الشدة السيساوية : موت و خراب ديار
الشدة السيساوية : موت و خراب ديار
خلال الشدة المستنصرية ، أكل الناس كل شئ ، حتى أكل بعضهم بعضا . وفى عصر البيادة تسير المحروسة إلى ما يشبه ذلك . خاصة بعد سد النهضة الذى سيقطع مياه النيل ، إلا ما يكفى لتربية الضفادع وأسراب الهاموش. مضافا إلى ذلك خراب الزراعة و زوال الصناعة ، وإنهيار الصحة العمومية، ورحيل التعليم، و إندثار الأخلاق العامة ، وغرق أم الدنيا فى ديون خارجية غير قابلة للسداد قبل يوم الحساب.
– سقطت الدولة وتفرعنت الأجهزة بما يتناسب مع إنهيار الشعب . ثم جاءت الكورونا بخلاصة الكوابيس ــ ليس فقط لأنها موت و خراب ديار ــ أى فيروسات وإعتقال منزلى ، و لكن خروج الجياع و المرضى إلى الشوارع أصبح نتيجة أكثر من منطقية لأوضاع البلد المخروب .
– النظام مطمئن إلى أنه قادر/تحت مظلة دولية/ على إرتكاب مجازر ضد شعبه “الإرهابى”. ويثق أكثر من اللازم بموت “شعب مصر العظيم” . ولديه تقدير مبالغ فيه لأجهزة حكم هى توليفة من الخواء والفساد المسلح حتى أذنيه.
– فماذا لو نجح الجياع المرضى فى دخول قصور الفرعون وقلاعه ، التى ظاهرها القوة وباطنها ترعى فيه ديدان جثث الموتى؟؟.
الطائرات الخاصة جاهزة فى مطارات المحروسة ، والحسابات السرية مشحونة وموزعة فى أرجاء الملاذات الآمنة حول العالم ، من أوروبا إلى نيويورك و بنما . ونستثنى دبى لأنها لم تعد آمنه ، ولا توفر ملاذا حتى لحكامها .
– ماذا لو تحولت إنتفاضة الجياع المرضى إلى ثورة ، بفرار الأجهزة الخشبية المسلحة مع وصول (أمواج الجوعى) إلى عقر القلاع و القصور؟. وهو ما لم يحدث فى هوجة يناير 2011.
– ماذا لو أن “سبارتاكوس” مصرى ، خرج من أحد الأزقة ، على رأس عبيد المحروسة ، الجوعى المرضى ، وأعلنها جمهورية لليائسين؟؟ ، الذين سيمضون إلى آخر الشوط مهما كانت النتائج ، لأنه من المستحيل أن يكون هناك أسوأ مما هو كائن بالفعل .
– طريق الخلاص ملغوم للغاية ، فلو نجح المسعى إنصلح الحال .. وإن فشل فلن يتألم جسد الشعب الميت .. فالإحتمال الوحيد هو أن يتألم أعداؤه الذين إنتفشت أجسادهم بدماء شعب (تحيا مصر) . ويمكن أن تنفرط المسبحة بالشكل التالى .. والترتيب قابل لإعادة النظر:
1ـ إلغاء الديون الخارجية. وتحرير جوعى ومرضى المحروسة من عبودية الدَيْنْ الخارجى. فلن يدفع عبيد “الأرض المصرية” الجوائز لمافيا البنوك الخارجية ، أو للفاسدين المحليين.
2ـ تأميم الأموال والممتلكات العائدة لدول الخليج والسعودية ، وضمها إلى ميزانية مصر(وليس حسابات “علي بابا” والأربعين مغارة .. وتحيا مصر!!). إنها ميزانية أول ثورة فيروسية فى تاريخ مصر، ولكنها لن تكون الثورة الوحيدة فى عالم ما بعد الكورونا ، فثورات الجياع اليائسين ستكون علامة مميزة لعصر قادم . بعضها قد يكون ثورات حقيقية، وأكثرها سيكون مجرد فوضى عقيمة .
3ـ تأميم الجيش ، بكامل هيئاته ، ما تبقى له من آثارعسكرية ، وما هو قائم من إمبراطوريتة للمال و الأعمال ، و منهوباته فى البنوك الداخلية و الخارجية ، وضمها فورا فى ميزانية الدولة . و معها ممتلكات الجنرالات و عائلاتهم .
4ـ فتح معسكرات لتدريب مليون شاب، جائع و مريض ، لتكوين جيش قتالى حقيقى يحمى المحروسة : ولا يمتلكها و يسرقها ويُذِلَها و يبيعها لمن يدفع أكثر.
وإنشاء معسكرات أخرى لتدريب مليون شاب ، جائع و مريض، لتولى مهام الأمن الداخلى الحقيقى: أمن يحمى كرامة وحقوق المواطنين.
5ـ الإفراج فورا عن جميع مساجين مصر. وفى مقدمتهم السياسيين و الصحفيين . و إستبدالهم بأبناء البيادة القديمة ، من أعوان ورموز وزبانية ومطبلين .
6ـ إلغاء جميع الإتفاقات مع إسرائيل ، و طرد جميع رعاياها من مصر وإعتقال موظفيها الرسميين ، أو شبه الرسميين فى الأراضى المصرية .
7ـ إغلاق جميع القواعد العسكرية الأجنبية ، وجميع مقرات الإستخبارات الأجنبية ، السرى منها والعلنى.
8ـ تطهير سيناء من أى وجود غير مصرى فى أى مجال كان . وتعويض سكانها عما أصابهم من خسائر على يد أبناء البيادة القديمة . و محاكمة المسئولين عن تلك الجرائم علنا ، و تنفيذ الأحكام بحقهم على الملأ وأمام سكان سيناء، حتى تطمئن نفوسهم.
9ـ تحقيق إتصال بَرِّي كامل بين سينا و بَرْ مصر ، بردم قناة السويس التى مثلت دوما ثغرة كبرى فى دفاع المصريين ضد الأخطار القادمة من المشرق . وفَصَلَتْ الجزء الأسيوى من مصر عن الجزء الأفريقى منها .
10ـ توجيه تهمة الخيانة العظمى ، لكل من شارك فى كارثة النيل أو تواطأ مع إسرائيل والحبشة فى بناء سد النكبة . ويشمل ذلك محاكمة كل رؤساء جمهورية مصر منذ أن بدأت دراسات بناء سد النكبة عام 1998 . و محاكمة وزراء الخارجية والمخابرات والدفاع.
11ـ إستعادة الأرض التى بُنِى عليها سد النكبة الحبشى، بإعتبارها ممتلكات إشترتها مصر فى عهد الخديوى إسماعيل/ طبقا لوثائق قانونية موجودة بالفعل/ و بالتالى تصبح إزالة سد النهضة ، ممارسة لأعمال السيادة المصرية.
12ـ إعادة دور الدولة فى الإقتصاد: فى التصنيع و الزراعة و البنوك و التجارة الخارجية والداخلية. و إعادة الدولة إلى ممارسة واجباتها فى إحترام المواطن ، وحمايته وتوفير الخدمات الأساسية له ، خاصة فى التعليم و العلاج و السكن الآدمى و العمل و الحقوق القانونية والطبيعية.
13ـ المساس بكرامة و أمن الإنسان المصرى جريمة عظمى ، و منعه من ممارسة حقوقه جريمة أمن دولة. فلا أمن و لا كرامة لدولة لا يتمتع مواطنوها بالأمن والكرامة .
14ـ تحرير الأزهر من أى تأثير حكومى ، إدارى أو مالى ، وإعادة الأوقاف إليه . ومشيخة الأزهر ينتخبها العلماء و الخريجون . و يحظر على الأزهر ومشايخه إستلام أى أموال من الخارج ، أو من الحكومة المصرية أو الشركات . ولا تزيد التبرعات الفردية إليه عن مقدار معقول تحدده الإدارة. حسابات الأزهر تنشر على موقعه الإلكترونى ـ وكذلك حسابات الهيئات الأهلية والإعلامية.
15 ــ حرية الوصول إلى المعلومات حق عام للمواطنين .
16ـ مصادرة محتويات “الصناديق السيادية” ، و محاسبة المشرفين عليها بأثر رجعى منذ إنشائها و إلى يوم نجاح (ثورة الجياع والمرضى).
17ـ تفعيل قانون (من أين لك هذا؟) ، على أصحاب الثروات المُتَورِّمَة و المشبوهة و غير المُبَرَّرَة . و إعادة النظر فى مشروعية الملكيات الحالية للأراضى فى جميع أنحاء مصر.
18ـ إلغاء الملكية الخاصة والأجنبية للإعلام . بتشكيل شركة إعلامية مساهمة ، يمتلكها الشعب ، مع حد أقصى من الأسهم لكل مُشارك ، بحيث يمتنع الإحتكار الفردى أو العائلى.
19ـ منع أى هيئة شعبية من إستلام تمويل خارجي ـ بدون موافقة الحكومة و مجلس الشعب ـ و إلا تعرضت للمساءلة الجنائية.
20 ـ يحظر على أجهزة الدولة تَلَقِّى أى معونات مالية خارجية . و أى معونة فنية أو تعاون أجنبى لابد من موافقة مجلس الشعب عليه .
21 ـ إلغاء جميع الإتفاقات غير المتكافئة أو المشبوهة ، مع الدول الخارجية ، خاصة مع الولايات المتحدة والدول الغربية والسعودية ودول الخليج. وإلغاء أى إتفاقية لترسيم / الحدود البرية أو البحرية / مع إسرائيل أو السعودية أو اليونان. وقطع علاقة مصر مع مشروع نيوم السعودى/ الإسرائيلى ، و استعادة الأراضى المصرية الممنوحة له. و استعادة وضع مصر القانونى على خليج العقبة و جزيرتى تيران وصنافير ومياه البحر الأبيض المتوسط و ثرواته من حقول الغاز والنفط .
22ـ تأميم مصادر الطاقة ، و المناجم، و المرافق العامة، و الصناعات الإستراتيجية.
23ـ إستعادة ثروات مصر المنهوبة: من أراضى ومنشآت عامة ، وغاز ونفط ومناجم. وأموال هُرِّبَت إلى الخارج. ومصادرة الثروات التى تكونت بوسائل غير مشروعة مثل خيانة الأمانة وسؤ إستغلال السلطات الوظيفية .
24ـ إنشاء علاقات إستراتيجية مع دول آسيا الكبرى فى مجال الإقتصاد ، و المال ، و التعاون التكنولوجى و التسليحى ، بما فيه الصناعات الدفاعية و الفضائية ، و تبادل البعثات العلمية و التعليمية.
…
“سبارتاكوس” روما هُزِمَ و هو يحاول الهروب من أيطاليا مع (شعب العبيد) ، ليعودوا إلى أوطانهم . لكن عبيد المحروسة ليس لديهم مكان آخر ليهربوا إليه ، لأنهم مستعبدون داخل أوطانهم . فليس أمامهم سوى الرحيل الإجبارى من سطح الأرض إلى باطنها .
و باطن الأرض أرحم بكثير من ظاهرها الماثل أمامنا الآن .
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )
22-4-2020