بقلم :مصطفي حامد ابو الوليد المصري
المصدر :موقع الصمود (امارة افغانستان الاسلامية) عدد 53
http://alsomod-iea.com/index.php
من المهارات الأمريكية التي لابد من الاعتراف بها هي تلك القدرة الهائلة في تضليل الفهم البشرى وغسل الأدمغة، وحرف اتجاه الفكر نحو مسارب خاطئة تبعد السائرين فيها عن الحقيقة كلما أمعنوا بالسير فيها.
وعلى سبيل المثال :
ـ بدل من توجه شعوب أمريكا وأوروبا وباقي العالم إلى الدور المدمر للقوى الصهيونية في مجالات المال والاقتصاد وبالتالي السياسة والثقافة، جرى اختراع عدو وهمي بديل هو “الإسلام” والمسلمين، وتأجيج الكراهية ضدهم وإلصاق صفة الإرهاب والتخلف ومعاداة البشر بالدين الإسلامي والمسلمين.
ـ وبدلا من الإشارة إلى المجرم الحقيقي المتسبب في الأزمة المالية التي عصفت بجانب هام من ثروات الشعوب الأمريكية والأوروبية ومعظم شعوب العالم ـ تم اختراع الخطر الإسلامي الذي يهدد رفاة أوروبا وثقافتها وأمنها. فأشعلوا نيران العنصرية والاحتقار والاضطهاد ضد مسلمي الغرب ومسلمي العالم.
ـ وبدلا من كشف حقيقة الدور الأمريكي في تصنيع وزراعة وتوزيع والمتاجرة بالمخدرات حول العالم والتي تقدر بمئات المليارات من الدولارات حيث يشكل أفيون أفغانستان محورا أساسيا لتلك التجارة. فإنهم كالوا التهم للشعب الأفغاني في ذات الجريمة. ولما انقشعت الغمامة عن عيون كثيرين في العالم وتبين خطر الدور الأمريكي في زراعة الأفيون وتصنيع الهيروين في قواعدهم الجوية والانطلاق به نحو العالم أجمع بطائرات سلاح الجو أساسا وبوسائل أخرى كثيرة.
ومؤخرا نراهم يشيرون إى أن عدد محدود من الجنود ” تورطوا ” في تهريب كميات “محدودة ” من المخدرات، والآن تجرى محاكمتهم. وتناست أمريكا وحلفاؤها مصير حوالي عشرة آلاف طن من الأفيون وأن أمرها أكبر بكثير من أن يتعلق ببضعة عسكريين فاسدين من بريطانيا وألمانيا وباقي الحلفاء.
الأفيون وخلاف مع روسيا والصين :
وتشكل قضيه الأفيون وتصنيع الهيروين قضية خلافية هامة بين الولايات المتحدة وروسيا التي تطالب بالتخلص من نيات الخشخاش بواسطة رشه بالطائرات، بينما يدافع الأمريكيون عن استمرار زراعة الخشخاش وقالوا صراحة أن وقف زراعة الأفيون سوف يغضب المزارعين ويقوى حركة طالبان!!.
وأن الأفضل هو الاكتفاء بمقاومة التهريب ـ ويقصدون التهريب الشخصي عن طريق البر أما التهريب الجوى عبر القواعد العسكرية فلا يجرؤ أحد على الاقتراب منه.
وتظل روسيا تنعى القتلى من شبابها بواسطة الهيروين الأمريكي المصنوع في أفغانستان، وتقول أنه في عام واحد قتل 30 ألف شاب روسي بواسطة ذلك السلاح المدمر في حين فقدت روسيا15 ألف جندي خلال10سنوات من الحرب في أفغانستان، واتهمت أمريكا بمحاولة تدميرها بسلاح الهيروين.
وحسب تقارير الأمم المتحدة المطعون في حيادها ونزاهتها فإن 15 مليون إنسان يدمنون الهيروين الذي يقتل منهم سنويا مئة ألف أي أكثر مما تسببه الحروب العسكرية.
الصين هي الأخرى تضم صوتها إلى جانب روسيا وتقول معها أن مقاومة قوات الاحتلال لزراعة الأفيون هي ذات ” فعالية منخفضة ” وهو تعبير دبلوماسي جدا، إذ لا توجد تدابير من هذا النوع في حقيقة الحال.
ويقول الروس والصينيون أن 175 مختبرا لتحضير الهيروين مازالت تعمل وتصدر تلك المادة إلى بلديهما. وذلك أيضا تعبير دبلوماسي جدا بحكم التوازن الحرج في العلاقات مع الولايات المتحدة والتي تمتزج فيها المصالح المتبادلة مع الصراع الاقتصادي مع النوايا الإستراتيجية المبيتة لوراثة (رجل العالم المريض) أي الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي.
ولكن الحقيقة الناصعة هي أن عملية التصنيع الرئيسية، وخطوط التوزيع الدولية هي خطوط عسكرية للجيش الأمريكي مع شراكة ثانوية مع البريطانيين، كما جرت عليه “العادة الإستراتيجية” منذ الحرب العالمية الثانية وإلى الآن.
# ونشير هنا إلى أن رقم 175 معمل هيروين الذي يذكره الروس والصينيون بتعلق “بالمكافئات ” التي يصرفها الاحتلال الأمريكي للمتعاونين معه في القتال ضد المجاهدين ولتثبيت النظام المحلى العميل أو يقدمون خدمات أمنيه. والقليل جدا من تلك المعامل هي من نتاج مغامرين يزاحمون بأكتافهم مجهودات أمريكا والناتو في صناعة وتهريب المخدرات. وتلك الفئة تحديدا هي المستهدف الأول ـ وربما الوحيد ـ لمجهودات مكافحة المخدرات التي يموه بها الاحتلال وسلطات الفساد في كابول.
بقلم :مصطفي حامد ابو الوليد المصري
copyright@mustafahamed.com
المصدر :موقع الصمود (امارة افغانستان الاسلامية) عدد 53
http://alsomod-iea.com/index.php