحاب الناتو/ بمشاريع بنية تحتية ومشروعات إغاثية ، تغطى تواجد إستخباري مشترك مع الإسرائيليين حتى بعد عودة الإمارة الإسلامية إلى الحكم .
– لتأمين الدور التركى فى أفغانستان تجهز تركيا عناصرها الأخوانية فى كابول وإسطنبول .
– الأدوار السعودية والقطرية تدعم قادة إخوان كابول ، كما تدعمهم حاجة إسرائيل لدور الإخوان النابع من رؤية شيمون بيريز.
– وحيدا مع الدب الروسى فى المصيدة : أذربيجان .. مصيدة التهور التركى .
– التدخل العسكرى يستدعى المزيد من التدخل ـ والنصرالأوَّلي يغرى بالإستمرار. وتحدث الإستفاقة فى منتصف الكارثة حين يصعب الإستمرار كما يصعب التراجع.
لم يكن التطبيع العربى مع إسرائيل سوى إشهارا علنيا لعلاقة آثمة ، قديمة ومستمرة، قامت على خيانة الدين والوطن .
نعتمد ذلك التعريف إلى حين التوصل إلى تعريف آخر أكثر إيجازا .
موجة التطبيع الأخيرة كانت مرتبطة بإحتياجات إنتخابية لكل من ترامب فى أمريكا ونتنياهو فى إسرائيل . وهناك أيضا ضرورات عملية كانت فى الإنتظار.
بدأت الموجة الأولى بالإمارات والبحرين ، لأن الأوان قد آن لتطوير مشروع السيطرة اليهودية على جزيرة العرب/إقتصاديا وسياسيا وأمنيا وعسكريا/ وصولا إلى تغيير هويتها الدينية والثقافية والإجتماعية . وربط الكيانات السياسية فى جزيرة العرب بإسرائيل مباشرة مع إضعاف علاقاتها الثنائية، وإضافة المزيد من التفتيت لتلك الكيانات، وتغيير التركيبة السكانية لمعظمها بإضافة هجرات سكانية من خارج الجزيرة من غير المسلمين . واحتمال إعطاء “هدايا” من الأرض والثروة التجارية فى المنطقة لقوى كبيرة طمعاً فى كسب إسنادها للمشروع اليهودى فى الخليج والجزيرة ، ولإبعادها عن أى محور قد يعارض ذلك المشروع . وهناك ترشيحات للهند لتكون أحد تلك القوى الكبرى المؤيدة لجوهر المشروع اليهودى فى جزيرة العرب بشكل عام ، إضافة إلى تأييدها للمشروع الإسرائيلى فى أفغانستان .
والترشيح القائم للهند ممكن أن يُلْغَى حسب تطورات أفغانية .. وليست عربية .
إسرائيل .. غول الطاقة العالمى :
أهم المشاريع اليهودية فى جزيرة العرب هو مشروع خطوط الطاقة (غاز ونفط) مترافقا مع مشاريع السكة الحديد والطرق البرية السريعة، التى تربط حقول إستخراج الطاقة والمدن الرئيسية فى الخليج والجزيرة مع إسرائيل ، وتحديدا مع ميناء مدينة حيفا، التى فى طريقها لتكون العاصمة الإقتصادية والتجارية والثقافية، ونافذة لمشيخات الخليج على أوروبا ، وأهم موانئ التصدير والإستيراد لعرب النفط .
يترتب على ذلك تهميش كبير لدور مضيق هرمز كممر أساسى لتصدير النفط (40% من إحتياجات العالم) وأيضا ستقل كثيرا حركة السفن التجارية المارة فى الخليج الفارسى .
وبالتالى سيكون العالم أقل حساسية لأى إشتباكات عسكرية حول هرمز . فتنطلق يد إسرائيل وحلفائها الأمريكيين والعرب، فى تصعيد التوترات العسكرية مع إيران فوق مياه الخليج .
– تحويل حيفا إلى أهم مركز عالمى لتسويق الطاقة، هو عنصر مؤثر بشكل مباشر فى أمن مضيق هرمز ـ وإيران تحديداً. وتهديدا لا يستهان به لإقتصاد روسيا ومكانتها الجيوسياسية.
ساعتها قد تجد الصين نفسها مرغمة على التواجد المباشر فى المحيط الهندى ومياه الخليج دفاعا عن وارداتها من نفط إيران ، وإلا فإنها ستخضع للولايات المتحدة كمُوَرِّد أساسي لإحتياجاتها من النفط فتصبح فى القرن الحادى والعشرين تابعا للولايات المتحدة بسبب إحتياجها للطاقة ، كما كانت تابعة لبريطانيا فى القرن التاسع عشر لإحتياجها إلى الأفيون. بالمثل قد تجد روسيا من الضرورى أن تتواجد على مقربة من ميناء تشبهار فى إيران دفاعا عن مصالح تجارية كبرى مع الهند وشرق أسيا وأفريقيا.
حيفا عاصمة جزيرة العرب :
{{ الشركات التركية مرشحة لإمتلاك حصة الأغلبية فى ميناء حيفا الذى تريد الحكومة الإسرائيلية بيعه بمبلغ 590 مليون دولار .
وذكرت وكالة أنباء بلومبرج أن تكتلا صناعيا تركيا ـ يضم شركة أمريكية ـ سيقدم عطاءات لشراء “ميناء حيفا” أكبر ميناء بحرى فى إسرائيل ـ وذلك بعد أن ثارت مخاوف أمريكية بشأن النفوذ الصينى والتداعيات الأمنية التى ينطوى عليها بيع ذلك الميناء للصين .
إذن تركيا فى الطريق لقبض رشوة ضخمة لقاء ليونة فى موقفها إزاء تغول إسرائيل على غاز شرق المتوسط . والتماشى بسلاسة مع البرنامج الإسرائيلى الشامل .
كما تلوح إسرائيل ـ ليس فقط برشوة تركيا بإشراكها فى كنوزعائدات ميناء حيفا ـ بل تلوح أيضا بإمكانية رشوة الصين . ربما لتهدئتها إزاء الهجمة الإسرائيلية على الخليج الفارسى ، بتقليص أو منع مرور إمدادات الطاقة منه ، بما يهدد أمن الطاقة للصين التى تشترى 30% من صادرات إيران النفطية }} .
– من المتوقع ألا تصمد روسيا كثيرا أمام إغراءات الغاز الإسرائيلى لأوروبا، على حساب الغاز الروسى . سيصبح وقتها توجيه الغاز الروسى صوب الصين تصحيحا لخطأ الإستراتيجية الروسية فى التهالك على أسواق غرب أوروبا خاصة ألمانيا. فيكون توجيه الغاز الروسى إلى الصين دعما لكتلة إقتصادية وسياسية وعسكرية بين الدولتين لمواجهة ضغط أمريكى أوروبى لإضعاف الدولتين تمهيدا لتفكيكهما، كآخر العقبات التى تعوق سيطرة الغرب المطلقة على العالم.
يضاعف من أهمية حيفا فى سوق الغاز الطبيعى حقيقة أن غاز قطر الواصل إليها يعتبر الأعظم حجماً فى العالم بعد الغاز الروسى . إضافة إلى أن إسرائيل إبتلعت حتى الآن معظم مكامن الغاز الطبيعى تحت مياه شرق المتوسط . فأخذت غاز مصر بالكامل تقريبا ، إضافة إلى جميع نفط وغاز سيناء . وتغتصب من نصيب قبرص واليونان لقاء حمايتهم ودعمهم سياسيا، وإستجلاب الدعم الأروبى والأمريكى لهما لمواجهة الغول التركى الذى يرعبهما . وتسعى إسرائيل إلى إبتلاع معظم غاز لبنان بعد ترسيم الحدود البحرية لصالحها ، وتحجيم حزب الله أو إزاحته نهائيا إن أمكن.
مزاحمة بين الحلفاء :
هناك مزاحمة بين إسرائيل وتركيا فى شرق المتوسط . ويقاتل أردوغان ببسالة من أجل مركز متميز ـ ولو قليلا ـ فى غنائم غاز المتوسط . فتوترت أجواء علاقاته مع اليونان وقبرص ـ ولكنه يتجنب الإحتكاك بإسرائيل نظراً لترابط المشروعين”الحضاريين” التركى والإسرائيلى ، على نطاق جغرافى واسع جداً فى الشرق الأوسط وفى الجوار الإسلامى التالى له، والعمق الإسلامى البعيد فى آسيا .
– روسيا هى المتضرر الأول من صعود إسرائيل إلى مرتبة المُصَدِّر الأول للغاز فى العالم ، فذلك يهدد سوق الغاز الروسى فى أوروبا وبالتالى يهدد إقتصاد روسيا ومكانتها الجيوسياسية .
ويضع روسيا تحت إمكانية الضغط الإسرائيلى، وحتى إملاءاتها السياسية والإستراتيجية. تركيا فى صراعها على غاز المتوسط يجعلها تهديدا متصاعدا لروسيا . خاصة وأن تركيا وسعت صراعها من أجل الغاز ضد روسيا ليمتد من سوريا حتى ليبيا .
روسيا بدورها شعرت بخطر التقلبات القادمة فى سوق الغاز، والصراع على السوق الأوروبى بينها وبين إسرائيل التى تزحف بقوة نحو صدارة سوق الطاقة عالميا . ثم صراع مع تركيا التى تسعى لأن تحجز لنفسها مكانا طموحا فى غاز شرق المتوسط .
حقول الغاز .. وخطوط نقل الغاز .. حروب وحروب:
خطوط نقل الغاز أيضا تمثل موضوعاً للصراع والحروب . ظهر ذلك جليا فى حرب سوريا التى إجتذبت أقطاب صراع الغاز: من إسرائيل إلى تركيا وقطر وروسيا. ثم إيران وحزب الله، وإن كان صراعهما فى سوريا يستهدف أساسا فتح طرق الإتصال البرية بين طهران ودمشق وبيروت. لكن حزب الله يجد نفسه معنيا بالدفاع عن حقوق لبنان فى حقول الغاز الموجودة فى المياه الإقليمية.
من قَدَرْ سوريا ، وقوعها على الحافة الشمالية الشرقية لإمبراطورية “الشرق الأوسط اليهودى” الجديد . لتمثل بموقفها السياسى المعاند حاجزا جغرافيا بين إسرائيل وتركيا، أى عقبة أمام الإتصال البرى بين الإمبراطورية الإسرائيلية وأوروبا .
الموقع السورى يعترض أيضا مشروع “خط أنابيب السلام” الذى كان من المفترض أن ينقل مياه دجلة والفرات من خلف السدود التركية إلى إسرائيل ومنها الى السعودية والمشيخات .
النظام السورى لم يتمتع بالمرونة التى تمتعت بها أنظمة الشرق العربى إزاء متطلبات الإمبراطورية اليهودية الجديدة . فكان لابد من الحرب التى خاضها “المجاهدون” المحليون والدوليون تحت شعار{ إقامة دولة لأهل السنة والجماعة !! }. وكأن الوظيفة الدينية لأهل السنة والجماعة هى خدمة الأهداف الصهيونية، وإزالة أى عقبة تعترض قيام إمبراطورية يهودية عابرة للقارات مركزها العالم العربى .
سوريا هى العقبة الأخيرة أمام مشاريع نقل المياه والطاقة والإتصال البرى مع أوروبا ، والمقررة فى البرنامج اليهودى للمنطقة . وفى المغرب العربى عقبة أخيرة متبقية، وهى الجزائر الثابتة على موقف معاند مشابه للموقف السورى. فإنتزعت أمريكا منها إقليم الصحراء ومنحته للمغرب فى خطوة لتفتيت مقاومة الصخرة الجزائرية ، ليصبح طريق المغرب العربى كله سالكاً من طنجة إلى تل أبيب ، بلا أى عوائق سياسية.
بصمات الصراع على الغاز والنفط واضحة فى الحرب الليبية ، حيث أهم أقطابها، أى تركيا وروسيا وإسرائيل وأوروبا ، يَظهَرون إما مباشرة أو بواسطة أدواتهم : الإمارات وقطر والسعودية ومصر. إنهم ـ ما عدا مصر ـ نفس الأطراف المتصارعة فى الحرب السورية، مع تبديلات مدهشة فى المواقع الروسية والتركية . فروسيا فى ليبيا تقف فى صف من تحاربهم فى سوريا “مشيخات النفط” ، وضد “الحكومة الشرعية” فى بنغازى . أما تركيا فعلى عكس موقفها فى سوريا، نراها تقف فى صف الحكومة الشرعية فى بنغازى وفى مواجهة مشيخات النفط ، لأن البوصلة السياسية تتجه دوما صوب المصالح، وليس صوب الشرعية أو الأيدلوجية.
فى ليبيا تقف روسيا فى صف”الرجعية العربية”ضد تركيا . وفى سوريا تقف روسيا ضد تركيا المتحالفة مع”الرجعية العربية”. أما إسرائيل فمتواجدة فى ليبيا على كلا الجانبين . فهى تشعل جميع الحروب وتكون الفائز الوحيد فيها بعد أن يخسر أصحاب الحروب كل شئ .
مواجهة روسيا “وظيفة” تركية :
تركيا منذ إلتحاقها بالمعسكر الغربى بعد سقوط إمبراطوريتها، رأت أن قيمتها الجيوسياسية يحددها الغرب، بمواجهتها للإتحاد السوفيتى سابقا وروسيا الإتحادية حاليا .
فى صراع تركيا لحيازة نصيب جيد من غاز شرق المتوسط ، تجابه السطوة الإسرائيلية ولكن بشكل غير مباشر عبر الصراع مع حلفاء إسرائيل فى اليونان وقبرص ومصر و”ليبيا حفتر”.
لأن التنافس التركى الإسرائيلى بخصوص غاز المتوسط يجرى تحت إشراف إدارة سياسية يقظة فى كل من تركيا وإسرائيل. فمهما يكن فلن تبلغ تركيا مكانة فى سوق الغاز تقترب من المكانة الإسرائيلية . ثم إن برنامج التعاون بين الدولتين واسع جدا ويشمل رؤية بعيدة المدى لدور كل منهما، وإن كان الصدام وارد على المدى البعيد . وقلق إسرائيل وأوروبا نابع من الدور المُتَلَوِّن للتركى المغامر. وأول الوسائل لتحجيمه هى إستبدال نظام العلمانية المتأسلمة الذى يمثله أردوغان ، بنظام عسكرى غبى وباطش على النمط المصرى أو السودانى أو”الشرق ليبى”.
على أى حال ظل التركى يلعب أوراقه بذكاء إلى جانب خشونته الإستعراضية ، متمتعا بدعم إسرائيلى كبير فى سوريا ، وبدعم من حلف الناتو فى ليبيا، لأنه يواجة روسيا هناك بالسلاح كما يفعل فى سوريا.
فى ظلال تركيا : العمل الإسلامى العربى “إنكشارية” و”طبل خانة” .
الغاية الأولى لإستراتيجية الغرب إزاء تركيا هى إستخدامها كرأس رمح ضد روسيا. والهدف الثانى هو الإستفادة من دورها القائد لتيار إسلامى رئيسى فى العالم الإسلامى، ذو جوهر متصالح و قابل للتعايش مع المشروع الإسرائيلى فى المنطقتين العربية والإسلامية. ويغتصب ذلك التيار شعار”أهل السنة والجماعة” أثناء تطبيقه لبرنامج الشرق الأوسط الجديد، الذى وضعه شيمون بيريز رئيس وزراء إسرائيل، وشرحه فى كتاب شهير صار وكأنه [كتاب مقدس] تلتزم به الحكومات العربية والتيار الإسلامى ، بشقيه : “السلفى الجهادى” ، و(السياسى)، أى الإخوان المسلمين .
إستضافت تركيا جموع الفريقين، الجهادى والإخوانى ، بعد فشلهم فى مصر ثم فى سوريا. فأصبحت يدها طليقة فى إستخدامهم كيفما شاءت. الجهاديون تحولوا إلى قوة إرتزاق تعمل ضمن الجيش التركى فى نظام أقرب إلى نظام قوات الإنكشارية الذى كان مُطَبَّقاً فى الجيش العثمانى. وهو نظام شبه مملوكى قائم على أطفال المستعمرات، وتربيتهم بصرامة، عسكرية ودينية . أما الإخوان المسلمون فقد طبقت تركيا عليهم نظاما كان معمولا به فى الجيش العثمانى والجيوش القديمة فى تشكيلات غير قتالية ملحقة بالجيش، تعمل فى القطاع المعنوى أثناء القتال أوالإحتفالات الرسمية وقت السلم . تلك هى فرق (الطّبْل خانة) والتى تستخدم آلات الموسيقى العسكرية من طبول وأبواق وأدوات نحاسية ، وتسير مع الجيوش لإثارة حماسها بممارسة الطبل والزمر بدون أن تنخرط فى القتال . وفى السلم تمشى فرق “الطبل خانة” بآلاتهم وملابسهم المزركشة يعزفون فى موكب السلطان، لجذب الناس وإكتساب إعجابهم وهتافهم .
فى أفغانستان : إحتلال إسرائيلى تركى مشترك .
لا تَخْفَى غِيرَة أوروبا الغربية ودول حلف الناتو من تصاعد الدور الجيوسياسى لتركيا. فتركيا منفردة تكاد تكفى عن جميع حلف الناتو فى أهم مسارح الصراع ، خاصة فى المنطقة العربية والخليج . وفى أفغانستان تجلت مقدرة تركيا التى تقوم بمعظم مهام حلف الناتو ثم راحت مع إسرائيل تضعان قوانين جديدة للحرب بعد فرار الجيش الأمريكى وتهاوى نظرية الحرب الهجينة أو حرب الجيل الرابع . فكانت الشراكة وثيقة بينهما فى الميدان الأفغانى، فالجيش التركى الآن هو أكبر قوة إحتلال نظامية متبقية من حلف الناتو. بينما الأمريكان يراقبون الحرب من بعيد ـ حسب قول وزير خارجيتهم ـ ويشنون غارات جوية من وقت إلى آخر لدعم الجيش الأفغانى معنويا بقتل المزيد من المدنيين .
والبريطانيون (أقل من 5000 جندى) متفرغون لسرقة المواد خام وعلى رأسها اليورانيوم من ولاية هلمند . وأوروبا الشرقية بعثت حثالات قليلة من الجنود الذين كل نصيبهم من الجندية هو الملابس الأمريكية المعقدة .
– تدير إسرائيل الجانب القتالى فى أفغانستان بواسطة (جيش سرى إستخبارى). وأهم جنودها هم المرتزقة الدوليون والطائرات بدون طيار (الدرون). وهناك فِرَق الموت التى شكلتها CIA من العناصر المحلية وتديرها عناصر أمريكية وخبراء إسرائيليين، جميعهم ذوى خبرة فى قتل المدنيين، وفى تقويض الثورات والإنتفاضات الشعبية، من فلسطين إلى أمريكا اللاتينية، مرورا بمآسى”الربيع” العربى.
– ويقاتل الأتراك فى أفغانستان بجنودهم مباشرة، بحرص وبدون الإعلان عن خسائرهم إلا نادراً . ويعتمدون أكثر على الدواعش المستجليين من الشرق اللأوسط ، خاصة ذوى الأصول التركية من الصين ودول آسيا الوسطى . فمناطق الجيش التركى فى أفغانستان هى مناطق للدواعش المستندين على الدعم التركى العسكرى واللوجستى.
وبينما تتمدد تركيا على الكثير من الساحة الأفغانية ، تركز إسرائيل على العاصمة والقواعد العسكرية الأساسية وعلى الشريط الشمالى من أفغانستان. وهو مشروع إنفصالى تتعاون فيه تركيا وإسرائيل .
– هذا إلى جانب إلى عملهما المشترك فى إقليم بدخشان المجاور للصين وطاجيكستان والهند وباكستان. إقليم يثير المُخَيِّلَة الإسرائيلية نظرا لإمكاناته المعدنية والمائية والجيوستراتيجية. كونه يجاور إثنين من أكبر قوى آسيا البشرية والإقتصادية، وهما الصين والهند الجاران اللدودان ، كما يجاور باكستان عدو الهند التقليدى . ذلك الخليط المتفجر من العلاقات والكتل البشرية المتناقضة يثير المخيلة الإسرائيلية ويفتح أمامها مشاريع إفساد وتوسع إقتصادى وسياسى بلا حدود ، مع فرص أوسع لإثارة حروب كبرى عظيمة الربح فى منطقة مزدحمة بالتناقضات من كل صنف .
– وجود إسرائيل فى بدخشان إلى جانب منابع نهر جيحون ، وغير بعيد عن شقيقه نهر سيحون ، ينعش المشروع خط “أنابيب السلام” القديم بين إسرائيل وتركيا لنقل مياه هذين النهرين إلى إسرائيل ، ومعهما مياه دجلة والفرات المختزنة خلف السدود التركية . وهو مشروع قديم وطموح بات معقولاً وممكناً. ومع أنابيب السلام للمياه هناك أنبوب “سلام” آخر لنفط وغاز جمهوريات آسيا الوسطى ، وربما كنوز أفغانستان من النفط والغاز المطمورة عمدا لأسباب جيوسياسية تتعلق بتحجيم دورأفغانستان والتقليل من شأنها.
– وهناك فى بدخشان سد مائى بنته تركيا بتمويل ألمانى ـ هبة مالية غير قابلة للرد ـ ويعتقد أن لهذا السد علاقة بمشروعات إسرائيل لسرقة مياه نهر جيحون ، خاصة وأن هناك مشروع زراعى مرتبط به وتُرَتِّب له تركيا مع جهات نافذة فى حكومة كابل . ويُعْتَقَد أن هذا “المشروع الزراعى” مجرد غطاء أو تمهيد لسحب مياه جيحون إلى خارج أفغانستان فى مرحلة تالية بواسطة خط أنابيب قد يتجه جنوبا (إلى باكستان) أو شمالا (صوب أذربيجان) حسب تطورات الحروب الدائرة فى المنطقة، خاصة حروب أفغانستان وأذربيجان وأرمينيا.
– هناك مشاريع تركية عرقلتها الحرب لنهب الذهب من ولاية بدخشان بالإشتراك مع شخصيات نافذة فى حكومة كابل . وهو ثانى أكبر مخزون للذهب فى أفغانستان. وأيضاً مشاريع لنهب مناجم الخامات الأكثر ندرة فى العالم . ونظرا لتواجد تركيا وإسرائيل فى بدخشان فمن الطبيعى أن يكون الطرفان متداخلان فى عملية السطو الكبرى للذهب والمعادن النادرة هناك.
– ولإسرائيل قواعد إستخبارية تحيط بدخشان من جانب الحدود الباكستانية ، وربما من جانب حدود طاجيكستان المجاورة . فلا ينقصها حتى يكتمل ذلك الطوق إلا أن تتواجد أيضا على الجانب الهندى المجاور ذو الطبيعة الثلجية القاسية ، والجانب الصينى ذو الطبيعة السياسية الأشد صعوبة. إنها إحتمالات عسيرة التحقيق ، ولكن لأجل الكنوز الأفغانية فإن إسرائيل قد تعمل حتى على إشعال حرب نووية.
– تركيا تخطط لبقاء دائم فى أفغانستان بعد إنسحاب حلف الناتو. وذلك بدخول شركاتها من الآن فى مشروعات البنية التحتية . ثم عبر هيئاتها الإستخبارية ذات الغطاء الإغاثى فى شبكة واسعة من المشروعات الصغيرة التى تتيح لها تمددا جغرافيا واسعا وتمازجا أكبر مع السكان. وتتقاسم تلك المزايا مع المخابرات الإسرائيلية، لضمان إستمرارية عملهما المشترك على أوسع نطاق جغرافى داخل افغانستان بعد تحريرها وعودة إمارتها الإسلامية إلى الحكم .
– ورغم أن ثقل المشاريع الإسرائيلية والتركية يتركز فى الشمال والشمال الشرقى من أفغانستان ، ويعتمدان على فكرة إنفصال ذلك الإقليم ، إلا أنهما يعملان لإيجاد نظام فى كابول يكون متعاونا ولا يعرقل مشاريعهما، ثم يرتبط معهما ، طبقا لخطة إسرائيلة طموحة ، لوراثة الدورالأمريكى العملاق والفوز بدور مهيمن على أفيون أفغانستان، وتصنيع وتصدير الهيروين دوليا.
وهو مشروع تَقَدَّم بالفعل عدة خطوات من غير ثقة كاملة فى مستقبله. وللإمارات فيه دور متواضع ، وإن كان مجهودها يصب فى النهاية فى المستودع الإسرائيلى بعد أن وضعت إسرائيل يدها على إقتصاد الإمارات ونظامها البنكى والمصرفى ، وبالتالى سيطرت على صناعة غسيل الأموال التى هى العماد الأساسى لإزدهار الإمارات ما قبل “التطبيع” .
– ولتأمين دورها الدائم فى أفغانستان تعمل تركيا على حشر بقايا الإخوان المسلمين الأفغان فى أى نظام أفغانى قائم الآن أو قادم فى المستقبل . وهى تجهز عناصرها الإخوانية بكل نشاط، من كابل إلى إسطنبول.
ولعل السعودية أدركت مدى خسارتها بتفريطها فى ورقة الإخوان الذين إلتقطتهم تركيا . وتحاول أن تعيد الحياة لوجودها المتقزم فى أفغانستان ، بتنشيط علاقتها مع القادة الإخوان فى كابل الذين كانوا طوع أمرها فى حقبة الحرب ضد السوفييت، بل وشكلت لأجلهم حكومة دخلوا بها كابل بعد “الفتح”. ودور قطر المُتَعَمْلِق فى أفغانستان يصب فى مصلحة الإخوان. وأيضا المصالحة السعودية القطرية ستزيد من مكاسب إخوان أفغانستان ، ويضاف إليهم ، بل وقبلهم جميعا، حاجة إسرائيل إلى ذلك الدور الإخوانى النابع من رؤية شيمون بيريز.
تحالف قائم على الخيانة :
ويبدو أن الشريكين اليهودى والتركى سيقتل أحدهما الآخر عند مرحلة معينة من تطور المؤامرة الكبرى . وقَتْلْ الشريك التركى يتمثل أساسا فى إستبدال “العلمانية المتأسلمة” لأردوغان بأخرى فاشية عسكرية على الطراز التركى الإنقلابى .
وهو إنقلاب يتشكل الآن بشكل طبيعى وثابت، من باطن التوسع العسكرى التركى الذى يغلب عليه الغرور الإستعراضى لأردوغان ، وإفراطه فى إستخدام الجيش خارج الحدود التركية فى مجازفات غير محسوبة بدقة رغم ما بها من إغراء وطموح . ذلك الإستخدام المستهتر للجيش جعل الجيش فى حالة عداء مكتوم مع القيادة السياسية التى يسانها جهاز المخابرات . وهى صورة تركية مستنسخة من أصل الأزمة فى أمريكا بين الجيش والمخابرات، والتى تجلت بشكل مأساوى فى أفغانستان وكانت من أسباب الكارثة الأمريكية هناك.
– فى سوريا إكتسب التركى أراضى جديدة فى الشمال. ومن بقايا”مجاهديها” أسس ميليشيا رديفة لجيشه ، أو”إنكشارية”حديثة ، يستخدمها فى ميادين عديدة.
وفى ليبيا فرض نفسه بقوة فى الميدان الليبى لتقاسم غنائم الطاقة فى البر والبحر.
فى أفغانستان يرتع التركى حاليا فى مكاسب ضخمة إضافية فى ظل المشروع الإسرائيلى الذى ورث معظم الدور الأمريكى ـ أو يكاد . فالطائرات العسكرية الأمريكية التى كانت تُقلِع بالهيروين من قاعدة بجرام الجوية إلى أرجاء العالم الواسعة . تطير محلها الآن ، أو بالتوازى معها ، طائرات تركية (إسرائيلية) من مطار كابول ومزار شريف وغيرهما (وهى مطارات تديرها الإمارات) فى الطريق إلى تركيا (وإسرائيل).
– تراهن تركيا العلمانية على خداع الأفغان بوجهها الإسلامى المستعار . ولكن دورها كأكبر قوة عسكرية محتلة لأفغانستان على وشك الإفتضاح ، فتتبدل قواعد اللعبة. وشِباك التمويه التركى بمشروعات “إنسانية” لن تجدى، لأن الشعب الأفغانى تَعَلَّم بما يكفى ، وعرف أنه لا إنسانية مع الإحتلال. وكل قوات دخلت أفغانستان تحت راية الحرب الصليبية التى أعلنها جورج بوش هى قوات صليبية ، مهما أدعت أن لها ديانة أخرى، أو إدعت الإسلام كما تدعيه حكومة كابل .
الإحتلال التركى فى أفغانستان :
المكانة المميزة لتركيا داخل حلف الناتو يجعل موقفها هام جدا لإنهاء حرب أفغانستان . نتيجة للتطورات داخل أفغانستان ــ بإنتصار واضح للإمارة الإسلامية ومجاهديها من حركة طالبان ــ وتطورات أخرى داخل حلف الناتو الذى صار أكثر ضعفاً وتفككا من أى وقت مضى ، لدرجة أن قال الرئيس الفرنسى أن الحلف “ميت سريريا” . ذلك الميت يجد نفسه وحيدا فى أفغانستان بعد فرار القوات الأمريكية التى أشعلت الحرب واستدعته إليها بدون إستشارة أو مصلحة لدول الحلف . وتقول مصادر الناتو أن الحلف سوف يقرر فى شهر فبراير2021 ما إذا كان سيستمر فى مهمته فى أفغانستان (فى تقديم المشورة والمساعدة!!) أم سينسحب من هناك. ويعتبر ذلك تراجعاً كبيرا عن تصريحات سابقة للحلف بأنه ينوى البقاء فى البلاد إلى أن تسمح الظروف الميدانية للقوات الأمنية المحلية بالحفاظ على الإستقرار، بمعنى أن الحلف سيبقى إلى حين القضاء على جهاد شعب أفغانستان وإستقرار النظام العميل فيها بشكل نهائى .
من الواضح أن دول الناتو تنوى الرحيل ، بل أن نشاطها العسكرى حاليا متدنى للغاية ولا قيمة له . ولم تعد هناك قوة إحتلال عسكرى نشطة ويحسب حسابها سوى القوات التركية . فهى تقوم بمعظم المهام التى كانت منوطة بحلف الناتو فى أفغانستان ، من تدريب ومشورة عسكرية ومساعدة قتالية بالقوات التركية أو بقوات”إنكشارية” حرب سوريا من جهاديين ودواعش.
يكفى عقدين من الزمان شارك فيها الجيش التركى فى مناصرة أمريكا وحلف الناتو فى حربهم على شعب أفغانستان وعلى الإسلام فى هذا البلد بقوة مقدارها عشرة آلاف جندى تركى.
– فإذا قررت تركيا سحب جيشها الآن فذلك يقدم خدمة جليلة للشعبين الأفغانى والتركى ، ويحفظ جسور المودة فى المستقبل، بعد أن يعتذر النظام التركى ويقدم التعويضات المناسبة عما أحدثه من تخريب. ولإثبات حسن النية ينبغى أن تكشف تركيا عن أسرار مشروعها المشترك مع إسرائيل لتقسيم أفغانستان، وأن تتخلى عن القادة الإنفصاليين الأفغان المقيمين فى تركيا.
وأن تقطع علاقاتها بجواسيس الناتو وإسرائيل من بقايا أحزاب الإخوان المسلمين الأفغان والذين يتخذون من تركيا قاعدة لوجستية لعملهم فى أفغانستان ، وأن توقف فورا برامج التدريب العسكرى والإستخبارى لعملاء الإحتلال (من الرجال والنساء) فى كل من تركيا وأفغانستان .
آذربيجان .. مصيدة التهور التركى :
فى آذربيجان يتحد المشروعان الإسرائيلى والتركى . فكلاهما يحتاج إلى ممر يصل تركيا مع آذربيجان وتركمانستان وصولا إلى شمال أفغانسان وشمالها الشرقى عند حدود الصين والهند وباكستان وطاجيكستان .
آذربجان قاعدة كبرى للمخابرات الإسرائيلية . وأكثر من60% من أسلحة تلك الدولة مصدرها إسرائيل . وهى قاعدة عسكرية إستخبارية لإسرائيل تستخدمها بنشاط ضد إيران وروسيا.
ومجموعة خطوط الأنابيب التى يجتمع عليها المشروعان الإسرائيلى والتركى وهى: (نفط + غاز+ ماء )، تعترضها عقبتان : الأولى ضرورة إقتطاع آذربيجان لقطعة من أرض أرمنيا للعبور منها إلى تركيا بدون المرور بدولة ثالثة . وفى ذلك تغيير للخرائط يصعب حدوثة فى بلد تحيط به قوى مناوئة لمشاريع التقسيم والتجزئة والحروب الإثنية والدينية والمذهبية .
والمشكلة الثانية هى تمديد مجموعة الأنابيب عبر بحر قزوين المُغْلَق ، الذى تتشارك فيه خمس دول ، ولا يسمح القانون الدولى بعبور تلك الأنابيب منه ، بدون إجماع الدول المطلة عليه ـ ومنها روسيا وإيران ـ بما يجعل الإتفاق مستحيلا .
وحيدا مع الدب الروسى .. فى المصيدة .
روسيا تعتبر نفسها حامية لأراضى أرمنيا فى مواجهة عسكر تركيا المنتشون بقوتهم .
لهذا إذا أفلت منها الوضع فى أرمينيا وإستطاعت تركيا قضم تلك القطعة من الأرض الأرمينية الواصلة بين آذربيجان وتركيا ، فإن البلطجة والنفوذ الأمريكى الدولى كفيلان بتطويع قانون بحر قزوين بحيث تمر منه كافة أنواع الأنابيب التى تطلبها إسرائيل، سواء أنابيب مياه أو طاقة.. أو مخدرات .
تستغرق تركيا فى أحلام إمبراطورية تتجاوز قدراتها، وتتجاوز معطيات الواقع الذى تتحرك فيه عسكريا بنزق يحاكى تفاهة مسلسلاتها الشعبية التاريخية.
فنشرت قواتها فى ساحات بعيدة عن قواعدها، فوق ما تتحمله قدرة هذه القوات. وفتحت جبهات بطريقة مسرحية . وإغلاق تلك الجبهات سيكون مأساويا، والخروج منها لن يكون بسهولة الدخول . وتلك قاعدة فى جميع تلك الميادين ، من ليبيا إلى سوريا إلى أفغانستان وآذربيجان.
– إستفاد الأتراك من بعض دروس الحرب الأمريكية فى أفغانستان خلال 20سنة الأخيرة. ومن أبرزها الإعتماد على المرتزقة، متمثلين فى قوات الإنكشارية من الدواعش والجهاديين من سوريا، ومن الإخوان المسلمين فى طورهم النهائى كطلائع”طبل خانة” إسلامية للمشروع الصهيونى فى الشرق الأوسط الكبير، فيستبدلون الجهاد لتحرير فلسطين بإثارة الفتن والحروب المذهبية والعرقية بين المسلمين أنفسهم .
تعَجَل أردوغان كثيرا بإعلان الإنتصار وإنجاز مهماته العسكرية، كما فعل جورج بوش بالإعلان عن إنجاز مهمة إحتلال العراق من فوق ظهر حاملة طائرات. واكتشف بوش ـ ومن تلاه، أنهم دخلوا مصائد يصعب الخروج منها . سواء فى أفغانستان أوالعراق أوسوريا واليمن وليبيا.
إكتسب أردوغان ثقة زائدة كونه وكيل (أوشريك) عن الإمبراطورية اليهودية الجديدة فى العالم العربى . فتَوَلَّى دور حصان طروادة وأدخل إسرائيل ميادين يصعب أن تقاتل فيها منفردة بدون تركيا، خاصة فى أفغانستان وسوريا وآذربيجان.
فى آذربيجان هنأ أردوغان نفسه بإنجاز المهمة على طريقة جورج بوش . وهنأ المسلمين بالفتح المبين، متوسلا بتحرير مسجد صغير مهجور فى إقليم”قرة باغ” . لم يكن هو المسجد الحرام أو المسجد النبوى ولا المسجد الأقصى ـ بل مسجدا كان مهجوراً وممتهنا .{ وأى مساجدنا غير ممتهن بعد ضياع المساجد الثلاث التى يُشَد إليها الرحال؟؟ ، والتى شُيِّدَت مراتع الفجور على مرمى حجر منها، وزاحمتها مرافق الدعارة التى تديرها إسرائيل والسعودية؟؟ }.
– هنأ بوش نفسه بإنتصاره السريع والسهل فى أفغانستان، الذى قدمه له على طبق من ذهب تحالف الشمال الأفغانى الذى كان الإخوان المسلمون حلفاء تركيا ضمن قادته الكبار، والذين تُنَسِّق معهم حاليا مشاريعها داخل أفغانستان .
أحدهم “حكمتيار”، يديرالآن”دواعش شمشتو” لصالح الإحتلال ، والآخرـ كبيرهم “سياف”ـ يفتى ضد الجهاد والمجاهدين لصالح الإحتلال ويقدم نصائحة ومشوراته للمحتلين .
– فى آذربيجان إكتشف أردوغان أن جيشه مهدد بالوقوع فى مصيدة حرب عصابات لن تلبث طويلا حتى تصبح محرقة لم يشهد مثلها الأتراك قبلا. وجميع شروطها فى مصلحة عدوهم الذى تساعده الطبوغرافيا المحلية ، والجغرافيا السياسية للمنطقة، مع الثقة المتدنية التى يحظى بها أردوغان شخصيا .
إلهام علييف .. الرئيس الآذرى، أدرك المصيبة القادمة بعد أن بدت علاماتها المبكرة. فأسرع إلى إيران ليزيل أى سوء تفاهم ويوطد العلاقات التى إهتزت نتيجة عنتريات أردوغان وتلويحة بواسطة أبيات شعرية قديمة بتقسيم إيران وفصل الجزء الآذرى من أراضيها.
ليست إيران مصدر الخطر، فهى التى تصرخ خشية من الإنكشارية التكفيرية التى جلبها أردوغان ضمن عساكر جيشه العلمانى .
نيابة عن تركيا يهدئ الرئيس علييف من روع إيران ـ وذلك ممكن ـ ولكن كيف يهدئ مخاوف الجار الروسى الذى تشتبك تركيا معه فى سوريا وليبيا ، ثم الآن آذربيجان، فى معركة غاز تمس أمن وإستقرار روسيا . تلعب روسيا الآن دور الوسيط فى قرة باغ ، وتحمى حدود أرمينا من أى تعديل بالقوة قد تفرضه القوات التركية . ولكن هل يبقى الدور الروسى محايدا إذا إندلعت حرب عصابات أرمينية ضد التواجد التركى؟؟.
قد يقع أردوغان ضحية سهلة فى براثن الدب الروسى داخل منطقة نفوذه التاريخى . وقتها لن يحمى أردوغان كونه مجرد حصان طروادة لإسرائيل، وسيجد نفسه منفردا وبعيدا عن قواعده داخل قفص قوقازى محكم ، ومعه صديقه التاريخى ـ الدب الروسى!!.
قد تتحول قرة باغ إلى محرقة حرب عصابات تجبر الجيش التركى على الخروج المُذِل ، أو أن يخرج منها فى إطار صفقة سياسية تتراجع فيها تركيا من ميادين إشتباك أخرى مع روسيا مثل سوريا أو ليبيا.
فى كلتا الحالتين لن يغفر الجيش التركى لأردوغان تلك الحماقة الإستراتيجية. وخطأ أردوغان فى قره باغ قد يدفع ثمنه على يد الجيش التركى نفسه فى إسطنبول . ولن ينفعه وقتها فريق الإنكشارية الذى قد يعمل ضده مباشرة مع الجيش النظامى المنقلب عليه ، كما إنقلبت الإنكشارية على سلاطين آل عثمان من قبل.
التدخل العسكرى يستدعى المزيد من التدخل ـ والنصرالأوَّلي يغرى بالإستمرار ـ وتحدث الإستفاقة فى منتصف الكارثة حين يصعب الإستمرار كما يصعب التراجع.
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )