الاستمتاع بقتل الأفغان وتعذيبهم ليس نشاطا مقتصرا على السجون السرية، بل هو عمل يومي للقوات الأمريكية النظامية، وحدث ولا حرج عن المرتزقة ثم لا تسأل عما خفي من وجود إسرائيلي يهودي واسع في الحرب الأفغانية خاصة في مجال المرتزقة اليهود وتعذيب السجناء وترتيب مجازر للمدنيين جوا وبرا، بعناصر إسرائيلية تعمل ضمن قوات المرتزقة الأمريكان والأوربيين وقوات أوروبا الشرقية خاصة رومانيا وبولندا وقوات أخرى ساهموا في تدريبها قبل إرسالها إلى أفغانستان تحت غطاء التدريبات المشتركة والتعاون العسكري.
وقد وصلوا إلى القوات الروسية، التي وسعت مجال تعاونها العسكري مع إسرائيل.
والروس الآن يتسللون بهدوء وبالتدريج للعمل العسكري المشترك والمباشر مع الأمريكيين في أفغانستان تحت دعاوى عمليات مشتركة ضد تجارة وتهريب المخدرات، حتى اشتكى كرزاى من أن أحدا لم يخبره بهذا الانتهاك لسيادته!!… وذلك مجال لحديث آخر.
ولكن كل ما تحدثت عنه الأخبار والتقارير هو أقل بكثير جدا مما يحدث في الواقع، فأفغانستان أصبحت المستودع الأكبر للفضائح الأمريكية في جرائم الحرب والأعمال الوحشية التي لم يسبق لها مثيل في أى مكان.
وقد نجح الأمريكيون في إقصاء الإعلام الدولي عن الساحة الأفغانية، كما نجحوا في ترويع الإعلام المحلى ومنعه من البحث عن أي مصدر معلوماتي آخر سوى سلطات الاحتلال وحكومة كابل.
ليست عمليات التجاوز على المدنيين الأفغان عملا فرديا، بل هي أكبر من تكون مجرد سياسة دولة، ذلك لأنها تراث ثقافي عريق يصل إلى مستوى المعتقد الديني القائل بأن هناك عرقا يجب أن يسود ويحكم باقي الأعراق والأمم بتفويض إلهي.
ذلك التراث طبع مجتمعات كاملة بطابع العنف الدموي الزائد والعدوانية المفرطة، وحتى أصبحت الحروب الداخلية عملا دائما ومستمرا إلى أن بلغ تطور الأسلحة لديهم حدا جعل القتال فيما بينهم عملا انتحاريا، فاتحدوا جميعا لقتل وسرقة الشعوب المستضعفة وفي مقدمتها المسلمين.
لم تتوقف الحروب بين شعوب الغرب المتوحش إلا في الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية وإلى الآن، وذلك ليس لسبب أخلاقي أو ميل مفاجئ إلى السلم والتحضر الإنساني، ولكن لاستحالة تلك الحروب نتيجة امتلاك الكثيرين منهم أسلحة الدمار الشامل، فوجدوا الحل في التنفيس عن وحشيتهم في بلاد العالم المتخلف.
الآن وبعد أن اخترعوا شبح “الإرهاب الإسلامي” أصبحت الحروب الطاحنة من نصيب بلاد المسلمين فقط.
وافتتحوا أهم مجازرهم في عام 2001 ضد أفغانستان بقوة نيران لم يسبق لها مثيل وبأسلحة وقنابل لم تستخدم قبلا ومازالت بعض أنواعها مجهولة حتى الآن.
حتى قال الباحث الأمريكي “مارك هيرالد” بأنه في خلال الشهور الأولى من تلك الحرب تم ” كنس” مخازن الأسلحة في الولايات المتحدة وقذفها على رؤوس الأفغان.
ويفخر جنرالات الإجرام في الولايات المتحدة بأن قتل المدنيين هو واجب وهواية واستمتاع، فيقول المدعو “جيمس ماتيس” قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي، التي تقود القوات الأمريكية في 72 دولة، في محاضرة ألقاها في مدينة سان دييجو الأمريكية عام 2005 متكلما عن الأفغان:
(حينما تذهب إلى أفغانستان وتجد أناسا يصفعون النساء لأنهن لا يرتدين الحجاب، تجد أن إطلاق النار على هؤلاء الرجال متعة رائعة، سأقاتل مع جنودي هناك، لأن قتال هؤلاء في الحقيقة أمر مسل للغاية، من الممتع أن تقتل بعض الناس، أنا أحب القتال ).
التسلية كما يراها الجنرال هي قتل المسلمين تحديدا والمدنيين منهم بشكل خاص، أما المجاهدين فقد وضعوا ذلك الكلب المسعور في موقف لا يحسد عليه ولا يجد منه خلاصا سوى بإعلان الهزيمة والانسحاب بكل العار والخزي كما حدث لمن قبله من غزاة.
الغرب كله يرغب في إتلاف المجتمعات الإسلامية عن طريق إطلاق الغرائز البهيمية من عنف إلى جريمة وجنس، فتراهم يعلنون حربا لا هوادة فيها على عفة المرأة المسلمة والتي يرمز إليها الحجاب، ويرون في غيرة الرجل المسلم على حريمه جريمة نكراء يستحق عليها القتل.
وتناسى الجنرال أنه في فترة حكم الإمارة الإسلامية لم تتعرض امرأة واحدة في كل أراضى أفغانستان إلى حادث تحرش ناهيك عن جريمة اغتصاب، هذا بينما في بلد هذا المتحضر الدموي تغتصب 22 من كل مئة امرأة!!.
أمريكا هي بلد العنف الذي تحكمه مافيات من كل نوع يقتل فيه يوميا 65 شخصا ويجرح ستة آلاف آخرين نتيجة أحداث عنف، أي ربما أكثر من خسائرهم اليومية في حرب أفغانستان، ولأن الإجرام هو سمة اجتماعية وتراث تاريخي وعقيدة عسكرية دينية يتباهى بها جنرالات من أنصاف المجانين، فإن أي جندي يعرض على محكمة في حادث قتل إجرامي في العراق أو أفغانستان فإنه يلاقى كل العطف والتقدير، ومن السهل أن يقال عن مغتصب أعراض الحرائر وقاتلهن أنه “عاش طفولة صعبة”، فيكون ذلك مبررا كافيا لجريمته وحصوله على براءة أو حكم مخفف يكون تشجيعا مبطنا لكل الجنود على أن يتخذوه قدوة لهم.
وهذا ما حدث مثلا للمجرم المجند في الجيش الأمريكي “دالى جرين” الذي اغتصب فتاة عراقية ثم قتلها وأحرق جثتها، ولا ندرى إن كان أكل من لحمها المشوي أم أنهم تكتموا على الأمر.
فقد سمع العالم وشاهد في التسعينات جنود (حفظ سلام) إيطاليين يقتلون مسلما صوماليا ويشوونه على النار مثل الغزال.
فهذه هي ثقافة أوروبا وتراثها التاريخي وعقائدها الدينية الوثنية التي يجب على المسلمين الخضوع لطقوسها، وإن حاول مسلما أن رفع يده للدفاع عن نفسه فهو إرهابي يهدد أمن أمريكا وأوروبا والعالم المتحضر.
أما ما حدث تاريخيا من قتلهم حوالي مئة مليون من الهنود الحمر وسرقة أراضيهم، وخطفهم عددا قريبا من ذلك من مسلمي غرب أفريقيا وشحنهم إلى أمريكا /على سفن يمتلكها يهود/ ليباعوا كعبيد يعملون في مزارع القطن وباقي الأعمال الشاقة والمنحطة، فتلك ” كشوف جغرافية” وتحضير إجباري للأعراق المنحطة.
وهكذا أبيد عشرات الملايين من البشر في ثلاث قارات “إكتشفها” الهمج الأوروبيين، ثم خطفوا ملايين المسلمين واستعبدوهم لتعمير تلك البلاد.
وحتى نفهم جرائم الجيوش الأمريكية والأوربية في أفغانستان والعراق وقبلهما فلسطين، علينا أن نلقى نظرة سريعة جدا على التراث التاريخي والثقافي والعسكري الذي جاءنا منه هذا الوباء الغربي المتحضر.
ومن لسان مؤرخيهم نستمع إلى تلك الروايات لنرى مقدار التطابق بينها وبين ما يجرى الآن في بلاد المسلمين، وكأن وحوش الغرب قرروا إبادة هذه الأمة كما أبادوا من قبل حضارات البلاد الأصلية في الأمريكيتين واستراليا.
“جون سميث” مؤرخ أمريكي لفترة الاحتلال الأوروبي لبــــــلاد
الهنود الحمر وإبادة سكانها الأصليين، ذلك المؤرخ حضر واحدة من المجازر الكبرى التي تعرض لها السكان الأصليين ويؤكد أنه شاهد بنفسه كيف أن الغزاة الأوروبيين كانوا يبقرون بطون النساء الحوامل، ويقتلون الأطفال الرضع الذين لم تتجاوز أعمارهم ثلاثة أشهر (تماما، كما فعلت العصابات اليهودية عند احتلال فلسطين) هذا المؤرخ كان يتحدث أمام الكونجرس الأمريكي واصفا بعض ما فعله الجنود الأوروبيين في سكان البلاد الأصليين ومارسوه ضدهم من مجازر جماعية وإبادة عرقية قائلا:
(إن الجنود نهبوا كل ما كان يملكه الهنود الحمر وهشموا جماجمهم وسلخوا جلودهم من على أجسادهم وقلعوا رؤوسهم.
لقد بقروا بطون النساء الحوامل وعذبوا الأطفال وضربوهم بأخماص البنادق، ولم يرحموا حتى الأطفال الرضع الذين لم تتجاوز أعمارهم ثلاثة أشهر وقطعوا رؤوسهم ).
أما الجندي الأمريكي “جيمس كانين” فقد كان حاضرا وشاهد تفاصيل الجريمة وهو يروى بعض وقائعها قائلا :
(لقد شاهدت جنديا يقطع الأعضاء الحساسة للهنود الحمر ويعرضها على قطعة من الخشب.
وسمعت جنديا آخر يقول أنه قطع أصبع امرأة كي ينتزع منها خاتم.
وقال جندي آخر أنه كان يفض بكارة النساء ويركبهن على سرج الحصان ويقتلع قلوبهن وقلوب الرجال ليضعها الجنود على قبعاتهم أثناء العرض العسكري).
ممن حضروا مجزرة “ساند كريك” كان الرائد “جونجتون” الذي تباهي في مؤتمر صحفي قائلا:
أنه وجنوده قد ارتكبوا أبشع الجرائم في الحرب ضد الهنود الحمر ودمروا أشد مواقعهم تحصينا.
وبعد إعلان عن هذا “النصر!!” ساد الفرح والابتهاج الوحشي شتى أرجاء القارة الأمريكية ونظمت المسيرات الاحتفالية ابتهاجا بتلك المجزرة الفظيعة للأبرياء من السكان الأصليين.
ونشرت الصحف صورا لجلود مسلوخة من رؤوس الهنود الحمر.
يقول المؤرخ ” جون سميث” :
(إن البيض غمرهم الفرح والسرور لامتلاكهم قطعة من أجساد القتلى من الهنود الحمر، حتى أن بعضهم كان يرسلون تلك القطع كهدايا تذكارية لأصدقائهم في شرق أمريكا).
وهذا نفس ما فعله مؤخرا الجنود الأمريكيون من قتل المدنيين الأفغان وبتر أصابعهم وأجزاء من أجسادهم من أجل “التسلي!!” ولتقديمها “جوائز!!” و”تذكارات !!” لأصدقائهم.
إنه الرجل الأوروبي نفسه، ونفس الجندي الأمريكي في كل زمان وكل مكان يذهب إليه.
الكونجرس الأمريكي وقتها شكل (لجنة) لتقصى الحقائق في تلك المجزرة ضد الهنود الحمر ـ كما يفعل كرزاى الآن في أفغانستان!! ـ وبعد أن تقصى أبعادها أغلق الملف بعد أن “أدان” المشاركين في المجزرة !!!
(أوليس هذا نفس ما يجرى في أفغانستان والعراق وفلسطين حتى لحظتنا الراهنة ؟؟).
وعن نفس المجزرة ضد الهنود الحمر ورغم إدانة الكونجرس لها لفظيا عبر الرئيس الأمريكي وقتها عن الموقف الحقيقي لبلاده والذي يتماشى مع تراث شعبه وحضارته وديانته التوراتية، فقد أشاد الرئيس روزفلت بشجاعة جنوده القتلة وأعرب عن فخره بهم قائلا :
(إن حادث “ساندكريك” كان عملا أخلاقيا مثمرا للمجتمع الأمريكي حيث أن القضاء على الطوائف المتدنية الضحلة ضرورة ملحة “!!”).
ذلك التراث التاريخي الحضاري العسكري الديني مازال متوارثا وينتقل من جيل إلى جيل، وموقف روزفلت هو ذات موقف ريجان عندما استدعى إلى البيت الأبيض في عام 1988 قائد مدمرة أمريكية عاملة في مياه الخليج العربي وقلده وسام الشجاعة، والسبب هو أن ذلك القائد الشجاع أطلق صاروخا على طائرة ركاب إيرانية وأسقطها، فقتل ما يقارب 300 مدني كانوا على متنها، ولو أنه تمكن من قطع أعضاء حساسة من الجثث وجز فروة الرؤوس فلربما أقيم له تمثال أمام البيت الأبيض أو الكونجرس الأمريكي.
أخر فقرة في التقرير عن مجزرة “ساندكريك” تقول:
(إن بعض الأمريكيين صنعوا من أعضاء ذكورية حساسة للهنود الحمر من الضحايا “أكياسا للتبغ!!”، وتحول ذلك إلى صناعة مألوفة في الولايات المتحدة فيما بعد، وكان رجال الصناعة يقدمون تلك الأكياس إلى أصدقائهم كهدايا في المناسبات تخليدا لبطولات الجيش الأمريكي).
بطولتهم في إبادة الأجناس المتدنية الضحلة حسب قول الرئيس روزفلت، أو إبادة هؤلاء الذين يصفعون النساء لأنهن لا يرتدين الحجاب، حسب قول الجنرال جيمس ماتيس القائد الحالي للمنطقة الوسطى للجيش الأمريكي وهو يعنى الأفغان، فأثبت أنه سليل طبق الأصل لأسلافه من المجرمين من أمثال الرائد “جونجتون” والجندي “جيمس كانين” أبطال مجزرة “ساند كريك” ضد سكان أمريكا الأصليين.
بقلم :مصطفي حامد ابو الوليد المصري
copyright@mustafahamed.com
المصدر : موقع مجلة الصمود (امارة افغانستان الاسلامية) عدد 54
http://alsomod-iea.com/index.php