شعر ونثر على أطلال المنامة : لو أننا كنا أفغانا .. لما ضاعت فلسطين
شعر ونثر على أطلال المنامة .
مرة أخرى: لو أننا كنا أفغانا .. لما ضاعت فلسطين .
وكأن الشاعر أحمد مطر كان معنا ، ويكتب قصيدته عن ورشة نصبوها فى البحرين لتمكين إسرائيل من بلاد العرب عامة وجزيرة العرب والخليج خاصة . أما عن فلسطين فلا تسأل . هناك تعويضات تدفع لأهلها ولحكومات عربية فى مقابل نسيان كل شئ ،، الدين ..الوطن .. الكرامة .. كل شئ .
الأمريكى الصهيونى “كوشنير” خصص 50 مليار دولار رشاوى لبيع فلسطين بشكل كامل ونهائى . المبلغ سيدفعه ليس اليهود بل صهاينة الخليج . فكانوا كما يقول مطر فى قصيدته : ( بلغ الرخص بنا .. أن نمنح الأعداء تعويضا .. إذا أخذوا أوطاننا منا غنيمة ) .
أوشك زلزال أن يخسف أرض جزيرة العرب حين تمطى ضخامة وزير خارجية البحرين وقال { إن إسرائيل وجِدَتْ لتبقى، وأن لها الحق فى أن تعيش داخل حدود آمنة ، وأن المنامة وعواصم عربية أخرى تريد التطبيع معها }. ثم قالت الأنباء أن الوفود الإعلامية الإسرائيلية تجولت بكل حرية وملأت المنامة . فكيف كان ذلك ومملكة البحرين جزيرة صغيرة نصفها وزير خارجية والنصف الآخر قاعدة أمريكية . فأين تَجَوَّل اليهود ؟؟.
يقول مطر وكأنه يرثى شعوب العرب على مؤتمر “الندامة” فى البحرين :
أى قيمة
للشعوب المستقيمة
وسجاياها الكريمة
فى بلاد هلكت
من طول ما دارت على آبارها
مثل البهيمة
واستقلَّت
وأساطيل العدو فيها مقيمة ؟!
***
أى قيمة
للقوانين العظيمة
وهى قفاز حريرى
لذى الكف الأثيمة
وأداة للجريمة ؟!
لقد إنتفخ الحكام ، وتَوَرَّمَت الجيوش بأموال الخيانة . فأكبر الرتب العسكرية فى جيوش العرب هى رتبة ” مُشير” ، وليس أعلى منها سوى رتبة “مُشين” التى يحصل عليها المشير عند نجاحة فى عبور حقول الألغام والوصول سالما بدباباته إلى القصر ليصبح رئيسا للدولة وطويلا آخر من طوال العمر . يقول مطر عن جيوش وحكام العرب :
أى قيمة
لجيوش يستحى من وجهها
وجه الشتيمة ؟؟ .
غاية الشيمة فيها
أنها من غير شيمة .
هزمتنا فى المصانع
هزمتنا فى المزارع
هزمتنا فى الجوامع
ولدى زحف العدو إنهزمت..
قبل الهزيمة !!
أى قيمة
لرؤى التجديد
والأوطان فى قبضة “أولاد القديمة ” ؟!
***
أى قيمة
لأولى الأمر
طوال العمر
والأوطان ، لولا أنهم عاشوا ،
لَمَا صارت يتيمة ؟؟!
***
أى قيمة ؟؟!
باطل هذا التساؤل
وطويل دون طائل
لم تعد فى هذه الأمة
للقيمة قيمة !
بلغ الرخص بنا
أن نمنح الأعداء تعويضاً
إذا ما أخذوا أوطاننا منا .. غنيمة !
صحيح .. أى قيمة !! و ضخامة وزير خارجية البحرين يتحدث عن تطبيع بلاده مع إسرائيل ، وعن رغبة باقى حكومات العرب فى أن تستبدل التطبيع الخفى بالتطبيع المعلن . وما التطبيع سوى “طبع الكف الصهيونى على قفا رئيس عربى” .
يتعجب مطر من خشية شعوب العرب من حكامهم هؤلاء .. فيقول :
مِمَّ نَخْشى ؟
أَبْصَرُ الحُكَّامِ زُهْـدا
يَحْسَبُ البَـصْقَـةَ قِرْشا .
أَطْوَلُ الحُكَّامِ سَـيفا
يَـتَّـقي الخِيفَةَ خَـوْفا
ويرى اللاشئَ وحْـشا !
أَوسعُ الحُكّامِ عِلْما
لو مَشى فى طَلَبِ العلّـمِ إلى الصّينِ
لما أَفلحَ أن يُصبِـحَ جَحْـشا !
***
مِمَّ نَخْشى ؟
ليستِ الدولةُ والحاكِمُ إلاّ
بِئرَ بترولٍ وكَـرْشا
دولةٌ لو مَسَّـها الكبريتُ .. طارتْ .
حاكمٌ لو مَسَّـهُ الدَّبوسُ .. فَـشَّـا
هل رأَيتُـمْ مِثلَ هذا الغِـشِّ غِـشَّـا ؟ !
فالسعودية ــ بلد المقدسات!! ــ هى دولة محورية للرئيس الأمريكى، كونها تحقق أمن إسرائيل وتوفر له السيولة النقدية من أموال الجزية التى تدفعها لقاء حمايتها من شعبها . ترامب / وبعد عنترياته الفاشلة أمام إيران فوق مياه الخليج / يصفونه بأرنب جبان (أرنبو) يتراجع أمام من يضربه فوق رأسه . وصديقه بن سلمان يراه ترامب كنزا من الأموال والحماقة النفطية . وصورتهما معا فى مؤتمر العشرين فى اليابان تصلح لأن تكون غلافاً لقصة الأطفال الشهيرة (أرنبو والكنز).
سلمان وإبنه مناحيم حولا الحرمين الشريفين إلى مقر دائم للمخابرات الإسرائيلية وفرق المستعربين. لم يعد هناك المزيد من المقدسات فى جزيرة العرب حتى يحتلها اليهود فأهدى لهم أمير المرتزقة فى أبو ظبى مسجد والده ليصبح مزارا للأفواج الرسمية والسياحية والإستخبارية القادمة من إسرائيل للعمل فى مستعمراتهم الجديدة فى (الخليج العربى!!). فما هو عربى أصبح إسرائيليا بالضرورة . وما هو مقدس لدى المسلمين أصبح مشاعا لليهود.
ويسال الشاعر مطر عن سبب خوفنا من الحكومات الذى لم يعد له معنى أو مبرر .. فيقول :
مِمَّ نَخْشى ؟
أَبْصَرُ الحُكَّامِ زُهْـدا
يَحْسَبُ البَـصْقَـةَ قِرْشا .
أَطْوَلُ الحُكَّامِ سَـيفا
يَـتَّـقي الخِيفَةَ خَـوْفا
ويرى اللاشئَ وحْـشا !
أَوسعُ الحُكّامِ عِلْما
لو مَشى فى طَلَبِ العلّـمِ إلى الصّينِ
لما أَفلحَ أن يُصبِـحَ جَحْـشا !
***
مِمَّ نَخْشى ؟
ليستِ الدولةُ والحاكِمُ إلاّ
بِئرَ بترولٍ وكَـرْشا
دولةٌ لو مَسَّـها الكبريتُ .. طارتْ .
حاكمٌ لو مَسَّـهُ الدَّبوسُ .. فَـشَّـا
هل رأَيتُـمْ مِثلَ هذا الغِـشِّ غِـشَّـا ؟ !
***
مِمَّ نَخشى ؟
نملةٌ لو عَـطَـسَتْ تَـكسَـحُ جَـيـشا
وهَـباءٌ لو تمطَّى كسلا يَـقْـلِبُ عَـرْشا !
فلماذا تَـبْطِشُ الدُّمية بالإنسانِ بَطْـشا ؟ !
إنهضوا ..
آنَ لهذا الحاكم المنفوشِ مِـثْـلَ الدِّيكِ
أن يَـشْبَـعَ نَـفْـشا .
إنهشوا الحاكِمَ نَـهْـشـا
واصنعوا من صَوْلجانِ الحُكْمِ رفْـشَـا
واحفِروا القَـبْـرَ عميقـاً
واجعَـلوا الكُرْسىَّ نَـعْـشا !
مم نخشى ؟؟ .. سؤال له وجاهته فى مثل هذه الظروف التى تحياها الأمتين العربية والإسلامية ، فنحن مهددون بالزوال . لا ندافع عن ديننا .. لا بأس .. فقد أصبح ذلك لنا عادة .. ولكن لا ندافع عن وجودنا أيضا !! . لن يبقى عربى واحد ولا مسلم واحد فيما بين المحيط والخليج ، سوى نماذج منتقاة بطريقة علمية ليتفرج عليها سياح أوروبا فى زياراتهم للقسم الأوسطى من إمبراطورية اليهود العالمية .
وتلك صرخة شاعر آخر يطلقها مظفر النواب ، فى ظروف مضت ولكن مشابهة لما يجرى الآن من حشود لأساطيل عسكرية أمريكية فى مياه وشواطئ الخليج (العربى!).. فيقول :
ياحفاة العرب .. ياحفاة العجم ..
إدفعوا الهادر البشرى المسلح
صُكّوا على عنق السفن الأجنبية
إلووا مدافعها فى إدعاءاتها الزائفة
إحشدوا النفط
فالنفط يعرف كيف يقاتل حين تطول الحروب
وقد يتقن الضربة الخاطفة .
ياجنود العرب ..
ياجنود العجم ..
أيها الجند
ليس هنا ساحة الحرب
بل ساحة الإلتحام لدك الطغاة
وتصفية لدك بقايا عروش
توسخ فى نفسها خائفة .
ايها الجند
بوصلة لا تشير إلى القدس مشبوهة
حطموها على قحف أصحابها .
إعتمدوا القلب
فالقلب يعرف مهما الرياح الدنيئة سيئة جارفة .
هل أرى .. كل هذا السلاح
لقد داس من داس ، متجها نحو يافا بنيرانه الجارفة .
جاء يوم الجماهير ، ما أخطأت ، إنها لمقاديرها زاحفة .
ليس وعدا على ذمة الدهر
غير الجماهير .. والعبقريات .. والعاصفة.
مرحبا أيها العاصفة .
لو أننا كنا أفغانا .. لما ضاعت فلسطين !!. فى مقابل كل أفغانى هناك تسعة أو عشرة من العرب . وفلسطين بكل جلالها وقدسيتها تعادل مساحتها ولاية واحدة أو ولايتين من ولايات أفغانستان التسع والعشرين . ومع ذلك عجزت ثلاث إمبراطوريات عظمى عن إحتلال أفغانستان أو الإستقرار فيها .. لماذا؟؟ . هل لأنهم ليسوا عربا ؟؟.أم لأنهم مسلمون حقيقيون بينما نحن بعيدون جدا عن ذلك ؟؟ .
حتى أكبر إمبراطوريات التاريخ وأطغاها تستعد الآن للرحيل الفضائحى من أفغانستان .
وهذا هو رئيسهم المخبول ترامب يلملم فضيحتة ويصرخ بالصوت الخافت بأنه أمر بإنسحاب نصف قواته من أفغانستان ليصبح عددها تسعة آلاف جندى فقط ، وكانت مئة وخمسون ألفا فى بداية الغزو. وأضاف ترامب نادما : ما كان لنا أن نبقى تسعة عشر عاما فى أفغانستان !!.
وقد فشل حتى الآن فى الوصول إلى أى “إتفاق شامل” مع مفاوضى طالبان فى الدوحة . والمفاوضات المجدبة ما زالت تدور غير بعيد عن قواعد القاذفات الأمريكية “B 52” .
بوصلة المسلمين جميعا تتجه صوب القدس . فقط حكام العرب وكلابهم ، لهم ألف بوصلة خربة ، لا تشير أيا منها لغير الفتنة . إكسروا تلك البوصلات على قحف أصحابها ، واتبعوا القلب ، فهو المرشد فى أوقات التيه (إستفت قلبك وإن أفتوك).
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )