هذا الحاضر .. إلى أى مصير يأخذنا ؟؟
هذا الحاضر .. إلى أى مصير يأخذنا ؟؟
( حرب دينية ) ولكن بتسمية جديدة هى (حرب ثقافية) .
ترامب غير إسم “الأهداف الدينية” إلى “أهداف ثقافية” . وهدد بتدمير 52هدفا منها داخل إيران وحدها ، وقال أنها رهائن لديه ، ربما ليمهد الطريق أمام طلب فدية بمليارات الدولارات للإفراج عنهم .
ولأول مرة تظهر “الأهداف الثقافية” على سطح إستهدافات ضمن حرب شاملة، تدار بالقطعة. ولكن فى النهاية سيتم تحقيق كافة الإستهدافات على مدى زمنى أطول. فمجرد الحديث عنها يدل على وجود مخطط جاهز لتدميرها . والمدخل سيكون بتقسيمها إلى مقدسات شيعية وأخرى سنية، تسهيلا للتنفيذ وتأكيدا لتقسيم أمة إستبدلت أمر الله : (واعتصموا)(ولا تفرقوا) ، بأمر معبودها من بنى إسرائيل شمعون بيريز: (تفرقوا)( تنابذوا بالألقاب)( وليقتل بعضكم بعضا).
وبذلك يضمن الأمريكى “ترامب” أن قطاعاً من(أهل السنة العرب) سيكونون من المؤيدين والداعين له بالنصر(!!). وعندما يستدير الأمريكى لضرب المقدسات الإسلامية الجامعة(المساجد الثلاث فى مكة والمدينة والقدس) فمن السهل عليه إتهام إيران والشيعة بتنفيذ الجريمة ـ وسيجد من حلفائه العرب من يُقسِم على عصمة أقوال (الإمام ترامب) وعلى وحدانية ديانة “شمعون بيريز” القائل بأن الخطر الأوحد فى الشرق الأوسط هو إيران . لذلك كُتِبَ على (أهل السنة العرب) الإتحاد مع إسرائيل للحرب ضدها .
وإنجاز الأمريكى لهدفه ـــ سواء كان ترامب أو من يخلفه ــ فذلك يعتمد على تطورات الحملة الصليبية الكبرى على الإسلام والتى بدأها جورج بوش(الصغير) بغزو أفغانستان فى عام (2001) ثم العراق(2003) ثم حرب لبنان (2006) ثم موجة ثورات الربيع العربى الكاذب فى 2011 . ثم حرب ليبيا، فسوريا، فاليمن . والإستكمالات المتبقية من تلك الحملة أسوأ من مقدماتها ، مادامت منطقتنا العربية خالية من الشعوب ومليئة (بالأنظمة) .
أمة بلا مقدسات :
فى ظل آل سعود ، فإن أى عملية لإعادة أعمار المقدسات التى دمرها الأمريكى ، ستتحول فيها مكة والمدينة إلى منشآت ثقافية متطابقة مع رؤية الترفيه السعودية ، والتى تجمع بين التسلية وحفلات الطرب، وتجمعات شبابية مختلطة وصاخبة لأتباع للديانات الثلاث، ومعارض بالصوت والصورة عن تاريخ الديانات فى جزيرة العرب ، مع إبراز الدور “الرائد” للديانتين اليهودية والنصرانية ، وحقوق اليهود فى اليمن والجزيرة ، أو أى أرض سمع عنها أو مشى فوقها أى يهودى فى أى زمان .
أما المسجد الأقصى فبعد أن يدمره الأمريكى فإن اليهود لن يضيعوا وقتا فى بناء الهيكل مكانه ، شاكرين للأمريكى حسن صنيعة ، وشاكرين لأتباع ديانة شيمون بيريز ممن يسمون أنفسهم تبجحا “بالسنة العرب” حسن إلتزامهم بالأخُوَّة الصهيونية.
ومع تحول نفط الخليج والجزيرة إلى ملكية بيوت المال اليهودية، بشرائهم شركات إستخراجة وتكريره فى البورصات . سيصبح الخليج جنة إستثمارية ليهود العالم، تتواصل جغرافيا مع عاصمتهم الدينية فى القدس ، على إنقاض الإسلام الذى أصبح خاليا من المقدسات ، وقد إستبدله آل سلمان بديانة الترفيه (الحديثة) على إنقاض ديانة الإسلام (القديمة) .
الجزيرة بدون مقدسات فى مكة والمدينة ، لن تعود جزيرة للعرب بل جزيرة لليهود مع حلفائهم (الصليبيين الجدد) الذين سيشترون النفط مع شركات أرامكو وأدنوك وأمثالهما .
– هذه الجزيرة لن تصبح إسلامية ، ولن تستمر عربية . وعلى الأقلية العربية أن ترحل عنها . وبما أن أحداً لن يقبلهم لاجئين أو مستثمرين (إذ لن يعود لديهم ما يستثمرونه ـ فالغرب سوف يصادر أموالهم، كما يهدد ترامب الآن بمصادرة أموال العراقيين لديه ومقدارها 35مليار دولار، فى مقابل منشآت مطار أمريكى واحد فى عين الأسد!!. أما عائدات بيع نفط العراق فتذهب إلى بنك الإحتياطى الفيدرالى الأمريكى فى نيويورك وليس إلى أى بنك عراقى) .
فإلى أين يذهب عرب الجزيرة بعد أن تصبح عبرية يهودية ؟.. المنفذ الوحيد المتاح هو صحراء الربع الخالى . وتلك رؤية أمريكية قديمة لمصير عرب السعودية والخليج . فعليهم إستعادة مهاراتهم التاريخية فى تربية قطعان الماعز ، ليبدؤا من الصفر دورتهم الحضارية.
– من الواضح أن شعب اليمن قد فُتِحَت أمامه أبواب هجرة واسعة إلى العالم الآخر . فمن ضمن سكانه الثلاثين مليونا ، هناك 24 مليون مريض وجائع وضائع .. يزحف إليهم الموت رويدا رويدا على يد أبناء سلمان وأبناء زايد ومرتزقة (حمدوك) ثائر الخرطوم(!!) الذى جلبته إلى الحكم رياح السموم التى هبت على السودان .
عاصفة السموم .. من الحبشة إلى مصر :
(نظام عسكر حمدوك) فى الخرطوم هو تجديد لشباب نظام البشير ليكون أكثر ديناميكية فى التفاعل مع عاصفة سموم عاتية تتجمع نذرها فى سماء وادى النيل (الحبشة ـ السودان ـ مصر). الحبشة كظل سياسى لإسرائيل ستكون الكهف الملعون الذى تهب منه رياح الخراب على مصر والسودان ـ ولاحقا على صنعاء ومكة ـ فى تكرار أكثر من محتمل لمأساة تاريخية، التى لولا القرآن ما تذكرها أو تذكَّرَهم أحد .
– سد النكبة الأثيوبى سيحجز كل مياه النيل الأزرق عن مصر والسودان . وترفض الحبشة مبدأ تقاسم مياه ذلك النهر مع مصر التى تستمد منه 85% من إحتياجاتها المائية.
مفاوضات تضييع الوقت ، يخوضها نظام عسكر مصر مع نظام(نوبل للسلام) فى الحبشة ، حتى ينتهى تشييد الأمر الواقع ليفرض نفسه وقوانينه على مصر تحديدا .
أهم تلك القوانين : أن لا مياه مجانية . فللمياه أسعار دولية كما للنفط تسعيرة دولية . ولا شئ مجانيا كما بشرنا “سيسى” مصر .
إدفع تشرب .. إدفع تأكل .. إدفع تعيش . السلعة المجانية الوحيدة والمضمونة هو الموت، لذا فأكثر زبائنه هم الفقراء ، الذين هم ضحايا الجوع والمرض والحروب فى أوطانهم .. وهم ضحايا الحروب على أراضى الغير كمحاربين مرتزقة ضمن شركات بلاك ووتر (علمانية أو إسلامية ــ أمريكية أو خليجية ــ عربية أو إسرائيلية ــ لا فرق).
بدون مياه فلا زراعة فى مصر ، بل مجاعات متصلة ودائمة . وأمراض سارية وأوبئة فتاكة . ومجرى النيل”القديم” مجرد حفرة للقاذورات والسوائل المنتنة، ترعى فيها الأفاعى والفئران والبعوض . ومئة مليون مصرى عليهم الرحيل والبحث عن مأوى يعصمهم من الموت ويوفر لهم الحد الأدنى من الحياة الذليلة .
وهنا مربط الفرس ــ أو مربط السيسى ــ إذ أن الجارة أوروبا ستكون هى المتضرر الأكبر والمستهدف الأول لطوفان الهجرة المصرى .
فإذا كانت تصرخ من (سرسوب) صغير من الهجرة السورية ، من مجرد ثلاث ملايين مهاجر سورى فى تركيا يتفلتون إلى أوروبا ـ فكيف بالمئة مليون مصرى يصنعون جسراً من القوارب تحجب مياه المتوسط ؟؟؟!!! . قد يُغْرِق السيسى جزءا منهم بأسلحته الفرنسية: “المسترال” حاملة المروحيات، ومقاتلات “الرافال” التى يمكن أن تحقق فى معاركها ضد قوارب المصريين فى البحر الأبيض ، نصرا عسكريا وحيدا وسهلا ، تتباهى به فى سوق السلاح الدولية. ولكن جزءا لا يستهان فى القوارب سوف يتفلت ويتساقط على سواحل الفردوس الأوروبى الممنوع .
– فكيف تمنع أوروبا شر الهجرة المصرية ، وتقطعه من جذورة ؟ .
– وهل هناك من حل واحد يمنع الهجرتان المصرية والسورية فى قوارب الموت إلى أوروبا؟.
نعم .. بالطبع يوجد ، ولم لا ومنطقتنا العربية قد هجرتها شعوبها وإستوطنتها الأنظمة . فلماذا لا يهاجر المصريون العطشى والجوعى إلى ليبيا ؟؟ . ولماذا لا يهاجر السوريون المشردون الجوعى إلى ليبيا أيضا ؟؟ .
المصريون يفتح لهم السيسى طريقا بقواته المتحالفة مع الجنرال حفتر نحو شرق ليبيا. والسوريون تحملهم سفن الأسطول التركى إلى غرب ليبيا .
ومع تحول ليبيا إلى معسكر دولى لمهاجرى مصر والشام .. قد لا تكون مكانا مكتمل الأمن والإستقرار. ولكن حتى مع حالته هذه، فلن يسمح بنفاذ باقى الهجرات الإفريقية عبر شواطئ ليبيا . خاصة مع فرض حصار دولى بحرى وجوى على “الجيتو” العربى فى ليبيا .
وبهذا تتحول نذر الحرب فى ليبيا بين مصر وتركيا إلى فرصة للسلام الإيجابى الذى يحل مآسى المهاجرين المصريين والسوريين . والذين فشلوا فى إقامة وحدة فى منتصف القرن العشرين قد ينجحون فى إنشاء سجن صحراوى كبير أو ( معزل بشرى ــ جيتو) فى القرن الحادى والعشرين ، ولو على أنقاض شعب عربى ثالث هو الشعب الليبى ، الذى طمحوا فى التحالف معة فى القرن الماضى فى وحدة تشمل السودان أيضا . ولكن مصالح أوروبا هذه المرة قادرة على تحقيق ما فشلت فيه أمنيات شعوب العرب وعبث حكوماتهم الخائرة .
“المهجر الليبى” المفترض ، يحصر سكانه بين مقبرتين عظمتين : مياه المتوسط شمالا ورمال الصحراء الإفريقية العظمى جنوبا . وشرقاً المقبرة المصرية التى إستعمرها اليهود .
وغرباً بلاد المغرب العربى غير المضيافة لجراد الموت إذا إستوطن ليبيا قادما من مصر والشام.
إسرائيل تتبرع لنا بأراضينا !!
– إسرائيل ستتبرع ببعض رمال سيناء لتكون وطنا بديلا للفلسطنيين أو جزء منهم . فتتنفس غزة الصعداء بالتوسع غربا ، مع ميناء ومطار تديرهما إسرائيل مع منظومة للأمن تدفع تكاليفها مشيخات النفط .
شمال سيناء مستعمرة إسرائيلية، توهب للفلسطينيين لتوسيع زنزانة غزة . ولأهل النوبة تهب إسرائيل مستعمرة أخرى فى أقصى جنوب مصر تشمل عدة محافظات لتكوين دويلة (نوبية) أهم معالمها(السد العالى) طيب الله ثراه ، وربما تم منحها جزء من شمال السودان .
تلك الدويلة النوبية ستفصل مصر عن عمقها السودانى الذى كان جزءاً من وجودها. واليوم وقد ماتت مصر ، وتم طرد شعبها غربا إلى ليبيا بين “بحر الروم” والصحراء الأفريقية ، فما جدوى السودان لمصر ؟ وما نفع مصر للسودان ؟ .
وأى ماء (يتسرب) من سد النهضة ، سوف يحتجزه (سد النوبة العالى) لتتفاض بشأنه دويلة النوبة مع أى حاكم فرضه اليهود على مصر، سواء كان إسمه (سى سى) أو (سو سو). فالدولة ماتت ، والشعب هاجر وتبَقَّى فى مصر رئيس وجيش مرتزق وسجون مليئة بالهياكل العظمية مثل باقى قبور الفراعنه “العظام”. وبذلك المشهد البائس يسدل الستار على أطول حضارة بائدة شهدتها الأرض.
إلى أين ؟؟
أمة هجرت دينها .. بل تحاربه بإخلاص .
فبعد قرون عاش فيها العرب عالة على الإسلام .. تحولوا الآن إلى خطر عليه .
إلى أين يذهب أناس لاخلاق لهم ، دينهم ترفيه بن سلمان ونبيهم شيمون بيريز الإسرائيلى ؟؟.
من حاضر كهذا : أمة بلا دين .. وأنظمة حكم بلا شعوب .. فأى مستقبل ينتظرنا ؟؟.
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )