ميناء تشابهار فى إيران مقدمة لإنقلاب جيوسياسى في آسيا
ميناء تشابهار فى إيران مقدمة لإنقلاب جيوسياسى في آسيا
الشعوب لا تختار جيرانها ، ولكنها تختار طريقة التعامل معهم .
( 1 )
أعلنت إيران فى مارس 2016 عن إفتتاح ميناء تشابهار البحرى على خليج عمان ، كميناء ترانزيت لنقل البضائع بين الهند وأفغانستان وروسيا (راجع الخرائط المرفقة) . ولا شك أن تلك الخطوة هى أكبر بكثير من مجرد مشروع عملاق (بحرى/ برى) ، بل هو بداية لإنقلاب جيوسياسى فى قارة آسيا . كما أنه يمهد لجعل أفغانستان وإيران مركزا محوريا في حركة إقتصادية عظمى بين أقطاب القارة ، خاصة بين الهند وروسيا ودول آسيا الوسطى والصين . لأن دولا كثيرة سوف يجتذبها ميناء تشابهار ، فتتسع الحلقة لتشمل معظم الدول التي تربطها مصالح تجارية مع تلك المنطقة .
كما أن المشروع يقود إلى تبديل جوهرى فى التوازنات الإستراتيجية فى منطقة الخليج مع تواجد مصالح إقتصادية لعمالقة آسيا ، الهند وروسيا والصين ، متجمعين فى ميناء تشابهار عند بوابة الخليج العربى . كما أن ذلك الميناء يمكن أن يتحول إلى نقطة إلتقاء مصالح بين الهند والصين فيكون بداية لحلحلة مشاكلهما العالقة ، والتى تزكيها الأطماع الكونية للولايات المتحدة وتواجدها الإستعمارى فى أفغانستان الذى يهدد جميع الدول المحيطة والقريبة .
ــ وحيث أن النواة الصلبة لمشروع تشابهار تتكون من إيران وأفغانستان والهند ، فينبغى التفكير فى إنشاء رابطة لرجال الأعمال والتجار فى تلك الدول تحت إسم { رابطة رجال أعمال طريق حرير تشابهار} ، وفى المستقبل يمكن أن يتوسع نطاق المشاركين فى تلك الرابطة ليشمل كبار تجار قارة آسيا و روسيا . ذلك التجمع سوف يشجع ويمهد لتكوين رابطة إقتصادية ، أو سوقا مشتركة ، بين دول آسيا والعالم ، تتمحور حول طريق حرير تشابهار الذى يفتتح طريقا واسعا للتجارة والتعاون الإقتصادى الدولى أمام دول آسيا الوسطى التى تفتقر إلى موانئ بحرية.
تلك الرابطة التجارية يمكن تطويرها مستقبلا إلى سوق أسيوية مشتركة تدعم إقتصاديات الدول المشاركة وتكون عاصما لها من الوقوع تحت سطوة العقوبات الإقتصادية التى تفرضها الولايات المتحدة وشركائها الأوربيين لتحطيم إقتصاديات الدول المتطلعة إلى العدالة والعيش الكريم ، فتنتقص من سيادتها ، وربما تمهد للعدوان العسكرى عليها بعد إضعافها إقتصاديا .
(يمكن أن تلعب تلك الرابطة الإقتصادية الأسيوية دورا محوريا فى حل مشكلة المخدرات فى أفغانستان ، بشكل جذرى وإيجابى ، خارج نطاق الرؤية الأمريكية الإنتهازية المتذرعة بدعوى الأمن ومكافحة الإرهاب حتى تصادر كنوز الأفيون فى أفغانستان ، وتحتكر المخدرات العالمية لتستخدمها ضد الشعوب ، ولتنمية ثروات فلكية لمافيات المخدرات الدائرة فى فلك الدولة الأمريكية ) .
ــ بالنسبة للتبادل التجارى بين الهند و روسيا ، فإن إستحداث (طريق حرير تشابهار) يشابه إكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح البحرى . فميناء تشبهار يمكن الهند من تفادى العقبة الباكستانية التى تعترض التبادل التجارى البرى بين الهند من جهة وكل من دول وسط آسيا وروسيا فى الجهة الأخرى . والدول التى يمر بها الطريق سوف تستفيد كثيرا من ذلك التدفق التجارى الكبير ، وسوف تشارك فيه لتنمية تجارتها مع العالم كله وليس فقط مع القطبين الروسى والهندى . أما مشاركة أفغانستان فى الإقتصاد الدولى فسوف تحقق بالضرورة قفزة نوعية ، ليس ذلك فقط بخروجها من طوق الحصار ، بل أيضا بزيادة فى مكانتها السياسية داخل إقليمها الأسيوى والعالم . فمن المعروف أن المكانة الدولية لأى دولة تعتمد على قوة مكانتها فى الإقتصاد العالمى والتجارة الدولية . والعكس صحيح ، فالدول التى تنحط مشاركة شعوبها فى حركة الإقتصاد العالمى تكون معرضة لهيمنة الأقوياء عليها وإزاحتها خارج مسار العالم أوحتى خارج الوجود . كما حدث مع السكان الأصليين فى الأمريكتين ، وكما حدث عندنا فى فلسطين ، ويجرى الآن على أشده فى مصر .
إنفجارات إستراتيجيةمتسلسلة
عند ميناء تشابهار ينتهى دور الباخرة التى أحضرت البضائع عبر البحار وصولا إلى بداية طريق “حرير تشابهار” . ومن تشابهار إلى عمق اليابسة الأسيوية فإن شبكة القطارات هى التى ستمخر عباب الوديان والصحارى لتوزيع الخير والنماء على سكان المنطقة . وإن كان ميناء تشابهار فى إيران هو الرئة البحرية لوسط آسيا طبقا لهذا المشروع الطموح ، فإن أفغانستان هى عقدة شبكة طرق القطارات المرتبطة به ، نظرا لتمتع أفغانستان بموقع متوسط وحدود مع ثلاث دول من جمهوريات آسيا الوسطى ، إضافة إلى الصين التى ترتبط بها عبر ممر واخان .
ــ الصين عند إرتباطها بشبكة الطرق الحديدية تلك ، سوف تحقق لأول مرة فى التاريخ الحديث إتصالا بريا منتظما مع إيران ( و ربما تطور الأمر مستقبلا إلى تمديد خطوط لنقل النفط والغاز من إيران إلى الصين ، فتكون الطاقة التى تحتاجها الصين تمر بطرق أكثر أمنا وبعيدا عن الأساطيل المعادية التى قد تهدد طرق الملاحة الصينية فى وقت الأزمات) . وإطلالة للصين على الخليج العربى لها قيمة استراتيجية بالغة الأهمية لموازين القوى فى ذلك الخليج المتفجر، إضافة إلى القيمة الإقتصادية الكبيرة لذلك التواجد . فوضع منطقة الخليج سوف يشهد إنقلابا إستراتيجيا كبيرا حين تطل روسيا والصين والهند بشكل إقتصادى متزايد على مياه الخليج عبر ميناء تشابهار ، فينكسر الإحتكار الأمريكى لذلك الخليج الذى وضعته أمريكا بالفعل تحت هيمنتها العسكرية ، فى سيطرة شبه مطلقة لولا صمود إيران فى المحافظة على حقوقها البحرية .
{{ يلاحظ أن البحر الأحمر فى طريقة لأن يكون بحيرة إسرائيلية خالصة . وسوف تستكمل تلك السيطرة إذا تم تحطيم شعب اليمن وإحتلال الشواطئ اليمنية بواسطة تحالف الصهاينة العرب . فيكون البحر الأحمر خالصا لإسرائيل وجاهزا لنقل شحنات الماء المصرى المنهوب خلف سد النهضة الأثيوبى ، فى صهاريج ضخمة / غالبا من ميناء جيبوتى فى شرق أفريقيا / والذى تحرسة قواعد بحرية إسرائيلية وإماراتية “!!” ، إلى موانئ إيلات الإسرائيلى وجدة السعودى وموانئ فى جنوب سيناء التى هى فى طريقها للعودة فعليا إلى إسرائيل . إضافة إلى فرع بحرى أخر يصل إلى الموانئ البحرية لمشيخات النفط على طول ساحل الخليج العربى !! نلاحظ أن إتمام السيطرة الأمريكية على خليج العرب ، وإتمام السيطرة الإسرائيلية على البحر الأحمر ، سوف يضعان جزيرة العرب فى حصار بحرى محكم . واضعين فى الإعتبار تهاوى الدول العربية الهامة حول جزيرة العرب من اليمن جنوبا إلى العراق والشام شمالا إلى مصر شرقا ، نرى أن المقدسات الإسلامية فى الحجاز “مكة والمدينة” أصبحتا فى حكم السقوط فى اليد الإسرائيلية المنبسطة فى بلاد العرب ، والتى تخدمها بكل إخلاص جيوش وحكومات مشيخات الخليج وجزيرة العرب }} .
( 2 )
مشروع تشابهار الاستراتيجى يتكون من جناحين بحرى وبرى ، هما :
1 ــ ميناء تشابهار . وهو القلب البحرى النابض لطريق حرير تشابهار .
2 ــ محطة سكة حديد تشابهار المركزية ، التى تعتبر بوابة الخط البرى المنطلق من الأراضى الإيرانية ، وصولا إلى أفغانستان التى تعتبر حلقة الربط الأساسية ، والقلب البرى لطريق حرير تشابهار ، ومنها تنطلق شبكة الأوعية الدموية “القطارات” التى تحمل النماء إلى الجسد الأسيوى مترامى الأطراف .
بناء وإستكمال وربط ، تلك الشبكة ، يستدعى تعاونا سياسيا وإقتصاديا بين دول المنطقة لإحكام شبكات الطرق الحديدية فيما بينها على أساس محورية إطلالتها البحرية الجديدة على العالم ومحيطاته الدافئة من ميناء تشابهار، وتحقيق أقصى إستفادة من تلك الفرصة البحرية النادرة .
تلك النقلة الإستراتيجية الهائلة يعترضها الإحتلال الأمريكى لأفغانستان الذى يمثل حجر عثرة لتطور المنطقة وترابطها وتفاعلها السلمى . ولعل من فوائد المشروع هو أنه يبلور موقفا أسيويا مشتركا معارضا لبقاء الإحتلال الأمريكى لأفغانستان ويعمل على طرده وإعطاء الشعب الأفغانى حقة الأصيل فى الإستقلال وتحقيق أهدافه المشروعة بقيام نظامه الإسلامى الذى يجاهد من أجله منذ عقود .
وربما كان إنشاء ميناء عملاق فى تشابهار بمرافق حديثة تتناسب مع طموح المشروع وأبعاده الجيوسياسية الهائلة ، هو مجرد الجزء الأسهل من المشروع لسببين :
الأول : أنه القطاع الأقل كلفة فى المشروع رغم نفقاته الكبيرة .
الثانى : أنه يتعلق بإراده سياسية واحدة هى الإرادة السياسية للجمهورية الإسلامية الإيرانية .
أما الجزء الخاص بالطرق الحديدية فهو الشق الأصعب والأكثر كلفة . وأصعب ما فيه هو تعدد الإرادات السياسية للدول المشاركة ، واختلاف حساباتها السياسية ، وخضوع بعضها لنفوذ دولى من خارج آسيا ، إضافة إلى الآثار المدمرة للإحتلال الأمريكى لأفغانستان .
طرق حرير تشابهار .. ثغرة فى الجدار الحديدى :
“طريق حرير تشابهار” يعتبر إنهيارا لجزء هام من الطوق الحديدى الذى تحاول الولايات المتحدة إحكامه حول أفغانستان وإيران بل و روسيا الإتحادية أيضا .
= وقد قاتل الأفغان ضد السوفييت وضد الأمريكيين من أجل إسلامهم وإستقلال بلادهم والخروج من العزلة والحصار المضروب حولهم منذ قرون ، والإنعتاق من نظرة الغرب إلى أفغانستان على أنها مجرد منطقة عازلة بين إمبراطوريات إستعمارية ، وليست شعبا ونظاما إسلاميا حرا متفاعلا وبانيا للحضارة . وبالمثل حاربت إيران للخروج من ذلك الحصار ونجحت فى ذلك إلى درجة معقولة ، ومازال نضالها مستمراً بوسائل عسكرية حينا وسياسية أحيانا . وحاليا تعمل السعودية ومشيخات النفط بالتحالف مع إسرائيل والولايات المتحدة ضمن جبهة عربية رجعية لحصار إيران سياسيا وإقتصاديا ، والتدخل ضدها عسكريا إن أمكن ذلك ، وضرب الشعبين الإيرانى والأفغانى بعضهما ببعض ، وإستخدام تنظيمات الوهابية القتالية لضرب إيران عبر حدودها ، وضرب أفغانستان من داخلها ، ليس بقوات أمريكا والناتو فقط ، بل بواسطة داعش وأخواتها وتحت مسمى الإسلام”!!” حتى تكتمل فجيعة الأفغان والمسلمين .
{ ملاحظة عابرة: إنها نفس الجبهة التى تعمل للقضاء على مصر نهائيا عبر تمويل سد النهضة الأثيوبى وإشعال الفوضى المسلحة فى الداخل المصرى . إن مصر ليست بعيدة عن أفغانستان إلى هذا الحد . فالمشاكل واحدة ، والعدو واحد ، وكذلك الحل واحد }
مشروع تشابهار سوف يوفر لأفغانستان وإيران معا عمقا هائلا فى القارة الأسيوية مرتبط بهما إقتصاديا ومتعاون معهما سياسيا . ويشكل ذلك ليس مجرد تصدع أو ثغرة فى جدار الحصار الذى يفرضه الغرب على الشعبين ، بل سيقود إلى إنهياره مستقبلا . وسيتبع ذلك بالتأكيد ترابط إقتصادي وسياسيبين دول وشعوب آسيا ، إلى أقصى مدى تصل إليه قضبان شبكات السكة الحديد المرتبطة مع ” طريق حرير تشابهار” .
( 3 )
أفغانستان وإيران ، ترابط مصيرى :
بالنسبة لإيران فإن أفغانستان هى المجال الأخطر من جهة الشرق ، سواء سلباً أوإيجاباً تماما كما هى العراق من جهة الشمال الغربى .
فإمارة أفغانستان الإسلامية هى عنصر ترجيح وجودى بالنسبة للجمهورية الإسلامية الإيرانية. والعكس أيضا صحيح ، إذ بدون الترابط مع إيران ، والإنفتاح على العالم الخارجى عبر موانيها ، فقد يتبخر الوجود الأفغانى ويذبل داخل منطقة برية فقيرة ومحاصرة بجيران أقوياء .
ـ طريق حرير تشابهار فى شقه البرى (السكة الحديد) يحمل فى طياته إمكانية إنقلاب جيوسياسى فى العلاقة بين البلدين إيران وأفغانستان . ولكن هناك عقبات خطيرة هى :
- ـ الإحتلال الأمريكى ، والحكومة العميلة التى عينها فى كابل .
- ـ تنظيم داعش الذى تكونت له هناك قوة ، بدعم من جهات معلومة .
- ـ مرتزقة باكستان ، من أفغان وباكستانيين ، إذ يمكنهم القيام بعمليات تخريب .
تلك الأخطار يجب النظر إليها بجدية . وحركة طالبان هى القوة الأفغانية الوحيدة التى يمكنها التصدى بجدارة لتلك القوى المعادية ، بشرط وصولها إلى السلطة ، مع تمتعها بإستقلالية القرار السياسى بعيدا عن التأثيرات الخارجية من الدول القريبة أو البعيدة .
وبشكل عاجل ، يمكن إتباع استراتيجية بديلة داخل أفغانستان لإنشاء وحماية الطريق الحديدى.
وفيما يلى سيناريو تقريبى لتحقيق لذلك :
1 ـ تقوم الجمهورية الإسلامية بإنشاء خط سكة حديد داخل أراضيها يربط ما بين ميناء تشابهار إلى نقطة على الحدود فى مقابل مدينة زارانج الأفغانية .
2 ـ يتطور هذا الخط ليمتد من بلدة زارانج وصولا إلى مدينة غزنى ـ غرب كابول ـ وذلك لأسباب تتعلق بالموقع الجغرافى المتوسط وسهولة إتصالها بما حولها من مقاطعات ، مع بيئة سكانية مناسبة . وفى نفس الوقت ، يمتد الطريق الحديدى شمالا من زارانج إلى مدينة هيرات القريبة من الحدود الإيرانية .
{ ينتقل الركاب في نفس القطار من تشابهار إلى زارانج إلى غزنى أوهيرات ، وتتم الإجراءات الرسمية وهم في مقاعدهم بدون مغادرة عربات القطار مهما تكن جنسياتهم . وفى ذلك تعزيز للروابط بين الشعبين بشكل استراتيجى يصعب مستقبلا مقاومته أو التراجع عنه أو عرقلته. ويمكن إتباع نفس الأسلوبفى ربطوتوحيد شبكة قطارات دول آسيا المشاركة في طريق حرير تشابهار، بشكل يضمن سهولة وإنسيابية تدفق البضائع والأفراد . وفى ذلك تمهيد منطقى وضرورى لإنشاء الولايات المتحدة الأسيوية “الإسلامية” مستقبلا } .
3 ـ تتعاون إيران مع أفغانستان والهند فى بناء شبكة طرق حديدية داخل أفغانستان متصلة مع شبكة تشابهار . من وجهة نظر إقتصادية سيكون ذلك مشروعا مربحاً للهند حيث أنها صانع أساسى لقطارات ومعدات السكة الحديد ، ومن المفترض أن تمد المشروع بالمعدات اللازمة بأسعار تفضيلية ، عن طريق قرض طويل الأجل يسدد من إيرادات الطريق .
ومن وجهة جيوسياسية فإن تلك الشبكة ستدعم إستقلال أفغانستان عن الهيمنة الباكستانية ، وتدعم شخصيتها المستقلة والمتفاعلة أيجابيا مع كل قارتها الأسيوية .
4 ـ تعلن رابطة التجاريين ورجال الأعمال الأفغان والإيرانيين عن فتح إكتتاب فى مشروع السكة الحديد الجديد بإسم { طريق نقل الحجاج والأرزاق }. نسبة إكتتاب هؤلاء فى المشروع تكون فى حدود 25% من التكلفة ، والباقى تغطيه حكومتى أفغانستان وإيران فقط . التجار ورجال الأعمال سيكونون بذلك جبهة مشاركة ومدافعة عن المشروع .
يجرى التعريف بالمشروع شعبيا داخل أفغانستان على أنه مشروع ذو هدفين :
الهدف الأول : هو نقل البضائع من وإلى أفغانستان لتحسين الأحوال المعيشية للأفغان والعبور بهم من الفقر إلى الإكتفاء ورغد العيش .
الهدف الثانى : هو نقل الحجاج والمعتمرين من أفغانستان إلى ميناء تشابهار . ومن هناك تنقلهم عبارات بحرية الى أحد الموانى السعودية . ترتيب الرحلات البحرية للحجاج والمعتمرين تقوم به هيئة ميناء تشابهار ومعها هيئة سكة حديد تشابهار . بحيث يتم نقل الحجاج والمعتمرين وفق جدول سنوي معلن مسبقا .
5 ـ هيئة السكة الحديد الجديدة تقدم تسهيلات كبيرة للحجاج الأفغان والمعتمرين . منها مثلا :
ــ نقل الحجاج والمعتمرين بتخفضات كبيرة فى سعر السفر، ( قد تصل إلى 50 % ) .
ــ تتكفل هيئة السكة الحديد وهيئة ميناء تشابهار ، سنويا ، بدفع تكاليف الإنتقال لعدد معين من فقراء الحجاج الأفغان ” ثلاثه آلاف حاج مثلا ” ، ومنح تذاكر سفر مجانية لعلماء الدين الذاهبين إلى الحج ، مع إستضافة مجانية فى مدينة الحجاج فى تشابهار . ويمنح نفس الإمتياز لعلماء الدين فى الدول التى تمر بها شبكة سكة حديد “طريق حرير تشابهار” .
ــ تتكفل هيئة السكة الحديد وهيئة ميناء تشابهار بتوزيع كميات من اللحوم فى عيد الأضحى ، بحيث تقوم الهيئات الدينية الأهلية الأفغانية بتوزيعها على الفقراء من سكان المديريات التى يمر بها القطار.( ويمكن بحث فتوى يصدرها العلماء الأفغان تبيح للحجاج تقديم الأضاحى أو أثمانها لمواطنيهم المعوزين). سلطات الجمارك فى ميناء تشابهار تمنح إعفاءات وتخفيفات جمركية للجانب الإفغانى ، مثلا : إعفاء الكتب الدينية من الجمارك ، وكذلك مستلزمات تأسيس المدارس الدينية . وتخفيف الجمارك عن السلع الغذائية الضرورية لقوت فقراء الأفغان ، وإعفاء جمركى للأطعمة والمهمات التى ترسلها الهيئات الإغاثية إلى أفغانستان فى أوقات الطوارئ ، وتعرفة خاصة لطلاب الجامعات والمدارس الدينية للسفر فى السكة الحديد داخل أفغانستان وخارجها .
6 ـ تنشئإيران مدينة دائمة للحجاج الأفغان بالقرب من ميناءتشابهار ، تعمل طول العام لخدمة زوار بيت الله الحرام ، ويشارك فى تشغيلها أفغان على أسس تطوعية وتجارية .
ملاحظات على المشروع :
# إرتباط المشروع بالإحتياجات المادية والروحيه للفرد الأفغانى . أى الإحتياج المادى إلى الطعام (الأرزاق)، والإحتياج الروحى إلى الدين فى أهم شعائره الإجتماعية عند الأفغان وهو (الحج) .وذلك يجعل من المشروع مطلبا شعبيا يحظى بالتأييد والدعم ، والأهم أن يحظى بالحماية من محاولات التخريب أو الدعاية المضادة للمشروع.
# من المستبعد أن تتم عرقلة عملية الحج البحرى من تشابهار، حتى لا تجد الجهة المعتدية نفسها متورطة في مواجهة مع شعب أفغانستان ، والمنطقة كلها والعالم الإسلامى .
# المشروع بشكله السابق يشكل ضربة ثقيلة جدا لوجود داعش والوهابية فى أفغانستان ووسط آسيا ، ويضع التنظيم بسلوكياته ومعتقداته فى موقف يصعب الإستمرار فيه ، وينتهى به حتما الى الذبول ثم الزوال .
# المشروع يخلق الأساس المادى القوى لترابط الشعبين الإيرانى والأفغانى ، ويقوى إتجاه الشعب الباكستانى للإنعتاق من النفوذ الأجنبى : الأمريكى والسعودى والإسرائيلى ، فيجد ذلك الشعب طريقا سلميا ومستقلا للإندماج مع باقى شعوب آسيا .
# لا ننسى أن شبكة السكك الحديدية هى التى ربطت الولايات الأمريكية ومكنتها فى النهاية من تكوين دولة متحدة وقوية. وعلى الأرجح فإن شبكة السكك الحديد المنطلقة من تشابهار سوف تصل بنا بعد سنوات إلى إتحاد ما ، يشبه الإتحاد الأوروبى .
وبما أن سكان المنطقة فى معظمهم مسلمين ، فعلى الأرجح أننا سنصل فى وقت ما إلى ولايات متحدة إسلامية تضم فى البداية جمهوريات وسط آسيا مع أفغانستان وإيران .
# من الطبيعى أن نتصورالوحدة الإسلامية قادمة على ظهر القطار والسفينة وبناء الإنسان المسلم المتحرر من موبقات الجوع والخوف . ولا نتوقعها وهابية داعشية تأتى بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة ، تقتل الإنسان المسلم وتخرج الناس من دين الله أفواجا .
فيما يلى إستطرادا للنظرة بعيدة المدى لمستقبل أفغانستان . حيث نتطرق إلى الطموح البحرى لأفغانستان الإسلامية القادمة ، فى إطار إختراق الحصار التاريخى المفروض عليها وعلى شعبها، وتقزيم دورها الخارجى ، وحصر همها فى الصراع الداخلى أو الصراعات الحدودية مع الجيران .
أفغانستان البحرية :(من كتاب أفغانستان فى صباح اليوم التالى)
يمكن دراسة مشروع إنشاء أسطول تجارى أفغانى/ عربى مشترك للعمل فى خدمة التبادل التجارى الأفغانى مع دول حوض البحر الأبيض والأحمر والخليج العربى والمحيط الهندى . خاصة عند الحصول على إتفاقات بحرية مع باكستان على المحيط الهندى فى كراتشى أو بحر عمان فى ميناء جوادر. ومع إيران فى ميناء، مثل تشابهار، أو بندرعباس وموانئ أخرى . ومع دول الشام فى موانئها على البحر الأبيض، ثم مع مصر ودول المغرب العربى . ومن الأفضل بالطبع لو كان الإتفاق مشتركاً بين كل تلك الدول لإنشاء إسطول بحرى مشترك يخدم المصالح الإقتصادية والنقل البحرى للدول المشاركة.
ــ قد يبدو غريباً أن تمتلك دولة داخلية مثل أفغانستان لا تطل على البحر أسطولا بحريا ، لكن فى المستقبل ومع توثيق العلاقات الأفغانية مع كل تلك الدول ، والسعى الأفغانى لربطها جميعهاً فى إطار تعاونى واحد فى مجال الإقتصاد أولاً ثم مجالات أخرى سيجعل هذا التفكير منطقياً بل وضرورياً .
ــ يمكن القول أن أفغانستان ستكون فى حاجة إلى إتفاق مماثل مع تركمانستان من أجل نشاط أفغانى على بحر قزوين للإتصال التجارى وتبادل أفواج الزائرين بين أفغانستان وجميع الدول المحيطة بذلك البحر الداخلى ، وجميعها دول هامة ولها وزنها المستقبلى الكبير. مشروع “أفغانستان البحرية” يمكن أن يحقق أختراقا أسرع على البحر الأبيض المتوسط نظرا لعدم وجود مشكلات حدودية أو تاريخية بين أفغانستان والدول العربية المطلة عليه (وتركيا مؤجلة ، ولكن غير مستبعدة تماما ، من المشروع البحرى . لأن تركيا عضو فى حلف الناتو وشاركت بقوة عسكرية كبيرة فى عملية غزو أفغانستان . ومطلوب منها تقديم إعتذار للشعب الأفغانى ، ودفع تعويضات حرب أسوة بباقى دول الحلف ) .
من كتاب ( أفغانستان فى صباح اليوم التالى ) ــ على “موقع مافا السياسى” الإلكترونى عام 2014 .
من كتاب ( أفغانستان فى صباح اليوم التالى ) ــ على “موقع مافا السياسى” الإلكترونى عام 2014 .
بقلم :
مصطفي حامد – ابو الوليد المصري
المصدر:
مافا السياسي (ادب المطاريد)
www.mafa.world