رياح السموم .. من بلاد العرب إلى بلاد الأفغان : ( 4 من 6 )
تجارة الجهاد : سياف / الإخوانى الأزهرى / نموذجا .
“الجهاد ” هو جوهر الإسلام السياسى وبضاعته النادرة فى الوقت الحالى . فتجارة الدم هى الأكثر ربحا للقادة المحترفين ، سواء الإخوان أو أصحاب التوكيلات الجهادية الجديدة . وذلك رغما عن الشعارات المتشنجه ، أو الكلمات ” سيد قطب” البليغة وبالغة الحماس ـ وهل كان هناك أكثر إستخدما لها من عبد الرسول سياف كبير إخوان أفغانستان ، الذى شغل أعلى مراتب قيادة الجهاد الأفغانى منذ عام 1980 وحتى إنسحاب السوفييت .
وظل يشغل مراتب رفيعة فى نظام ما بعد سقوط الشيوعية ، وحتى فى وصول حركة طالبان إلى السلطة ، فكان على رأس المناوئين لها ، حتى دخل كابول فاتحا بعد أن تسلم حصته من دولارات المخابرات الأمريكية
( حسب رواية قيادتها خلال تلك الفترة ).
والآن هو العراب الأكبر للنظام ومن أقرب المقربين إلى الإحتلال ، وأضفى على نفسه لقب { شيخ الحديث والقرآن } لتقوية قيمة فتاوية ضد المجاهدين الذين يقاتلون تحالفا من قوات الإحتلال الأمريكى وذئاب حلف الناتو ، وأذيال أخرى من أوباش العالم الثالث .
سياف ـ كبير إخوان أفغانستان ـ هو رمز لحالة الإخوان أكثر منه زعيما . هو رمز لإسلام السوق أو الإسلام السياسى أو الجهاد السلفى الحديث . وهو معتنق كبير للأفكار الوهابية ، وصوت مرتفع جدا لأفكار سيد قطب ، خاصة خلال مرحلة الحرب ضد السوفييت .
يواجه سياف ـ الرمز والدعامة الكبيرة للإحتلال ـ مشكلة صغيرة مع إدارة حكومية أفغانية ، هى إدارة الأراضى الخاصة فى ولاية ننجرهار شرق أفغانستان ، والتى حاول تنظيم داعش السيطرة عليها بعون من باكستان والطيران الأمريكى ـ أكدت الإدارة الحكومية هناك أن سياف إغتصب 3500 فدان من أملاك الدولة فى تلك الولاية . ولم يجب سياف على هذا الإتهام حتى الآن .
( خبر فى 11/7/ 2015 صادر عن المركز الأفغانى للإعلام ، والوكالات الإخبارية ) .
فى العدوان على المال العام يعتبر سياف ـ مثل غيره من قادة إسلاميين وماركسين وليبراليين من ذلك التحالف المناصر للإحتلال ، وهم جميعا ذوى مليارات مكدسة ومهربة إضافة إلى أراضى شاسعة مغتصبة ، وقصور منيفة منبثة فى أرجاء المناطق الأفغانية الجميلة ، والشعب الأفقر فى العالم.
إنها تجارة الخيانة الوطنية والدينية التى غرق فيها حتى الأذنين ، تيار إسلامى كامل ، هو الإسلام السياسى ـ أو ” إسلام السوق” ـ مدعما مركزة الدولى والإقليمى بتجارة الدم وتنظيمات الفوضى القتالية ، مثل داعش الذى يمثل تزاوجا فريدا بين الوهابية القتالية ، وبين حزب البعث العربى الإشتركى ــ أداة البطش الصدامى بشعب العراق ــ ذلك الحزب مازال يمارس تخصصة الدموى من داخل الصفوف وتحت ورايات داعش السوداء .
فى سبيل السلطة :
السلطة السياسية بطبيعتها تأبى المشاركة (خاصية التكويش كما أسموها فى مصر) ، ولكن من ناحية عملية فإن معظم الحالات تستدعى عقد صفقات من أجل الحصول على وضع سياسى مستقر .
بإستثناء حصول طرف ما على قوة ساحقة تقهر أى متطلع نحو الشراكة ، أو أن يقع طرف ما تحت وهم أنه يمتلك تلك القوة ، فيستفيق بعد برهة من الزمن وقد ضاع كل شئ من بين يديه ، فيدرك أن حساباته كانت خاطئة وأن الأطماع قد أعمت بصيرته عن حقائق الميدان وموازين القوى فيه .
حدث ذلك للإخوان المسلمين فى أفغانستان، قبل أن يحدث لهم فى مصر بعد ذلك بعقود من الزمن .
أما الميل الفطرى إلى الكذب والإلتزام الدائم به ، فتلك من مواصفات السياسى الناجح . وقد أثبت الإخوان فى أفغانستان كما فى غيرها بعد ذلك ـ أنهم يمتلكون تلك الخاصية مثل الآخرين ، وكانوا أكثر نجاحا مستفيدين من الدين للتمويه على الأطراف الأخرى وإيهامهم بأن السياسى الإخوانى هو استثناء أخلاقى فى عالم السياسة . ولكن ما أن تكتشف حقيقة واحدة حتى يفقد السياسى الكاذب مصداقيته إلى الأبد ، وربما ينسحب ذلك على الجماعة أو الحزب بكامله .
= فى أوائل عام 1980 كان العالم يستعد لأهم مواجهات الحرب الباردة . لقد تورط السوفييت فى أفغانستان ، والولايات المتحدة تسعى إلى تحويل ذلك البلد إلى مستنقع يستنزف السوفييت عسكريا وسياسيا ، ويحطم سمعتهم كنصير للأمم الضعيفة فى وجه الإمبريالية الأمريكية .
مساعدة الأحزاب الجهادية الأفغانية كانت بداية الخيط . والمطلوب هو توحيدها فى كيان واحد يتعامل العالم معه بدلا عن ستة أحزاب متنافرة ودائمة الإنشطار . وزراء خارجية الدول الإسلامية طالبوا تلك الأحزاب بتكوين جبهة مشتركة وقائد واحد يمثلهم أمام مؤتمر قادم فى إسلام آباد الباكستانية . بصعوبة وبعد مناورات ومشادات وخلافات داخلية إتفقوا على أن يكون (عبد الرسول سياف) الذى خرج من كابول مع دخول قوات الجيش الأحمر بعد أن قضى فى السجن ست سنوات ، آخر أشهر منها كان فى ظل حكم إبن خالته الزعيم الشيوعى ” حفيظ الله أمين ” .
كان سياف موضع شك من زملائه فى الإخوان خاصة ( حكمتيار) . و بصعوبة قبل به الباقون تحت شرطين أساسيين وقع عليهما بالموافقه ، وهما :
1 ـ أن لا يشكل لنفسه حزبا مستقلا يترأسه .
2 ـ أن يجمع الأموال والمساعدات الخارجية ويوزعها بالتساوى على الأحزاب الجهادية .
مثل سياف أحزاب المجاهدين أمام مؤتمر وزاراء خارجية دول منظمة العالم الاسلامى . ثم ترأس وفدا قام بزيارة دول الخليج مبتدئا من أبو ظبى ثم قطر وأخيرا السعودية ، ثم عاد من الجولة محملا بأكداس من التبرعات الشعبية السخية جدا خاصة من حلى النساء . ومن الحكومات فاز بعدة ملايين من الدولارات ،
(ومن السعودية 15 مليون دولار حسب أحد كتاب الإخوان ) .
أسرع سياف بالعودة إلى بيشاور كى ينقض جميع ما اتفق عليه ، إحتفظ بالمال لنفسه ، وبدأ فى تكوين حزبه الخاص مستخدما نفس إسم “الإتحاد الإتحاد الإسلامى لتحرير أفغانستان” الذى كونته الأحزاب تحت رئاسته ، فأصبح كل من رفض هذه الخيانة خارجاً عن الشرعية والشريعة والإتحاد / هكذا مرة واحدة / مدعوما فى ذلك من من الدوليين ، إخوانا وسلفيين .
فكانت أكبر وأهم عملية ” تكويش ” فى تاريخ إتحاد المنظمات الجهادية فى بيشاور ، التى كانت كتلة من السلبية على شعبها وعلى الجهاد وعلى المسلمين . ومع ذلك ظل سياف يحظى بدعم الإخوان والسلفيين إلى أن إنسحب السوفييت ثم سقط النظام الشيوعى . فتقدمت إلى كابول حكومة الإخوان التى شكلها مدير المخابرات السعودية بمساعدة نظرائه الباكستانيين وبطوله سياف الذى هندس صيغة الحكومة التى بدأها مجددى رئيسا
(( وهو إخوانى قديم من جيل الخمسينات فى مصر ـ ومحسوب على المحافظين المعتدلين ، وليس الإخوان الذى إنتقى لهم الغرب صفة الأصوليين للتعمية على عدم أصوليتهم )) .
فاز سياف بمئة مليون دولار ومجددى بخمسين مليون لقاء إتمام الصفقة ، والدخول فى نظام كابول برأس إخوانى وتركيبة مختلطة من ليبراليين وشيوعيين سابقين ، وضمت حتى زعيم الميليشيا الاوزبكية عبد الرشيد دوستم الذى ظل قريبا من قمة النظام الإخوانى إلى أن جاء نظام الإحتلال فتولى عدة مناصب رفيعة فى الجيش ، وهو الآن نائب أول لرئيس الوزراء ويتصدى للمهام العسكرية الصعبة فى مواجهة المجاهدين ومدافعا عن قوات الاحتلال .
وقت الجهاد ضد السوفييت كان الجهاد تجارة رابحة تدر الملايين ، رأتها الأحزاب الجهادية فرصة لإكتساب المال والمجد والشهرة فى آن واحد . أمريكا كانت مصدر كل تلك الخيرات ، ولأجلها عملوا معها مباشرة أو عبر حلفائها من باكستانيين وعرب من رجال دولة ودعاة “صحوة” إسلامية . فأثير الرأى العام الإسلامى ، وتم إجتذاب الألوف من شباب المسلمين المتحرق لخدمة دينه .
شباب فى معظمهم سريع الإلتهاب العاطفى ولكنهم غير قابلين للإستيعاب أو الفهم ، لأن القادة والزعماء يعملون على تنمية وتر العاطفة والحماسة ، ولا يقدمون شيئا من الشرح أوالتوضيح أوالوعى ، بل يعتبرون كل ذلك بدعة ومن نواقض الإيمان ، وأصحابها موضع إتهام وعرضة للعدوان المعنوى والمادى بعد تصنيفهم فى دائرة المرجفين أو الأعداء ، ثم تشن عليهم الحروب بلا أخلاق ولا ضمير ولكن باسم الدين والعقيدة الصحيحة.
بـلاغـة للـبـيـع :
عندما كان الجهاد سلعة رائجة وتجلب الملايين وكانت أمريكا راضية وسعيدة بمن يخوض بالسلاح حربا ، كانت باردة بينها وبين السوفييت ولكنها دامية بين السوفييت والمسلمين ، أمريكا بذلت الدعم المالى والسياسى لتربح أهم حرب “بالوكالة” نشبت بعد الحرب العالمية الثانية .
ــ فى ذلك الوقت تكلم وخطب الرجل الرمز ، “سياف” كبير إخوان أفغانستان كما لم يتكلم أو يخطب أحد من الأفغان أو العرب . تكلم وخطب وهو يعلم أنه يمارس جهادا فى سبيل أمريكا (وليس فى سبيل الله) . خطيبهم المفوه أمير الجهاد الأفغانى حسب إعلام الإخوان آنذاك ، كان يهدر كالبركان بالجمل البليغة التى شبهها أحد الأفغان المختصين بأنها نسخة من بلاغيات سيد قطب فى كتابه “فى ظلال القرآن” .
ملاحظين أهمية البلاغة والقدرات الخطابية فى السيطرة على حماس الشباب وإجتذابهم إلى طرقات لا يعرفون إلى أين تسير بهم . ومازالت الغالبية العظمى من القيادات الإسلامية تعتمد على الخطابة ، والكلمات المدوية ، الشاردة فى اللانهائى من الأهداف غير المحددة بأى حدود.
فهل نستغرب ما سببه الإسلام السياسى بجميع أطيافه من مصائب فى الربيع العربى ، وتحطيم الدول والمجتمعات والإنتكاس بأحوال الشعوب ، وتدهور وضعية الإسلام فى بلاد العرب ، والسقوط المدوى لأعمدته ورموزه من الإخوان إلى السلفيين إلى الصوفيين إلى الوهابية القتالية ، وصولا إلى كارثة داعش وأخواتها التى تدمر كل شئ ، وتدمر الأمل قبل أى شئ . سقوط متسارع فى هاوية لا يعرف لها قرار ، تسقط فيها المنطقة جميعاً شعوبا وأنظمة وإسلاميين .
ــ وسوف نرى من الهجمات البلاغية لسياف خلال “جهاده فى سبيل الولايات المتحدة” ضد السوفييت ، ثم الجولة الثانية من “جهاده فى سبيل الولايات المتحدة” ضد مجاهدى طالبان . إن البلاغة تسير خلف المكاسب المالية والمصالح السياسية قبل كل شئ .
والجمهور المستهدف هو بكل أسف الشباب القادر على الفعل . والمطلوب تضليل مجهودة ” العضلى” وتعطيل قدراته “الذهنية ” ومنعه من الفهم ، والعمل بكل وسيلة ضد أى محاولة إنارة أو إستنارة للعقول ، وتجريمها أو حتى تكفيرها ، دفاعا عن ” قدسية الجهل” . فإحباط أى جهاد حقيقى مستنير ، هو الهدف الأسمى للتيار الإسلامى المحتمى بالسلفية الوهابية .
ليس بالكلام فقط ، بل وقف سياف بالسلاح ضد من يجاهد لتخليص بلده من الإحتلال الأمريكى ، ومدافعا عن تحالف أبدى مع الولايات المتحدة تحت دعوة إتفاق شراكة استراتيجية ، وعندما راجعه فى كابول بعض من يمتلكون بقايا ضمير متحفظين أمام الزعيم على إتفاقية التعاون الأمنى والاستراتيجى مع الولايات المتحدة ، فأجابهم بحسم :
(( ومن سيدافع عنا إذا لم نوافق على الشراكة الاستراتيجية مع أمريكا ؟؟ )) .
وفى الحقيقة فإن الطاقم الذى جاء بالأمريكان وقاتل لأجلهم ، يموتون الآن رعبا من فكرة إتمام إنسحاب القوات أمريكية ، وأن لا تلتزم أمريكا بحماية العملاء . لذا يركض الجميع لإعادة تسليح ميليشياتهم الخاصة لإستئناف الحرب الأهلية التى إحترفوها منذ الغزو السوفيتى عام 1980 وإلى الآن .
ــ سياف يطالب الأمريكيين بتسليح ميليشياته فى كافة المحافظات ليقاتل بهم المجاهدين لأنهم حسب قوله أقدر من الجنود الأجانب على قتال الأفغان .
فأمريكا تمسك بصمام التزويد بالأسلحة بعد أن سحبت من الجميع ما كان بحوزتهم من سلاح ، وتولت بنفسها تسليح الميليشيات وشركات الأمن الخاصة التى يديرها لوردات الحرب السابقين .
سياف من جهتة سلم للأمريكيين مخزون هائل من الأسلحة ، كانت قد تبقت لديه منذ فترة الجهاد ضد السوفييت . ثم طلب من أتباعه بالإنضمام إلى الميليشيات المحلية والقتال إلى جانب الأمريكيين ضد مجاهدى طالبان .
أما هو نفسه فبقى فى المكان المفضل الذى يشغله منذ تشكيل “حكومة المجاهدين” عام 1993 ، فاحتفظ بموقع المستشار فوق العادة للنظام الحاكم ، وزاد عليه منصب عضو مجلس النواب عن محافظة كابول .
وتصفه مصادر المجاهدين بأنه ” أخلص المستشارين للحكومة العميلة وللجنرالات المحتلين الذين يفزعون إلية كلما واجهوا مشكلة مع الشعب الأفغانى المسلم ” .
أما كبار مساعديه الحزبيين فى وقت الجهاد ضد السوفييت فقد تقلدوا أعلى المناصب فى ” جهاز الأمن الوطنى ” وهو جهاز المخابرات الداخلية المختص بتعقب المجاهدين ، وضبط وتعذيب وقتل المشتبه بهم .
ثلاثة من أهم رجال سياف تولوا قيادته ذلك الجهاز الرهيب منهم عبد الله اللغمانى . إغتال المجاهدون “اللغمانى” بعملية إستشهادية . صلى سياف على الجنازة التى غطتها الطائرات الأمريكية ودفنوه بالقرب من المقبرة الملكية . ويتولى قيادة جهاز الأمن الوطنى حاليا سفاح شهير من رجال سياف أيضا هو (أسد الله خالد) ، وقد حاول المجاهدون إغتياله عدة مرات .
ومن قبله قاد ذلك الجهاز سفاح آخر من رجال سياف هو (أمر الله صالح ) الذى إستقال من منصبه ، ربما خوفا من الإغتيال .
زعماء الأمن هؤلاء من رجال سياف يعملون فى مناصبهم الأمنية والعسكرية بارتباط وثيق مع المخابرات الأمريكية ، وغالبا فى إمتداد لعلاقة قديمة منذ وقت الجهاد ضد السوفييت ، حيث أن عدد كبير من كبار كوادر الأحزاب الإخوانية الثلاث ( والأحزاب الجهادية عموما ) كانوا على إرتباط وثيق بالمخابرات الأمريكية ، وينسقون معها خطط العمل الميدانى ، بينما القادة الكبار ـ من حجم سياف ـ منهمكون فى صياغة الخطب النارية التى تثير حماس وإعجاب الشباب المسلم فى العالم العربى والإسلامى .
ـــ زعماء الأحزاب الجهادية الإخوانية الأفغانية وصفهم الدكتور عبد الله عزام فى إحدى خطب الجمعة فى بيشاور بأنهم (أفضل من أنجبتهم الأمة الإسلامية خلال القرنين الأخيرين على الأقل ). ثم وصف سياف بأنه (صمام الأمان فى الحكومة الأفغانية المؤقتة) التى تشكلت عام 1998 فى باكستان برئاسة صبغة الله مجددى والمشهور بين الشباب العرب بأنه من القادة المعتدلين الموالين للغرب .
الـدولار يـربـح :
إلى كلمات سياف الملتهبة خلال فترة الجهاد ضد السوفييت ، نبدأ بالنظام الأساسى لمنظمتة الجهادية الأصولية المسماة (الإتحاد الإسلامى لمجاهدى أفغانستان) . يقول دستور منظمة سياف ، يتلحص هدفنا فى الجملتين التاليتين :
أ ـ إدخال الناس فى عبادة الله الذى هو رب الجميع .
ب ـ إقامة الخلافة الإسلامية فى الأرض على نهج الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم .
وفى مادة أخرى : … من أهداف منظمتنا معاداة الملحدين والمشركين والكفار والمنافقين والظلمة وسائر أعداء الإسلام . ( دستور الإتحاد الإسلامى ـ فصل المواد العامة ـ طبع عام 1987 ) .
هذا عندما كانت تجارة الجهاد رائجة أما عندما جاء الإحتلال الأمريكى إلى أفغانستان ، قاتل سياف ومنظمته فى مقدمة صفوف المحتل ، وتبوأ مع رجاله أعلى المناصب السياسية والأمينة والعسكرية والتشريعية فى ظل الإحتلال .
ومن موقعه فى البرلمان وافق بلا أى إعتراض على مواد الدستور الذى وضعه المستشارون الأمريكيون لأفغانستان ، كما وضعوا دستورا للعراق بعد إحتلاله .
ذلك البون الشاسع بين لهجة الكلام العقائدى ، وبين طبيعة التصرف الدنئ ، هو من سمات تلك “المدرسة الجهادية ” التى أصبحت شائعة ، ولم تعد تقتصر فقط على مصدرها الإخوانى .
إنها تتعامل بعمق مع العدو ، لكنها تخدع بكل سفالة شباب المسلمين وعوامهم ، مظهرين لهم عكس ما هو واقع ، مانعين ظهور أى عمل إسلامى جهادى حقيقى .
لقد ضاعت الثقة ، واللهجة المنافقة العالية هى التى تحكم الجمهور ببلاغتها وصوتها العالى . وكما يقال : فإن العمله الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق .
ما بين عنتريات وقت الجهاد ضد السوفييت ، والخطابات النارية من نسيج أدبيات سيد قطب ، وما بين العمالة الكاملة للمستعمر والقتال إلى جانبه وتدعيم أركان الإحتلال بكافة السبل السياسية والأمنية ، توجد حلقة وسط كانت سرية إلى أن تكلم عنها المحتلون أنفسهم . إنها لحظات دفع الدولارات إلى أيدى هؤلاء العملاء ” الكبار” فى أعين الناس ، ولكن الحقراء فى أعين المحتل الذى يستخدمهم بأموله .
ــ ” كرى شرون” عضو فريق المخابرات الأمريكية الذى ذهب إلى أفغانستان تمهيدا لعملية الغزو العسكرى ليرتب للغزوة مع العملاء المحليين من قادة تحالف الشمال ، الذى كان سياف من أبرز قياداته ، ومعه برهان الدين ربانى الإخوانى الآخر وصاحب أكبر قوة عسكرية فى التحالف بقيادة أحمد شاه مسعود الحليف المقرب لروسيا وإيران والهند وفرنسا والإتحاد الأوروبى .
يقول ” كرى شون” فى كتاب له عن تلك التجربة ، عنوانه ” الورود الأول”
{{ فى 29 سبتمبر من عام 2001 وضعت كيسا به مئة ألف دولار على سطح المكتب ودفعتها لسياف فى مدينة جلبهار بولاية بروان … حينما وضعت لسياف كيس الدولارات على سطح المكتب ،فهو وخلافا لبقية القادة الذين كانوا لا يبالون بالأموال للوهلة الأولى أخذ الكيس بعجلة مدهشة وقربها من عينيه المليئتين بالفرح والسرور لكى يتأكد من الدولارات ، ثم نبذها بسرعة إلى أحد مساعديه ، ثم قال لى وهو يضحك : “لأول مرة أستلم نقودا عينية” .
لكن كلام سياف الأخير ذكرنى بكلام تركى الفيصل رئيس الإستخبارات السعودية السابق حيث كان يقول : ” دائما عندما كنت ألتقى سياف كنت مضطرا أن آخذ معى دفتر الشيكات البنكية لأن سياف كان متعودا على أموالى ” }}.
بقلم: مصطفي حامد ابو الوليد المصري ــ الإسكندرية ـ ( 20/ 9 / 2015 )
copyright@mustafahamed.com
المصدر: موقع مافا السياسي