حرب 1973 .. هزيمة كبرى وليست نصراً
حرب 1973 هى أكبر كارثة عسكرية ضربت مصر فى تاريخها كله. لأنها أدت إلى إستسلامها لليهود ولكن بتمويه من جنرالات الخيانة فى الجيش المصرى . ونتائج تلك الهزيمة فاقت بكثير نتائج نكسة 1967 . لكن نظام العسكر الذى أذل المصريين، سحق قدرتهم على التفكير ، وشحن عقولهم بالتهريج والأكاذيب بديلا عن المعلومات .
حرب 1973 من نتائجها ما يحدث الآن على أرض مصر ، وعلى إتساع “الوطن العربى” الذى أصبح إسمه “الشرق الأوسط الجديد” . المعلومات التى يحشرها العسكر فى العقول ، والقناعات والأفكار، أصبحت تطبخ فى أجهزة مخابرات العدو . وتوزعها شبكات إعلامية رهيبة محلية ودولية . وبالحجر على حرية المعلومات وحرية التفكير ، جعلوا من الأكاذيب الكبرى حقائق لا تقبل الجدل ، ومنها أكذوبة نصر 1973 .
ولنقرأ بعض كلمات الفريق سعد الدين الشاذلى، رئيس أركان الجيش المصرى ، وبطل الإفتتاح المنتصر والمحترف لتلك الحرب، التى جهز لها الشاذلى”شخصيا” أفضل جيش توفر لمصرمنذ بداية القرن التاسع عشر. الشاذلى هو مهندس البداية المنتصرة للحرب قبل أن يتداركها السادات فيحولها إلى هزيمة كبرى لمصر، أعقبها إستسلام كامل أمام إسرائيل. وافتُتِحت مفاوضات الكيلو 101 بين جنرالات مصر وإسرائيل ، فكانت بداية الطريق إلى إتفاقات كامب ديفد (للسلام) بين السادات وبيجن.
للتذكرة فإن المسيرة السلمية بمفاوضات الكيلو 101 جرت فى مناخ هزيمة كاملة للجيش المصرى . فالمفاوضات تمت بينما الجيش الإسرائيلى على مسافة 101 كيلومتر من القاهرة بلا عقبات تذكر بينه وبين العاصمة المصرية . والجيش الثالث المصرى كان محاصرا تماما فى جنوب سيناء . ومدينة السويس محاصرة هى الأخرى . والجيش الإسرائيلى منتشر فى غرب القناة من الفرسوار إلى مدينة السويس ، فى شبكة هائلة تحتجز بداخلها الجيش الثالث بأكمله. بينما الغطاء الجوى الذى وفرته صواريخ سام الروسية قد تحطم بالكامل ، ولم يعد للقوات المصرية أى حماية جوية ، يستوى فى ذلك الجيش الثالث فى جنوب سيناء مع الجيش الثانى فى شمال سيناء. أى أن كلاهما معرض للإبادة من الجو . وسلاح الجو بقيادة حسنى مبارك كان هو الحلقة الأضعف فى تركيبة الجيش المصرى . والضربة الجوية المصرية فى بداية المعركة كانت عملا جيدا جرى تضخيمه كثيرا لأسباب سياسية ومعنوية فلم تمتلك مصر سلاح جو حقيقى فى أى حرب مع إسرائيل . وبعد تدمير بطاريات الصواريخ المصرية شرق القناة لم يتمكن سلاح الجو المصرى من تقديم أى دعم للقوات المصرية . وعنما طلب منه ذلك ظهرت قدراته الحقيقة بخسارته 19 طائرة فى معركة واحدة ضد الطيران الإسرائيلى . وذلك يكشف مدى زيف أسطورة الضربة الجوية التى إعتمدها مبارك سندا لشرعية حكمه.
من أقوال الفريق سعد الدين الشاذلى ــ فى كتابه “حرب 1973” عن البطولات الميدانية ، وخيانة القيادة السياسية العليا ، نورد القليل من النماذج :
– الأخطاء ليست عيبا ، ولكن التستر عليها جريمة فى حق الأمن القومى للوطن .
– لماذا لم تشكل لجنة قضائية عُليا حتى الآن لتقصى الحقائق عن حرب أكتوبر، كما حدث فى إسرائيل وكما يحدث فى الدول المتحضرة فى أعقاب كل حرب ؟؟ .
– إذا إقتنع الجيل الجديد بتلك الأخطاء فتلك مصيبة لمستقبل مصر.
– إذا إكتفينا بذكر الأعمال المجيدة التى تمت خلال حرب أكتوبر وعدم ذكر الأخطاء التى إرتكبت ، يمكن أن يُولَد لدى قادة الأجيال التالية شعوراً بالتفوق الزائف ، الذى قد يؤدى إلى إرتكابهم نفس الأخطاء التى إرتكبها أباؤهم وأجدادهم . لذلك يجب أن نعترف أنه رغم النجاح الباهر الذى حققناه بعبور قناة السويس وتدميرنا خط بارليف فى 18 ساعة . فقد إرتكبنا سلسلة أخطاء .
– الدروس المستفادة من كل حرب تعتبر ثروة لا تقدر بثمن لأنها تكون رصيداً للدولة إذا ما إشتركت فى حرب أخرى .
– نريد حواراً لا يكون هَمْ كل طرف فيه أن يدافع عن الأخطاء التى إرتكبتها القيادات السياسية والعسكرية .
– شكلت بريطانيا لجنة لتقصى الحقائق فى أعقاب حرب فوكلاند عام 1982 . وشكلت إسرائيل لجنة مماثلة فى أعقاب حرب أكتوبر، وأخرى فى أعقاب الغزو الإسرائيلى للبنان عام 1982 .
– حجب المعلومات تحت شعار السرية ، هو إسراف فى تعبير”أسرار حربية” وهو محاولة بائسة من السادات ونظامه لكى يحجب الحقائق عن الشعب المصرى، لكى ينقذ نفسه من مسئولية الأخطاء الجسيمة التى إرتكبها فى حق مصر وقواتها المسلحة .
– المقصود من تعبير ” أسرار حربية ” هو إذاعة معلومات عن القوات المسلحة الوطنية لم يكن العدو يعرفها . ونتيجة تلك المعرفة يمكنه أن يهدد أمن وسلامة الوطن .
– السادات لا يريد أن يسمح لشعب مصر أن يقرأ إلا ما يريد له السادات أن يقرأ . إنه لا يريد لأحد من أبناء مصر أن يكتب إلا إذا كان ما يكتبه معبراً عن وجهة نظر حاكم مصر.
– وقال أمين هويدى ، مدير مخابرات ووزير دفاع فى عهد عبد الناصر: { أن تغطية سلبيات قواتنا المسلحة يسمح للسوس أن ينخز عظامها}.
أشد وجهات النظر تشاؤما فى كلام الشاذلى أو غيره ، تعتبر الآن قمة التفاؤل . لأن جيشا كان من المفروض أن يحمى الوطن ، تحول إلى جيش متحالف مع العدو لتدميرالوطن وبيعه للأعداء. فأغلق كافة المنافذ أمام الشعب حتى يعيش ، ولو على الكفاف، فوق أرض مصر.
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )