المفاوض الخائن .. ليس بدعة !!
ويبقى المفاوض الخائن حقيقة لإنحراف يتجدد مع الزمن ،
ولكنه ليس بدعة خاصة بزمان دون آخر .
المفاوض الخائن ليس بدعة ظهرت فى هذا الزمان فقط .
فمن المشهور للغاية أن المستعمر يحاول من أول وهلة أن يجعل المفاوض الذى يقابله يفاوض عن نفسه ومصالحه ، وليس نيابة عن مصالح شعبه .
على سبيل المثال :
– البريطانيون فاوضوا وفدا من ثوار أيرلندا منذ أكثر من قرن على مكاسب شخصية ، قبل بها الوفد . وكان مكونا من ستة متفاوضين يعتبرون من الشخصيات الكبيرة . ولكن شعبهم كان له رأي آخر ورفض الصفقة الغادرة . فانتهى الأمر بالوفد الخائن مابين قتيل بالسم أو بالرصاص أو بإختفاء القسرى حيث لايعلم به أحد . لقد أثبت الإيرلنديون صلاحية معادلة (الإنتقام فى مقابل الخيانة) وهى معادلة تاريخية قديمة جدا .
– البريطانيون أيضا فاوضوا “سعد زغلول” ــ زعيم الأمة المصرية فى ثورة 1919 ــ حول قضية إستقلال مصر . فاوضوه حول مكسب شخصى يليق به وهو أن يصبح ملكا لمصر بشرط أن يخضع لحكم بريطانيا ويرضى بفصل السودان عن مصر .. لكنه رفض وقال :
{ أكون موظفا فى حكومة مصرية مستقلة ولا أكون ملكا على وطن محتل } .
– كان ذلك شذوذا عن قاعدة ( المفاوض الخائن ) . لأن قائد ثورة 23 يوليو 1952 وافق على فصل مصر عن السودان ، وإستقلال شكلي عن بريطانيا، فى مقابل بقائه على رأس حكم عسكرى ثورى (!!). وسار بمصر نحو هاوية لم تعثر لها على قاع حتى الآن .
– “سادات ” مصر فاوض اليهود فى كامب ديفد على جلائهم “شكليا ” عن سيناء ، مع سلام أبدى معهم ، وتسليمهم مصر يفعلون بها ما يشاءون ، فى مقابل مليارات عديدة من أموال أباطرة نفط الخليج . وبقائه شبه ملك تافه على رأس مصر . لكن المصريون قتلوا السادات ، فأثبتوا ما أثبته الأيرلنديون قبلاً ، من أن معادلة ( الإنتقام فى مقابل الخيانة مازالت صالحة للتطبيق ) .
– ولا نذكر السيسى وتواطؤه مع اليهود ( مستكملا مسيرة مبارك والسادات ) ، فذلك فى حاجة إلى ملايين الصفحات لوصف كيف دمر هذا المخلوق مصر ، دماراً لا إصلاح بعده . فما زال المصريون عاجزون عن معالجة السيسى ونظامه ( الفاسد .. المرتشى .. الدموى ) ، ولم يعثروا بعد على معادلة تصلح للتعامل معه . وربما عجزوا هم أنفسهم عن البقاء فى مصر، فإسرائيل تطلب من السيسى جعل مصر أرضا بلا سكان ، ليعيدوا إستيطانها على أسس جديدة فى تاريخ يهودى جديد. لذا فإسرائيل والسيسى فى أمَسْ الحاجة إلى معركة مسلحة مفتوحة مع شعب مصر. معركة كاملة الوحشية بالغة الدمار ، على نمط معارك إسرائيل فى اليمن وأفغانستان .
إن سد النهضة قادر على إفناء المصريين عطشا .. والسلاح الإسرائيلى قادر على إغراقهم فى دمائهم . وعلى الشعب المقهور أن يختار طريقة موته .. بكل حرية !! .
لا يمكن حصر السوابق التاريخية والمعاصرة للمفاوض الخائن ، أى المفاوض الذى يرسله شعبه للتفاوض مع العدو دفاعا عن مصالح الشعب ، فيذهب المفاوض الهمام ( فردا كان أو مجموعة ) للتفاوض حول مكاسب شخصية على حساب دمار شعب ومستقبل أجيال.
وصلت الدناءة أن بعض المفاوضين قبلوا مقايضة وطنهم بمجرد شقة مفروشة فى عاصمة تافهة .. كبادرة ” لبناء الثقة ” .. و” إثبات حسن النية” !! .
الزمن يتغير وأسهم بورصات الخيانة فى هبوط وارتفاع . والخونة يعرضون أنفسهم لأعلى سعر . الشعوب تعرف وترصد وتحاسب . وسبحان مقلب الأحوال .
ويبقى المفاوض الخائن حقيقة لإنحراف يتجدد مع الزمن .
ولكنه ليس بدعة خاصة بزمان دون آخر .
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )