بين العجز والطمع تتمزق أمريكا فى أفغانستان
(2)
طالبان للنفطيين العرب : لكم طريقكم .. ولنا طريق .
إلتجأ الأمريكيون إلى شيوخ النفط وأمراء المرتزقة من عرب” الخليج العبرى”، عسى أن يشكلوا لوبى ضغط على المفاوضين من طالبان . مستغلين تاريخ الإسناد الخليجى القديم للمجاهدين الأفغان ضد السوفييت ، ومستغلين هيبة الحرمين الشريفيين ، وأخيرا فاعلية السلاح الذى نادرا ما يخطئ ، وهو حقيبة السمسونايت الشهيرة المشحونة بالدولارات النفطية.
لقد جرت مياه كثيرة من تحت الجسور . وسالت أنهار من الدماء فى أفغانستان ، وتطورت حركة طالبان لمجابهة تحديات لم يشهد مثلها أحد . ولكن النفطيون العرب لا يتغيرون أبدا . إختبروا مع وفد طالبان كل التكتيكات القديمة للرشوة بالسمسونايت ، أو الرشوات الدينية بإستغلال الحرمين الشريفين فى خدمة تمرير السياسة الأمريكية ، على أنها طقوس من فرائض إسلامية .
حتى أن الوسطاء النفطيون توجهوا إلى وفد طالبان بمزيج من الخبث والبلاهة متسائلين :
– لماذا تتكلمون مع الأمريكان بهذه الخشونة ؟؟ السياسة والدبلوماسية ليست هكذا ؟؟ نحن نتكلم معهم بكل أدب ولطف .
– ثم لماذا ترفضون وجود قواعد أمريكية فى بلادكم ؟؟ .. نحن نتمنى بقاءهم عندنا .
فكان رد الوفد الطالبانى : ( لكم طريقكم .. ولنا طريق ) .
أما عن خشونة كلام مفاوضى طالبان مع الوفد الأمريكى ، فقد كانت مجرد غيرة على الحقيقة. فكلما تكلم الأمريكى بوقائع كاذبة ، تصدى له من بين الوفد الأفغانى من يقول له بوضوح وصراحة أفغانية : (أنت كاذب .. بل الحقيقة هى كذا ..).
المتآمر الخليجى كان يرى فى ذلك (قلة دبلوماسية) . ربما أن الجانب الأفغانى المفاوض لم يدرك حقيقة أن السياسى الأمريكى إذا تجنب الأكاذيب فلن يجد ما يقوله، وسوف يبقى صامتا طيلة الوقت ، فكيف يجرى التفاوض عندها ؟ . فالتفاوض يحتاج إلى طرفين أحدهما أمريكى يكذب دوما ، والآخر أفغانى يقول له : (أنت كاذب ).. وهكذا يستمر التفاوض .
تبقى للمتآمر النفطى أن يستخدم سلاح التوريط . وهو يدرك كرم الأفغانى وإحترامه للضيف . وفى أحد الجلسات فوجى الوفد المفاوض الأفغانى بدخول وفد من حكومة كابول إلى جلسة التفاوض ، لينضم إلى الجالسين ، ويفتح أوراقه هو الآخر .
بالإجماع صاح وفد طالبان فى وجه الوفد الحكومى مطالبين أفراده بمغادرة المكان على الفور. فغادروا مهيضى الجناج مكسورى الخاطر .
المضيف الخليجى حاول التدخل دفاعا عن (ضيوفه) الحكوميين .
ولكن الكرم الأفغانى لم يقبل بالكرم المنافق لمتآمرى النفط . وشدد للمرة المليون على أنه لا تفاوض مع العملاء فى كابول إلا بعد رحيل الإحتلال . وما تبقى من مسائل بعد التحرير هى شأن أفغانى بحت،لا مكان فيه للأمريكان ـ وبالطبع لا مكان فيه لكلاب الأمريكان أو أبقارهم ـ
– ثم كانت جلسة تفاوض فى إسلام آباد وقت زيارة بن سلمان لتلك العاصمة. وكان من المتوقع أن يحضر ولى العهد تلك الجلسة ليمارس رسالته المقدسة فى خدمة الأمريكيين. فاعتذر الوفد الطالبانى عن الجلسة ، مبررا إعتذاره بأن له قادة مازالوا رهن الإعتقال .
– بعضهم العبريون العرب يرسل جيوش المرتزقة لقتل الأفغان . وجميعهم يساهم فى تمويل حلف شمال الأطلنطى ، الذى لا يستهدف سوى المسلمين ، والناتو ركن أساسى متحالف مع الأمريكيين فى الحرب ضد أفغانستان . فإذا كان مثل هؤلاء النفطيون العرب وسطاء .. فمن هم الأعداء ؟؟ .
وأى وسيط هذا الذى يحرض على قتل أحد أطراف التفاوض؟؟. إذ يحرض بن زايد على قتل قادة طالبان حتى يلين موقفهم التفاوضى ، كما فعل هو نفسه فى اليمن بقتل “المشايخ” وقادة حزب الإصلاح .
تشجع الأمريكى ، ولجأ إلى لهجة الوعيد والتهديد ، فأظهر ” العين الحمراء” للمفاوض الأفغانى المتمسك بموقفه ، بشجاعة وبلا خضوع لعدو غاشم أو صديق خائن .
قال المفاوض الأمريكى ما معناه : إننا إذا إنسحبنا بلا إتفاق سنترك شعبكم فريسة لجيوش (المرتزقة). وهم قساة لا يلتزمون بقانون ، ولا يخضعون لمحاكمة، وهم غير محسوبين على الجيش الأمريكى أو الدولة الأمريكية .
فى نفس الوقت كان الرد الأفغانى يشرح نفسه عبر عمليات المجاهدين ، بطول أفغانستان وعرضها . وجاء تتويج الرد فى قاعدة(شورآب) بولاية هلمند .
عن التهديد الأمريكى بتفويض الحرب فى أفغانستان رسميا إلى جيش المرتزقة، جيش ( بن زايد / برنس/ إسرائيل ) . وعن الرد الأفغانى فى طول أفغانستان وعرضها وفى قلب قاعدة شورآب المنيعة . سيكون لنا أحاديث عديدة قادمة ــ بإذن الله ــ
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي ( ادب المطاريد )