النظرية السياسية لتحرير فلسطين (1)
توصيف المشهد وقراءة في الوضع القائم لإعلان صفقة القرن
المبحث الثاني: وهو عبارة عن سلسلة مقالات وهذا رقم (1)
النظرية السياسية لتحرير فلسطين وتفتيت الكيان الصهيوني الكولونيالي
المقدمة:
جاءت هذه النظرية لأنها تتوقع مزيداً من الترهل في القضية الفلسطينية ومزيداً من التمزق، كما جاءت لترد على الحلول التصفوية التي تستهدف القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني؛ دون استكمال كل حقوقه، والمتمثل في أكبر حق لدى الشعب الفلسطيني تفكك الكيان الصهيوني الكولونيالي السرطاني، ودحره من أرضنا وتفكيك مشروعه القائم في الأمة وإعادة الاعتبار للحمة الأمة العربية والإسلامية كوحدة واحدة في صد أي عدوان غاشم على أي منطقة من مناطق الوطن العربي الإسلامي، فانطلاقاً من الدعوة إلى الله، لتمكين الإسلام في حل القضية الفلسطينية والذي لا نرضى سواه في حل قضيتنا، فكان الإسلام ذي بدء حاضرا في تحريك المواجهة بين الشعب الفلسطيني والانتداب البريطاني، وما أن أدرك العدو خطورة الإسلام في المواجه حرك الفرق القومية لتحرير فلسطين، وما إن اشتدت المواجه اجمعوا ليؤسس منظمة التحرير على أساس قومي عربي، وما إن اشتد الصراع تخلى العرب عن الدعم لمنظمة التحرير حتى أصبحت القضية خالصة فلسطينية فتدحرجت القضية من إسلامية فعربية ففلسطينية، فلذا أدركنا أن الإسلام هو الذي يرعب العدو في تطلعاته الصهيونية الإحتلالية، والإسلام له مكانه كبرى في إدارة الصراع، فلذا سنعمل على إعادة الإسلام كمنهج لتحرير فلسطين والقدس، فعليه كانت طريقتنا بين “الدعوة والبيان والبلاغ، وتجميع الأمة وتحشيدها، وصولاً لنظرية البناء والإعداد والتدريب”(1)، وهذه المرحلة التكوينية مرحلة الدعوة بفقهها الدعوي، القائم على جلاء العقيدة، ونقاء الإيمان، وقوة الحق(2)، وفكرها السياسي، القائم على بناء الفرد، وبناء الجماعة سياسياً من خلال التركيز على هدم مشروع الكيان الصهيوني، وصولاً للأمة المسلمة التي تدرك دورها في الجهاد في سبيل الله والتحرير، ففقه الدعوة قائم على “قاعدة الإيمان والتوحيد، والبرامج التربوية الإيمانية القائمة على المنهاج الرباني (القرآن والسنة)، وفهم الواقع من خلال منهاج الله”(3) لتكون قاعدة لبناء الجيل الرباني، للانطلاقة نحو الجهاد والتحرير والمضي إلى إعلاء كلمة الله لتكون هي العليا(4).
هذا الجيل (الطليعة) يستطيع أن يفتح الميادين، وخاصة ميدان العلم والتربية والبناء، وميدان الإعلام والتحريض، وميدان الفقه السياسي الشرعي؛ المتمثل بنظرية الأمة المسلمة الواحدة، المعتنقة لمنهج أهل السنة والجماعة، والتي تتبني الصراع المنهجي ضد المشروع الصهيوني من خلال الوعي والإعلام، وتزخير شباب باقي الأمة لرفض المشروع الصهيوني، وميدان الجهاد والمقاومة من خلال امتلاكه أدوات الصراع واحترافه السياسي والقتالي.
ولهذا كان منهج أهل السنة؛ منهجاً شعبياً جماهيراً واقعياً، كان له أكبر الأثر في تاريخ الأمة السياسي من خلال وقوفه مع الدولة والخلافة، ووحدة الأمة، وإقامة الجهاد(5)، هنا نستنبط أن منهج أهل السنة والجماعة والمتمثل بالمنهج الإسلامي التقليدي والفطري هو القادر على تحقيق نظرية الأمة المسلمة، والتذكير بأن الجهاد مثله مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج، وهي أركان الإسلام لا تحتاج إذن من أحد، فالكل من المسلمين يصوم ويزكي ويصلي ويحج دون موافقة ولي الأمر، لأنها أركان الإسلام يجب على كل المسلمين أن يفعلوها، فالإسلام هو القادر على عقد المؤتمرات العالمية من ملايين المسلمين، وذلك في موقف واحد موحد، كما هو في الحج والوقوف على عرفات، والإسلام هو القادر لرص الصفوف في صلاة واحده تعجز عنه جيوش منتظمة، والإسلام هو القادر ليجعل الأمة تصوم في أيام معدودات في وقت واحد.
فالشهادتين والصلاة والصيام والزكاة والحج أركان الإسلام مثلهم مثل الجهاد، فحري علينا كأمة تعرف غايتها، والمتمثلة في رضا الله والجنة، وأن جهودها لابد من استثمارها في مقارعة وجهاد الكيان الصهيوني، وأن طاقتها تستوعب المسلمين في أمة مسلمة واحده، تستطيع أن تزلزل الكيان الصهيوني بتضافر جهودها وتعانق طاقتها، كما أن جهادها سيهديها إلى طريق النور والرشاد، واستلهام الهدى المبين، وقد خص الله تعالى فيهم قوله ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ (6) ، وهو أيضاً الذي حافظ على الإسلام (الدين)، والإسلام (الأمة)، والإسلام (الدولة)، والإسلام (الحضارة)، أمام كل التحديات التاريخية الخطيرة، التي واجهها العالم الإسلامي مدة ثلاثة عشر قرناً(7).
ومن الأسباب التي جعلت منهج أهل السنة والجماعة منهجاً شعبياً جماهيرياً عاماً(8)؛ يحقق فكرة ونظرية الأمة المسلمة الواحدة سوى ما سبق ذكره هو:
1- أنه كما لا يحتاج الدخول في الإسلام إلا إلى الإقرار بالشهادتين، فكذلك اسم أهل السنة والجماعة لا يحتاج الدخول فيه إلا إلى الإقرار الإجمالي بالكتاب والسنة، فكل مسلم على الإسلام العام؛ والإيمان الإجمالي، هو من أهل السنة والجماعة(9).
2- أنه يتوافق مع ظاهر القرآن والسنة، ولهذا يلجأ المخالفون إلى التأويل وبناء عقائدهم على الأدلة العقلية التي لا يحسنها العامة، بينما عقيدة أهل السنة والجماعة تقوم على الأدلة النقلية من نصوص الكتاب والسنة، فكل من قرأ القرآن وآمن بما فيه إجمالاً فهو من الأمة المسلمة ومذهب السنة والجماعة(10).
3- الواقعية والوسطية، وكونه الأقرب إلى الطبيعة الإنسانية في عامة أصوله العقائدية والسياسية، ولهذا كلما كانت الفرق الأخرى أقرب إلى أهل السنة والجماعة، كانت أكثر شعبية وقبولاً في الأمة من غيرها(11)،
4- كما أنه ليس حكراً على جماعة أو حزب أو تنظيم بعينه، بل هو الأصل وهو الإسلام، وبه ينطلق المسلم نحو الأمة حباً ووفاءاً وصدقاً وجهاداً لها.
وعليه يجب أن يمتد المشروع بالتواصل مع علماء الأمة ومفكريها وشيوخها وشبابها وعامة المسلمين، والتكاتف معهم ضد المشروع الصهيوني، وإسقاط دولته المزعومة، ويمتد المشروع بنظرياته، وهي التالية:
أولاً: نظرية الأمة الإسلامية في دحر المشروع الصهيوني:
وهي عموم المسلمين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r صلى الله عليه وسلم قال: ” لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ . إِلاَّ الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ “(12).
فالحديث يتحدث عن عموم المسلمين وهم أصل الأمة المسلمة الواحدة، “نعم يقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله ولا يقول: يا فلسطيني ياغزي ياسوري يا مصري… لا إنه ينادي المسلم الذي تجرد من كل عصبية جاهلية، وأخلص لله، وهواه لله ورسوله، وعزم على الجهاد حتى تكون كلمة الله هي العليا”(13، 14)، وهؤلاء هم المسلمون الذين يجسدون النظرية، والتي تحتوي على ثلاثة أركان أساسية هي:
الركن الأول: قبول المسلمين بكافة شرائحهم تحت مفهوم أنا مسلم مؤمن بالكتاب والسنة كما تقدم في الشرح، وخاصة في حالة الجهاد البين الواضح، كما في الحديث ومعناه أن: (المسلم يقاتل يهودي، والمسلم يقتل يهودي).
الركن الثاني: قائم على الولاء والبراءة من خلال منطق الإيمان والتوحيد بفهم صحابة رسول الله ، والذي يمثل اجتماع المسلمين في وحدة واحده، تقود لتحقيق نظرية الأمة المسلمة.
الركن الثالث: تحقيق رابطة الإيمان والإسلام، فالرابطة الإيمانية تختص بالطائفة المنصورة، ورابطة الإسلام تختص بعموم المسلمين والتي تحقق الأمة الإسلامية.
الأمة المسلمة الواحدة (المجاهدة)؛ هي أمة القبلة، وأمة دين الفطرة من عموم آل المسلمين، وهي أمة دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في وحده واحده، تتكاتف وتتعاون في دحر يهود ومن والاهم، والعمل على أن تكون كلمة الله هي العليا في الأرض، متمسكة ومعتصمة بمنهجها الأوحد كتاب الله وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، متعاهدة مع ربها أن تكون هي الحصن الحصين لأي غزو أجنبي، مستمسكة بقول الله سبحانه وتعالى في سورة الحجرات: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ. صدق الله العظيم [الحجرات:13] . فأساس الأمة الإسلام وأساس القيادة التقوى مصطحبة الطاقة والقدرة، ولن تكون الأمة حتى نترك العمل الحزبي قي الأرض والعمل من أجل عموم المسلمين لنكون منهم ويكونوا منا.
الأمة المسلمة المجاهدة لن تنتصر إلا أن التزمت قول الله سبحانه وتعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ، ولن نكون صفا مقاتلا إلا إذا انتزعنا خاصية الحزبية المقيتة من صدورنا وقلوبنا والتزمنا دين الفطرة الذي جبلت عليه عموم المسلمين في جميع أقطار المعمورة، والاستمساك بقول الله تعالى هنا وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا، فالأصل هنا كما جاء في الآية العداء والعداوة بين الناس ولكن نعمة الأخوة من ثمار الإسلام، وأي اختلاف وتفرق يوضح حقيقة فقداننا للإسلام منبع الفطرة السوية لعموم الشعوب، فلا الوهابية ولا السلفية ولا الاخوانية ولا أي حزب ستعلو مرتبته إلا أن يتوجه للأمة بدينها وليس بدينه الحزبي النفعي المصلحي، لأن الأصل في الدين التعاون على المصلحة الكلية للأمة والإسلام تحقيقا لقوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ فالأصل التعاون وليس التنافر والتشرذم والتبعثر.
عدو الأمة المسلمة الواحدة اليهود وأعوانهم هو عدو لكل فرد مسلم، فعدونا خطط وأتقن الخطة في تمزيق أمتنا وشعوبنا وقبائلنا المسلمة، فتجرأ علينا في خطة مهينة ومذلة لشعوبنا وامتهان لديننا الإسلامي بدء من التقسيم الجيوسياسي، واصطناع حرب الأفكار وعلى رأسها (الإسلامية والشيوعية)، وحرب الأحزاب والمناهج (الإسلامية – الإسلامية) في حروب ضروس منها حرب فقه العقائد، وحرب الموت من أجل شعار الحزب، واستغلال المشاريع الإقليمية وتقسيم الأمة من أجلها لحلفاء متناحرين ومتخاصمين، كل ذلك بخطى ثابتة وخطة مدروسة، فهل من علم ووعي وعمل؟ وهو ماض في إشغالنا وحرفنا عنه كعدو رئيس، فتأمل أيه المسلم إن العالم العربي والإسلامي بدا في صباحه يخلو من يهود ومستعربيهم ومتصهينيهم، كم من نزعات واختلافات وتناحرات ستختفي.
فالأمة المسلمة الواحدة هي الركيزة الأساسية مع طلائع المجاهدين والشعب الفلسطيني في تفتيت المشروع الصهيوني الكولونيالي الاستيطاني السرطاني، لأننا أدركنا أنه هو قائد المشاريع التي تستهدف الأمة المسلمة، وهو المستفيد الأوحد على تفتيتها، والمضي قدما نحو الهيمنة في الأمة من خلال التجزئة والتشظية لها حتى يضمن بقائه وتمدد مشروعه في المنطقة على حساب غفلة قوى الشعوب، وانتهاز حالة الاستبداد والظلم في كافة الأنظمة الرسمية على شعوبها، والتسلط عليها وفرض حالة من الديكتاتورية في أوساط الأنظمة العربية التي يرضى عنها المشروع الصهيوني الأمريكي، وعليه يضمن حالة البقاء والأمن لكيانه، ويسعى في حل القضية الفلسطينية بالتسويف والمماطلة كحالة منفردة عن الأمة، ليضمن أن الحل لا يهدد أمنه واستقراره، وكحل يضمن له تمدده السرطاني في الأنظمة الرسمية، كما أن الكيان الصهيوني يعلم أن جميع الجهات الرسمية إلا ما ندر، تسعى وتلهث وراء الكيان الصهيوني للتطبيع والالتحاق في علو هذا الكيان، ليصيبهم بعض من الامتيازات على حساب الشارع الإسلامي وعلى حساب القضية الفلسطينية، ومن هنا الأمة المسلمة الواحدة بفكرها المتصدي للمشروع الصهيوني المتغول في الأمة هي الحصن الحصين لكل المتحالفين والمتصهينين، وهي المؤتمنة على عدم تصفية القضية الفلسطينية، وهي الحامي لكشف كل المؤامرات والمشاريع التي تستهدف القضية الفلسطينية، وهذا الاستهداف تعلم أنه المفتاح لقلب وتحوير الأمة الإسلامية والوطن الإسلامي لمشروع الشرق الأوسط الذي يرضى بوجود دولة الكيان الصهيوني، ليمارس أعتا مشاريعه في تذويب الهوية الإسلامية، ومن ثم يضمن علوه في الأمة واستعبادها كما جاء في برتوكولاته.
فالأمة بكليتها الجمعية هي القادرة الوحيدة على الخلاص من شرعنة النظام الدولي الجديد، فالأمة الإسلامية الواحدة هي القادرة لإعادة الاعتبار لمنظومة شرعية إسلامية، تستطيع الحفاظ على الكل الشعبي في الوطن العربي والإسلامي، وهي الدرع الحصين لمجابهة اللصوص من القوى الصهيو أمريكية على مقدرات الأمة الإسلامية.
في وقتنا اليوم علينا السعي والمضي لأن تكون الأمة المسلمة الواحدة (المجاهدة)، هي النظام الوحيد الذي يكافئ ويوازي النظام الدولي الجديد وشرعيته وفرض وصايته على مقدرات الأمة، وهي الحامي من شرعنة القوى الصهيونية على القدس، وهي الصد المنيع للتغول الصهيو أمريكي في المنطقة وأي مشروع يعتدي على حقوق أي مسلم أي كان وفي أي بلد كان.
فتسير الطليعة والشعب الفلسطيني ومن خلفه بقية الأمة العربية والإسلامية، مع تبني برنامج واضح يتفقوا عليه جميعا محددين الأحلاف للشعب الفلسطيني وليس لحركاتهم ونزعاتهم ومصالحهم، حتى يتمكنوا من مجابهة المشروع الصهيوني ودحره.
فالنظرية السياسية جاءت من منبع السيرة النبوية وقائدها السياسي بامتياز محمد صلى الله عليه وسلم، فقاد الرسول الصراع مع قريش صراع سياسي بامتياز، ورسم طريق الفكر السياسي للأجيال القادمة، وحدد معالم الخارطة السياسية وذلك بتحديد هدف الصراع وهي قريش لا غير، كما أنه أعد وأهل الطليعة إيمانياً، وركز على مركزية الصراع سياسياً، وجعل الجهاد لكافة المسلمين أساسيا في انهزام العدو ومشاريعه، وعليه جعل قريش هي المركز للصراع، رغم وجود قبائل عدة وشتى مع قبائل اليهود الأربعة، فالرسول لم يحد عن مركزية الصراع في بداية دعوته، وبعد هجرته وتمركزه في المدينة، فبقي محافظاً في توجهه سياسياً ولم يحد عن قضيته السياسية، ولم يتبادل القتال مع جبهات قبائلية أخرى، وكما نعلم ما حدث له في الطائف عندما أدميت قدماه وكسرت رباعيته وشقت جبهته الشريفة، لم يحيد قيد أنملة عن مركزية القضية السياسية والشرعية له، ولم يبدل العدو المركزي بعدو طارئ، ولم يتفرع في القتال مع عدو قريب أو بعيد، وحشد المسلمين حول صراع موحد، ضد الصراع المركزي وهم قريش، كما لم ينل من الفرس والروم في بداية الصراع، ومن هنا قاتل مشركي قريش، وكان يرسل الرسل للقبائل الأخرى لمزيداً من الكسب القبائلي أو توضيح حقيقة الصراع، وهنا يتجلى فكر الرسول السياسي في التحييد كما فعل مع بني شيبان والأوس والخزرج، وغيرهم من القبائل، ومن هنا جاءت جوهر الفكرة للمشروع الذي ننادي به، والقاضي لدحر المشروع الصهيوني بكافة مشاريعه على أرض الإسراء والمعراج، وتفتيت الهيمنة الصهيونية على الأمة، ففي تاريخينا المعاصر نرى أن اليهود والمتمثلين بالمشروع الصهيوني السرطاني والمتلبسين به هم هدف الإسلام والمسلمين، ولن نتفرع لقتال مذهبي أو طائفي هنا أو هناك، ولا نلعب أي دور وظيفي لخدمة المشروع الصهيوني الأمريكي من خلال الدور الرسمي في بلاد المسلمين، فسنبقى نعي حقيقة الصراع ونزن الأمور بميزان الإسلام، وميزان خدمة القضية وخدمة الأمة في تناسق؛ مع تجميع عوامل القوة في دحره وتفتيت هيمنته، وعدم قبوله كمشروع نافذ في الأمة الإسلامية ولن يكون موجوداً؛ إلا فرادى أو جماعات لا قوة لهم ولا منعة؛ تحت سيطرة الإسلام ودفع الجزية.
كتبه/ الدكتور محمد كامل شبير
المصدر:
مافا السياسي (ادب المطاريد)