وفاق .. أم شقاق؟؟
وفاق .. أم شقاق؟؟ .
أم صحيفة للفتنة وتعدد المعايير ؟؟ .
السيد/ محمد بهمن ـ جريدة الوفاق ـ الجمهوريه الإسلامية الإيرانية.
بعد التحية ..
تعمل سيادتكم كاتبا ساخرا ـ فى الصفحة الأخيرة ـ من جريدة الوفاق التى تصدر فى العاصمة طهران . وأرانى مضطرا لقراءة صحيفتكم الحكومية الموقرة لعدم تمكنى من الحصول على أى صحيفة آخرى باللغة العربية ـ رغم علمى بوجود صحيفة أهلية يصعب العثور عليها أو تذكر إسمها .
وأيضا أجدنى مضطرا للتعليق على كلمتكم المنشورة فى عدد السادس من أغسطس 2017 . بعد أن تغاضيت كثيراً عن التعليق على عمودكم الساخر ، لعدم أهمية ذلك أو جدواه .
ولكن هذه المرة أرى ما جاء فى كلمتكم يتعدى القدرة البشرية على التحمل . وكانت بعنوان (جهاد على الطريقة الوهابية ) .
وإليكم الملاحظات التالية :
من ناحية الشكل فإن سخريتكم من الجهاد الوهابى ، وبهذه الطريقة التى تفتقد إلى المعلومة الصحيحة أو حتى الذوق السليم ، لهى أفضل دعاية للوهابية وجهادها . بل هى أفضل دعوة إلى الشقاق بين عناصر الأمة ــ وليس الوفاق كما يستشف من إسم صحيفتكم ــ إلا إذا كانت تعنى الوفاق داخل فئة معينة ضد باقى الفئات ، وذلك هو الأرجح من مضمون كلمتكم هذه ، وكلمات لكم سابقة ، بل ومن سياق المعالجة السياسية للصحيفة التى لا تتبنى معيارين فقط بل معايير متعددة . ورغم أنها صحيفة رسمية ، ومن المفروض أن تمارس(البروباجندا ) لسياسة الحكومة ، إلا أنها فى الحقيقة تضع المتابع فى دهشة إذا حاول أن يعرف مجرد عدد الخطوط السياسية التى تتبعها حكومة واحدة إزاء قضية واحدة ـ ولنقل أنها قضية الإرهاب مثلا ـ أو قضية الحريات ، أومعيار الحكم على أى نظام عربى بإعتبار علاقته مع إسرائيل .
وحتى لا يتشعب البحث أكثر ، تناولت سخريتكم المعنونة ( جهاد على الطريقة الوهابية) مجموعة من الأخطاء الفادحة والتى تدل إما على مغالطات جسيمة عن سبق إصرار وترصد، أو أنها تدل على جهل شديد يصعب الموافقة عليه فى المعالجة الصحفية العادية . ناهيك عن مجافاتها للأخلاقيات الإسلامية أو حتى الشرقية أو أى ذوق سليم .
مثل القول بأن حركة طالبان (الأفغانية!!) أصدرت مجلة نسائية إسمها “سنة خولة “،ثم تقول سيادتكم : {{ حمل العدد الأول صورة الغلاف لنساء وفتيات أفغانيات غاية فى الحسن والجمال !!والكمال!! والروعه !! لا يعينى كل ذلك خيال .. مجموعة بكامل الجلباب والبرقع !! يمكن أن يكونوا رجالا أشاوس !! تنكروا بهذا الزى إما للهروب والتخفى .. أو أنه واجب جهادى لإصدار المجلة !!}} .
ملحوظه : علامات التعجب من عند الأستاذ كاتب المقال.
هذه السخرية المقززة من نساء مسلمات بهذا الشكل ، لا أظنه شئ يليق بالأخلاق الإسلامية ، ولا بالذوق السليم . خاصة وأن هذه السخرية تنسحب بالضرورة على نساء إيرانيات من قوميات مختلفة يرتدين نفس الزى أو شبيها له . فهل هن نساء من الدرجة الثانية ؟؟ ، أم منبوذات فى المجتمع؟؟ ، أم مطاردات بتهمه الإرهاب ؟؟ . وهل هذا وفاق أم شقاق ودعوة إلى الفتنة ؟؟ . حيث أنه كلام مثير للغضب والحمية التى قد تنفلت إلى عنف، كمجرد ردة فعل لسخرية غير مسئولة ومنفلتة من الذوق والعقل .
كاتبنا الساخر لا يعرف ما هو الفرق بين حركة طالبان الأفغانية وتلك الحركة الباكستانية ، فيخلط هذه بتلك . فالحركة الأفغانية لم تصدر المجلة المذكورة ولا علاقة لها بالأمر .
كما أن الحركة الأفغانية تقاتل ضد المحتل الأمريكى ، وقوات حلف الناتو ، وقوات “الإعتدال” العربى والإسلامى التى تشارك فى الغزو ، وتقاتل ضد الخونة الذين دخلوا كابول فوق الدبابات الأمريكية ، أو إستقدمتهم المروحيات الأمريكية من وراء الحدود .
وتقاتل أيضا ضد تنظيم داعش الذى إستجلبته القوات الأمريكية إلى أفغانستان لمعاونتها فى قتال طالبان ، ولتكرار تجربة العراق فى الفتنة الطائفية والعرقية .
وبالتالى ليست حركة طالبان أفغانستان نسخة من (دولة الخرافة الوهابية ) أو “بوكوحرام”. إن ما تقوله إما أنه جهل فاضج ، أو تشنيع متعمد مثير للفتن والكراهية ، وربما الإثنين معا.
ثم أن التصدى للمناهج الفكرية المنحرفة/أو غير منحرفة/ لا يكون بالسخرية ، بل يأتى بالنقاش العلمى . لأنك بهذا الشكل تعمل من حيث لا تدرى ـ أو تدرى ـ لصالح قطاع التجنيد فى حركة داعش .
– تقول سيادتكم فى مقالك الساخر : {{ وألقى القبض على أحد السادة الأشاوس . . بتاع داعش .. إسمه محمد أحمد وعمره 40 سنه وهو يحاكم الآن فى محكمة تبعد 32كم جنوب الموصل .. وجريمته إغتصاب عدد كبيرمن الفتيات العذراوات !! وقتل عشرة منهن !! .
فقط أود أن ألفت نظر أحبتى إلى تبرير هذا المجرم لجرائمه .. حيث قال أمام القاضى بعد أن أقر بما نسب إليه .. لقد دفعهن لى الوالى الكافى لرواتب “المجاهدين” فراح يدفع لكل واحد نصف مرتبه والباقى فتيات عذراوات جميلات !! }} ـــ مع ملاحظه أن علامات التعجب هى من صناعة كاتب المقال. ـــ
وهذا كلام جيد إن كان الكاتب يريد السخرية من نفسه أولاـ أو إذا توقع البلاهة فيمن يقرأ هذا الهراء .. أو أنه يكتب فقط لجمهور خاص يجاريه فى سخريته السوداء المضافة إلى جهله المطبق عما يكتب عنه .
فلا أظن أن أحد ما ـ شيعيا أو سنيا ـ يتوقع محاكمة عادلة ومنصفة فى تلك الظروف ـ أو يتخيل (إعترافا ) لمتهم بمحض إرادته بدون كهرباء وكرابيج . أو أن أى شخص يمكن أن يبتلع كل هذا الكم من التهويل والتلويح الجنسى المستمر على طول المقال بالجميلات والعذاوات والحسان ، ودفع الأجوربالمال والنساء معا .
هذا كذب وكفى !! . وإلا فلتكن المحاكمات علنية ومفتوحة للصحافة ومذاعة على الهواء . أما البلاغات الكيدية الصادرة عن قاعات مخصصة للتعذيب والمحاكمة والتشنيع فى آن واحد ، فقد آن الأوان أن نقول (لا) لهذا كله .. توقفوا !!..
فالداعشيه لا تواجه بالداعشية . والتوحش لا يقاومه التوحش المضاد . والكذب لا يواجه بممارسة الكذب الأشد فجاجة وفجوراً .
بهذا الأسلوب نضيف إلى رصيد الداعشية ألف داعش جديدة . ويصبح التفريق مستحيلا بين داعش مهزوم وداعش آخر منتصر توهم فى أحد جولات الحرب أنه إنتصر، أوحسم كامل الحرب لمصلحته ، فأخذ يسخر ويتشفى بحقد .
إن الوضع جدى إلى درجة الجنون ، ومن الخطر معالجته بالسخرية التافهة … والسلام.
ــ مصطفى حامد ــ
ــ نسخة إلى الأستاذ محمد بهمن
ــ نسخة إلى جريدة الوفاق ـ طهران
ــ نسخة إلى موقع مافا السياسى .
المصدر:
مافا السياسي (ادب المطاريد)
بقلم:
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
www.mafa.world