العسكرى الأسْوَد ، لليوم الأسوأ
الشاعر “أمل دنقل” تكلم منذ نصف قرن عن أحداث أيلول الأسود . حين قتلت البندقية الأردنية المهاجر الفلسطينى والفدائى الفلسطينى . وكأن الأحداث بَعَثَت شِعْرَهُ حياً ليصف هذه المَرَّة “جيش العروبة البطل” الذى طَبَّعَ وطَبَّلَ للعدو ، وقتل الشعب بإسم ذبح الإرهاب ، وهدم المساجد بإسم التوسعة والتنمية ، وباع لليهود الغاز والنيل والأرض . فلما لم يتبق شئ ليبيعة ، واستفذ كل أوراق الخيانة ، إلتفت إلى فقراء الشعب مهددا بنزول الدبابات لتهدم بيوتهم التعيسة المنتشرة فوق أكثر من خمسة آلاف قرية من بواقي مصر التى بارت أراضيها عطشاً . وادعى أن بيوت الفقراء تعدت على أراضى الوطن الغالى، وسوف يُضَحِى عسكر الخيانة بالدم لتحريرها من الفلاحين . وربما رأى جنرال الفضيحة أن العدو أولى بتلك الأشبار من الطين المتبقى من أرض مصر، ليقيم عليها مستعمرات جديدة تستوطنها أجياله القادمة من يهود أبرياء بلا أرض، بينما فى مصر أرض طينية بائرة وبلا شعب .. نعم بلا شعب .. فكيف يتبقى شعب فى بلد حكمه العسكر سبعون عاما ؟؟. أنهم حُطامُ بَشَر .. وأشباح شعب عاش هنا .
يقول الشاعر “أمل دنقل” تعليقا على ما حدث فى الأردن عام 1970
قلت لكم مراراً
أن الطوابير التى تمر ..
فى إستعراض عيد الفطر والجلاء
(فتهتف النساء فى النوافذ إنبهارا )
لا تصنع إنتصارا .
إن المدافع التى تصطف على الحدود فى الصحارى
لا تطلق النار .. إلا حين تستدير للوراء .
إن الرصاصة التى ندفع فيها .. ثمن الكسرة والدواء
لا تقتل الأعداء ..
ولكنها تقتلنا .. إذا رفعنا صوتنا جهاراً ،
تقتلنا ، وتقتل الصغارَ !!
ـ 2 ـ
قلت لكم فى السنة البعيدة
عن خطر الجُنْدِي ..
عن قلبه الأعمى ، عن همته القعيدة .
يحرس من يمنحه راتبه الشهري ..
وزيه الرسمى ..
ليرهب الخصوم بالجعجعة الجوفاء
والقعقعة الشديدة .
لكنه حين يَحِنْ الموت ..
فداء الوطن المقهور والعقيدة ..
فر من الميدان
وحاصر السلطان
وإغتصب الكرسي
وأعلن “الثورة” فى المزياع والجريدة !
ـ 3 ـ
قلت لكم كثيراً
إن كان لابد من هذه الذرية اللعينة
فليسكنوا الخنادق الحصينة
(متخذين من مخافر الحدود .. دوراً )
لو دخل واحدا منهم هذه المدينة :
يدخلها .. حسيراً
يلقى سلاحه .. على أبوابها الأمينة ..
لأنه .. لا يستقيم مرح الطفل ..
وحكمة الأب الرزينة
مع المسدس المدلى من حزام الخصر ..
فى السوق
وفى مجالس الشورى
::::
قلت لكم ..
لكنكم ..
لم تسمعوا هذا العبث
ففاضت النار على المخيماتْ
وفاضت الجثث !
وفاضت الخوذات والمدرعاتْ .
(سبتمبر 1970 )
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )