نظرة حول الداخل السوري
(الجزء الثالث)
ان القراءة لما ما يجري في الداخل السوري تقفز بالمتابع الى جملة من الملاحظات والتساؤلات والسيناريوهات المحتملة نقوم في هذه المقالة بابرازها للمهتمين بهذا الشان في نقاط قصيرة لكنها تستدعي قراءة لما بين السطور…
بداية يمكن القول أن الجماعات الجهادية بشتى أطيافها قد فشلت في بلورة مشروعها الذي تنادي به واخراجه من حيز التنظير – زعما بصحته!!- الى حيز جعله مفتاحا لحل مشكلات المسلمين..
هذا الفشل يعكس عقم المنظومة الفكرية التي شكلت الارضية التي سادت المسار الجهادي وقصورها في الاستجابة لتعقيدات الصراع والتدافع الدائر على المستوى الداخلي والخارجي ووقائع الحياة عموما..
وعليه تبقى الحاجة ملحة في اعادة النظر في طرح جديد يختلف عن سابقه ابتداء من تجربة الجهاد الافغاني الى الأن مسألة جوهرية ومعالجة ثقافة الاجترار والتوريث التي هيمنت على المشهد، وأتاحت لنخبة من الأسماء و (الرموز) البقاء في مراكز التوجيه للأجيال الباحثة عن حلول لما تعيشه من أزمات نتيجة تفكك العالم الاسلامي وبروز الدولة الحديثة ودولة الاستقلال وما نجم عن ذلك من مخلفات…
ان خارطة الجماعات الجهادية المتواجدة في سوريا والفوارق التي بينها من ناحية جهات الدعم والتوجهات والأولويات والعصبيات يطرح تساؤلا عن مستقبلها وخطواتها في ظل أبعاد الحل السياسي الدائر حيث تترجح فكرة الخروج من سوريا والبحث عن أماكن أخرى…حيث يعتبر أسوئها هو امكانية التوظيف(الحروب غير التقليدية) لخدمة مخططات القوى الدولية التي لا تغفل أهمية المكونات الجهادية في زعزعة المنطقة واعادة تشكيلها وفقا لمصالحها كما جرى ويجري( حصان طروادة !! )…يساعدها في ذلك الخبرة الطويلة التي اكتسبتها في التعامل مع الجماعات من خلال وكلائها المحليين عن طريق الدعم المالي والحقن الفكري والايديولوجي والاختراقات…
اننا ندعو الى نموذج اسلامي متكامل يكون الجهاد بكل صوره قطب رحاه، يستتثمر ويعتصر كل التجارب الانسانية السابقة ويعمل على تأسيس علاقات ود وتحالف مع مختلف الشعوب التي تشاركه نفس تاريخ الظلم والاستعمار والنهب بغض النظر عن انتماءاتها الدينية والمذهبية (حلف الفضول)، ويلم بأبعاد الواقع المعاصر والتحالفات القائمة وأساساتها، كما تجب المراجعة لما بأيدينا من من أدبيات وأراء وكتب في محاولة لعملية نقد بناء نعتمد خلالها ما هو صحيح ونستبعد ما هو عكس ذلك. ونجعل من خصوصيتنا التاريخية والدينية ابتداء من عصر النبوة مجالا للاستفادة لا للاستنساخ حتى لا نخرج عن اطار مشاكل الواقع ونعيش ضمن مشاكل تاريخية سابقة..
اعتقد أن مفهوم اعادة الخلافة وفق التصور التاريخي الذي ساد العصور الوسطى غير وارد وممكن في ظل العالم الجديد، بل يجب ان يبقى للشعوب حق الخروج بنموذج خاص بها ويراعي خصوصياتها ويستجيب لمشاكلها وهمومها…بعيدا عن الأفكار المستوردة والتي يراد حقنها، والتشبت بالقيم القرانية المطلقة وجعلها الأفق الذي يضبط تعقيدات التفاصيل والمتغيرات الحياتية….حيث تتيح هذه القيم : العدل المسؤولية الامانة الشورى …مجالا للتكامل بين طوائف المسلمين وسدا أمام كل الاختلافات التي تنجم عن التكوين المعرفي والبيئات والأمزجة النفسية والعادات والخصوصيات التاريخية لكل الشعوب، ومنع المتربصين من احداث النعرات على اساس تلك الاختلافات الطبيعية..
بقلم: أنور أديب
المصدر :
مافا السياسي ( ادب المطاريد )