بقلم :
هاشم المكي (مصطفي حامد)
المصدر:
مافا السياسي (ادب المطاريد)
www.mafa.world
حولت أمريكا العالم إلى قرية للمجانين.. تقول.. تأمر.. تنهى.. تقتل تكذب.. والحكومات تصفق.. والإعلام يعوى.. بينما الجماهير تهتف لكن لأبطال كرة القدم!! ليسأبشع من الهمجية العسكرية لأمريكا إلا همجيتها الإعلامية. والأبشع من كل شيْ هوقدرتها على الكذب والخداع.
•نعود مباشرة للنظر إلى داخل أقفاص جوانتنامو الفولاذيةونسأل: من هؤلاء الذين بداخلها؟.. وما هو توصيفهم القانوني؟.. يقول سادة العالم أنمن بداخل الأقفاص هم (محاربون غير قانونين) وهو اصطلاح سبكته لهم تكنولوجيا النفاقالصهيونية. ويقول باقي سكان الأرض عنهم أنهم أسرى حرب. فما هي الحقيقة؟؟ الحقيقةأنهم لا هذا ولا ذاك .. أنهم ببساطه “مختطفون”!! نعم مختطفون.. لأن القواتالأمريكية.. وبكل بساطه أيضا.. لم تأسر أحدا لا من العرب ولا من الأفغان. وحتى نؤخرالتفاصيل إلى مناسبة قادمة فإننا نقفز مباشره إلى الحقيقة التي يعرفها الجميع _ وهىأن القوات الأمريكية لم تشارك مطلقاً في أي عمليه بريه في أفغانستان. ومعروف أنالحصول على أسير لا يمكن أن يقوم به سلاح الطيران مهما كان التفوق التكنولوجي فيالطائرات أو الصواريخ والقنابل.. الذكي منها والعنقودي.. فكيف إذن حصلت أمريكا علىأسراها من سكان الأقفاص الفولاذية في “جونتانامو”؟
نقول مرة أخرى وببساطه.. أنها اشترتهم !! نعم اشترتهم.. وبعدة طرق.. ومن عدة مصادر. لقد أقيمت على عجل عدة(أسواق للنخاسة) الحقيقية لبيع الأسرى خاصة العرب منهم: هذه الأسواق هي:
1-سوقالنخاسة في مزار شريف.
2-سوق النخاسة في مدينه كابول.
3-سوق النخاسة في قندهار. ثملا ننسى بالطبع سوق نخاسة رئيسي خارج أفغانستان كان مقره إسلام آباد. (ومنه استلمتأمريكا العدد الأوفر من المختطفين). وحتى نزيل دهشة غير المتابعين للشأن الأفغانينقول بأن هذه ليست المرة الأولى التي تقيم فيها أمريكا ((سوقاً لنخاسة الأسرى)).
فقد مارست نفس العمل أثناء فتره الحرب السوفيتية الأفغانية في عقد الثمانيناتواشترت بشكل مباشر أو عبر “مؤسسات إنسانية” دوليه أو طوعية أسرى سوفييت بهدفالاستخدام في الحرب الباردة وكان البائع الأخير (( أو دلال سوق النخاسة)) هم قادةالمنظمات الأفغانية فى بيشاور, الذين اشتروا بضاعتهم من القادة المحليين, وهؤلاءبدورهم اشتروا الأسرى من قبائل أو حتى رعاة وفلاحين عاديين. فالفكرة ليست جديدةوسوق النخاسة مازال مستمراً والعديد من التجار مازالوا كما هم لم يتغيروا. وان ظهرالعديد من الوجوه الجديدة, فالسوق مازالت تؤدى نفس الدور الكريه.
لقد قاتلالأمريكان في أفغانستان بالدولار قبل أن يقاتلوا بطائراتهم المتطورة وصواريخهمالذكية وأقمارهم الصناعية. الدولار كان ومازال البطل الأول في الأسطورة الأمريكيةجميعها _ العسكرية منها والاقتصادية _ الإعلامي منها والسياسي. الفني منهاوالثقافي. لقد اشتروا الأسرى بالدولار من تجار النخاسة الكبار القدماء منهموالمحدثين, من دوستم وفهيم وحتى قانوني وكرزاي.
*كم كانوا يدفعون مقابل الأسير؟. سؤال وجيه إلا أن أسعار البورصة في مجال النخاسة متذبذبة حسب المكان وحسب ذكاء تاجرالجملة. وحسب قيمة الأسير.
فليس الأسير العربي كالأسير الأفغاني (( الطالبانى(( فالعربي هو المستهدف الأساسي والذي يدفع له أعلى سعر. يكفى أن نعرف أن الأمريكان_ أو عملاؤهم __ دفعوا مئة دولار نقداً وعدا لأي أفغاني عابر سبيل يستطيع أن يقدمعنوان منزل لأحد العرب في أفغانستان حتى تقصفه الطائرات فانهالت المعلوماتالاستخبارية “الموثوقة” من عابري السبيل, وهواة النميمة. وأما الذي يتطوع للعمل”كمحارب من اجل العدالة والديمقراطية” فراتبه الشهري ثلاثمائة دولار تدفع من وقت أنيوقع العقد. أما خوض المعارك فله حساب خاص, وإلى أن يتم التفاهم فإن إقامة”المناضل” في فندق درجة أولي في مدينه كويتا الباكستانية أمر مضمون مهما طالت مدهبقائه _ أما الكومندان درجه أولى من وزن (جول أغا) في قندهار أو “حظرت على” في جلالآباد فأمر يفوق الخيال وإقامته تكون دوماً في فنادق خمسه نجوم الباكستانية.
ولاتتحدث عن تكلفه زعيم متطابق مع مقاييس الشرعية الدولية, (مثل كرزاي) كم أثقلت جيبدافع الضرائب الأمريكية (أو دافعي الجزية في الجزيرة العربية)!! خاصة إذا كان ذلكالزعيم قد أحضروه من أمربكا حيث كان يعمل كصاحب مطعم ((أو سلسله مطاعم)) يناضل منخلف الأطباق الشهية في مدن أمريكا, ليتحول بلمسه أمريكية ساحرة من إنسان بلا موهبةولا تاريخ ولا مؤهلات ولا ضمير.. إلى نجم العدسات والمؤتمرات.. ثم ينتقل بسرعةمدهشه من الكعبة المشرفة إلى مؤتمر المانحين.. أي من مليارات الحسنات إلى ملياراتالدولارات.
*لقد بيع الأسرى العرب بيع العبيد هذه هي الحقيقة. ليس فقط من قبلعصابات الجريمة في شمال أفغانستان, بل من مافيا السياسة في باكستان الجارة. لقدجابت فرق عسكريه باكستانية كاملة إضافة لفرق أمنية وميليشيات, أقاليم باكستان بحثاًعن “العبيد” العرب.. لشحنهم إلى أرض الأحلام في أمريكا لكي يعيدوا من جديد ذكرىشحنات العبيد الذين اختطفوا من أفريقيا وبيعوا للسادة البيض وراء سواحل الأطلنطي. *ونطمع أن تكشف لنا أمريكا في المستقبل أو أصحاب الحس المرهف _ من جماعات حقوقالإنسان _ كثيراً من التفاصيل في المستقبل ومن ضمنها مثلاً مقارنة حسابيه بين عددالعبيد العرب الذي باعتهم باكستان لأمريكا مقارنه بعدد هؤلاء الذين باعهم الزعيمكرزاي وقراصنة تحالف الشمال؟؟ سنؤجل لوقت لاحق إذا اتيحت الفرصة عن المجازرالأمريكية ضد العرب في أفغانستان بشكل عام ومجزرتهم في الشمال والخيانة التي تعرضوالها هناك على يد الجيش الأمريكي الذي حصدهم بالطيران بعد أن أفشل اتفاق سلمىللانسحاب بينهم وبين مقاتلي دوستم. وهى الخيانة التي أسفرت عن اكبر عدد من القتلىوالأسرى العرب في تلك الحرب. القاعدة .. وطالبان ما أن تشترى أمريكا احد الأسرىالعرب في أفغانستان حتى تقيم الدنيا وتقعدها بأنها وضعت يدها على أحد الأعضاء”البارزين” أو “القياديين” في تنظيم القاعدة. وحشرت في سوق النخاسة فى “جوانتانامو” عناصر عربيه قالت أنهم أعضاء فى تنظيم القاعدة ثم عناصر أفغانية قالت أنهم من تنظيمطالبان. إن أمريكا كعادتها.. تكذب وتخادع.. وتبتز العالم كله بهذه المسرحية السمجةوالهمجية. فلا أمريكا تجهل, ولا حكومات العالم.. الأوروبي منها والعربي.
ولا حكومةباكستان _ ذات الألف وجه_ تجهل هي الأخرى, أن ليس كل العرب في أفغانستان هم تنظيمالقاعدة .. بل أن هناك تنظيمات عربيه متعددة ومتعارضة_ كما هي العادة دوماً في عربالإسلام كما في عرب الجاهلية. وان المعلومات الاستخبارية الموثوقة التي تباهىأمريكا بها الأمم, لابد أنها أفادت السيدان بوش ورامسفيلد بأن أكثر من نصف العربالمقيمين في أفغانستان لا شأن لهم بأي تنظيمات من أى نوع, وأن عشرات الأسر المسلمةقد فرت من أوروبا, وغيرها لتعيش مع صغارها بعيداً عن الانهيار الأخلاقي في الغرب، وأن هذه الأسر تحمل جنسيات أوروبية في الأساس, واغلبهم زيجات مختلطة عربية أوروبية. وأن معسكرات التدريب المهولة التي تتكلم أمريكا عنها في أفغانستان لم تكن تقدملروادها العرب إلا جرعات رديئة ومتخلفة من التدريب الذي هو اقل بكثير مما تقدمهعشرات الشركات الأمريكية الخاصة للفرد الأمريكي الراغب في إطلاق النار والمغامراتالمسلحة. فهل تستطيع أمريكا أن تفسر للعالم “بشفافية” من تلك”التي كثر الحديث عنهاو لا نراها, ما هو السبب وراء البدائية المفرطة التي أظهرها “الإرهابيون “الذيننفذوا عمليات الحادي عشر من سبتمبر الرهيبة؟؟.
ما هي الأسلحة المتطورة _ أو حتىالعادية التي استخدموها.. وعدد الأسلحة النارية؟ وكم طنا أو حتى جراماً منالمتفجرات استخدمت؟ ” الحديث أيضا في هذا الجانب طويل وذو شجون وربما إلتقينامرةأخري للمزيد “. *نعود لاسطورة أسرى الطالبان.. فهل كل أسير أفغاني اشترته أمريكامن توكيلات النخاسة الأفغانية أو الباكستانية هو حقاً من تنظيم طالبان؟؟ لاشك أنأمريكا استفادت كثيراً من سياسة التجهيل الإعلامي الذي فرضته لسنوات طويلة علىالشأن الأفغاني, والتي لا تعود فقط لسنوات حكم طالبان, بل إلى حقبه الحربالسوفييتية في أفغانستان. فأهل هذه المنطقة وما حولها يعلمون أن لفظ “طالب” يطلقعلى دارس العلوم الشرعية, و”طالبان” هو جمع لهذه المفرد. وأن المنطقة تضم عشرات أومئات الآلاف من هؤلاء”الطالبان” وأن اقل القليل منهم هم أعضاء هذا “التحريك” الطالباني الذي قلب مائدة القمار التي أدارتها أمريكا في البلاد لسنوات طويلة. وأفغنوا دولتهم_ أو على الاقل حاولوا ذلك _ وهى أفغنة بمفهوم إسلامي وطني وليسبمضمون علماني غربي.
وهذا سر مأساتهم مع أمريكا والأطلنطي وباقي التوابع. فليس كلالطالبان (الدارسين الدينين) هم طالبان (التحريك الديني السياسي العسكري الحاكمسابقاً” فأي الطالبان هم الآن في أقفاص “جونتانامو”؟ لا شك أنهم جميعاً ليسواهناك.. بل أن الإسلام هو الذي هناك _ أو مفترض أن يكون كذلك_ لدى قادة البيتالأبيض.
•الشئ الآخر والذي لا يجهله أحد.. ولكن تصر أمريكا على تجاهله هو أن حركهطالبان (الحاكمة سابقاً) كان لها نظام تجنيد.. ينفذ بترتيب قبائلي متفق عليهداخلياً _ وبحيث تقدم تلك القبائل شبابها بنسب معينه لفترات معينه لخدمة ((الإمارةالإسلامية)) وهذه العناصر تشكل الكتلة العظمى في مقاتلي “طالبان” أي مقاتلي “إمارةأفغانستان الإسلامية” _سابقاً _ وهم بلا شك السكان الأكثر عدداً لأقفاص العبيدالفولاذية في (جونتانامو). *لقد خدعت أمريكا العالم بسيل من المعلومات الكاذبة عنكل شيء يتعلق بهذه الحرب, بدءاً من بن لادن والملا عمر ومروراً بالقاعدة وحركهطالبان وصولاً إلى طبيعة وهوية وإعداد العرب في أفغانستان. _ لقد قالت عنهم أنهمبالآلاف في كل مكان.. في تورا بورا..في كابول.. في قندهار.. في قندز ..وفى مزارشريف.
_ لقد خدع هذا الهراء حتى مقاولي الأقفاص الحديدية في أمريكا فبنوا أقفاصاُأكثر من اللازم. فلم تأسر الآلة العسكرية الأمريكية من العرب أعدادا تتناسب مع هذهالآلاف ألمؤلفة التي ذكروها.. فأين ذهب العرب؟ فهل انشقت الأرض وبلعتهم؟ إن الأسرىالعرب في أقفاص “جوانتانامو” أعدادهم ضئيلة جداً مقارنه بما كان ينبغي أن يكون, فاضطروا لأن يستوردا المزيد من الأسري العرب من أماكن أخرى مثل البوسنة والهرسك, وان يطبعوا جباه هؤلاء بخاتم النخاسة المسمى “تنظيم القاعدة” بدلاً عن لون البشرةالأسود الذي ميز عبيد الميلاد الأمريكي المختطفين من سواحل أفريقيا الغربية.
•ومعهذا تظل الأقفاص فارغة.. فليملؤها بأبناء الأفغان, وليطبعوا على جباهم بختم “تنظيمطالبان”. ومع ذلك .. سيظل المأزق الأمريكي قائماً ولن يستطيعوا تفسير ضآلة عددالعرب المتواجدين في الأقفاص.. ولن نستغرب إذا قاموا باستيراد أعدادا منهم من داخلالسجون العربية التي تذخر بعشرات الآلاف من هذه النوعية من الشباب. وإذا قيل على أيمنهم انه “قيادي بارز” في حركه القاعدة فمن يبالى أو يهتم؟ إننا نتحدى.. وبكل وضوحأن تكشف أمريكا عن الأعداد الحقيقية للمقاتلين العرب داخل أفغانستان وقت نشوبالحرب, وعن العدد الإجمالي للعرب الذين كانوا يقيمون هناك بشكل دائم. إن أمريكا لمتفعل ذلك ولن تفعله.. لأن العالم لو عرف الحقيقة.. فإن البيت الأبيض سوف يغرق ..لكنفي أمواج من البصاق. 26-2-1423 هـ
بقلم :
هاشم المكي (مصطفي حامد)
المصدر:
مافا السياسي (ادب المطاريد)
www.mafa.world