رياح السموم .. الإسلام السياسى : تدمير الإسلام التقليدى وبيئته الإجتماعية ( 3 من 6 )
رياح السموم .. من بلاد العرب إلى بلاد الأفغان : ( 3 من 6 )
الإسلام السياسى : تدمير الإسلام التقليدى وبيئته الإجتماعية
إن شئنا التحديد فإن ما جرى الإصطلاح عليه بأنه ( الإسلام السياسى ) هو ما نعنيه هنا برياح السموم التى هبت من بلاد العرب فأربكت المشهد الأفغانى وأضعفت من قدراته التاريخية فى التصدى للغزو الخارجى ، معتمدا على تراث دينى عريق متوارث ، وعلماء يحظون بمكانة إجتماعية عالية جدا ، ثم القوى الإجتماعية الراسخة والمتمثلة فى القبائل ، التى يمكن أن تختلف على أى شئ ما عدا إثنين من المقدسات الجامعة وهما الإسلام ، والحرية .
بإختصار فإن الإسلام السياسى موجه أساسا لإضعاف البنية الإسلامية الحقيقية فى المجتمع لإستبعادها ، إما مباشرة وفورا : كما تصنع السلفية بأنواعها وصولا إلى الحركة التكفيرية الوهابية التى تكفر كل البنيان الإسلامى التقليدى ، وتهدمه فورا بإعمال السيف فيه .
= والطريقة الأخرى هى ما يتبعه تيار “الإسلام السياسى المعتدل” وترأسه جماعة الإخوان المسلمون ومشتقاتها. وأسلوبها فى ضرب الإسلام التقليدى وقواه الإجتماعية الحاضنة هى :
أولا : الإستمرار فى تمثيل الدين وإدعاء التجديد والحداثة ، وبذلك يضعف العلماء التقليديون وتبقى الكتلة الإجتماعية الحاضنة بدون حماتها ومرشديها التاريخيون . وتضم الجماعة فى صفوفها بعض هؤلاء العلماء الذين يقبلون بالجلوس فى الصفوف الخلفية للجماعة بدون سلطات أو صلاحيات ، سوى الجلوس كعرائس خشبية ، لإيهام الجمهور أن “العلماء” يدعمون الحركة .
وهذا ما فعلته أحزاب الإخوان المسلمين فى أفغانستان ، إذ استقطبت بالخديعة والإغراء من استطاعت من علماء مجاهدين ، وأبعدتهم عن قبائلهم وعن جبهات القتال ، وشغلتهم بمهام فرعية أو تشريفاتية فى كواليس تلك الأحزاب .
والذين رفضوا اللعبة الحزبية للإخوان وأصروا على البقاء وسط قبائلهم ومجاهديهم ، منعت عنهم المعونات. (( وتلك هى كلمة السر العظمى فى قضايا الجهاد الذى تموله جهات خارجية كما حدث فى الجهاد ضد السوفييت ، وكما هو حادث الآن فى عمليات الجهاد فى دول الربيع العربى من ليبيا إلى اليمن مرورا بالعراق وسوريا )) .
الحزب أولا : قبل الإسلام وقبل القبيلة .
أسس الإخوان وتنظيماتهم الحزبية فى أفغانستان لقاعدة جديدة فى القيادة ، التى كانت سابقا وقفا على علماء الدين وزعماء القبيلة وأبنائها المميزين . فأصبحت القيادة ” للحزب” القادر على الإمداد بالمال والسلاح فى مقابل الولاء الحزبى فقط ، بصرف النظر عن القتال ضد المستعمر الذى لم يعد هو العدو الأول بل يسبقه أو حتى يستبدل بعدو آخر هو الأحزاب المنافسة ، العاملة فى نطاق نفس القبلية أو فى الجوار الجغرافى . فصار القتال داخليا بين الأحزاب رغم الإنتماء القبلى الواحد وقبل ذلك الإنتماء الدينى الواحد . فتزايدت الصراعات الداخلية وضعفت رابطة الدم داخل القبيلة ، كما ضعفت الرابطة الإسلامية بين القبائل . حتى القبيلة الواحدة تجزأت بعدد الأحزاب التى إخترقت صفوفها لتجنيد الأتباع تحت إغراء المال والسلاح ، فصارت القبيلة الواحدة سبعة قبائل على الأقل ، وتباعدت القوميات عن بعضها حيث إكتسبت بعض الأحزاب صبغة عرقية إلى جانب الصفة الدينية . مثل الحزب الإخوانى المسمى بالجمعية الإسلامية الذى كان يقوده برهان الدين ربانى أكبر الإخوان سنا ـ وكان من القومية الطاجيكية ـ وقد إكتسب حزبه حتى الآن تلك الصفة القومية .
جميع الأحزاب الجهادية لعبت أدوارا سلبية كثيرة ، كان أبرزها تفريق صفوف الشعب الأفغانى ، وجعل القضية الأولى هى الحزبية ـ وليس الحرية والإستقلال والتخلص من الإحتلال . وعلى نطاق واسع فهم الشعب الأفغانى الدور السلبى للأحزاب ولكنه كان مضطرا للقبول بها كأمر واقع لا يمكن دفعه ، لأن الإستفادة مما توفره الأحزاب من إمدادات للقتال ، هو أمر أكثر فائدة من محاولة مقاومتها والإنغماس بالتالى فى قتال داخلى ، وخيم العواقب من كافة الوجوه .
ولو أمعنا النظر لاكتشفنا أن فرق الإسلام السياسى / من أقصى التكفير الوهابى الى أقصى الأكروبات السياسى للإخوان / جميعا تفرق الشعوب ولا تجمعها ، وتضعف الحالة الإسلامية المتوارثه بدون أن تقدم عنها بديلا أو أن تطورها وتقومها .
كما أنها جميعا تصرف أنظار الشعوب عن قضاياها وأعدائها الحقيقيين ، إلى أهداف ثانوية وأعداء مخترعين . فلا نندهش إذن من ترحيب إسرائيل بهؤلاء الإخوان والجهاديين التكفيريين ، ونفهم دفاع أمريكا والغرب عن الإخوان المسلمين والسعى لإعادتهم إلى قمة الساحات التى فشلوا فيها خلال عواصف “الربيع العربى” نتيجة لحماقاتهم وإدمانهم على العمالة المنقادة وليس القيادة الرائدة .
وندرك أيضا تمسك أمريكا بالإخوان المسلمين كشركاء على قمة السلطة فى أفغانستان المحتلة أمريكيا ، كما تمسكت بهم على قمة الأحزاب الجهادية وقت الإحتلال السوفيتى ، ثم على قمة السلطة فى كابول فى حكم مشترك بعد إنسحاب السوفييت ، إلى أن أسقطتهم حركة طالبان ، فتدخلت أمريكا مباشرة لإسقاط إمارة طالبان الإسلامية بعد عملية 11 سبتمبر المفتعلة ، فى حملة عسكرية بالغة العنف أعلنها جورج بوش حربا صليبية بلا حياء أو مواربة .
ــ ذلك هو جانب واحد من جوانب الآثار المدمرة لرياح السموم العربية التى ضربت أفغانستان ، وهو للتذكير : { ضرب الإسلام التقليدى وتفتيت البيئة الإجتماعية الحاضنة له } . بمعنى إستبعاد وإضعاف العلماء ودورهم فى المجتمع ، ثم تفكيك المكونات التقليدية للمجتمع إلى شظايا متناحرة غير قادرة على حمل رسالة الدين أو حمايته .
ذلك هو دور الإسلام السياسى بجميع أطيافه ، من الإخوانى وحتى التكفيرى الفوضوى ، وهى تيارات تؤدى هذا الدور عن جهل مطبق على مستوى القواعد والكوادر ، وليس على مستوى القيادة العليا التى تمسك بمفاتيح التمويل والتوجيه الحركى ( أى القرار السياسى للحركة ) . تلك القيادات تمارس دورها المدمر بوعى كامل .
تكامل دور الأنظمة الحاكمة التى فرضها الإستعمار مع دور الإسلام السياسى فى تحقيق ذلك الهدف الإستراتيجى ، إلى أن ضعف دور العلماء فأصبحوا غثاء ملحقا بالسلطة التنفيذية الحاكمة وداعما لدورها القمعى ومبررا لسياساتها مهما كانت . أما المكونات الإجتماعية فقد ضعفت القبائل كثيرا بفعل الأنظمة التى جاءت بعد الإستعمار .
والمجتمعات التى كانت تتمتع بعائلات كبيرة (كبقايا من القبائل) تحللت فيها العائلة الكبيرة لصالح العائلة بالغة الصغير ، وحتى تلك أصبحت تواجه صعوبة كبيرة فى الإستمرار ، فتضاعفت نسب الطلاق وتفككت العائلات كنتيجة حتمية لتفشى الفقر والإنحلال الأخلاقى فى مجتمع إستهلاكى قائم على الفردية ومفتوح على مصراعيه أمام غزو ثقافى جارف من الثقافة الأمريكية .
وفقد المجتمع أى مؤسسات شعبية تشارك فى السلطة وتراقب أداء الحكومات .
الجهاد فى سبيل أمريكا :
يمكن القول أن الأحزاب الإخوانية الثلاثه كانت هى عماد ” الجهاد الأفغانى ” ضد السوفيت ، أما الأحزاب الثلاث الأخرى ، من علماء ملكيون ، فكان تواجدهم ثانويا ولمجرد تملق الرأى الشعبى الأفغانى . وبين المجموعتين يجئ ” حزب إسلامى ” بقيادة مولوى يونس خالص الذى ضغطوا دوره حتى صار حزبا موضعيا إنحصر معظم نشاطه فى ولاية واحدة بعد أن كان مرشحا لدور كبير وإقبال شعبى غير عادى .
فالرجل من العلماء ، وقد استفاد إلى حد ما من طرق العمل الإعلامى والسياسى التى أدخلها الإخوان المسلمون فى مواجهة التيار الشيوعى فى كابول فحقق شعبية مرموقة ، وكان مقبولا من الإخوان والعلماء التقليديين معا . ولكن الجميع إنقلب عليه عندما لاحظوا تنامى شعبيتة ، التى أقلقت العيون الأمريكية اليقظة لكل شاردة وواردة ، والأيدى الباكستانية الممتدة عميقا فى أحشاء التنظيمات الجهادية الأفغانية.
ــ كانت تجربة الجهاد الأفغانى فرصة ذهبية لم يسبق وأن أتيحت للإخوان الدوليين . فارتفعت أسهمهم الدولية بعلاقات وثيقة ومميزة مع الولايات المتحدة التى إرتضت بمكانتهم الأولى على رأس الجهاد الأفغانى ، ووافقت مع باكستان على تخصيصهم بحصة الأسد من إمدادات السلاح مع الأموال المتدفقة من دول الخليج العربى . الجانب السلبى لذلك هو توجس النظمة العربية القوية من ذلك التقارب وتحسبها لأن يحتل الإخوان / والسلفية الجهادية/ مكان الحظوة لدى أمريكا ، فيتولون مستقبلا زمام الحكم فى العالم العربى . وهذا التوحس ثبتت صحته بعد ذلك فى العقد الثانى من القرن التالى “الحادى والعشرين”.
وخلال تلك الفترة تلقى تيار الإسلام السياسى مضايقات لا تحصى والعديد من الضربات المؤلمة من جانب عدد من الأنظمة العربية المتوجسة شرا . أما تنظيمات السلفية الجهادية فتحولت تدريجيا إلى الوهابية الجهادية أو حتى الفوضوية بتأثير ضغوط الأنظمة والدفع المدروس والعنيف صوب المزيد من التطرف بفعل الأجهزة الأمريكية المستفيدة ليس فقط بإمكانات العلم والتكنولوجيا بل أيضا بدراسات علوم الطب الحديث وعلوم النفس والإجتماع ، فأوصلتهم بتلك الجهود الأمنية والعلمية / وأحيانا العسكرية / إلى نقطة التطرف التى تتيح لها الإستفادة الكاملة منهم .
ــ فى ثمانينات القرن الماضى ، تمكن الإخوان من شحن الرأى العام العربى والإسلامى خلف قضية المسلمين الأولى ، أى أفغانستان وليس فلسطين بالطبع ، فانهالت الفتاوى بأن الجهاد فى أفغانستان فرض عين . وفتحت المطارات للعبور ، والسعودية كانت مركزا لنفرة المجاهدين صوب أفغانستان ، فتمكن الشباب من الحصول على تذاكر سفر مجانية أو مخفضة ، وإقامة مجانية وكريمة فى المملكة ، وتزكية إلى بيوت الضيافة فى إسلام آباد وبيشاور فى باكستان ، ومن هناك تتولاهم قنوات أخرى لتوصلهم إلى جبهات قتال . مع ملاحظة أنه بعكس الشائع فإن تدريب الشباب المتطوع لم يكن مرغوبا فيه من أى أحد ، ومعظمهم دخل إلى الجبهات خالى الوفاض من أى تدريب . ولم تبدأ موجة التدريب الحقيقية إلا على يد أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة المندمج وقتها مع تنظيم الجهاد المصرى . فبدأت موجه التدريب بجهود ذاتية مضنية ولم يتمكن أحد من إيقافها ، بل نجحوا فى عرقلتها كما نجحوا فى خلق معسكرات للتدريب الوهمى ، مثل معسكر تدريب كونار التابع للقائد السلفى (جميل الرحمن) والذى أشرفت عليه جهات سعودية معنية بالأمن .
ولكن الإخوان لم يساهموا فى ذلك المجهود التدريبى خوفا من الأنظمة العربية ، فصاروا موضع تندر من الشباب العربى فى بيشاور ، خاصة حينما قال مرشد الجماعة ( حامد أبو النصر ) عندما زار بيشاور وسأله الشباب عن سر غياب الإخوان عن ساحات القتال واكتفائهم بأعمال الإغاثة الطبية والغذائية ، فقال ما معناه ( كنت أتمنى أن تسمح لنا حكومتنا بالجهاد .. ولكنها لم تفعل) . ولكن بمجهودات فردية بحتة تسرب بعض شباب الإخوان إلى الجبهات وبأعداد لا تذكر . وفى مجال التدريب يمكن بالكاد حصر أقل من خمسة مدربين إخوان طوال فترة ذلك الجهاد ، شاركوا بالفعل فى عمليات التدريب ولكن لفترات محدودة جدا ولا تكاد تذكر أيضا .
لقد أشعل الإخوان حماسة شباب المسلمين للجهاد بالنفس فى أفغانستان ، ولكنهم لم يجاهدوا سوى بالبطاطين والأدوية وتركوا ضريبة الدم لغير شباب الإخوان .
ولكن بعد أن قرر الأمريكيون أن المولد قد إنفض وانتفت الحاجة إلى مثل ذلك الصنف من الشباب ، أعطوا إشارة البدء بالهجوم والمطاردة ونعت المتطوعين الشباب بالإرهاب والتطرف . كان الإخوان أول من ردد الإتهامات وعرضوا أنفسهم كقوة إعتدال قادرة على قمع تطرف من أسموهم (العرب الأفغان) ، الذين وصفت دورهم فى كتاباتى بأنهم مثل “بغال التحميل” التى تقتل رميا بالرصاص بعد إنتفاء الحاجة إليها .
ــ كان التقارب على أشده بين الأمريكيين والإخوان بعد نجاح التجربة فى أفغانستان بدرجة فاقت الوصف، فلقد أنتهى الإتحاد السوفييتى وكان الأمل فى البداية إستنزافه وإحراجه دوليا ، وأن تكون أفغانستان مثل كوبا ، أى مشكلة دائمة منخفضة المخاطر ، تتيح لأمريكا تدخلا دائما فى المنطقة بدعوى حماية دولها من المد الشيوعى . وبالنتيجة شعرت الأنظمة العربية بالخطر من التقارب الإخوانى الأمريكى والعلاقة الفعالة والناجحة التى أثبتت نفسها بجدارة فى المجال الدولى ، فكانت مدخلا لهزيمة السوفييت بل وزوالهم . ومن يومها بدأت تلك الأنظمة سياسة دفاعية ضد تقدم الإخوان ، تتراوح تلك السياسة بين الإستيعاب والقمع المحدود ، وليس الإبادة كما حدث مع متطوعى أفغانستان الذين واجهوا حربا طاحنة أضطروا إلى خوضها أو تورطوا فيها بغباء معتاد من قياداتهم الرعناء .
لقد أتقن الإخوان سياسة إستخدام بغال التحميل ، أو ” المجاهد لمهمة واحدة ” والذى ظهر فى أفغانستان ، وهو المتحمس الجاهز لبذل روحه فى الجهاد فى سبيل الله ( حسب نيته الشخصية ) أو ( الجهاد فى سبيل أمريكا ) حسب نية الإخوان وقيادات الجهادية الوهابية التى يمكن للإخوان أو دول الخليج التأثير عليهم . وظهر التحالف جليا منذ أحداث الربيع العربى فى عام 2011 وحتى الآن .
وتجلت مهارة الإخوان / فى تشغيل أو إدارة أو توريط / الوهابية القتالية ، كما فى اليمن وليبيا وسوريا . ولا يمكن الجدال حول أهمية الدور الذى إحتله الإسلام السياسى الذى توسع ليشمل ـ أحيانا ـ تحالفا بين الإخوانية الدولية والجهادية العابرة للقارات ، فى إطار السياسة الكونية للولايات المتحدة ، التى أصبح ” الحرب على الارهاب ” محفزا رئيسيا لمنابع قوتها : عسكرية / أمنية / مالية / استراتيجية / فى آن واحد . ولكل طرف دولى أن يأخذ من ذلك الإرهاب أو يعطى ، يمنح أو يمنع ، يستفيد منه أو يضر منافسيه ، حسب طاقته وقدراته ومصالحة .
للإخوان مكانة متقدمة جدا من كل ذلك ـ منذ الحرب الأفغانية / السوفيتية وإلى الآن . ورغم نكسة الإخوان فى مصر وتراجعهم فى سوريا ، إلا أنهم منتشون جدا فى اليمن وليبيا وحتى فى العراق ـ أما السلفية الجهادية أو بالأحرى ( الفوضية الوهابية) فقد زادت خبراتها المكتسبة من سنوات الممارسة التى بلغت الآن حوالى ثلاثة عقود ، ولكنها لم تصل إلى درجة النضج التى وصلها الإخوان الأكثر عراقة وخبرة فى لعبة (الإسلام السياسى) أى المتاجرة بالاسلام فى سوق السياسة ، كسلعة تضمن تواجدا شعبيا فى العالم العربى الذى يفتقر الى أى تواجد سياسى غير حكومى . وذلك راجع إلى الطبيعة القمعية للأنظمة ، وإلى التربة الإجتماعية التى لا تتقبل حتى فكرة الأحزاب التى نبتت أصولها فى ظروف المجتمعات الغربية ونقلت تعسفا إلى التربة العربية ذات الثقافة المغايرة .
ــ نجاح الإسلام السياسى فى سوق السياسة الدولية والإقليمية ـ بدأ منذ عصر عبد الناصر وفرار الإخوان من مصر مهاجرين صوب دول الخليج النفطى تحت ثقل المطرقة الأمنية الناصرية . فكانت بداية مزدهرة (لإسلام السوق) الذى به تحولت ليس فقط الجماعات الإسلامية إلى مشاريع تجارية مربحة ، بل وحتى الدعاة المشهورين والمؤسسات الدينية الكبيرة ، توجهوا جماعيا صوب الخليج لمقايضة ” الإسلام الوسطى” بالإسلام الوهابى فى مقابل عمولات مالية مجزية .
ــ ” الجهاد ” بدوره تحول إلى فريضة (وهابية) وليس إسلامية . فالمنظمات الوهابية تشن حربا لاهوادة فيها ضد أى حركة جهادية غير وهابية ( وأهمها وأخطرها أثرا فى تحولات العالم الجديدة هى حركة طالبان فى أفغانستان) لهذا تتسابق داعش والقاعدة للإستحواذ على أفغانستان والتمركز فيها كرأس رمح فى حرب أمريكية/ أوروبية ضد النظام الأسيوى الجديد . حربا أهدافها الداخلية فى أفغانستان :
1ـ ضرب حركة طالبان بإعتبارها جهادا غير وهابى .
2ـ ضرب العلماء الأفغان بإعتبارهم عماد المذهب الحنفى والعقبة الأكبر أمام فرض الوهابية فى أفغانستان تحت دعاوى محاربة الشرك والقبور .
والأهداف الخارجية لتلك الحرب هى :
زعزعة الإستقرار والأمن فى كل من إيران والصين كخطوة أولى ، ثم إسقاط النظامين وتقسيم البلدين على المدى الطويل . ويمكن قول نفس الشئ عن الهند وروسيا الإتحادية . ولا يمكن تصور أن أمريكا ودول الغرب بعيدة عن تأييد ذلك المسعى ، بل أنها الداعم الأول له ـ كما سيجرى بحثه فى موضع آخر .
بقلم: مصطفي حامد ابو الوليد المصري ــ الإسكندرية ـ ( 20 / 9 / 2015 )
copyright@mustafahamed.com
المصدر: موقع مافا السياسي